محاضرات السيد القائد الرمضانية : هداية ونور

 

يطل قائد الثورة السيد عبد الملك بن بدرالدين الحوثي (يحفظه الله) في ليالي شهر رمضان المبارك لهذا العام 1441هـ، بمحاضرات قيِّمة تتناول لب الدين وجوهره، ونعمة القرآن الكريم، وما يتضمنه من الوعد والوعيد، حيث يتابع محاضراته الملايين من الناس ضمن مجالس رمضانية تُقام مساء كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك.

 أهوال يوم القيامة: ‏

انطلاقاً من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن اليوم الآخر، يتحدث السيد القائد ويبين بأسلوب سلس ورائع بما يؤكد أنه سلام الله عليه يتميز بفهم دقيق لأحداث ووقائع اليوم الآخر، وتشعر وأنت تسمع محاضرته وحديثه عن ذلك اليوم ومشاهده الرهيبة بأنك موجود في تلك التفاصيل وبشكل محسوس ومشاهد، فحينما تستمع بإنصات وتمعن للمحاضرات يخيل لك أنك ترى المشهد بأم عينيك، ولم يبق إلا أن تختار لنفسك المكان المناسب في ذلك المشهد، فأما أن تكون في ركاب من يأخذون كتبهم بأيمانهم مستبشرين مطمئنين، أو أن تكون ممن تأخذ كتابك من وراء ظهورك خائباً هالكاً، إذ يقدم السيد القائد وصف دقيق لأحداث يوم القيامة ويجسد أحداث ذلك اليوم بأدق التفاصيل مستنداً على الآيات من القرآن الكريم، ويشرح مصير الناس وأسباب نجاتهم وخسارتهم

وفي سياق ذلك، فقد تضمنت المحاضرة الرمضانية الثالثة ثلاثة محاور، تناول المحور الأول اهمية الحياة الأخرى من خلال عدة نقاط تحدث عنها السيد القائد بالقول أن الانسان خلق لحياتين، الأولى الحياة الدنيا، والثانية الحياة الأخرة، وبينهما فاصل وهو الموت.

 

ويبين السيد القائد أن اهتمام الناس بالحياة الدنيا وترك الحياة الاخرة له تداعيات سلبية على الانسان نفسه، وشدد على ضرورة الاهتمام بالأخرة، وأن نسيانها يمثل خطراً عظيماً على الانسان وأنه لابد أن يتم المقارنة بين الحياة الدنيا والحياة الاخرة حتى يدفعنا ذلك للاهتمام بالحياة الاخرة من حيث ان الحياة الدنيا مؤقتة والاخرة دائمة

ومليئة بالمنغصات والمشاكل والتعب بينما الحياة الاخرة راحة وسعادة او شقاء وعذاب دائم، وضرب مثال كيف يتعرض الانسان هنا للهم وكيف تكون حياته وطبيعته …الخ، وكيف بالأخرة التي سيكون الهم والشر فيها دائم ليس مؤقت.

 

ويشير السيد القائد في المحور الثاني إلى حالة الانسان من الموت الى البعث وأن الموت فاصل بين الحياتين، وكيف يستشعر المجرمون انهم ما لبثوا غير ساعة

{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}[الروم: من الآية55]، ثم يوضح السيد القائد حسرة الانسان المقصر والمفرط في اول البعث

{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}[المؤمنون: 99-100]، وكيف يتحسر ويريد فرصة ان يعود الى الدنيا لعمل الصالح الذي كان مستهترا به لكن لا ينفعه حينها.

ثم يتطرق السيد القائد إلى الحديث عن يوم القيامة من خلال عدة نقاط منها أنها اتية لا ريب فيها قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر: الآية1]،{أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ}[النجم: 57-58]، وأنها ستأتي بغتة قال تعالى: {لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً}[الأعراف : 187].

 

ويشرح السيد القائد في المحور الثالث من المحاضرة أحداث يوم القيامة وكيف أنها تأتي في حالة تدمير كلي، وشرح ذلك وفق الآيات التي وردت في القرآن الكريم ، إذ تتضمن عدة مراحل، المرحلة الاولى: النفخة الأولى في الصور

وهنا يبين السيد القائد أنها نفخة الدمار وموت بقية الاحياء وستدك فيها الجبال وتنسف وتطوى الارض ويدمر كل شيء ويخلق واقع جديد هو ارض المحشر والتركيز ان النفخة واحدة وستدك كل شيء وليس بين تلك الاحداث اي تسلسل او فرصة للمفرطين والمقصرين، قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الحاقة: 13-15]،{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا}[طه: 105-107].

ويبين السيد القائد أن المرحلة الثانية (النفخة الثانية)، وتحدث عن بعث البشر كلهم دفعة واحدة، وأنه لا يستطيع اي انسان أن يتهرب أو يتوسط وكلهم سياتي إلى الله ويحاسب لوحدة ولن ينفعه هذا أو ذاك، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}[الزمر: الآية68].

وبالنسبة للمرحلة الثالثة، مرحلة التهيؤ لمرحلة الحساب، يبين السيد القائد أنه في هذه المرحلة كيف يشعر كل واحد وكأن التركيز كله عليه، وأن كل أحداث القيامة تقوم على رأسه، وكيف أنه رغم الجمع الرهيب والهائل لا يمكن لأحد أن يختفي وكيف المتابعة له لحظة بلحظة، قال تعالى:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}[مريم: 93-95]، بالإضافة إلى كيف لا يوجد لأي بشر أحد يعينه أو يقف إلى جانبه أو يقدم له أي خدمة، قال تعالى: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار: الآية19]، وقال تعالى: {لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا}[لقمان: من الآية33]،{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: الآية37]

واستكمالاً لما بدأه في المحاضرة الثالثة، يواصل السيد القائد في المحاضرة الرابعة الحديث عن اهوال يوم القيامة وأحداث مرحلة الحساب، حيث يصف السيد عبد الملك ذلك المشهد المهيب والرهيب في يوم القيامة من خلال الآيات القرآنية

ويبين السيد القائد أن ما يجب على الانسان هو أخذ العبرة والاستفادة من تلك الآيات وما تقدمه من تفاصيل عن الحساب، وأن الرقابة على بني آدم دائمة من ملائكة موكلين مهمتهم كتابة ما يمليه عليهم الإنسان بأقوال وفعاله  .

 

ويشير إلى أن اﻹنسان يستشعر يوم القيامة قصر المدة الزمنية التي امضاها في هذه الدنيا ويستشعر بقصر المكوث بين موته وبعثه فكأن المدة التي قضاها في الدنيا وفترة موته كأنها ساعتين ساعة في الدنيا وساعة في الموت، كما يؤكد أن مسؤوليتنا في الحياة كبيرة جدا ولذلك فالجزاء عليها عظيم جدًا، وأن الغفلة حالة خطيرة

ويبين أنه بعد الحساب والفصل بين الناس والحسم في النزاعات تحسم مسألة المصير للإنسان إما إلى الجنة أو إلى النار، وأنه لا يوجد مكان ثالث يمكن أن يبقى فيه الإنسان.

 

وفي الوقت الذي يؤكد السيد القائد فيه أن النظرة التجزيئية إلى الدين خطورة وحالة خطيرة جداً، وعليها وعيد شديد من الله سبحانه وتعالى، وأن الدين كامل ولا يقبل من الإنسان إلا كاملاً ويكون بتنفيذ كل ما أمر الله به والابتعاد عن كل ما نهى الله عنه، فإنه يستمر في وصف أهوال يوم القيامة، ويشير إلى أن يوم الحسرة من أسماء يوم القيامة؛ لأنه يوم الندم الشديد الذي لا يفيد، وأن القساة في الدنيا والمستهترين يكونوا يوم القيامة في حالة شديدة من الخوف والخضوع والفزع والبكاء والندم، بالإضافة إلى أن يوم القيامة هو يوم الفراق النهائي الذي يفترق فيه أفراد الأسرة الواحدة ولا يتلقوا بعدها ابداً، فريق في الجنة وفريق في السعير، وأنه تكون حسرة شديدة وندم كبير جداً فيلوم اﻹنسان نفسه ويندم قائلاً (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) [الفجر: الآية24]

ويؤكد أن الحياة الدنيا ليست حياة الإنسان، ولكنها فرصة منحها الله تعالى له ليعد لنفسه زادها ويؤمن نفسه في حياته الحقيقية، لتكون المحطة الأخيرة وهي محطة ملفتة ومهمة وخطيرة وهي نقل الناس إلى دار جزاءهم بعد الفصل بينهم يتم فصلهم إلى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير .

 

وقبل الختام يمكن القول إن هذه المحاضرات الرمضانية ليست إلا مجرد تذكير بحقائق وآيات، وعبارة عن زيارة خاطفة لساحة المحشر انتقل السيد القائد من خلالها بنا الى هناك ورأينا أنفسنا هناك والجميع عرف موقعه وعاش اللحظات بتفاصيلها والتأكيد أن الموضوع لا يزال في إطار التذكير عما سيحصل يوم القيامة.

فسلام الله عليك ياعلم الهدى، ومصباح الدجى، فقد جعلت كل الشخص يعيد النظر في كل أعماله، وماذا استخدمه في الحق أو في الباطل، ولهذا يجب علينا الحرص أن نكون ممن يأخذون كتابهم بيمينهم، ونسأل الله أن يوفقنا لرضاه وأن يثبتنا على طاعته، اللهم افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

المصدر/انصار الله

قد يعجبك ايضا