مقالات صحيفة الحقيقة العدد “238”

((فضل الجهاد))

كتب / محمد إبراهيم شرف الدين

الحمد لله

وبه نستعين

يقول الحق جل وعلا: {أَلَمْ تَرَ إلى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)} [البقرة : 246] صدق الله العظيم.

تتحدث الآية الكريمة عن قوم عانوا من الظلم والطغيان وقهروا على يد آخرين فاجتمع جهاد القوم إلى نبي من أنبياء الله يطلبون فيه أن يبعث لهم ملكاً يقاتلون معه في سبيل الله وتعللوا بأهمية الجهاد والقتال وضرورته وحاجتهم الماسة إليه لأنه بالجهاد سيرفع عنهم ما نزل بهم من الظلم والضرر من المعتدين ويقيهم الشر والكرب ويحصنهم من الاعتداء، {قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} وتستمر الآيات القرآنية المباركة تحكي حال تلك الفئة المؤمنة التي تحركت للجهاد تحت قيادة طالوت وهزيمتهم لأعدائهم وثمرة صبرهم وإيمانهم وثباتهم الذي تكلل وتوج ببناء أعظم حضارة إنسانية في تاريخ البشرية على يد أحد أفراد ذلك الجيش المؤمن القليل العدد القوي في إيمانه وثقته بربه وهو داوود (عليه السلام) صاحب الموقف الذي حسم المعركة فآتاه الله الملك والنبوة وألان له الحديد وعلمه صنعة لباس الحرب ثم على يد ولده سليمان (عليه السلام) الذي آتاه الله ملكًا ووهبه قدرات لا يملكها غيره.

لقد كان التحرك في سبيل الله هو اللبنة الأساسية الأولى لبناء حضارة إنسانية راقية.

وما أشبه الليلة بالبارحة فحالة الاستضعاف الشديد وتسلط وتكبر المستكبرين على أمتنا لن يردعه ويزيله إلا التحرك الجهادي وفق تعاليم الله وما حزب الله في لبنان إلا نموذج لفئة مؤمنة حققت لأبنائها العزة والكرامة وهزمت قوى الشر والاستكبار.

إن الأمم التي جعلت من الجهاد في سبيل الله دربًا في عنوان مسيرتها قد أمنت لأبنائها حياة طيبة كريمة وعزيزة ووضعت نفسها في مصاف الأمم العظيمة وحققت العدالة وميزان القسط وصانت أرضها وناسها من الاستعباد والاحتلال.

وقد أكد على هذه الحقائق المهمة الآية المباركة في سورة الصف حيث يقول الحق جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} [الصف : 10 – 13] صدق الله العظيم، إن الحديث عن فضل الجهاد يكون بالحديث عن مكاسبه وثمرته.

وهنا نجد نصوصًا هامة لأعلام الهدى (عليهم السلام) عن عظمة وفضل الجهاد في سبيل الله فأمير المؤمنين (عليه السلام) يعتبر الجهاد ذروة الإسلام فيقول: [إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه وتعإلى: الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله فإنه ذروة الإسلام] ويوضح (عليه السلام) أهميته باعتباره سنام الإسلام وقاعدته المتينة بقوله: [أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة فمن تركه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء وديث بالصغار والقماء وضرب على قلبه بالأسداد وأديل منه الحق وسيم الخسف ومنع النصف].

كما نجد أيضًا نصوصًا هامة للإمام الأعظم الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (عليه السلام) وهو يحث الناس على الجهاد، يقول (عليه السلام): [وكان أفضل ما افترض الله عليهم وجعله حجة مؤكدة فيهم الجهاد في سبيله والأمر بالمعروف الأكبر والنهي عن التظالم والمنكر، ولذلك امتدح الله به الأنبياء والمرسلين].

ويقول (عليه السلام) معددًا فضائل ومكاسب الجهاد في سبيل الله: [وما ذكر الله من تفضيل الجهاد فأكثر من أن يحيط به كتاب وهو معروف عن من رزق فهمه من ذوي الألباب وكيف لا يكون الجهاد في سبيل الله فضل على جميع أعمال المؤمنين، وبه يحيا الكتاب المنير، ويطاع اللطيف الخبير، وتقوم اٍلأحكام ويعز الإسلام، ويأمن الأنام، وينصر المظلوم، ويتنفس المهموم، وتنفى الفاحشات، ويعلو الحق والمحقون، ويخمل الباطل والمبطلون، ويعز أهل التقوى، ويذل أهل الردى، وتشبع البطون الجائعة، وتكسى الظهور العارية، وتقضى غرامات الغارمين، وينهج سبيل المتقين، وينكح الأعزاب، ويقتدى بالكتاب، وترد الأموال إلى أهلها، وتفرق فيما جعل الله من وجوهها، ويأمن الناس في الآفاق، وتفرق عليهم الأرزاق] ويكرر الإمام (عليه السلام) فائدة الجهاد وثمرته التي تعم وتشمل المسلمين فهو أرقى وأسمى أنواع الإحسان فيقول: [كيف لا يكون الجهاد أعظم فرائض الرحمن وهو عام غير خاص لجميع المسلمين، وعمل من عمل به شامل لنفسه ولغيره من المؤمنين لأن الجهاد عز لأولياء الله، مخيف لأعداء الله مشبع للجياع كأس للعراة النياع ناف للفقر عن الأمة مصلح لجميع الرعية، به يقوم الحق ويموت الفسق ويرضي الرحمن ويسخط الشيطان وتظهر الخيرات وتموت الفاحشات] انتهى.

فالجهاد يتعدى حدود شخصية الإنسان إلى عامة الأمة.

ومما سبق يتضح أهمية الجهاد في إصلاح المجتمع وإعزازه وتأثيره في عموم حياة المسلمين ولقد شكل الإمام الهادي (عليه السلام) نموذجًا راقيًا وفريدًا من نوعه فيما تركه من أثر مبارك وعظيم على حياة اليمنيين لأكثر من ألف عام وما ذلك إلا بفضل جهاده في سبيل الله.

وكل ذلك يعطينا شاهدًا من واقع أمتنا على عظمة وفضل الجهاد في سبيل الله.

 

 

 

من هم أولو الأمر الذين تجب علينا طاعتهم؟

 دائرة الثقافة القرآنية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد:

إن المتأمل في واقع حياة الناس، وواقع المجتمعات والشعوب يجد أنها تعتمد في تصريف أمور حياتها على مقاييس ومعايير معينة فمثلاً: في أي حربٍ أو مواجهةٍ فإن معايير الانتصار تكون لدى الطرف الذي يملك العدة والعتاد الأكثر، والسلاح الأنجع، والخطة المحكمة، والقيادة الفعالة، والانضباط الكبير، والمعنويات المرتفعة.

ولكن عوامل النصر في مسيرة الإسلام، في مسيرة القرآن لها أبعاد أخرى من أهمها: الإيمان بالله، والصبر والثبات، والدعاء والتضرع لله، وذكر الله كثيراً، والوعي العالي، والبصيرة النافذة المستمدة من كتاب الله، وتحقيق الاستجابة لله وللرسول ولأولي الأمر من المؤمنين، والإعداد بقدر المستطاع، وحين تتحقق مثل هذه العوامل فإن النتيجة المؤكدة التي لا مجال للشك فيها هي النصر الحتمي؛ لأن الله تعإلى هو الذي وعد بنصر عباده المؤمنين، ووعد الله لا يمكن أن يتخلف وهو القائل سبحانه: (ولينصرنَّ اللهُ من ينصره إن الله لقوي عزيز) والقائل: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وغيرها من الآيات، (ومن أصدق من الله قيلاً).

ولا شك أن الطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر عامل مهم في حسم المعركة، وهي من أهم المواضيع الإيمانية التي لا يقبل الدين إلا بها؛ لأن موضوع الدين، والإيمان والإسلام يتمثل في التسليم، والطاعة، والاتباع.

 ومعروف أن طاعة الرسول – صلوات الله عليه وآله وسلم – هي من طاعة الله سبحانه وتعالى، وكذلك طاعة أولي الأمر هي طاعة لله ولرسوله؛ لكن موضوع (طاعة أولي الأمر) من المواضيع التي دار حولها كثير من اللغط، ويحيط بها كثير من التعقيدات سواء منها الفقهية أو السياسية، وأصبحت مثار جدل عبر مراحل التاريخ المختلفة، وأصبح هناك تلاعب كبير حول هذا الموضوع بالذات، وما يزال هذا التلاعب مستمراً إلى الآن.

وموضوع (طاعة أولي الأمر) موضوع خطير جداً، وخطره في هذه المرحلة أشد وأفدح؛ لأن هذا الموضوع يترتب عليه مسألة النصر أو الهزيمة في مواجهة أعداء الأمة من اليهود والنصارى؛ ولذلك كان من المهم أن يتضح للناس ما هي الرؤية القرآنية حول هذا الموضوع، ومن هم أولو الأمر الذين أمرنا الله بطاعتهم؟.

والرؤية القرآنية الكاملة حول هذا الموضوع قد بينها السيد حسين بن بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ومن خلال حديثه سوف تتضح لنا جلياً تلك الرؤية الواضحة التي أراد أصحاب الضلالة من السلاطين والولاة المستكبرين حجبها عن الناس حتى يتسنى لهم التسلط على رقاب الناس وقهرهم، من دون أن يكون لدى هؤلاء الناس أي رد فعلٍ في دفع الظلم عنهم؛ لأنهم قد ثقفوا بتلك الثقافات المغلوطة في وجوب طاعة الظلمة بحجة أنهم من (أولي الأمر).

ولفهم الموضوع أكثر فسوف نجيب على عدة تساؤلات في ضوء ما طرحه السيد حسين (رضوان الله عليه) في هذا المجال:

1- من الذي يحدد ولي الأمر الواجب طاعته؟

2- ما هي مؤهلات ولي الأمر، وما هو دوره؟

 3- ما الذي يحدث إن ترك الأمر من دون تحديد؟

4-  كيف أبعدت الأمة عن أولي الأمر المعنيين في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)؟

5- ما هي أهمية طاعة أولي الأمر؟

وللإجابة عن التساؤل الأول فإن علينا أن نفهم قضية مهمة وأساسية وهي أن الله أرادنا أن نكون أمة واحدة، غير متفرقين ولا مختلفين، ونهى عن أية فرقة أو اختلاف في قوله تعالى: ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذابٌ عظيم)؛ ولهذا فإن أي قضية تورث الفرقة والاختلاف نعلم أنها ليست من دين الله في شيء، وإذا أدركنا هذه الحقيقة فإن كثيراً من الشبه التي يلقيها المظلِلون سوف تزول، فلا يمكن أن يلقي الله حبل هذه الأمة على غاربها، من دون أن يحدد ولياً لأمرها؛ لأن ترك تحديد هذا الأمر للناس يورث الفرقة والاختلاف؛ فالناس يختلفون في وجهات نظرهم حول من يصلح للقيادة ومن لا يصلح، ولهم مقاييس ومعايير مختلفة في ذلك، وباختلافهم تختلف القيادات وتتعدد مما يولد الصراعات والحروب، وما يجنب الناس ذلك كله هو وجود قيادة واحدة، فالأمة الواحدة لا تكون إلا بقيادة واحدة، وما دام أن الله نهى عن التفرق والاختلاف فإنه لن يأتي بشيء يورث الفرقة والاختلاف، ولذا فإن أمر الولاية هو من يحددها ولا يحدد إلا من يكون الأصلح لنا؛ لأن الله هو الأدرى بما ينفع عباده.

وللسيد حسين (رضوان الله عليه) كلام مهم في هذا المعنى حيث يقول: “الوحدة الإيمانية, أو الوحدة المطلوبة من عباد الله هي وحدة إيمانية تقوم على منهج واحد, منهج واحد, وخط واحد, وقيادة واحدة, الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (آل عمران103). عملوا منظمة المؤتمر الإسلامي وفشلت أيضاً, وعملوا جامعة الدول العربية, ولم يكن لها أي دور يذكر, ولا أن نقول: ما دام أننا قد صرنا مذاهب متعددة فكل واحد على أصله, وننطلق جميعاً نتوحد! ما هذه أيضاً فكرة مزاج؟ نفس الشيء, لا يمكن أن يتحقق. الوحدة, الله رسم طريقها باعتبارها مبدءاً مهماً من مبادئ دينه, هو الذي حدد كيف تكون, وتحت قيادة من, وعلى أساس ماذا, على أي أساس تقوم, هو الذي رسم رسماً كاملاً لما يؤدي بالمؤمنين إلى الوحدة”. )الوحدة الإيمانية)

وبالنسبة للدور الموكل لولاة الأمر فيؤكد السيد أن ولاية المؤمنين هي امتداد لولاية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ودور الرسول واسع شامل فهو توجيهي، وتبليغي، وتنفيذي، وهو دور أوسع من دور التبيين؛ لأن موضع التشريع مرتبط بالجانب التنفيذي والعملي في غالبه، وإن أولي الأمر قضية مرتبطة بهذا الدور، وهي قضية مرتبطة بالله سبحانه وتعالى، في مسيرة دينه وتشريعه، وليست مسألة مفتوحة تخضع للانتهازية، وفي هذا المعنى يقول السيد: “لا، هنا قضية أوسع من هذه بكثير ؛ فلهذا أمر بطاعته سبحانه وتعالى وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر منكم، أولي الأمر ليست قضية دعوة كل واحد يدعي أنه هو من أولي الأمر، أولي الأمر قضية هنا مرتبطة بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، الرسول مرتبط بالله سبحانه وتعالى، وقضية لا تأتي عن طريق انتخابات ولا عن طريق شورى ولا عن أي طريق مما يقدم… قضية الله هو الذي يتولاها هو، هو الذي اصطفى الرسول، هو الذي سيصطفي هو أولي أمر، لم تترك القضية لكل واحد يدعي، معك خمسين حاكم في البلاد الإسلامية أو سبعة وخمسين حاكماً، وكل واحد يأخذ هذه الآية له، وتجدهم سواء كانوا فرادى أو مجتمعين لا يقيمون أي أمر، هل أقاموا أمر الأمة الآن؟ مع أن لديهم سلطة، لديهم جنود لديهم عتاد عسكري لديهم إمكانيات كبيرة، لكن ليست القضية تنتهي عند هذه، من يعرف كيف يعمل من يعرف كيف ينـزل هذا القرآن في واقع الأمة من يبني الأمة على أساس هدى الله في القرآن الكريم.” سورة النساء الدرس الثامن عشر

ولهذا فإنه حين انحرفت الأمة عن ولاة الأمر الذين اصطفاهم الله، والذين هم امتداد للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) تولى أمر هذه الأمة حكام لم يقيموا أمر الأمة، ولا أمر الدين، وفشلهم وإخفاقهم واضح على أعلى المستويات ولدى الجميع، يقول السيد: “تجد كل واحد يدعي أنه تجب طاعته على أساس:{وَأُولِي الْأَمْرِ} لكن وجدناهم لا يقيمون الأشياء الواضحة ولا أعطوا الناس شيئاً لا وهم مجتمعون في القمم، قمة عربية، أو قمة إسلامية، ولا وهم فرادى، كل واحد في بلاده، هذا من التلاعب بكتاب الله حقيقةً، من التلاعب بكتاب الله، يكفيهم [لا يكون واحد راكب على جملين] يكفيهم الشرعية التي يدعونها، أليسوا هم يدعون شرعية ديمقراطية أو شرعية وراثة حكم مثلما في البلدان الديمقراطية أو بلدان أخرى، سلطنات أو ملكية، لا، أيضاً يريد يجعل لنفسه شرعية دينية وشرعية ديمقراطية!، إذا أنت تريد شرعية دينية فالشرعية الدينية لا تأتي وفق رؤيتي ولا وفق رؤيتك، ارجع إلى القرآن، نرجع إلى القرآن ؛ ولهذا قال بعد:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ}(النساء: من الآية59) إذا كنا متنازعين فيما هي الشرعية الدينية ومن هو الذي يقال له:[ولي أمر] على أساس دين الله فيكون امتداداً لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فنرجع إلى القرآن وإلا فيكفيك الشرعية الديمقراطية.”  سورة النساء الدرس الثامن عشر

 

.

بين ترامب والحوثي

منصر هذيلي / تونس

في الظاهر والظاهر فقط فإنّ الزمن الذي نعيش هو زمن ترامب أمّا عمقا أو علوّا فهو زمن الحوثي ترامب رئيس أضخم دولة عرفها التاريخ. أضخم بحساب المال والصناعة والبطش العسكري ووسائل الدعاية والدّجل. دولة تحكم العالم منذ فترة وتتدخّل في أدقّ تفاصيله. تذهب بمن تشاء وتأتي بمن تشاء وتجذب إليها كلّ طامع وجشع. كانت امبراطوريات في السّابق ولكن لم تبلغ ما بلغت أمريكا ولم تتوفّر لها ما توفّر ويتوفّر من أدوات بطش لأمريكا.

أمّا الحوثي فحساب آخر. شابّ في بداياته لم يضرب في الأرض ولم يتعلّم في جامعات مرموقة، من مجتمع يصنّف فقيرا ومن بيئة عربية تعرَف منذ قرون ضعيفة وقابلة لكلّ اختراق. لا بنوك في خلفية الحوثي، لا شركات عملاقة، لا ناطحات سحاب ولا طائرات تنافس الصّوت سرعة فكيف إذا كان المطلوب أن تتجاوز السرعة الصّوت بمراحل. لباسه من نوع لا تصنيف له من موضة ولا سلاح له إلا بعض مقاتلين وكاميرا تنقل صوته وصورته إلى العالم.

أقدر أن ترامب يقهقه كثيرا اذا تذكّر أو ذكروا له الحوثي. وكيف لا يقهقه وبينه وبين الحوثي مسافة تاريخ وبينه وبين الحوثي كلّ ما يمكن تصوره من فرق مادّي وتكنولوجيا ومعارف وعلوم. أما إذا ذكروا لترامب أن الحوثي يردّد كلّ حين: “الموت لأمريكا” فإنّ الضحك عند ترامب يتخوّل هستيريا. بعين ترامب ليس الحوثي غير ميّت امّا أمريكا فواهبة حياة. هي تنشر الموت الأسود حيث تريد وحيث لا تنشر تكون حياة أو يكون بعض حياة. فكيف لمن هو في ضفّة الموت بحساب أمريكا أن يعلن موت أمريكا موزعة الموت والحياة؟

 

يتعلّق الأمر عند ترامب بحسابات القوّة أمّا عند الحوثي فالأمر يتعلّق بفلسفة القوّة ولأنّ خلفية الحوثي إيمانية فتقديره أنّ القوّة لله جميعا وأنّ القوّة له وحده وأنّه يصرّفها كما يصرّف الأرزاق والأزمنة والملك. ليس لدى الغربيين فلسفة قوّة بمعنى تفكير إشكالي فيها. لأنّهم ببساطة لا يتجاوزون الطبيعة ويلاحظون أنّ القوة قانون طبيعي وإذ صار الاعتقاد بينهم أنّ الإنسان امتداد للطبيعة فقانون القوّة يفسّر كلّ أمر الإنسان. هم منذ قرون بفرح القوّة والفرح يلهي عن التفكير. تكون قويا أكثر بمزيد من مراكمة القوّة. هذا ما يستخلصونه دوما. تفكيرهم في تكييف القوّة ضعيف. وأقصد بتكييف القوّة ما يفترض أن يجتهد فيه القوي لتحصين كمّ القوة بكيف حيوي. الكيف بعدٌ يرتبط بالثقافة والمعنويات وقد كان من الكيف بداية نهوض الغربيين. بعد ذلك ضمُر الثقافي والمعنوي وتعرّت القوّة الغربية قوّة صلف ورعونة وخشونة. قوّة بين قارونية وفرعونية وقوّة هكذا لا تدوم. إذا كانت القوّة لله فإنّ دوامها يشترط ربطها بمالكها الأصلي. ترامب لا يعرف هذا ولا يعيه أمّا الحوثي فيعرفه ويعيه جيدا. وعليه فانّ قوّة ترامب فاتحة على ضعف اما ضعف الحوثي ففاتح غلى القوّة.

خلال السنوات الماضية تواترت أخطاء الأمريكيين بشكل لافت. أخطأت الفهم أولا فبالحسابات والمقاييس المعتادة والمعلومة لا تكون ظاهرة كظاهرة الحوثي ولا تكون ظاهرة نصر الله ولا تكون حماس. هي ظاهرة لا تمتلك قوة منافسة فكيف كانت؟ هي كانت بحسابات المعنى والثقافة لا بحسابات القوة والكثافة. بحسابات الكيف لا بحسابات الكم. بحسابات الروح لا بحسابات الجسد وما يتدرّع به. ليست صدفة أن يشقى السيد الأمريكي بسبب ديناميات تعتمل في الشرق الذي حفظ بقية صلبة من حصانته المعنوية. ليست صدفة أن يسبب الشيعة كثيرا من الصداع الأمريكي فالمعتقد الشيعي صمد هامشيا منبوذا ولم تفتنه حسابات القوّة لذلك فإن جرأته على قوي اليوم واضحة وجليّة. وليست صدفة أن يكون من اليمن ما يحذر الأمريكيون فرأسمال اليمنيين منذ قرون تشبّث مشهود بالقديم ووفاء لمعنى بلقيس

لا أعلم الغيب ولا أتطفّل على أمر الله وما يأذن به ولكنني، توسّما واستشفافا أقول : إنّ مجرّد ظهور الحوثي في مشهد التاريخ دليل على نهاية وشيكة للأمريكيين. نهايتهم بما هم تطاول وتجاوز للحدّ. لم يظنّ أحد أنّ ذلك الرضيع المتسرّب إلى قصر باذخ عبر اليمّ سينهي العرش الفرعوني. هذا ما كان وهذا ما يكون لأنّ الأمر قانون. لا فرعون كان يعلم عن هذا القانون ولا ترامب يعلم عنه اليوم. من لا يعلم عن هذا القانون لا يدوم.

 

دروس من وحي الجبهات

أمل المطهر

تأملوا اخبار اولئك العظماء في الجبهات

ماذا ترون ماذا تلمسون ماذا تستنتجون

رجال يحملون اكفانهن فوق اكتافهم وقلوبهم يملؤها الايمان والثقة بخالق هذا الكون يمشون إلى العدو حفاة يدوسون كبرياءه ويكسرون جبروته

رجال صادقون وكان عهدهم مع الله صدقا

لذلك رأى العالم على ايديهم المعجزات التي ظننا انها قد انقرضت وانتهت ولم يعد لها وجود سوى في الحكايا والأساطير

مجاهدون نظموا صفوفهم توحدوا في وجه العدو فكانوا كالبنيان المرصوص

وفي كل يوم وفي كل ساعة وفي كل لحظة نسمع ونرى ملحمة بطولية يسطرونها في كل الجبهات رغم ان عدوهم يحمل اقوى الاسلحة الثقيلة والخفيفة وعدد جيشه يفوقهم بالآلاف والطائرات الحاقدة تقصفهم بمئات الغارات والاقمار التجسسية ترصد انفاسهم وحركاتهم

ومع كل هذا ينتصرون يتقدمون يثبتون

معنوياتهم عالية وتسابيحهم تملأ الارجاء طهرا ونقاء وفي ظل تكبيراتهم نرى العدو يهرب مذعورا كالجرذ تاركا خلفه مدرعاته وكل ما كان يظن انه سيتحصن به من قوة الله الجبار القاهر فوق عباده

ماذا تستنتجون من كل هذه المعجزات !!!!

لماذا يا ترى هم يتقدمون في جبهاتهم العسكرية بل ويصنعون ويبتكرون رغم انهم

يعانون اكثر مما نعاني والخطر قريب منهم اكثر منا بكثير

 فلماذا لا نخطو خطاهم هنا في جبها تنا الاعلامية والاقتصادية

والسياسية !!!!

اعتقد ان المشكلة تكمن في داخلنا في وعينا فحينما نصل إلى مستوى اولئك العظماء في ايماننا ووعينا وقراءتنا السليمة والصحيحة لما يدور حولنا سنعرف كيف نتحرك التحرك الصحيح الذي يصيب الهدف بدقة لكن حينما تكون نظرتنا سطحية ووعينا منعدم سنتصرف بعشوائية تخدم العدو بشكل كبير ولن نزيد إلا من اتساع الهوة وتأخر النصر الذي طالما تسألنا لماذا يا ترى تأخر ألم يأن الأوان كي ننتصر !!!

لكننا لم نكلف انفسنا ان ننظر بعمق ووعي لنرى ان ابطالنا في الجبهات العسكرية قد انتصروا فعلاً وباعتراف العدو الذي ظن انه سيكسرهم في بضعة ايام معدودة وها نحن على مشارف اتمام العالم الثالث من الانتصارات التي يحققها ابطالنا في اكثر من44 جبهة وها نحن ننتقل من مرحلة الصد والردع والاستنزاف   إلى مرحلة الهجوم والاقتحام واصبح العالم يسمع صراخ العدو وعويله ومحاولة

خروجه من مأزقه مما يؤكد انه اصبح عاجزا امام اولئك الابطال الحفاة

اذا فالنصر هنا تأخر عندنا نحن وليس عند المجاهدون المرابطون الواعون

فنحن مازالت رؤيتنا للأمور قاصرة ووعينا ناقص لذلك لم نلحظ تقدما كبيرا في جبهاتنا ولن نتذوق حلاوة النصر التي يتذوقها المجاهدون بعد كل معركة ينكلون بالعدو فيها رغم اننا نشاركهم في الفرحة والدعاء والتكبير إلا إن نكهة النصر يكون لها طعم اقوى عندما تكون مشاركا رئيسي وفاعلاً فيه

لذلك يجب ان نعي جيداً أن النصر يحتاج إلى شروط ومقومات  ومؤهلات تتوفر فيمن يمنحهم الله اياه ولكي نكون جديرين بحمله وتسلمه واستثماره بالشكل الصحيح

يجب ان نكون في ارقى مستوى ايماني راقين في وعينا باستمرار كي نحمل رؤية سليمة ونعرف متى نتحرك وفي اي  اتجاه

نعرف متى نصوب وفي اي لحظة ندوس على الزناد

يجب ان نتعلم منهم استشعار المسؤولية

امام الله ومعرفة عواقب التفريط والتقصير كي نتقدم في جبهتنا وننتصر

كي نكون الظهر والسند لهم في تقدمهم المتواصل نحو الفتح والنصر المبين في معركتنا الكبرى ضد قوى الاستكبار في هذا العالم

 

قد يعجبك ايضا