استجابة «جنوبية» ضعيفة: لا قتال بالمجّان

 

كما في كلّ معاركها في اليمن، تُصرّ السعودية على تدفيع أبناء المحافظات الجنوبية ثمناً باهظاً، حتى بات هؤلاء الأكثر تضرُّراً من استمرار الحرب، من دون أن تعود «تضحياتهم» عليهم بأيّ منفعة. وعلى رغم تصدّرهم الصفوف على طول الحدود السعودية وعرضها، إضافة إلى جبهات الشمال، وتحديداً الساحل الغربي والمخا في تعز والبقع في صعدة، لم يشفع ذلك لهم لدى التحالف السعودي – الإماراتي لاستحصال الأمن والخدمات الإنسانية الضرورية في مناطقهم. هكذا، باتت مهمّتهم تقليل خسائر «التحالف»، بلا مقابل. ومع أنهم لا يُبدون هذه المرّة حماسة للقتال في مأرب، ومَن خرج منهم لا يُعدّون نسبة كبيرة مقارنة بالمجاميع المحسوبة على التيّار السلفي، إلّا أن «المجلس الانتقالي الجنوبي» مُهدَّد باستمرار بحجب رواتب العسكريين والمدنيين في مناطق سيطرته، إن لم يستجب لطلبات الرياض.

لكن أصواتاً كثيرة بدأت تعلو في الجنوب، بالتحذير من الامتثال لأوامر المملكة. وفي هذا الإطار، نبّه عضو المكتب السياسي لـ«المجلس الأعلى للحراك الثوري»، محمد النخعي، إلى خطورة «تكرار الخوض في معركة خارج حدود الجنوب من دون أيّ مردود سياسي»، داعياً الشباب إلى تلافي «الوقوع في مصيدة تجار الحروب الذين جعلوا من شبابنا وقوداً»، متّهماً «التحالف» وحكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي وحزب «الإصلاح» و«الانتقالي» بـ«التآمر على الجنوب وشعبه وقضيته، وإدخاله في حروب عبثية». وختَم بالتذكير بأنه «تمّ استنزاف شباب الجنوب طوال هذه السنين، إمّا باسم الدين أو استغلال حاجتهم، لفتح جبهات خارج الحدود وإفراغ الجنوب من أيّ قوة عسكرية».

 

أصوات كثيرة بدأت تعلو في الجنوب بالتحذير من الامتثال لأوامر المملكة

كذلك، عُقد لقاء قبليّ في مديرية المحفد، ترأّسه الشيخ القبلي ناصر الهندي، أعلن رفضه قيام ميليشيات «الإصلاح» بالزجّ بأبناء قبائل آل باكازم في «محارق الموت» في مأرب، إلى جانب «التنظيمات الإرهابية»، متوعّداً بالتصدّي لأيّ تعزيزات تمرّ من المحفد. ويأتي هذا اللقاء بعد أيام من نصب كمين لعناصر إرهابية كان «التحالف» في صدد نقلهم من عدن إلى مأرب. كما يأتي بعد صدور بيان عن «حركة شباب أبين الثورية» التابعة للحراك الجنوبي، دانت فيه إرسال الجنوبيين للقتال في الشمال، في الوقت الذي يرفض فيه «الإصلاح» سحب قواته من المحافظات الجنوبية.

أيضاً، رفض العديد من النشطاء الجنوبيين بذل المزيد من الدماء الجنوبية، من دون أيّ مكاسب. واعتبر الناشط عماد الصبيحي أن «ما حصل لأبناء المحافظات الجنوبية في ظلّ الحروب الستّ على صعدة، وفي الساحل الغربي، سيحصل معهم الآن في مأرب إذا لم يُحكّموا العقل والمنطق». والجدير ذكره، هنا، أنه في معارك الساحل الغربي عام 2018، كان الثقل الأكبر على أكتاف أبناء المحافظات الجنوبية، الذين سقط منهم الآلاف من القتلى والجرحى، ليُترك الأخيرون لاحقاً، ومعهم عوائل القتلى، للمصير المجهول. إذ ادّعت أبو ظبي أنها دفعت عشرات ملايين الدولارات في سبيل علاج الجرحى في الخارج، لكن تَبيّن أن المبالغ المذكورة وقعت في شرك الفساد السائد لدى المنظومة التي أوكلت إليها الإمارات إدارة أمور الناس في الجنوب. أمّا في معارك الحدّ الجنوبي، لا سيما في محورَي حرض وصعدة، قُتل المئات من الجنوبيين، ووقع مئات آخرون في الأسر، خصوصاً في عمليتَي «البنيان المرصوص» و«نصر من الله». غير أن ما يُسمّى «الشرعية» لم تعترف بالقتلى، ولم تدرج الأسرى في لوائحها، بذريعة أنهم استُقدموا عبر تجار الحروب وليست لهم أرقام عسكرية رسمية. يضاف إلى ما تَقدَّم حجب الرواتب عن الجنود الجنوبيين الذين نفّذوا العديد من الحركات الاحتجاجية داخل معسكراتهم للمطالبة بصرفها، ليواجَهوا من قِبَل قوات «التحالف» بإطلاق النار عليهم أثناء محاولتهم مغادرة المعسكرات، وفق ما أظهرته أشرطة مصوّرة أكثر من مرّة.

 

الاخبار اللبنانية

قد يعجبك ايضا