التأييد الإلهي للمسيرة القرآنية..

عين الحقيقة /عبدالرحمن محمد عبدالملك المروني
لا أخفيكم علماً ان الأقدار ساقتني يوم أمس لزيارة السجن المركزي بعد سنوات من الغياب عنه منذ أحداث صعدة الدامية يوم أن كنا نزور إخواننا المجاهدين المعتقلين المسجونين ظلماً وعدواناً بتهم باطلة ملفقة وأحكام قضائية جائرة وتعسفات ظالمة خارج النظام والقانون..

وما لفت انتباهي هو أن شعار الصرخة وشعارات المولد النبوي وبعض المناسبات صارت تملأ جنبات السجن ، وحتى صورة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه الذي كان مسجوناَ في قبر داخل السجن نفسه صارت هي الأخرى معلقة على مبنى إدارة السجن نفسها..!!

المهم أن المشهد أعاد بذاكرتي إلى ما قبل عشر سنوات والتي لا زالت صورة السجن المركزي عالقة في ذهني يوم أن كنا ندخله لزيارة المجاهدين والمعتقلين فيتم تفتيشنا تفتيشاً دقيقاً ، وكانت بروتوكولات وقوانين زيارة المساجين -لا سيما المسجونين على ذمة قضايا سياسية والحوثيين بالذات- تقتضي من الواحد منا الحذر من أن يوجد بحوزته ملصق من ملصقات الشعار ، أو ذاكرة قد تحتوي على زوامل أو محاضرات او مقاطع صوتية للشهيد القائد السيد حسين أو لأخيه السيد القائد عبدالملك ، بل ولا حتى شريحة تلفون أو كتاب أو منشور من أدبيات أنصار الله… الخ. 
لأنه في حال وجد مع الزائر شيء من ذلك فإنه سيتعرض حتماً للتحقيق والمساءلة وقد يحتجز هناك أو يتم إرساله إلى حيث لا يدري هو ولا الذي خلفوه.

ولا زلت أتذكر ذات يوم وقد عثر أحد القائمين على التفتيش من عساكر السجن بحوزتي على شريحة تلفون (سبأفون) وحينها تم احتجازي داخل السجن حتى يأتي الضابط المناوب للتحقيق معي وبقيت هناك إلى ما بعد العصر ولم تشفع لي توسلاتي لدى العساكر الذين تحلقوا حولي ولا اعتذاراتي ولا كل المبررات التي طرحتها والتي كنت أقسم عليها الأيمان المغلظة وذلك اني لم اكن أعلم أن الدخول بشريحة التلفون ممنوع ، بالإضافة إلى أن شريحة التلفون تلك لم أكن قد استخدمتها بعد بدليل أنها ما زالت في كرتها ومستعد لأكتب تعهداً بعدم تكرار ذلك..

وبعد أن وصل الضابط المناوب قام بالتحقيق معي حول الموضوع وأخذ مني تعهداً وتم مصادرة الشريحة والتي كانت في يومها بحوالي ألفين ريال تقريباً وحمدت الله أن الشريحة كانت جديدة ولم أكن قد استخدمتها بعد وإلا لكانت الطامة الكبرى لا سيما لو تضمنت الشريحة رقماً لزعطان أو علان ممن كان يعتبر التواصل بهم جريمة ، والسؤال عنهم تهمة ، واللقاء بهم ذنب لا يغتفر..

ذهبت أمتع نظري بتلك المشاهد وألاحظ الإختلاف الكبير في التعامل اليوم مع الزائر وربما مع السجين أيضأ عما كان عليه بالأمس ، وشعرت حقيقة بسرور غامر وفرحة كبيرة ولهج لساني بالحمد والشكر لله ولولا خشية لفت الأنظار لكنت قد وقعت ساجداً شكراً لله تعالى على هذه النعمة العظيمة بفضل الله تعالى وبفضل دماء وتضحيات المجاهدين وثورتهم المباركة التي اجتثت الطاغوت وأزالت قوى الاستكبار والإجرام.

في هذه اللحظات أيضأ عدت بذاكرتي إلى ما قبل عشر سنوات يوم أن كنا مستضعفين ، وكان كل شيء من حولنا يراقبنا ويتتبع خطواتنا لحظة لحظة ، وكان تحركنا مرصوداً ، وكلامنا محسوباً ، والأيادي تتخطفنا من كل جانب..

تذكرت صرخات المجاهدين في الجامع الكبير بصنعاء يوم أن كانت الصرخة محرّمة ، والهتاف بها جريمة لا تغتفر ، وكيف أن الشباب المجاهد كانوا يكلفون أنفسهم أن يأتوا إلى صنعاء من صعدة أو من غيرها من المناطق البعيدة ليهتفوا بشعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل في الجامع الكبير ، ويتعرضون جراء ذلك للضرب والتنكيل ، ويقادون إلى السجون والمعتقلات ، وتحرّر ضدّهم قرارات الاتهام ، وتصدر في حقهم الأحكام القضائية الجائرة… وهلم جرا..

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل دفعت الولايات المتحدة بالنظام السابق لأن يتحرك بكل ثقله ودعمته مالياً وعسكرياً ولوجستياً في سبيل إسكات هذا الصوت والقضاء على هذا الشعار في مهده ، وشن النظام حينذاك حروباً عسكرية هي الأعظم والأكبر في تاريخ الحروب الداخلية ، في الوقت الذي لم يكن حينها عدد من أسموهم (الحوثيين) يتجاوز العشرات..

ومعلوم أنه لما كانت جغرافية هذا الشعار تتوسع وكانت صرخات المؤمنين الصادقين تعلو وترتفع كلما حاولوا إطفاءها فإنهم لم يكتفوا بالحرب الأولى التي انتهت باستشهاد المؤسس للحركة الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه وإنما تطلب الأمر حرباً ثانية وأربع حروب أخرى ودخلت السعودية وأمريكا مباشرة في الحرب السادسة كما هو معلوم ، ودُمّرت محافظة صعدة وأجزاء كبيرة من محافظة عمران ، وما زالت المؤامرات تحاك ضد أنصار الله حتى اليوم ، وقد وقعت المحاولات تلو المحاولات للقضاء على الحوثيين وإسكات صوتهم وإطفاء صرختهم ومحوهم من الوجود والتي كان آخرها هذا العدوان الغاشم الذي تم إعلانه من العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أشهر قليلة من سقوط النظام العميل الموالي لأمريكا وأدواتها في المنطقة ، وبعد القضاء كذلك على القاعدة وداعش في محافظات صعدة والبيضاء وشبوة والجوف وغيرها ، وبعد مرور ثلاثة أيام فقط من خطاب أولمرت التاريخي في الكونجرس الأمريكي والذي طالب فيه الحكومة الأمريكية القيام بواجبها في حماية إسرائيل من الخطر القادم من اليمن قائلاً : إن سيطرة الحوثيين على باب المندب أخطر على إسرائيل من الملف النووي الإيراني!!

كل تلك الأحداث والسيناريوهات سمعناها وعايشناها ولا ينكرها إلا جاهل او معاند وهي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا المشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد رضوان الله عليه مؤيد بالتأييد الإلهي الرباني لأن انتصار هذا المشروع في ظل الإمكانات الضئيلة والخبرة القليلة وحالة الاستضعاف التي كان عليها أنصار الله والتي كانت تمتلئ بهم السجون والمعتقلات ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والحصار والتضييق عليهم من كل جانب ، في الوقت الذي كان النظام السابق يمتلك قدرات عسكرية وأمنية وإعلامية هائلة وكان إلى جانب ذلك يتلقى الدعم والمساندة الدولية المباشرة وغير المباشرة ..

إذ أنه من المستحيل عقلاً أن تكون كل تلك الانتصارات التي تحققت لهذا المشروع بجهود ذاتية أو عمل بشري حتى على فرض توفر الدعم المادي والعسكري لأنصار الله من إيران وحزب الله حسب ما تروج له وسائل الإعلام المناهضة لهذا المشروع.. فما الذي يمكن أن يشكله هذا الدعم على فرض حصوله أمام دعم وإمكانات أمريكا ودول الخليج والدول الكبرى الأوروبية وغيرها..!! مع أنه لم تسجل طوال فترة الحروب الست وما بعدها حتى اليوم حالة واحدة أنه وجدت بحوزة أنصار الله (الحوثيين) قطعة سلاح واحدة ذات صنع إيراني او واحدة من القطع الحربية التي أعلن حزب الله أنه يمتلكها.. ومع ذلك كله تحققت الانتصارات الكثيرة بفضل الله وجعل الله كيد الأعداء في تضليل ومكرهم إلى بوار .. 
وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن كل تلك الانتصارات إنما تحققت بفضل التأييد الإلهي لحملة هذا المشروع وهو الأمر الذي أدركه الكثير من المتابعين من داخل اليمن وخارجها ومنهم المبعوث الأممي جمال بن عمر الذي وصف ثورة 21سبتمبر بقوله : إن ما حدث في صنعاء أمر خارق للعادة.. وربما أدرك ذلك (أولمرت) نفسه ولذا سارع إلى الذهاب إلى واشنطن لإلقاء خطابه التاريخي المشار إليه سابقاً في الوقت الذي لا زال الكثير من إخواننا وأبناء جلدتنا يتعامون عن هذه الآية العظيمة والمعجزة الربانية الكبيرة وفيهم للأسف الشديد الجم الغفير من المحسوبين على العلماء والدعاة والمثقفين والمفكرين ووووو….الخ.. وصدق الله العظيم القائل:
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [سورة الحج : 46] 
والقائل: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [سورة النور : 40]

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سورة يوسف : 21]

~~~~~~~~~~~~~~~

للتأمل:

(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) [سورة القصص :4_ 6] صدق الله العظيم

قد يعجبك ايضا