بعد تحذيرات صنعاء الأخيرة.. أي عواقب وخيمة لمماطلة تحالف العدوان؟

طوال السنوات الـ8 الماضية، من عمر حرب التحالف على اليمن؛ عودتنا صنعاء، بأنها لا تطلق التصريحات جزافاً، فلطالما شاهدنا جميعاً تحذيراتها وتهديداتها واقعاً على الميدان العسكري والسياسي، وهي إستراتيجية يؤكد مراقبون أنها تَنُمّ عن مبادئ ثابتة وشجاعة وحضور لا وجود له على الإطلاق في أجندات “الهواة” القابعة تحت جناح التحالف، والتي صدعتنا بالزييف والأقاويل والإدانات السخيفة في كل مرة تتعرض لصفعة هنا أو هناك على إمتداد مسرح المواجهة.

أمام هذه المفارقات والمنهجية الثابتة التي تطرأ في سياسة صنعاء، يتحتم علينا الوقوف أمام التحذيرات والتهديدات الأخيرة التي أطلقها قائد أنصار الله عبدالملك الحوثي والقيادات العسكرية والسياسية في صنعاء، بخصوص استمرار قوى التحالف بالمماطلة في تنفيذ الإستحقاقات الإنسانية وتنصلها عن إلتزاماتها التي يتم طرحها على طاولة المفاوضات القائمة في سلطنة عُمان.. الأمر الذي يستوجب على قوى التحالف السعودي الإماراتي، فهم الرسائل والتمعن في مدى جدية صنعاء فيما تطرحه اليوم، والتقاط الفرصة الأخيرة، قبل أن تتحول هذه الرسائل إلى فعل مزلزل على الأرض، وهو ما يؤكده المراقبين.

قائد الأنصار كان صريحاً وواضحاً عندما أكد في خطابه الأخير أن” المعركة مستمرة، وأنهم لا يمكن أن يقبلوا بحلول للمشاكل السياسية في ظل وجود قوات أجنبية غازية محتلة في أي محافظة أو جزيرة يمنية”، ودعوته ” كافة القوات الأجنبية بسرعة الرحيل من البلاد”، ويؤكد أنهم “لن يسمحوا بأي تواجد عسكري أمريكي أو بريطاني سواء كان في جزيرة من الجزر أو في أي مطار أو منشأة في أي محافظة “؛ ما يعني أن كل المحاولات الأمريكية لإبقاء قواتها في اليمن، لن تجدي نفعاً كما أكد السيد الحوثي.

تحذيرات قائد أنصار الله، التي لحقتها تأكيدات من المجلس السياسي الأعلى ووزارة دفاع صنعاء ورئاسة هيئة الأركان، والتي بالتأكيد تعكس على النغم والتناسق في إستراتيجية صنعاء بالتعامل مع المستجدات الطارئة كقوة إقليمية، وكما تصنع الدول العظمى؛ تعكس في المقام الأول حجم الاستعدادات الكبيرة لقيادة صنعاء وقواتها، لجميع الاحتمالات والسيناريوهات التي قد تطرأ على المشهد، وهذا ما يرجح كفتها دائماً في أي مواجهة أمام قوى التحالف وفصائلها التي تعيش واقعاً هشاً وركيكاً بفعل حالة الإنقسامات المستمرة داخل أروقتها واقتتالها المستمر.

هذه التحذيرات والرسائل التي طرحتها قيادة صنعاء تباعاً، والتي تُقيم الحُجّة على قوى التحالف؛ تعكس أيضاً صلابة موقف صنعاء، ومدى حزمها في ما يتعلق بتمسكها بمطالبها المحقة والمشروعة في وقف كل أشكال الحرب على اليمن وتنفيذ الإستحقاقات الإنسانية ورفع الحصار الاقتصادي وسحب كافة القوات الأجنبية من البلد؛ ما يعني أيضاً أن كل مراوغات قوى التحالف للتنصل عن تنفيذها، تبدو مهمة مستحيلة سيكون لها تبعات خطيرة وواسعة وأهمها عودة المعركة .. فهل تستطيع قوى التحالف مجابهة خيارات صنعاء في حال تم استئناف المواجهات المباشرة ؟!

وفقاً للمعطيات والشواهد المنظورة، فإن قوى التحالف السعودي الإماراتي وكل من يقف خلفها، لا تستطيع العودة مجدداً إلى مسرح المواجهة العسكرية، بعد ثمانية أعوام من العجز والخيبة، والتي يقرّها أمراء الحرب في دهاليز البيت الأبيض إلى وكلائها في المنطقة؛ ولولا هذه الحقيقة لما وقفت قوى التحالف على أية طاولة مفاوضات، ولما استمعت في صخب العنهجية السياسية التي تعيشها لأي الأصوات الداعية لإيقاف الحرب على اليمن، وهي الحرب التي قالت إنها ستحسمها خلال أسابيع قليلة وعادت بعد تلك السنوات الطويلة محمّلةً بالعار والهزائم وخفي حنين.

ولعلنا شاهدنا، العجز السعودي الإماراتي في التصدي لصواريخ ومسيرات صنعاء، قبيل الدخول في الهدنة الأممية، بعد فشل جميع المنظومات الدفاعية الغربية التي تم حشدها إلى المنطقة، بالتالي فإن إستئناف الضربات اليمنية في عمق دول التحالف، يهدد وجود جميع مصالح تلك الدول ومن خلفها المصالح الأمريكية الغربية، ناهيك عن توسع قواعد الإشتباك بالنسبة لقوات صنعاء التي تواصل فرض معادلات الردع، في وقت قد تشمل أي معركة مرتقبة في حال فشل المفاوضات؛ مواجهة بحرية، تشير التوقعات إلى أنها ستضع نهاية حتمية للوجود العسكري الأمريكي في المنطقة. وما تملكه صنعاء من قدرات عسكرية حربية يؤكد حقيقة هذه التوقعات.

على كلا، فإن الواقع السياسي أو العسكري لا تفرضه التراهات والأكاذيب والفبركات، بل تفرضه السواعد القوية والحاضرة في الميدان، وهو ما أثبتته صنعاء جملةً وتفصيلاً على واقع المواجهة طوال الفترة الماضية، في وقت لا تمتلك قوى التحالف أي خيارات في ظل الإخفاقات المتواصلة؛ إلا التسليم المطلق لمطالب وشروط صنعاء، وفقاً لما تقتضيه الحقائق والوقائع والعقل والمنطق، وهو ما تدركه قوى التحالف ذاتها التي لا تفعل شيئاً منذ سنوات سوى الهروب من إعلان هزيمتها الكبرى، لتدور داخل حلقة مفرغة، وهي محاولات بائسة يؤكد خبراء عسكريين غربيين، أنها تضاعف من غضب وعقاب صنعاء، وستهوي بقوى التحالف وفصائلها إلى نهاية مخزية في نهاية المطاف.

 

YNP _ حلمي الكمالي :

قد يعجبك ايضا