YNP :المواقف الغربية المتشنجة تجاه منع صادرات النفط اليمني.. ما الذي تكشفه ؟!
Share
بدت واضحة مواقف الدول الغربية من توقف تصدير النفط والغاز اليمني بعد تهديدات صنعاء واستهدافها عبر الطيران المسير لموانئ التصدير منعا لمحاولات نقل شحنات نفطية إلى الخارج، عبر هذه الموانئ، وهي العمليات التي أدانتها عدد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
إدانة هذه الدول لعمليات قوات صنعاء الهادفة إلى منع تصدير النفط اليمني، قد تبدو في سياق الموقف العام من الحرب في اليمن، وهو الموقف الذي انحاز منذ بداية الحرب إلى جانب التحالف والأطراف اليمنية الموالية له، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن انزعاج كبير ناجم عن وقف تصدير النفط اليمني، وهو ما يشير إلى مصالح خفية ومشاريع كان مخطط لها بشأن النفط والغاز اليمني مستقبلا، ولا سيما في ظل تزايد الطلب العالمي على الوقود في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وما جرته من إرباك لسلاسل إمداد الوقود، وهو ما يعني تفاقم الاحتياج الغربي للنفط والغاز، والسعي من قبل الدول الغربية لتعويض النقص الذي قد يخلفه استمرار حظر النفط الروسي، والذي قد يتطور وفقا للمتغيرات إلى توقف صادراتها من النفط والغاز إلى أوروبا بشكل كامل. ومما كشف أكثر هذا الانزعاج الغربي والأمريكي بشكل خاص ظهور السفير الأمريكي، ستيفن فايغن، أواخر الأسبوع الماضي في محافظة حضرموت، في زيارة مفاجئة ومخالفة للبروتوكولات والأعراف الدبلوماسية، بعد قرابة عشرين يوماً من سريان القرار الذي اتخذته صنعاء بمنع تصدير النفط اليمني، واستهداف قواتها ميناءي الضبة بحضرموت والنشيمة بشبوة، لمنع ناقلتين نفطيتين من تحميل كميات من النفط الخام، لتكشف هذه الزيارة عن دلالة واضحة على انزعاج أمريكي من وقف عمليات تصدير النفط اليمني، وهو الانزعاج الذي لا يمكن أن يأتي إلا تبعاً لمصلحة أمريكية كامنة وراء استمرار عمليات التصدير، كما أن الزيارة تزامنت مع إعلان قوات صنعاء عن تنفيذ هجوم بالطائرات المسيرة على ميناء قنا بمحافظة شبوة، لمنع عملية تصدير شحنة من النفط الخام. السفير الأمريكي، خلال زيارته، أعاد الحديث عن إدانة بلاده لاستهداف قوات صنعاء ميناء الضبة في حضرموت عبر الطائرات المسيرة، كما تحدث عن تأثير هذا الاستهداف على الاقتصاد اليمني وعلى حضرموت بشكل خاص، وهو الأمر الذي يمكن اعتباره إفصاحاً عن علاقة هذه الزيارة بالعملية الهجومية، وتعبيراً عن مدى انزعاج واشنطن منها، وما تعكسه من جدية صنعاء بشأن وقف صادرات النفط اليمني. ظاهرياً، يتم تصوير الحضور والتواجد الأمريكي، والغربي بشكل عام، في حضرموت على أنه يرتبط بتقديم الدعم العسكري النوعي لقوات التحالف بقيادة السعودية، المتمركزة في المحافظات اليمنية الشرقية بحُجة دعم قوات مكافحة الإرهاب، لكن معطيات الواقع تكشف حقيقة هذا التحرك الأمريكي، الذي لا يخرج عن الأطماع الأمريكية الأوروبية في هذه المحافظات، والتي تسارعت وتيرتها مع تزايد الطلب العالمي على النفط والغاز، كون محافظة حضرموت إلى جانب محافظتي شبوة ومارب، (ما يعرف بالمثلث النفطي)، هي مصدر النفط والغاز في اليمن. وبالنظر إلى تزامن زيارة السفير الأمريكي إلى حضرموت ولقائه قيادة السلطة المحلية المعينة من الحكومة الموالية للتحالف، مع توقف صادرات النفط اليمني، إثر تهديدات صنعاء، الرافضة لتواصل أعمال إنتاج وتصدير النفط، بدون أن ترجع عائداته لصالح الشعب اليمني وفي المقدمة صرف مرتبات الموظفين ومعاشات المتقاعدين، فإن هذه الزيارة التي تعكس كما أسلفنا انزعاجاً أمريكياً حيال توقف صادرات النفط، تفتح المجال واسعاً للتساؤلات حول الباعث الحقيقي لهذا الانزعاج، خصوصاً إذا ما أدركنا أن ما هو معلن من حجم الصادرات النفطية قد لا يبدو كافياً لهذا الانزعاج، الأمر الذي يقود إلى تساؤل آخر، يتعلق بالغموض الذي يكتنف الحجم الفعلي لصادرات النفط اليمني، في ظل إصرار الحكومة الموالية للتحالف على عدم الإفصاح عن الرقم الفعلي للإنتاج اليومي من النفط الخام اليمني. ورغم ما تشير إليه هذه الزيارة من انزعاج واشنطن من فرض صنعاء لوقف عمليات إنتاج وتصدير النفط اليمني، فإنها تأتي في سياق المخططات والتدخلات الأمريكية في اليمن، والتي تعود لعدة عقود، وإن كانت قد نشطت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث أن هذه الزيارة هي الثانية من نوعها للسفير الأمريكي إلى محافظة حضرموت، خلال أقل من نصف عام، حيث كانت الزيارة الأولى منتصف العام الجاري، عقب تعيين فايغن في منصبه، الأمر الذي يعكس تصاعد وتيرة التحركات الأمريكية في اليمن، وتركيزها على المحافظات الشرقية من البلاد بشكل خاص.