YNP:لماذا على قوى التحالف المسارعة في إنهاء حربها وحصارها على اليمن؟
تزامناً مع دخول حرب التحالف على اليمن عامها التاسع، فإن المشهد لا يبدو ضبابياً لنتائج الحرب بالنسبة لقوى التحالف التي فقدت توازنها منذ وقت مبكر، جراء الصمود الأسطوري الذي حققته صنعاء وقواتها في مواجهة أكثر من 17 دولة من كبرى القوى الدولية، وما نفذته من عمليات وضربات عسكرية موجعه على إمتداد ميادين المواجهة المباشرة في الداخل اليمني إلى عمق قطبي التحالف السعودي الإماراتي، حسمت المعركة المفتوحة لصالحها قبل إعلان صافرة النهاية.
بالتأكيد، لسنا هنا في صدد سرد الإنتصارات التي حققتها وراكمتها قوات صنعاء طوال الثمانية الأعوام الماضية، لأنها باتت واقعاً جلياً يعكسها موقعها وحضورها الواسع والمميز اليوم في خارطة المعركة، وعلى ساحة التوازنات العسكرية والسياسية في المعادلة اليمنية التي فرضتها بندقية صنعاء، على ركام مشاريع ومنجزرات قوى التحالف السعودي الإماراتي، وفصائلها التي فشلت لأعوام طويلة في تسلق تبة صغيرة ضمن نقاط الإشتباك التي حددتها على واقع المواجهة.
بالتالي، فإن ما يجب التركيز عليه اليوم، هو طبيعة المرحلة القادمة على مختلف السيناريوهات.. حيث تشير التوقعات والمعطيات القائمة في المشهد، إلى إقتراب طي مرحلة التحالف في اليمن، وليس بالضرورة أن يكون تحقيق هذا الأمر حصراً على طاولة المفاوضات؛ بل أنه مطروح على الخيارين السياسي والعسكري. فصنعاء متمسكة بشروطها لتحقيق السلام من البوابة السياسية، وتمتلك المؤهلات لتحقيقها عسكرياً أيضاً، إذا ما استمرت قوى التحالف في المماطلة بتنفيذ تلك المطالب والشروط على طاولة المفاوضات.
وهذا ما أشار إليه قائد أنصار الله في اليمن، عبدالملك الحوثي، في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الثامنة للحرب على اليمن، والذي أكد عدم قبولهم باستمرار الحرب والحصار المفروض على البلد، وحالة ما بين الحرب والسلم التي يسعى التحالف لتكريسها في المرحلة الحالية، مشيراً إلى أن طريق السلام الوحيد هو” بإيقاف العدوان والحصار وإنهاء الاحتلال وإعادة الإعمار وتعويض الأضرار واستكمال عملية تبادل الأسرى”.
الحوثي أعلن في خطابه، أنهم قادمون في العام التاسع بجيش كبير يمتلك خبرة عالية، وترسانة صاروخية فتاكة بعيدة المدى دقيقة الإصابة قوية التدمير تطال كل المنشآت الحيوية في عمق دول التحالف، كما أعلن عن امتلاكهم طائرات مسيّرة تتجاوز كل الدفاعات الجوية، وكذلك قدرات بحرية تطال كل هدف في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي وكافة الجزر. الأمر الذي يعكس أننا سنكون أمام مرحلة مختلفة ونوعية، وبالغة في التأثير لمعركة حسم، تم ترجمتها عملياً على الواقع، من خلال المناورات والعروض العسكرية المهيبة الأخيرة.
ما جاء به السيد الحوثي في خطابه الأخير، يضع النقاط على الحروف للمشهد السياسي والعسكري في اليمن، ويمهد لطبيعة المرحلة القادمة وفق ما تريده صنعاء، وليس وفق ما تريده قوى التحالف السعودي الإماراتي ومن خلفها الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإسرائيلي. والإعلان عن هذا التطور النوعي في العتاد العسكري والحربي وخاصةً في ما يتعلق بالأسلحة البحرية، فإنه يدشن لمعركة واسعة مع قوى التحالف إذا ما استمرت في حربها وحصارها، بما فيها المعركة البحرية التي ستشكل تحولاً نوعياً وجذرياً لصالح صنعاء وفق ما يؤكده خبراء الحرب والسياسة. وهذا ما تعكسه أيضاً الزيارة المفاجئة لوزير دفاع صنعاء اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، الذي أطل من تخوم جيزان، متوعداً برد مزلزل وحاسم على أي تصعيد للتحالف، ومجدداً التأكيد على رحيل قوى التحالف من اليمن سلماً أو تنكيلاً.
من يعرف التحالف وفصائله وما يعيشه من حالة إضطرابات وأزمات وانقسامات حادة، في ظل مسلسل الهزيمة والعجز عن مواجهة خيارات صنعاء طوال السنوات الماضية، سيدرك أن التحالف سيلفظ أنفاسه الأخيرة هذا العام لا محالة؛ فلا نعتقد أن السعودية والإمارات التي حشدت كل مخططات وأموال وأسلحة الأرض لإخضاع صنعاء وفشلت؛ قادرة على الصمود أو خوض مرحلة جديدة من الحرب المباشرة، وهي عاجزة عن التصدي لطائرة مسيّرة واحدة أطلقتها صنعاء، ونسفت مختلف جنسيات الدفاعات الجوية المنتشرة في عمقها الإستراتيجي.
لذلك، فإننا نستلخص من واقع التحالف المتهالك، ملامح لهزيمة كبرى وفادحة في انتظاره إذا أصر على المراوغة والدخول في معركة جديدة باتت محسومة لصالح صنعاء، بمعالمها الواضحة والجلية وبمعطيات وحسابات الحرب والسياسة. بالتالي فإن لا خيارات أمام قوى التحالف، سوى التسليم بحقيقة الهزيمة التي تحمّلها على كاهل أدواتها ووكلائها المحليين، والذهاب لإنهاء حربها وحصارها الجائر على اليمنيين، والإنخراط فوراً في عملية سلام حقيقية وتنفيذ مطالب صنعاء؛ أو الإنتظار للهلاك المحتوم خلال معركة أخيرة وقاصمة، يبدو أنها لن تكتفي بطردها من اليمن، بل بإعادة تشكيل الخارطة في المنطقة.
YNP _ حلمي الكمالي :