YNP :صنعاء تحذِّر السعودية من تضييع آخر الفرص لضمان أمن حدودها ومنشآتها
لم يعد أمام السعودية فرص أو خيارات كثيرة في مشكلتها مع اليمن، والورطة التاريخية التي وضعت فيها نفسها بإعلانها الحرب التي قتلت مئات الآلاف من اليمنيين، ودمرت أرضهم واقتصادهم، والأفدح من ذلك استعداؤها شعباً لا يترك ثأره ولا يقبل الظلم من أحد، ومن الغريب أن السعودية تجاهلت- حين أقدمت على الحرب- أن اليمن هو العمق الاستراتيجي الأكثر أهمية لأمنها القومي، وهي أكثر من يعرف كيف يتعاطى اليمنيون مع من يعتدي عليهم أو يحاول أن يمس سيادتهم وكرامتهم، وعلى مدى ثمانية أعوام من الحرب أدركت السعودية ما كانت تحاول تجاهله من بأس اليمنيين وقدراتهم القتالية وفي ميادين السياسة أيضاً.
ربما فكر اليمنيون أن السعودية توصلت إلى الحقيقة التي طالما تجاهلتها، فلجأت إلى الاستعانة بوساطة عمانية ربما تفضي إلى وقف الحرب وإحلال السلام، وتعاملت قيادة صنعاء مع تحركات الوساطة العمانية بمرونة سياسية غير عادية مبديةً حُسن النوايا، فوضعت شروطها من موقع المنتصر، بل والذي لا يزال في يده أهم الأوراق الكفيلة بتنفيذ شروطه، مع ثقتها الكبيرة في أنها ستحصل على ما تريد سواء بالطرق السلمية أو باستئناف الحرب، مراهنةً على مشروعية موقفها، وكذلك المستويات المتقدمة جداً من القدرات القتالية والتسليح التي وصلت إليها قواتها، وهو ما تدركه المملكة جيداً وتعرف ما سيترتب عليه في حال لم تكن جادة في مساعيها المعلنة للسلام وتحركاتها الأخيرة، التي ختمتها بإرسال وفد رفيع يتقدمه سفيرها إلى صنعاء.
سيكون خطأً كبيراً ترتكبه السعودية في حق نفسها، إذا لم تكن جادة في تحركاتها الأخيرة، وبقدر ما كانت صنعاء واضحة في مطالبها وشروطها، بقدر ما ستكون قاسية وصارمة في ردها إذا ثبت أن الرياض كان تحاول التذاكي والتملص مما هو عليها، كونها من قادت الحرب وتسببت بكل ذلك القتل والدمار، إذ ليس من المنطق ولا المعقول أن تفكر المملكة في أن سلطات صنعاء ستقبل بأن تقدم الرياض نفسها كوسيط، بينما هي الطرف الرئيس ورأس الحربة في قيادة الحرب وإدارتها، وبعد ما عملت صنعاء ما يتوجب عليها واستقبلت وفود الوساطة العمانية واعتبرت زيارة السفير السعودي اعترافاً بالحق، لن تتردد بعد ذلك في انتزاع كل ما هو لها ولأبناء شعبها بالقوة، وقد أصبحت تمتلكها، وبالإرادة التي تتحلى بأعلى درجاتها، خصوصاً إذا ما حاولت السعودية التذاكي والاحتيال السياسي الذي ليس في مصلحتها وهي في هذا الوضع من التهديد والتورط في كل ما حل باليمنيين.
ورغم التفاؤل الذي عمّ أوساط اليمنيين في مناطق سيطرة صنعاء، من زيارة السفير السعودي إلى جانب الوساطة العمانية إلا أن مسئولي صنعاء لم يفرطوا في التفاؤل، وغالبيتهم لم يبدوا ارتياحهم للزيارة ولا للنوايا السعودية التي لم تثبت حتى الآن صدقها، وقد وجّه أحد المسئولين دعوته للرياض إلى الاستفادة من تجاربها السابقة التي باءت بالفشل، حيث ذكر نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي في وزارة دفاع صنعاء العميد عبدالله بن عامر، في تغريدة على تويتر، أن ضمان السعودية لأمنها القومي على المدى البعيد لن يتأتى إلا إذا عملت من أجل سلام حقيقي، وابتعدت عن تكرار تجاربها الماضية التي وصفها بالفاشلة.
وأوضح بن عامر، مذكِّراً السعودية: أن اليمن لم يعد ذلك التابع الذي كان، في إشارة إلى رزوحه تحت وصايتها التي استمرت عقوداً من الزمن في عهد النظام السابق، محذراً من أن أموالها لن تنجيها من ردة فعل الأجيال اليمنية مستقبلاً، داعياً المملكة بقوله: “فلنزرع السلام الحقيقي لنحصد سوياً الأمن المستدام”.
في السياق، شكَّك عضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، في جدية التحركات السعودية، معتبراً أنها تستخدم أساليب المراوغة والكذب، مطالباً المملكة، في تدوينة على تويتر، بأن تعلن هزيمتها في قيادة الحرب على اليمن، وأن تفك الحصار وتعيد ما تم نهبه من ثروات الشعب اليمني، والبدء فوراً بمعالجة آثار الحرب، وفي تهديد واضح نوّه الأسد بأن ذلك سيكون أهون على الرياض من أن يُمَرّغَ وجهها في التراب مجدداً، مؤكداً أن الوساطة العمانية فرصة قد لا تتكرر بالنسبة للسعودية، وأن ما اجترحه اليمنيون خلال ثمانية أعوام من الحرب قد صنع واقعاً جديداً. حسب تعبيره.
YNP / إبراهيم القانص –