نص كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات الخميس 5 محرم 1446هـ 11 يوليو 2024م

 

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

العدوان الهمجي الإجرامي الوحشي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، على مدى عشرة أشهر، هي: امتحانٌ واختبارٌ حقيقيٌ وخطيرٌ جداً لكل المجتمع البشري، لكل الناس، بمختلف بلدانهم، ودياناتهم، وثقافاتهم، وتوجهاتهم، اختبارٌ لهم في ضميرهم الإنساني، وقيمهم الإنسانية المشتركة، والسكوت على ما يفعله العدو الإسرائيلي من جريمة إبادةٍ جماعية، ومن أنواع الجرائم التي يتفنن فيها ضد الشعب الفلسطيني، وهي في غاية البشاعة، والقبح، والعدوانية، والوحشية، والإجرام، السكوت عن ذلك معناه: إهدارٌ للقيمة الإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة، معناه: أن تقبل المجتمعات البشرية بأن يتحول المجتمع البشري إلى مجتمعٌ مستباح، لا قيمة له، لا قيمة لحياته، لا قيمة لوجوده، لا كرامة له، ولا حقوق له، فذلك إهدار للوجود الإنساني، والكرامة الإنسانية، والحق الإنساني في الوجود والحياة، وفي كل شيء.

وفعلاً هي حالة خطيرة جداً؛ لأن ما يقوم به العدو الإسرائيلي هو كذلك: استباحة لكل شيء، ومن منطلق رؤية باطلة، وظالمة، ومسيئة إلى كل المجتمعات البشرية، التي يصفها العدو الإسرائيلي بأنها مجرد حيوانات بأشكالٍ بشرية، ويعتقد ذلك، يدرس هذا في مناهجه الدراسية، يرسِّخه في الثقافة التي يثقف بها من ينتسبون إليه، ويعمل استناداً إلى ذلك فيما يفعله من إجرام وتوحش، لا ينبغي- أصلاً- التصرف به حتى ضد الحيوانات، فما بالك ضد البشر، وضد منهم من أحسن البشر، من أزكى البشر، من خير الناس، من خير المجتمعات البشرية، الشعب الفلسطيني الذي يمتلك القضية العادلة.

في إطار هذا الامتحان والاختبار ظهرت حالات إيجابية وتفاعل، بدافع الضمير الإنساني في بعض من المجتمعات الغربية، في أمريكا، في أوروبا، في مجتمعات أخرى، مثل: أستراليا، مجتمعات أيضاً في أقطار أخرى من قارات هذه الدنيا، في أمريكا اللاتينية… وغيرها من الدول والشعوب، التي البعض منها يحمل التحرر كفكر، وثقافة، ورؤية، وتوجُّه، وسلوك، وكان لما يجري في فلسطين، من معاناة الشعب الفلسطيني، ومظلوميته ومأساته، ومن إجرام العدو الصهيوني، صداه أيضاً في نشر الوعي في تلك المجتمعات، التي كانت الصهيونية اليهودية على مدى عقودٍ من الزمن- بل لقرونٍ من الزمن وليس فقط على مدى عقود- قد رسَّخت فيها عقيدةً ورؤيةً مزيفةً وباطلةً؛ لتعظيم الصهيونية، وتمجيدها، والنظرة السلبية إلى المسلمين، وإلى العرب في الداخل الإسلامي على وجه الخصوص، فكان للمأساة الكبيرة، والمظلومية العظيمة للشعب الفلسطيني، أثرٌ كبير في صناعة وعيٍ، وفي إزالة كل الحجب، وفي إزالة ذلك الزيف، الذي قد رسَّخه الصهاينة في أوساط تلك الشعوب والبلدان، لاسيما في أمريكا وأوروبا، فبرزت أصوات حرة، وأتى الحراك في الطلاب في الجامعات، وكذلك المظاهرات التي تخرج في عددٍ من البلدان، منها: أمريكا، وبلدان أوروبية، وبلدان أخرى، وهو يأتي في سياق هذا الفرز، الذي أتى في المجتمعات البشرية؛ ليُبَيِّن من لا يزال يحمل الضمير الإنساني، والقيم الإنسانية، ويتمسك بها، من لا يزال إنساناً في وجدانه، وشعوره، وتوجهه، وإحساسه، فالتالي يبيِّن، فرز في تلك المجتمعات، ووصل صدى وتأثير مظلومية الشعب الفلسطيني، ووحشية وإجرام العدو الصهيوني في صداه وفي أثره، في البعض في البلدان الأوروبية، والبعض من الأمريكيين إلى أن أسلموا، إلى أن أسلموا؛ نتيجةً لتأثرهم بتلك المظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني، وأيضاً اندهاشهم وإعجابهم لمستوى الصمود والثبات للشعب الفلسطيني بالرغم مما يعانيه، وبالرغم من مأساته الكبرى ومعاناته العظيمة، وصل الحال بهم إلى أن يسلموا، إسلام من يرى في الإسلام أنه موقف حق، واتجاه عدل، واتجاهٌ ضد الظالم، ضد الطغيان، ضد الاستكبار، ضد الطاغوت، وحصل هذا، ونُشِرَت الكثير من مشاهد الفيديو، في الشبكة العنكبوتية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، لبعضٍ من النساء والرجال الذين أعلنوا إسلامهم، وإسلام راقٍ، إسلام الموقف، إسلام التَّوجُّه الحق، الدين الإسلامي بأصالته، التي تجعل الإنسان في إطار موقف الحق، موقف العدل ضد الظلم، والطغيان، والاستكبار، والطاغوت؛ فكانوا بإسلامهم من قدَّموا صورةً مهمةً للمجتمع الإسلامي، فيما ينبغي أن يكون عليه.

للأسف الشديد، مع أن ما يجري في فلسطين هو أيضاً اختبار وامتحان كبير للمسلمين جميعاً، خاصة في البلدان الإسلامية الخالصة، التي يسود فيها الإسلام بشكلٍ كامل، مثلما هو الحال في البلدان العربية، وفي كثيرٍ من الدول، خمسين بلداً أو أكثر، المسؤولية كبيرة جداً على المسلمين، كان من المفترض بهم إذا كان صدى الأحداث، وتأثير مظلومية الشعب الفلسطيني، دفع بالبعض أن يسلموا في أوروبا، أو في أمريكا، وأن يعلنوا موقفهم الجاد والصادق، وصوتهم المسموع، المناصر للشعب الفلسطيني وضد الإجرام الصهيوني، ضد جريمة الإبادة الجماعية، بالرغم مما يعانونه هناك من تزييف، واضلال، ومحاربة كبيرة، واضطهاد كبير، فما بال الكثير من المسلمين الذين يكاد البعض منهم أن يخرج من الإسلام، بدلاً من أن يكون لتلك المظلومية الكبيرة للشعب الفلسطيني، والمعاناة التي طالت، وتعاظمت، وتفاقمت، وكَبُرت، وأصبحت جُرحاً عميقاً غائراً كبيراً في جسد هذه الأمة الإسلامية! لماذا لا يتأثر البعض من الناس، لا تحيي فيهم الشعور الإنساني، والإسلامي، والقيمي، والأخلاقي، لا توقظهم من غفلتهم، لا تحيي فيهم الشعور بالمسؤولية، والإدراك لما عليهم من واجبٍ دينيٍ إسلاميٍ، ضمن التزاماتهم الإيمانية والدينية، ضمن مسؤوليتهم التي سيسألون عنها يوم القيامة، في موقف الحساب والسؤال والجزاء، والتي يترتب عليها مصيرهم المستقبلي، الذي يُقِرُّون بأنه آتٍ يوم القيامة، والحساب والجنة والنار؟!

قد يكون موقف الكثير من الناس تجاه هذه الأحداث بذاتها، تجاه ما يجري على الشعب الفلسطيني قد يكون كافٍ لإحباط كل أعماله وأن يكون مصيره إلى جهنم، إلى جهنم والعياذ بالله، فالمسألة خطيرة جداً، من يتهاون تجاه تلك المظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني، ولا يشعر بالمسؤولية تجاهها، وليس عنده أي اهتمامٍ بها، والبعض أكثر من ذلك، ليس فقط على مستوى التخاذل، بل يقف في صف بعض الأنظمة العربية التي تتعاون مع العدو الإسرائيلي، وتلعب دوراً سيئاً وتخريبياً في تخذيل الأمة، وتكبيلها عن اتخاذ الموقف الصحيح، الذي يكون بمستوى مسؤوليتها أمام الله، مسؤوليتها الدينية، والأخلاقية، والإنسانية، والقومية… وبكل الاعتبارات، حالة خطيرة جداً.

على مدى عشرة أشهر، وجريمة الإبادة الجماعية يُنَفِّذها العدو الإسرائيلي كل يوم في قطاع غزة، كل يوم، يفترض بها أن تحيي في نفس الإنسان ضميره الإنساني، أن تُحَرِّك في وجدانه الشعور بالمسؤولية، أن تدفعه إلى أن يتخذ موقفاً أن يكون له صوت، أن يتحرك ليعمل أي شيءٍ يستطيعه، هذه مسألة مهمة جداً.

بلغ عدد المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف وأربعمائة وخمسة وعشرين مجزرة)، آلاف المجازر في طار جريمة الإبادة الجماعية.

في هذا الأسبوع: أكثر من (خمسة وعشرين مجزرة)، ضحيتها: ما يقارب الـ(ألف وأربعمائة شهيد وجريح)، وغالبيتهم من الأطفال والنساء.

بلغ عدد الشهداء، والجرحى، والمخطوفين: ما يزيد على (مائة واثنان وخمسين ألفاً وثلاثمائة فلسطيني)، معظمهم من الأطفال والنساء.

والمشاهد الدامية والمؤلمة للشهداء، وللجرحى، وللنازحين، التي يشاهدها من يتابع الأخبار، يشاهدها يومياً، مؤلمةٌ جداً، وتُقدِّم صورة عن الواقع هناك، وليست كل الصورة؛ إنما هي جزءٌ منها، ولكنها بالقدر الكافي لإحياء الضمائر، وإحياء الشعور بالمسؤولية، وإدراك حجم ما يجري هناك، وما يترتب عليه من مسؤولية كبرى أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

كان من الجرائم البشعة، التي يتفنن فيها العدو الإسرائيلي، كان منها في هذا الأسبوع جريمة بشعة وشنيعة: أقدم جنود العدو على إعدام ثلاثة فلسطينيين مسنين من عائلة واحدة، أحدهم طاعنٌ في السن ومقعد، يبلغ من العمر ثلاثة وثمانين عاماً، أحدهم اسْتُشهِد أثناء التعذيب، ثم قام جنود العدو بإعدام الاثنين سحقاً تحت جنازير الدبابات.

وتكرر هذا الأسلوب: من إعدام المرضى، إعدام الأطفال، إعدام المعاقين، إعدام المسنين الطاعنين في السن، سحقاً بجنازير الدبابات، ويقول الجنود الصهاينة واليهود، أن لديهم أوامر بالقتل لأبناء الشعب الفلسطيني بدون استثناء، وأن يطلقوا النار على الكل: على المرأة العجوز، على الطاعن في السن، الكبير في السن، على الطفل، على المرأة، على الكبير، على الصغير، على الجميع بدون استثناء، وهم يمارسون ذلك بكل وحشية، وبكل إجرام، وبكل حقد، وبدون شعورٍ بذرةٍ من الإنسانية، يفعلون ذلك بشكلٍ واضح، ويتفننون في ذلك.

ويستهدفون النازحين، حتى في المناطق التي يعلنونها بدءاً بمناطق آمنة، ثم وبعد أن يتَّجه الفلسطينيون إليها، يتَّجه النازحون إليها، ويصلون إليها، ويستقرون فيها، يقومون باستهدافهم فيها، وكأنها مصائد يصطادون المجتمعات الفلسطينية فيها، شيءٌ مؤلمٌ جداً!

يستهدفونهم في المخيمات وفي المدارس بالقنابل الأمريكية الذكية، القنابل الكبرى، التي هي للاستخدام العسكري في حروب، في مواجهات مع جيوش كبرى، مع تحصينات عسكرية، في جبهات عسكرية، يستخدمونها ضد النازحين على مخيماتهم، على خيمهم وعلى المدارس التي يتكدسون فيها، وبالقصف المدفعي كذلك، بالقصف المدفعي المتعمد.

يمارسون التعذيب الوحشي، الاجرامي، البشع جداً، ضد الأسرى، وضد المخطوفين، ويجوعونهم، يعدمون البعض منهم تحت التعذيب، والبعض منهم بعد الإفراج عنهم يقومون بإعدامهم وقتلهم.

يستمرون أيضاً- اليهود الصهاينة- يستمرون بالتهجير للشعب الفلسطيني، من مربعٍ سكني إلى آخر، من مدينة إلى أخرى، من منطقة إلى أخرى، بشكلٍ مستمر، ويجبرونهم على النزوح المستمر بحيث لا يستقرون، وأرهقوهم بذلك، وأتعبوهم في معاناة كبيرة جداً، ودون أي مقومات للحياة، دون أن تتوفر أي متطلبات، أو أساسيات، أو احتياجات ضرورية لهم، من هنا إلى هناك.

يستمرون أيضاً في التجويع، ويستخدمون التجويع كأسلوب ووسيلة للإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، يمنعون عنه الغذاء، حتى أن هناك كميات مُكدَّسة في الرصيف العائم، في منطقة الرصيف العائم، الذي كان الأمريكي حاول أن يقدِّمه كأسلوب مخادعة، وكأنه في إطار الاهتمام الإنساني؛ بينما هو لأهداف أخرى، هناك كميات مكدَّسة من الغذاء، والشعب الفلسطيني في المقابل يتضور جوعاً ولا يُقدَّم له الغذاء.

يستمر العدو وعلى مدى أكثر من شهرين في إغلاق معبر رفح إلى مصر، ويمنع وصول أي مواد غذائية، أو أي مواد طبية، أو أي أدوية، وتنعدم الرعاية الطبية، فهي جريمة إبادة جماعية متكاملة بكل ما تعنيه الكلمة، فيها كل الوسائل لإبادة الشعب الفلسطيني:

  • على مستوى القتل بالقنابل، بالقصف المدفعي، بالرصاص.
  • وعلى مستوى القتل الجماعي، والمجازر الجماعية، والقتل في الطرقات، وفي كل مكان.
  • وعلى مستوى القتل بطريقة التجويع، والمعاناة كبيرة جداً، وصل الحال بكثيرٍ من أهالي غزة أنهم لم تعد تناسبهم الملابس التي يلبسونها؛ نتيجةً للنَّحافة الشديدة من الجوع الشديد، نَحُفت أجسامهم، وذَبُلت أجسامهم، وهناك وفيات كثيرة للأطفال، هناك أمراض كثيرة نتيجةً لسوء التغذية، والجوع حالة مستمرة وحالة تطول لأيام، لأشهر، فلا يتوفر لهم ما يشبعهم.

في الضفة الغربية يستمر العدو باقتحام المدن والقرى، مرتكباً لجرائم القتل، وجرائم الاختطاف، وتدمير المنازل والطرق، والبنية التحتية، ويوسِّع العدو الإسرائيلي باستمرار سطوه عن الأراضي الفلسطينية، وإنشاء بؤر استيطانية مغتصبة، ومنشآت سكنية على الأراضي الفلسطينية المغتصبة، ويحتل المزيد والمزيد باستمرار، آلاف المنازل يبنيها على الأراضي الفلسطينية المغتصبة.

وفي القدس يستمر أيضاً في إجراءاته التعسفية ضد المصلين في المسجد الأقصى، وأقربها ما كان في بداية العام الهجري الجديد، ويستمر أيضاً في توسيع البؤر الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية في القدس، وإنشاء كذلك مغتصبات ومستوطنات على الأراضي الفلسطينية المغتصبة.

ويستمر الأمريكي معه شريكاً بكل ما تعنيه الكلمة، مقدماً له كل أشكال الدعم: المادي، والعسكري، والسياسي، والإعلامي… وكل أشكال الدعم، ويشترك معه في إدارة العدوان والمعارك، يشترك معه في النشاط الاستخباراتي، وفي إدارة العمليات، وتنفيذها… وغير ذلك، والقنابل الأمريكية هي تلك التي يقتل بها العدو الإسرائيلي يقتل النازحين، يقتل المدنيين ويستهدفهم بها.

على مستوى الاهتمام الأمريكي، والسعي الأمريكي لإيقاف أي نشاط يتعاطف مع الشعب الفلسطيني ومظلوميته في أمريكا، أصبح هناك حظر للمنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، للمنشورات التي تستخدم كلمة (صهاينة) حظر لها في مواقع التواصل الاجتماعي، أيضاً محاربة للنشاط الطلابي الجامعي بوسائل كثيرة، من أبرزها المحاكمة للطلاب، يعني: لم يكتفوا بما يقومون به من هجوم على الطلاب وضرب، وتفريق بالقوة، وتسليط الكلاب البوليسية عليهم، ومنع الغذاء عنهم… وغير ذلك من الوسائل البلطجية التي يستهدفون بها الطلاب؛ إنما حوَّلوا مسألة التظاهر والاعتصام المساند للشعب الفلسطيني، والمعترض على الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وكأنه جريمة يُحاسب الإنسان عليها، ويحاكم ويعاقب.

وهذا أيضاً يحصل في بعض المجتمعات الأوروبية، على المستوى الإعلامي: في منع ما ينشر مما يساند الشعب الفلسطيني في مواقع التواصل الاجتماعي، ومنع نشر ما تنتجه حركات المقاومة الفلسطينية عن مظلومية الشعب الفلسطيني، وكذلك الاستهداف للحراك الطلابي بالمحاكمة… وغير ذلك.

مع كل ذلك، لا يزال هناك تَحرُّك- كما قلنا- ممن يحركهم الضمير الإنساني، تَحرُّك ومظاهرات ضد الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ومطالبات بوقفها، تظاهرات في بريطانيا، وفي إيطاليا، وفي ألمانيا، وفي السويد، في النرويج، وفي الدنمارك، وفي هولندا، وفي اليابان، وهذا شيءٌ مهم، خروج مثل تلك التظاهرات واستمرارها، بالرغم من طول المدة الزمنية التي يستمر العدو الإسرائيلي فيها في عدوانه، وقد يكون العدو الإسرائيلي، ومعه الأمريكي والبريطاني، والداعمين الآخرين، قد يكونون يراهنون على ملل الشعوب وسكوتها، وتفرجها، لكن بالرغم من كل ذلك تستمر المظاهرات في الدول الأوروبية، والمجتمعات الغربية، ودول أخرى.

أمَّا على مستوى الواقع العربي، فأبرز ما لاحظناه هو المظاهرات والفعاليات الشعبية الواسعة في المغرب العربي، في أكثر من أربعين مدينة في المغرب العربي، وهذا شيءٌ مهمٌ ونحن هنا نوجّه التحية للشعب المغربي، الذي لم يتَّجه وفق اتجاه نظامه العميل، والخائن للأمة، والموالي لإسرائيل، المطبع مع العدو الإسرائيلي، الشعب المغربي أثبت وفاءه، وانتماءه، وأصالته، وإنسانيته، وقيمه، وأخلاقه، عندما خرج على نحوٍ واسع، في كثير من المدن، ومنها: (طنجة)، شهادنا فيها مشاهد ضخمة للمظاهرات، ومدن أخرى كذلك فيها حشود بشرية ضخمة، وهذا يستحق التقدير والإشادة؛ لأن النظام المغربي بالتأكيد سيسعى إلى تدجين الشعب المغربي، والانحراف بولائه وموقفه، والمحاولة للاتجاه به الاتجاه السيء، المنحرف، الخائن، ولكن يقظة الشعب المغربي ووعيه، وتمسكه بالموقف الصحيح، ومساندته للشعب الفلسطيني، خطوة مهمة، ووسط هذا التخاذل الكبير في معظم البلدان العربية، نتمنى لكثيرٍ من الدول العربية أن تستفيد من هذا الدرس، وأن تتحرك كما تحرك الشعب المغربي.

هناك أيضاً في بعض البلدان، هناك أيضاً في البحرين وقفات ودعوات اعتصام تحت عنوان (المقاطعة جبهة إسناد)، والشعب البحريني كذلك هو نموذج في الوفاء، والثبات، والاستقامة على الموقف الصحيح، المناصر للشعب الفلسطيني، والمعادي للعدو الإسرائيلي، ومسار المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية مسار مهم جداً جداً، وهو بمقدور كل الناس، كل المجتمعات، حتى في البلدان التي تعاني فيها الشعوب من الكبت، والقهر، والظلم، من أنظمتها المتسلطة الظالمة، فمسار المقاطعة مسار مهم، وأوجه التحية لشعب البحرين العزيز، الذي هو بريءٌ من موقف النظام العميل الخائن (نظام آل خليفة)، وهذا أيضاً درسٌ مهمٌ لبقية الشعوب، التي تتخاذل حتى في مسألة المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.

مع حجم الإجرام الصهيوني، ومع شدة الحصار والمعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وما قد قدَّمه الشعب الفلسطيني، وما قدّمه المجاهدون في غزة على مدى هذه العشرة الأشهر، لا يزال المجاهدون والمجتمع في غزة في موقف الصمود والثبات العظيم، العظيم بكل ما تعنيه الكلمة، لا يزال الإخوة المجاهدون في قطاع غزة في مقام التصدي الباسل، الفاعل للعدو، في كل محاور التوغل: في شمال القطاع، في تل الهوى والشجاعية، وكذلك في محور الشهداء، وفي رفح.

وتميَّز هذا الأسبوع- بالرغم من كل ما قد مضى، هذه المدة، وبالرغم من الحصار الشديد جداً- تميَّز هذا الأسبوع بكثافة العمليات التي تنفذها كتائب القسام، ومعها سرايا القدس… ومختلف الفصائل المجاهدة في قطاع غزة، بكثافة العمليات، وبنوعيتها، بالاستفادة من التجربة خلال كل هذه المدة الزمنية، والتطوير للأداء، وكان من المفاجآت: العمليات المكثفة والفاعلة والقوية، التي نفَّذتها كتيبة من كتائب القسام في مناطق غرب غزة، تلك الكتيبة كانت من أولى الكتائب التي كان العدو الإسرائيلي قد أعلن أنه قد تمكَّن من تفكيكها، وبعثرتها، وأنها قد انتهت، تلك الكتيبة نفَّذت (أربعة عشر عملية) في الساعات الأولى للاجتياح ضد آليات العدو وقواته الراجلة، فهذا الحجم من العمليات النوعية، المنكِّلة بالعدو، المستهدفة لآلياته، ولكتائبه الراجلة أيضاً، تدل على مستوى التماسك، تلك الكتيبة أعادت ترميم نفسها، وأعادت نشاطها العملياتي بفاعلية عالية، وكذلك بإتقان، ومهارة، وخبرة، وتكتيكات مذهلة للعدو، ومؤثِّرة عليه.

وهناك في هذا الأسبوع نفسه- هو من أكثر الأسابيع فيما يتعلق بكثرة العمليات، وزخمها، ونوعيتها- عشرات العمليات لاستهداف الدبابات، عمليات نفَّذها الإخوة المجاهدون بالقصف بالهاون والصواريخ، عمليات قنص، كمائن نوعية، تفخيخ قذائف وصواريخ من مخلفات القصف، التي يقصف بها العدو ضد الشعب الفلسطيني.

فهناك فاعلية كبيرة بعد كل هذا الوقت، بعد كل ذلك الدمار، بعد كل ذلك الإجرام الصهيوني، وكذلك حجم العدوان، والحصار، والتجويع، والدمار، بعد كل ذلك، ها هي المقاومة الإسلامية، بمختلف فصائلها في قطاع غزة، بهذا المستوى من الثبات، والصمود، والفاعلية، والبسالة، واستخدام مختلف وسائل القتال المتاحة والمتوفرة لها.

هذا بكله يجسِّد معنى الصبر بكل ما تعنيه الكلمة، الصبر، والاستبسال، والقدرة على الترميم، ومعالجة حالة النقص والأضرار على مستوى التشكيل، فيما يتعلق بالكتائب والإخوة المجاهدين، كذلك على مستوى التجنيد من جديد لمن ينطلقون، وهذه بشارة مهمة جداً، فمع المظلومية هناك ثبات، هناك صبر، هناك استمرارية في الجهاد، وحمل راية الجهاد، وبفاعلية وثبات عظيم.

الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بشَّر الصابرين في القرآن الكريم، وأمر بالبشارة لهم: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}[البقرة: من الآية155]، وعدهم بأن يكون معهم: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: من الآية153]، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: من الآية146]، {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[الأنفال: من الآية66]، وعدهم بالغلبة: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}[الأنفال: من الآية65]، وها نحن نرى تجسيد معنى الصبر بأرقى المستويات في أداء الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، وهم يصبرون على كل شيء: يصبرون على الجوع، يصبرون على ما يحصل عليهم من معاناة، من نقص حاد جداً في الإمكانيات، من حجم العدوان، والإجرام، والدمار، والغطاء الناري، وما يمتلكه العدو من وسائل القتل والتدمير، يصبرون على النقص في تقديم الشهداء والجرحى، على كل شيء، صبر عظيم، وثبات كبير.

وإذا جئنا للمقارنة بين صبرهم في ما هم فيه من معاناة، وهم أصحاب القضية العادلة، وأصحاب الحق، الموقف الحق، إذا جئنا للمقارنة بين واقعهم وبين واقع العدو الصهيوني، على مستوى الجيش، وعلى مستوى بقية من ينتمون إلى الكيان الإسرائيلي، وكذلك مجتمع غزة (الشعب الفلسطيني)، إذا جئنا للمقارنة؛ يتَّضح لنا بجلاء ما هي العواقب والمآلات لهذا الصراع الساخن:

  • الإخوة المجاهدون في قطاع غزة:
  • بالإمكانات البسيطة، بالمعاناة الكبيرة، من واقعٍ محاصر، بالرغم من الخذلان العربي الواسع، يصبرون على كل ذلك الضغط والمعاناة بكل أشكالها، ويستمرون في أدائهم الجهادي البطولي بثباتٍ منقطع النظير، يشهد له استبسالهم، نوعية العمليات التي ينفِّذونها، تقافزهم إلى الدبابات بالقذائف، ووضعها عليها، وبالعبوات وتفجيرها… وغير ذلك.
  • ثم الاستمرارية في الصبر مع طول الوقت، مع كثرة العمليات والاعتداءات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، بما يمتلكه من إمكانات ضخمة وهائلة للقتل والتدمير، مع كل هذا هم يصبرون، ويستمرون، ويرممون وضعهم، عندما يحصل شهداء، عندما يحصل نقص في التشكيل، في الكتائب، في المجاميع، يحصل ترميم واستمرارية.
  • العدو الإسرائيلي:
  • في جيشه، يعاني من الترميم، أصبح له مشكلة حقيقية في التجنيد، وهناك الكثير من كيانه الإجرامي، المحتل، المغتصب لفلسطين، يمتنعون عن التجنيد، وهناك هجرة معاكسة، يهربون من فلسطين، وهناك تذمر واسع، ويأس منتشر في أوساط الكيان الإسرائيلي.
  • كذلك هناك حالات بالآلاف من المرضى النفسانيين، الذين يصابون بالأمراض النفسية، والبعض من الاختلال العقلي، بالرغم من أنَّ إمكانات المقاومة إمكانات محدودة جداً في مقابل ما يمتلكه العدو الإسرائيلي، وما يحظى به من دعم أمريكي وأوروبي وغربي، تسخَّر له إمكانات ضخمة، وتخصص له عشرات الآلاف من القذائف، من أحدث القذائف، من أكثرها فتكاً، وقتلاً، وتدميراً، وتقدَّم له لقتل أبناء الشعب الفلسطيني.

فالإخوة المجاهدون في غزة صابرون، معنويات عالية، ثبات منقطع النظير، والشعب الفلسطيني في غزة- كذلك- شعبٌ يصبر على حجم معاناة لا مثيل لها في كل الدنيا، ويثبت، ويصمد، ويستمر، ويواصل صموده وتماسكه؛ بينما أوضاع الأعداء في الكيان معروفة: تخلخل كبير، تفرُّق، وكذلك يأس وإحباط، وهجرة معاكسة، وتهرُّب من التجنيد بشكل واضح، فالحالة هذه واضحة.

إذاً العاقبة هي لأولئك الصابرين، أصحاب الحق والقضية العادلة: الشعب الفلسطيني ومجاهديه، العاقبة لهم، التي وعد بها الله، وعد بها المتقين، الصابرين، وهم أصحاب الحق والقضية العادلة، وهناك الوعد الإلهي الصريح الواضح في كتاب الله، في القرآن الكريم، آيات تتلى إلى قيام الساعة، تعد بالنصر الإلهي، تعد بزوال الكيان، الذي هو كيانٌ غاصبٌ، إجراميٌ، محتلٌ ومعتدٍ، وفي نفس الوقت هو كيانٌ مؤقت، لا يمكن له الاستمرار، ويستحيل عليه البقاء، يستحيل بقاؤه، يستحيل بكل ما تعنيه الكلمة، لا يمتلك أبداً المقومات اللازمة للبقاء، فيما هو عليه من تركيبة إجرامية، عدوانية، لا تمتلك أياً من عوامل البقاء والاستمرار، هو لا يستطيع البقاء والاستمرار، {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[يونس: من الآية55]، حالة الهلع لدى الصهاينة واضحة.

العدو فشل في ابتزاز العشائر الفلسطينية في قطاع غزة، واستغلال حالة المجاعة؛ لفرض إدارة غير الإدارة الحكومية في قطاع غزة، هو يريد أن يزيح الإدارة الحكومية في قطاع غزة، وأن يفرض إدارة عميلة، ولكنه فشل فشلاً تاماً، ونوجِّه التحية لكل العشائر الفلسطينية على موقفها الثابت والواعي، الذي يدل على وعي، وبصيرة، وتماسك، وثبات، في رفض كل محاولات العدو الإسرائيلي.

هذا فيما يتعلَّق بجبهة الشعب الفلسطيني، التي هي الجبهة الكبرى، والجبهة الأولى، والجبهة الساخنة، والجبهة التي هي في قلب المعركة، ولا مزايدة عليها من أحد، ليس أحد في وارد أن يزايد على الشعب الفلسطيني، وعلى مجاهديه الأعزاء، الذين هم في قلب المعركة، والذين هم لهم الدور الأساس في هذه المعركة.

فيما يتعلَّق بجبهات الإسناد: جبهات الإسناد في لبنان، وفي اليمن، وفي العراق، أهميتها كبيرةٌ جداً، وهي فرضت في هذه المرحلة من الصراع مع العدو الإسرائيلي معادلةً جديدةً بكل ما تعنيه الكلمة، في جولات سابقة من التصعيد الذي يقوم به العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أو بشكلٍ عام، لم يسبق أن كان هناك مساندة من البلدان العربية، بالوقوف عسكرياً مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه، وبشكلٍ مستمر، وبهذا المستوى من الجديَّة، مثل ما هو حاصلٌ الآن من جبهات الإسناد في لبنان، وفي اليمن والعراق، فهي معادلة مهمة جداً، وهي واجهت الكثير من الضغوط، كل هذه الجبهات: جبهة لبنان، جبهة اليمن، جبهة العراق، واجهت- ولا تزال تواجه باستمرار- الكثير من الضغوط؛ لأن الأمريكي والدول الغربية بشكلٍ عام منزعجة جداً من هذه المعادلة الجديدة المهمة، حيث لم يُترك الشعب الفلسطيني لوحده، وأصبحت هناك جبهات تسانده، تقف معه، تناصره، تقاتل إلى جانبه، فهناك الكثير من الضغوط التي مُورِسَت على كل جبهات الإسناد: ضغوط سياسية، اقتصادية، إعلامية، وحتى عسكرية؛ بهدف إيقافها؛ لأنهم أرادوا أن ينفردوا بالشعب الفلسطيني دون أن يقف معه أحد.

وثبات جبهات الإسناد كل هذه الفترة، وهي لا تزال ولن تزال ثابتة، مستمرة، وفاعليتها، وتقديمها للشهداء والجرحى شيءٌ واضح، مهما شكك البعض في ظل الهجم الإعلامية، التي تساند العدو الإسرائيلي ضد جبهات الإسناد، وفي مقابل الدور السلبي لبعض الأنظمة العربية ضد الشعب الفلسطيني، ضد مقاومته ومجاهديه، وضد جبهات الإسناد، بعض الأنظمة العربية لديها توجهٌ واضح في المناصرة للعدو الإسرائيلي، إعلامها يشهد عليها، إعلامها موجَّه ضد الشعب الفلسطيني، ضد حركات المقاومة، وفي مقدِّمتها: حركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي وغيرهما، توجه عدائي واضح، ومساندة واضحة للعدو الإسرائيلي، وغير الموقف الإعلامي: الموقف السياسي، وواضحٌ حتى من حال شعوبها، أنها شعوب لا تجرؤ على المجاهرة بموقف مناصر للشعب الفلسطيني، لا بمظاهرات ومسيرات، ولا احتجاجات، ولا وقفات، ولا حتى بنشاط إعلامي بارز ومنظم، فهي في اتجاهها السلبي، اتجاهها المناصر للعدو الإسرائيلي، اتجاهها ضد الشعب الفلسطيني، وضد مجاهديه في قطاع غزة، وضد جبهات الإسناد، واضحة ومكشوفة.

الدور السلبي لتلك الأنظمة العربية، هو في إطار توجهها ما قبل هذه الجولة من الصراع، حيث كان توجهاً واضحاً تحت عنوان التطبيع، تحت عنوان التطبيع، ومعناه: الولاء لإسرائيل، والتحالف مع العدو الإسرائيلي، والدخول في شراكة معه، والدخول في برنامجٍ معه يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الإسرائيلي.

كل جبهات الإسناد هي على تنسيقٍ تام مع الإخوة الفلسطينيين، مع المجاهدين في قطاع غزة، وهي تلتزم في موقفها بمواصلة الجهود والإسناد والسعي للتصعيد أكثر وأكثر، وأيضاً فيما يتعلَّق بالموقف السياسي والمفاوضات، هي تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومجاهديه، وحركات المقاومة، وفيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، حركات المقاومة تقف صفاً واحداً، وعلى رأسها: حركة حماس، هي تنسِّق مع بقية الفصائل؛ وبالتالي موقف كل جبهات الإسناد هو موقفٌ منسجمٌ ومتَّجهٌ كموقف إسناد بكل ما تعنيه الكلمة، مع الشعب الفلسطيني، ومقاومته، والقرار هنا في المفاوضات، وفيما يتقرر فيها، هو للشعب الفلسطيني ومقاومته، وعلى رأسها: حركة حماس.

حركة حماس هي تقود المفاوضات بتنسيقٍ مع بقية الفصائل، وهي المعنية فيما يتقرر في هذه المفاوضات، ودور جبهات الإسناد هو في إطار الإسناد التام، والتأييد للموقف الفلسطيني، والوقوف معه، في إطار نصرة هذه القضية العادلة؛ ولذلك موقفنا هو الإسناد لحركات المقاومة، وعلى رأسها: حماس، الإسناد المستمر، والموقف الثابت، دون تدخل في تفاصيل المفاوضات، القرار هنا هو قرار الشعب الفلسطيني، قرار مقاومته، وعلى رأسها: حماس، فنحن كجبهة إسناد موقفنا كما أعلن عنه السيد حسن نصر الله “حفظه الله” في كلمته بالأمس.

فيما يتعلَّق بالتفاصيل المتعلقة بجبهات الإسناد:

جبهة حزب الله ساخنة، فاعلة، قوية، وقدَّمت شهداء، على رأسهم قادة عظماء وأخيار “رحمة الله عليهم”، هي جبهة حجزت مائة ألف ضابط وجندي، وهي جبهة تدمِّر مواقع العدو الإسرائيلي في شمال فلسطين، وعلى الحدود مع لبنان، وتلحق الخسائر الكبيرة بالعدو الصهيوني، وطردت عشرات الآلاف من المغتصبين الصهاينة، من البؤر الاستيطانية من شمال فلسطين، وعطَّلت الإنتاج الصناعي الإسرائيلي إلى حدٍ كبير، لا سيما في شمال فلسطين، وتأثيرها على المستوى العام، وارتفعت نسبة دوي صفارات الإنذار في بعض المناطق في شمال فلسطين المحتلة إلى نسبة 500%، مما يدل على كثافة العمليات والقصف من جانب حزب الله، وكان من أبرز ما حصل في هذا الأسبوع: الاستهداف لمركز الاستطلاع الإسرائيلي (في جبل حرمون) لأول مرة منذ حرب أكتوبر 1973.

فيما يتعلَّق بجبهة المقاومة الإسلامية في العراق: أعلنت هذا الأسبوع عن تنفيذ ثلاث عمليات، ضد أهداف حيوية وحسَّاسة للعدو الصهيوني في فلسطين المحتلة.

وفيما يتعلَّق بتأثير العمليات المشتركة بين المقاومة الإسلامية في العراق، والجيش اليمني:

  • هناك إعلان مهم من قبل (منظَّمة الحيوانات الأوروبية)، أكَّدت تعرض سفينة تنقل الماشية إلى حيفاء- للصهاينة طبعاً- تعرضها لهجوم بطائرات مسيَّرة، يعني: في البحر الأبيض المتوسط، وأعلنت تعليق جميع شحناتها إلى حين انتهاء العمليات هناك، وهذا تطور مهم، يدل على تأثير العمليات في البحر الأبيض المتوسط.
  • أيضاً موقع [ريليف ويب- Reliefweb] التابع للأمم المتحدة، أفاد بأنَّ الهجمات التي نُفِّذت بالاشتراك بين المقاومة الإسلامية العراقية، وبين الجيش اليمني، قد أثَّرت بالفعل على حركة الشحن في شرق البحر الأبيض المتوسط، ففي هذا السياق تم رصد إحدى السفن المستهدفة، وهي: ناقلة المنتجات الكيماوية والنفطية [فالر]، وقد قامت هذه السفينة بإيقاف نظام التعرف الآلي الخاص بها، أثناء تواجدها في المياه المحيطة بحيفاء؛ وذلك بهدف إخفاء مسارها المتَّجه إلى فلسطين المحتلة، بنقل بضائع للعدو الإسرائيلي، وهذا تصريح من جهات دولية، من جهات معروفة رسمية، تشهد بمدى التأثير، الذي سيتعاظم بإذن الله تعالى، ويقوى، ويكبر، حتى يمثل عامل ضغطٍ كبيرٍ جداً في البحر الأبيض المتوسط.

فيما يتعلَّق بجبهتنا في (معركة الفتح الموعود، والجهاد المقدَّس)، جبهة الإسناد في يمن الإيمان والحكمة والجهاد، كان من أهم العمليات في هذا الأسبوع، هو: تنفيذ عملية مشتركة للقوة البحرية والقوة الصاروخية، استهدفت سفينةً أمريكية شمال شرق جزيرة سقطرة، هناك في أقصى اليمن، في أبعد نقطة، في هذا الموقع: شمال شرق جزيرة سقطرة في البحر العربي، حيث أثارت هذه العملية مخاوف وقلق الأعداء في تصريحاتهم، في اعترافاتهم، في تعليقهم على هذه العملية، عبَّروا عن مخاوفهم وقلقهم، واعتبروها إحدى الهجمات الأبعد في أقصى الشرق من جهة البحر العربي حتى الآن، يعني: هم يعرفون بُعدها، وكيف وصلت هذه العملية بالقصف إلى هناك، وأنها- بحسب تعبيرهم هم- وأنها تعتبر توسعاً مثيراً للقلق في منطقة التهديد، اتِّساع رقعة التهديد والتأثير.

في إطار تأثير هذه العمليات أيضاً، أعلنت بريطانيا سحب آخر قطعها الحربية البحرية من البحر الأحمر وخليج عدن، آخر قطعة حربية سحبوها هاربةً، لماذا؟ قالوا هم: [بعد أن واجهت أكبر تهديدٍ جويٍ للبحرية الملكية في العصر الحديث، حيث تعرَّضت لصاروخ سريع من اليمن]، تعرضت لصاروخ سريع! بمعنى: لم يتمكنوا من اعتراضه؛ ولذلك كانوا على درجة كبيرة من الخوف، يعني: واجهوا تهديداً، وهم يوقنون بأن ليس بإمكانهم مواجهة هذا التهديد، ووصفوه بماذا؟ وصفوه بأنه: [أكبر تهديد جوي للبحرية الحربية البريطانية في العصر الحديث]، يعني: لم يسبق لهم أن واجهوا تهديداً من هذا النوع، وهذا يدل على فاعلية الصواريخ البَالِسْتِيَّة المستخدمة ضد السفن، التي يستخدمها الجيش اليمني.

البعض من الناس كان لهم تعليق سلبي، عندما تم الإعلان عن صاروخ حاطم، وأنه في سرعته أسرع من الصوت، البعض سخروا، والبعض شككوا، البعض لم يستوعبوا ذلك، والكثير من أولئك الذين يشككون ويسخرون، هم من الموالين لأمريكا وإسرائيل، ونحن نقول لهم: باعتباركم من الموالين لأمريكا وإسرائيل، انظروا إلى اعتراف أسيادكم الأمريكيين والإسرائيليين، إلى تصريحاتهم، سواءً ضباط بحرية، قادة عسكريين، أو غيرهم، وأيضاً من الخبراء، الذين قالوا حتى بالمشاهدة للفيديوهات، التي كان فيها اطلاق الصاروخ، وقيَّموا الدخان الذي يخرج من الصاروخ، فقالوا: [هذا يشهد على أنَّ هذا الصاروخ يحمل الوقود الصلب؛ وبالتالي بالتأكيد هو أسرع من الصوت في سرعته]، فهناك فيما يتعلَّق بهذه الحقيقة، تصريحات لضباط في البحرية الأمريكية، والبريطانية أيضاً، ولمسؤولين عسكريين، وقادة عسكريين، وأيضاً هناك اعترافات، وتصريحات، وتعليقات لخبراء عسكريين، ومنهم أيضاً روس، من الروس ومن غيرهم، لكن حتى من جهة الأمريكيين أنفسهم، ومن جهة البريطانيين أنفسهم، هناك تصريحات من جهات مرتبطة بهم أيضاً، تشهد بهذه الحقيقة: أنَّها صواريخ أسرع من الصوت؛ ولذلك واجه الأمريكيون والبريطانيون، ومن يدور حولهم، ومن قبلهم الإسرائيلي الذي انكفأ تماماً من البحر، الكل واجهوا مخاوف كبيرة جداً، وشعروا بتهديد لا يمتلكون القدرة على مواجهته، يعني: هذه النوعية من الصواريخ السريعة جداً، الأسرع من الصوت، والمدمرة، والفتَّاكة، هي التي أرهبت وأخافت حتى حاملة الطائرات الأمريكية، ونتحدث عن هذه المسألة أيضاً فيما يتعلَّق بهذه النقطة.

تم تنفيذ عمليات هذا الأسبوع بـ (عشرة صواريخ بَالِسْتِيَّة، ومجنَّحة، ومسيَّرة)، وبلغ عدد السفن المستهدفة إجمالاً (مائة وستة وستين سفينة)، منذ بداية العمليات، (مائة وستة وستين سفينة) مرتبطة بالإسرائيلي والأمريكي والبريطاني، هذا عدد ضخم، ومع ما حصل يعني في هذه الأشهر الأخيرة، من انكفاء حركة السفن المرتبطة بالأمريكي والبريطاني؛ أمَّا العدو الإسرائيلي فتكاد تنعدم، يعني: حالات نادرة جداً جداً السفن التي تكون مرتبطة به، يعني: تحمل بضائع بهدف الذهاب بها إلى فلسطين المحتلة لصالح اليهود الصهاينة، حالات نادرة جداً، مع الانكفاء قلَّت السفن نوعاً ما، لكن ليس لقلة العمليات، العمليات حاضرة، الرصد قوي، القدرة على التنفيذ بفضل الله، بمعونته، بقوته، قوة جاهزة متوفرة، ليس هناك أي تأثير على إمكانية الإطلاق، ولا على فاعلية الإطلاق، وضع الأعداء ضعيف جداً، فيما يتعلق بالاعتراض، وفيما يتعلق بمنع الإطلاق، هم في حالة فشل واضح.

فيما يتعلَّق بهذه المسألة: فاعليات وتأثيرات الموقف اليمني، لا تزال أصداء هروب حاملة الطائرات الأمريكية، التي صُمِّمَت وَبُنيت وأُعِدَّت- كما يقولون هم- لمحاربة قوى عظمى، يعني: دول تمتلك إمكانات ضخمة، قدرات عسكرية كبيرة، قدرات اقتصادية مناوئة ومنافسة لأمريكا، مثل ما هو الحال بالنسبة للصين، للروس… وغيرهم من الدول التي تريد أمريكا أن تكون حاملة الطائرات لإخافتهم، أو إخافة كل دول المنطقة، إخافة وإرهاب كل دول المنطقة، أمريكا عندما كانت ترسل حاملة الطائرات إلى بلداننا العربية، إلى بحارنا، إلى البحر الأحمر، أو الخليج، أو إلى البحر الأبيض المتوسط، تريد أن تخيف كل دول المنطقة بكلها، فهي عندها بهذا المستوى، بهذه الأهمية، بهذا التأثير الكبير، أصداء هروبها وهزيمتها في التعليقات، في الحديث عن ذلك، في الوسط الأمريكي، والوسط البريطاني، أصداء مهمة، وفيها دروس كبيرة جداً، ومهمة جداً؛ لأنها- كما قلت في كلمات سابقة- أولاً: من مظاهر التأييد الإلهي، والمعونة الإلهية، والدروس المهمة لكل الشعوب والبلدان.

هناك من ضمن التعليقات والتوصيف في بعض وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، تشبيه لما حصل، ولكنه تشبيه غير دقيق، لكن هو يعبِّر عن اندهاشهم مما حصل، يقولون: [أنَّ الحال أشبه بفأر يهاجم فيلاً ويجبره على التراجع]، يعني: تلك حاملة الطائرات التي تحمل تسعين طائرة مقاتلة، من أحدث وأخطر الطائرات الأمريكية المقاتلة، وتحمل المئات من الجنود، وتحمل مخزوناً مهماً من القنابل والصواريخ، تهرب وتتراجع، وصولاً إلى هروبها بشكلٍ كامل من البحر الأحمر، يُشبِّهون هذه الحالة بفيل ضخم كبير، يهرب من فأر، ولكننا نقول لهم: ليس فأراً، بل هو أسد عرين، أنتم هربتم من أسد عرين، الجيش اليمني ليس فأراً، إمكاناته وقدراته ليست فأراً، بل أسد عرين، يواجهكم، يتصدى لكم في إطار موقفكم الظالم، الذي يساند العدو الإسرائيلي، ويشترك معه في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي تجويع الشعب الفلسطيني، لكن تجد هذه الحالة يصفون هروب حاملة الطائرات الأمريكية أيضاً بأنه: [حدثٌ غير مسبوقٍ في تاريخ الحروب]، هكذا يقولون: [حدثٌ غير مسبوق في تاريخ الحروب، بل إنه صنع تاريخاً]، هذه من عباراتهم، قالوا: [صنع تاريخ جديد، وحدث غير مسبوق]، يقولون: [كانت مهيأة لمحاربة قوى عظمى، فإذا بها تخوض معركةً خاسرة، ضد جماعة حرب عصابات برية، لا تملك أي قوةٍ بحرية]، فهم مندهشون، وهم مذهولون لما حدث.

العدو الإسرائيلي أيضاً يتحدث بمنطق آخر أيضاً، في اندهاشه، وخوفه، ونظرته إلى ما يمتلكه الجيش اليمني من إمكانات عسكرية ضخمة فتَّاكة، تجاوزت كل التقنيات التي يمتلكها الأعداء؛ ولذلك قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية نقلاً عن دراسة أجرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: [تم الكشف عن ترسانة أسلحة للحوثيين، وهي أسلحة وحشية]، هكذا يقولون، [ما هي إلا جزءٌ مما يمتلكوه]، مضيفةً: [يمتلك الحوثيون ترسانة صواريخ بَالِسْتِيَّة متوسطة وطويلة المدى، وصواريخ كروز، وصواريخ مضادة للسفن، وطائرات مسيَّرة هجومية وانتحارية، وأساطيل من الطائرات بدون طيار] مؤكدةً: [تمتع الحوثيين بقدرات ومهارات في الاستخدام العملي للأنظمة غير المأهولة لتنفيذ هجمات فتَّاكة]، يعني: امتلاك للقدرات والإمكانات، وامتلاك أيضاً للقدرات التكتيكية، وتنفيذ العمليات والهجمات، مشيرة: [إلى تكبُّد إسرائيل خسائر اقتصادية كبيرة]، هذا اعتراف ممن؟ من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، [تكبُّد إسرائيل خسائر اقتصادية كبيرة جراء هجمات البحر الأحمر، أبرزها: توقف نشاط ميناء إيلات، الذي يواجه أزمة خطيرة]، منوهة: [بأن توقف نشاط ميناء إيلات، أدَّى إلى انخفاض التجارة بين إسرائيل ودول العالم، خاصة أنَّ الميناء كان بمثابة نافذة لتصدير العديد من البضائع]، وهذا اعتراف من العدو الإسرائيلي.

مع التأثير الكبير للعمليات التي ينفِّذها الجيش اليمني بمعونة الله، بتأييد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وتسديده، الأمريكي يستمر في محاولاته لإيقاف هذه العمليات عن طريق القصف، لكن دون جدوى، نفَّذ في هذا الأسبوع: (ثمان غارات في الحديدة، وفي حجة)، وقد بلغ إجمالي القصف: (خمسمائة وسبعين غارة وقصف بحري) منذ أول شهر رجب، والشهداء: (سبعة وخمسين شهيداً)، والجرحى: (سبعة وثمانين مصاباً) في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس.

فالأمريكي يدرك أنه لا جدوى أصلاً من عملياته، التي يعتدي فيها على الشعب اليمني، منذ إعلانه العدوان على بلدنا هو والبريطاني معه، يدرك أنه لا جدوى من عدوانه على بلدنا في إيقاف العمليات، التي ينفِّذها الجيش اليمني اسناداً للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء في قطاع غزة؛ ولذلك سعى مؤخراً، وبعد أن أبلغنا برسائل، سعى إلى توريط السعودي، ليُقْدِم على عدوان في المجال الاقتصادي، وتصعيد غير مسبوق في المجال الاقتصادي، نحن تكلمنا عن هذه المسألة في كلمتنا في بداية العام الهجري الجديد، وقدَّمنا التحذير للسعودي، وهو تحذيرٌ جاد بكل ما تعنيه الكلمة.

نحن في هذا المقام نقول: أولاً: مهما فعل السعودي، مهما كان تصعيده، مهما نتج عن ذلك من تداعيات إلى أي مستوى تصل، فإنَّ ذلك لن يؤثِّر أبداً على موقفنا الثابت المبدئي في نصرة الشعب الفلسطيني، وعلى استمرار عملياتنا التي تستمر، وستتواصل مهما كان ضد السفن المرتبطة بالإسرائيلي والأمريكي والبريطاني.

السعودي في ضغوطه، في خطواته العدوانية، بكل ما يترتب عليها من تبعات أو تصعيد، ومهما وصل، لن يُؤثِّر على موقفنا، ولا على عملياتنا، ولن نتوقف أبداً في عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني ومجاهديه، أنا أُوَجِّه هذه الرسالة أولاً لأطمئن إخوتنا المجاهدين في قطاع غزة، والشعب الفلسطيني، وكل أحرار الأمة والعالم: أنَّ السعودي لن ينجح أبداً، مهما فعل، ومهما ترتب على ذلك من تداعيات، في إيقاف عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني، ولا في صرفنا عن هذه الأولوية، تبقى هذه أولوية لنا مهما كان، ومهما حدث، ولكن- في نفس الوقت- نحن نعتبر أي إجراءات نقوم بها، أو خطوات عملية في التصدي للعدوان السعودي في المجال الاقتصادي أو غيره، هي في سياق هذه المعركة، وليست منفصلةً عنها أبداً؛ لأن الذي يريده الأمريكي منَّا: أن نتوقف عن إسناد غزة، وأن نترك المجال للسفن الإسرائيلية لتعبر من خليج عدن، وباب المندب، والبحر الأحمر، وأن نتوقف عن عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني بكل أشكالها، يريد أن نوقف العمليات، أن نوقف التظاهرات، أن نوقف كل الأنشطة التي نساند فيها الشعب الفلسطيني، على رأسها وأهمها: العمليات العسكرية، ويفعِّل السعودي في هذا الاتجاه؛ لكي نوقف تلك العمليات.

الحالة بالنسبة للسعودي هي حالة غباء رهيب بكل ما تعنيه الكلمة، فالأمريكي مهما فعل لم يوقفنا، ولن يوقفنا، حتى لو فعل أكثر مما يفعل بكثير، لن يوقفنا أبداً؛ لأن موقفنا موقفٌ إيمانيٌ مبدئيٌ، جزءٌ من ديننا، جزءٌ من التزامنا الإيماني، جزءٌ من ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))؛ ولذلك لن يوقف عملياتنا.

لكن عليه هو (السعودي) أن يوقف مساره الخاطئ، الذي لا مبرر له، عندما يقول: [أنه يفعل ما يفعل نتيجةً الضغوط الأمريكية]، هذا غير مبرر أبداً، ولا مقبول، اتركنا نحن للمواجهة مع أمريكا، قل لأمريكا: أن تواجهنا نحن بكل إمكاناتها، لديها الإمكانات الضخمة بأكثر منك، هل لديك حاملة طائرات؟ لديهم هم حاملات طائرات، طائرات أكثر من طائراتك، ومتطورة أكثر، قدرات عسكرية أكثر، وأنت تدرك هذه الحقيقة، فلماذا تورِّط نفسك أنت، فيما سيسبب لك الخسارة، لن تنجح في إيقاف عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني، ولا في الحد منها، ولن تجبر شعبنا على التراجع عن موقفه؛ وإنما ستخسر.

الأمريكي عندما ورَّط نفسه في المساندة للإسرائيلي، وأعلن عدوانه على بلدنا، هل نجح؟ هل حقق نتيجة؟! إنما خسر، أصبحت سفنه تضرب، التجارية منها والعسكرية، وأنت عندما تورِّط نفسك، لن تؤثِّر على موقفنا؛ لكن ستخسر بأكثر من خسارة الأمريكي؛ لأن ما لديك أنت مما هو قريبٌ منا، الأمريكي كان الذي يقرب منا هو سفنه التجارية، وسفنه الحربية، وكانت تستهدف، لكن أنت لديك الكثير الكثير مما يمكن أن يستهدف، وأن يلحق بك أبلغ الضرر، وأكبر الضرر، ولن تخيفنا تهديداتكم، نحن عشنا الحروب، عشنا المعاناة، عشنا الأحداث، ما يهمنا هو القضية العادلة والموقف الحق، ثم ما كان فليكن، عندما نكون في الموقف الحق، والقضية العادلة، والتصرف الصحيح الذي لا بدَّ منه، نحن لا نتصرف بتهور، ولا تصرفاً أهوجاً، ولا عابثاً، نحن نعمل ما ينبغي أن نعمل، عند الضرورة القصوى.

كم بعثنا من رسائل تنصح السعودي، وتحذره: اتركنا وشأننا، نحن في حرب مباشرة مع الأمريكي، والإسرائيلي، والبريطاني، تفرَّج، أرقص ما بدا لك، إعلامك يطبِّل لهم، يشيد بهم، يؤيدهم، التصريحات السياسية من وزير الخارجية ومن غيره، انحرفت إلى حدٍ كبير، وأصبحت تردد نفس المنطق الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني تجاه العمليات في البحر الأحمر، في البداية كان وزير الخارجية السعودي قد أطلق تصريحات جيدة، قال: [هذه مرتبطة بغزة]؛ فيما بعد تغيَّر الموقف، أصبحت التصريحات، والبيانات، والمواقف، التي يعلنها النظام السعودي، وبعض دول الخليج، تردد نفس المنطق الإسرائيلي، والمنطق الأمريكي، والمنطق البريطاني، كالببغاء تماماً، ولكن ليكن ذلك، على مستوى التصريحات، على مستوى الإعلام، على مستوى الرقص… وغيره، ولكن على مستوى الإقدام على خطوات ظالمة عدوانية:

  • مثل ما هو الحال في المضايقة للبنوك الأهلية، والمصارف الأهلية، والشركات الأهلية للتجار، والمؤسسات التي هي تابعة للتجار، بمحاولة الضغط عليها في الانتقال من صنعاء إلى مناطق محتلة، تحت سيطرة الأعداء، هذا تصرف عدواني، غبي، أحمق، لا يمكن أبداً القبول به، ولا التغاضي، ولا التجاهل له، ولا السكوت عنه.
  • مثل ما هو الحالة بمنع الرحلات من مطار صنعاء، هذا شيء لا يمكن القبول به أبداً، وأنتم تعودون بالأمور إلى مستوى أسوأ مما كانت عليه في ذروة التصعيد، نحن في هذه المرحلة على أساس أنها مرحلة خفض للتصعيد، ولكن أنتم تعودون بها إلى مستوى أسوأ مما كانت عليه حتى في ذروة التصعيد.
  • ثم البريطاني والأمريكي يحرض بشأن الميناء.

كل هذه خطوط حمراء، خطوط حمراء بكل ما تعنيه الكلمة، ولا يمكن القبول بها، ونحن قلنا لكم: هل ستقبلون في واقعكم بكل هذا: منع رحلات المطارات، إغلاق الموانئ، الإجبار للبنوك الأهلية منها والحكومية، ومقرات للمؤسسات والشركات في الرياض، أن تنتقل؟ أو أنَّ هذا في كل دول العالم، أي دولة يُطلب منها هذا، أو يفرض عليها، ستعتبره عدواناً، وتصعيداً خطيراً، وغير مقبول، ولا منطقي أصلاً، لا يتعامل الناس به حتى في الصراع فيما بينهم، فلماذا كل هذه الخطوات العدوانية؟ في سياقٍ واحد: أوامر أمريكية لخدمة إسرائيل، ومحاولة لإجبارنا على التراجع عن موقفنا المساند لغزة، وهذا عين المستحيل، أبعد عليكم من عين الشمس، لن تفلحوا، ولن تنجحوا، ولن تتمكنوا أبداً من إجبارنا على التراجع عن مناصرة الشعب الفلسطيني.

شعبنا العزيز اتَّخذ قراره الإيماني، الذي يؤكِّده أسبوعياً بخروجه المليوني، ولن يتمكن أي عميلٍ لأمريكا أن يثنيه عن هذا القرار، وعن هذا الموقف المبدئي الإيماني الإنساني، على رغم أنف كل عميل، سنواصل عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني، وسنسعى لما هو أكبر، وأكثر، وأقوى، على رغم أنف كل عميل، السعودي أو غيره، لن نتراجع أبداً عن موقفنا، سنواصل إسنادنا لغزة، والقصف للسفن المرتبطة بالأمريكي والإسرائيلي والبريطاني مهما يكن.

فيما يتعلق بالأنشطة التعبوية المصاحبة لعملية الطوفان الأقصى، هي مستمرة بأعداد كبيرة وضخمة، لكن الوقت ضيِّق: في الأسبوع الماضي كان هناك (مائتين وسبعين مسيرة) خرجت في مختلف المحافظات، في مقدِّمتها: في صنعاء – في ميدان السبعين.

فيما يتعلَّق أيضاً بقوات التعبئة، قد بلغ العدد (ثلاثمائة واثنان وسبعون ألفاً ومائة وسبعة وأربعون متدرباً)، جاهزين للقتال، وهناك الكثير من: المناورات، العروض، الوقفات، المسير العسكري، يمكن أن تُقدَّم في تفاصيل وسائل الإعلام، التي هي تابعة لبلدنا ولمحور المقاومة.       

أتوجَّه بالكلام إلى شعبنا العزيز: السعودي الذي اعتدى على بلدنا لعشر سنوات، بإشرافٍ أمريكي، واشتراكٍ بريطاني، ودورٍ إسرائيلي في ذلك، وأنشأ تحالفاً مشكَّلاً من عدة أنظمة، وتشكيلات، ومرتزقة، تحالف قائم على الإثم والعدوان، يريد منكم أن تتراجعوا عن موقفكم المساند لغزة، يريد منكم- يا شعبنا العزيز- أن تخذلوا الشعب الفلسطيني، يريد أن نوقف العمليات المساندة للمجاهدين في غزة، عمليات البحرية، وعمليات الصاروخية، يريد منكم أن تتفرجوا على مأساة الشعب الفلسطيني، وأن ترقصوا مثله، يريد منكم أن تتجاهلوا صرخات وآهات الشعب الفلسطيني، التي قد وصلت إلى السماء السابعة، وأن تضحكوا كمثل ما يضحك، وتقهقهوا وترقصوا، وتنشغلوا بمتابعة حفلاته المجونية، التي يسميها بحفلات الترفيه، وبمسابقات الكلاب، وبالألعاب الإلكترونية، أن تتجهوا للانشغال بذلك، وأن تتوقفوا عن خروجكم الأسبوعي، وإن لم تفعلوا؛ هو قد تلقَّى توجهات أمريكية، بأن يسعى لتلك الخطوات العدوانية، كعقوبة لكم، لماذا تقفون الموقف المشرِّف، الصحيح، الإيماني، لمناصرة الشعب الفلسطيني.

تلك الخطوات التي يريد تنفيذها خدمةً لإسرائيل، وطاعةً لأمريكا، فهل ستقبلون؟! أسمعوني وأسمعوا كل العالم صوتكم يوم الغد، هل ستقبلون أن تتحولوا إلى جمهور يتابع الرقص في حفلات المجون في الرياض وجدة، ويتابع ما هناك من مسابقات للكلاب، والألعاب الإلكترونية، ويصمُّ الآذان عن مأساة الشعب الفلسطيني، وجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي؟! أسمعوا السعودي يوم الغد صوتكم، صوت الحرية، صوت الإباء، صوت الشجاعة، صوت الإيمان، أسمعوه صوتكم يوم الغد في ميدان السبعين، في كل محافظة من المحافظات الحرة: في عمران، في ذمار، في صعدة والجوف، في الحديدة وحجة، في المحويت، أسمعوه صوتكم في البيضاء وإب، أسمعوه صوتكم في ريمة، أسمعوه في كل المحافظات الحرة، في مأرب وغيرها، أسمعوه صوتكم يوم الغد، أسمعوه ليعرف أنَّكم لا زلتم أحراراً، قبائل أبيَّة، وفيَّة، شجاعة، لا زلتم تحملون القيم الإنسانية، لا زلتم ذلك الشعب الذي قال عنه رسول الله: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة)).

نحن عبَّرنا بموقفنا عنكم، موقف الثبات والصمود، وحذَّرنا السعودي، ونحن على تحذيرنا، لكن لكيلا يتخيل أنَّ الموقف مجرد إعلام منَّا، أو من جانبنا، ليعرف أننا عبَّرنا بلسانكم، ونطقنا بصوتكم، وأننا توجَّهنا بتوجهكم، وأن موقفنا يعبِّر عنكم، ونحن حاضرون، حاضرون بإيماننا بالله، وثقتنا به، وتوكلنا عليه، في مواجهة العدو الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني، وكل عميل، ورغم أنف كل عميل ثابتون على موقفنا، سنواصل عملياتنا، الصواريخ البَالِسْتِيَّة، والمجنَّحة، والطائرات المسيَّرة، وزورق الطوفان، ستستمر، وتستمر؛ طالما استمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء: من الآية45].

شعبنا العزيز: خروجكم يوم الغد له أهمية أكثر من أكثر الأسابيع التي قد مضت؛ لأنكم على مفصل مهم في الموقف، أعلنوا موقفكم الصادق، كما عهدناه منكم، وكما عهده منكم كل العالم، وليكن موقفاً يرضي الله، ويؤنس الشعب الفلسطيني، ويطمئنه، أنكم مواصلون، لستم ممن ترتعد فرائصهم عند أي تهديد من أي عميل، أنتم لم تهابوا أمريكا، ولا بريطانيا، ولا إسرائيل، فهل ستهابون عميلاً غبياً، أحمق، أرعن، يتصرف بكل غباء، ولا يأخذ الدروس من أحد؟! أسمعوا صوتكم لكل العالم.

أدعوكم- يا إخوتي الأعزاء- إلى الخروج يوم الغد في صنعاء، خروجاً مليونياً، في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات والمديريات، حسب الترتيبات والإجراءات المعتمدة؛ ليكن خروجاً مباركاً، موفَّقاً بإذن الله، خروجاً يعبِّر عن الإباء، والعزة الإيمانية، والشجاعة، والحريَّة، والوفاء.

نَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقْنَا وَإِيَّاكُمْ لِمَا يُرضِيهُ عَنَّا، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِي المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَاء، وَنَسْألُهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

 

قد يعجبك ايضا