YNP :انعكاسات عملية ” السابع من ديسمبر ” على التحالف وتأثيرها في العمق السعودي ..
تدفع قوات صنعاء من خلال عمليتها العسكرية الأخيرة في العمق السعودي، المعركة إلى مرحلة متقدمة، عن واقع التحولات العسكرية والجيوسياسية التي تفرضها بندقيتها على إمتداد الخارطة المحلية والقارية.. فهل استطاعت صنعاء أن تتجاوز مسألة فرض توازنات الردع، إلى الإطاحة بخصومها في الداخل والخارج؟!.
في عملية ” السابع من ديسمبر ” ، التي طالت مواقع حيوية وقواعد عسكرية بالغة الأهمية في سبع مدن سعودية، بنحو 25 طائرة مسيرة وعدد من الصواريخ الباليستية، استهدفت وزارة الدفاع ومطار الملك خالد وأهدافا عسكرية أخرى في الرياض، مرورا بضرب قاعدة الملك فهد الجوية بالطائف وشركة أرامكو في جدة، إلى جانب استهداف مواقع حساسة في مدن أبها وجيزان ونجران وعسير؛ تقفز قوات صنعاء من خلال هذه العملية الواسعة على نقاط التهديدات وتنسف كل خطوط ” الكبرياء ” التي يتمترس خلفها التحالف السعودي.
إن استهداف وزارة الدفاع السعودية ، والوصول إلى غرف عمليات أمراء الحرب في قلب العاصمة السعودية الرياض، لا يقتصر تأثير هذه الضربة الإستراتيجية لكونه في نطاق إنتزاع حق الرد على جرائم التحالف ، أو تثبيت معادلة استهداف الرياض مقابل استهداف صنعاء؛ بل إصابة قواعد التحالف بمقتل، وتجاوز الأدوات والأهداف الصغيرة إلى دك ” رأس الافعى ” في عقر دارها.
الأهم من ذلك، أن هذا الإستهداف الواسع لأبرز المواقع الحيوية للسعودية، تزامن مع استقدام الرياض لمنظومة دفاعية جديدة، والتي أنفقت عليها مليارات الدولارات، ما يعني نسف صنعاء مجددا لأحدث التقانة العسكرية الأمريكية والغربية، وهو ما يعقد خيارات التحالف المتسنفذة في تثبيت أي معادلات ولو دفاعية على واقع الميدان العسكري، في وقت تستمر الجهود الغربية في استنفاذ الخزينة السعودية ومراكمة أعبائها.
الخيارات العسكرية والخزينة السعودية ليست وحدها المستهلكة، وإنما حتى المخزون الحربي للتحالف يوشك على النفاذ، ولعل هذا ما دفع السلطات السعودية عقب ساعات قليلة من عملية السابع من ديسمبر ؛ بمطالبة الولايات المتحدة بإعادة إمداد الدفاع الصاروخي مع انخفاض ترسانتها ضد هجمات ” الحوثيين ” بالصواريخ والمسيرات، حسب ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين.
بالمقابل، فإن هذه العمليات الهجومية الواسعة، تعكس إمتلاك صنعاء لمخزون وإنتاج حربي كبير بالأخص من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، والتي يبدو أنها تتطور بشكل منتظم وفقا للعمليات المتوالية بسعتها وعمقها الإستراتيجي، طوال السنوات الماضية، في وقت يؤكد أن لديها القدرة على شن عمليات ردع سريعة وخاطفة ودقيقة، كما رأينا في هذه العملية التي تم تنفيذها بعد أقل من 78 ساعة من تهديداتها بالرد على غارات التحالف.
إلى ذلك، فإن عملية إستراتيجية كهذه تأتي بالتوازي مع تحقيق قوات صنعاء تقدما واسعا في جبهات محيط مدينة مأرب التي تقترب من حسمها بشكل نهائي مع استكمال القوات فرض طوقا عسكريا على المدينة من ثلاثة محاور، واقترابها من حقول النفط في صافر، إلى جانب وأدها زحوفات الفصائل الإماراتية في الساحل الغربي، وصدها للفصائل السعودية في شبوة، تزامنا مع انهيار الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة التحالف و”الشرعية”، وتصاعد الغضب الشعبي الساخط ضد فصائل التحالف والمندفع نحو طردها من البلاد.
استنادا لكل ما سبق، يمكن القول بأن صنعاء تتقدم بخطى واثقة في ميدان المواجهة، بإنتصارات قاصمة، تؤهلها لحسم معركة كل اليمن، بينما ينشغل التحالف المثقل بفصائله المتناحرة وإخفاقاته المتواصلة عسكريا وسياسيا واقتصاديا؛ في البحث عن مخرج سريع من ” المستنقع اليمني ” ، الذي تحول إلى شبح ومحرقة واسعة تلتهم دول وكيانات عظمى وأخرى على الورق !.
حلمي الكمالي