كيف عملت أمريكا على استقطاب قيادات الثورة الشبابية في عام 2011م؟

 

خاص ـ جميل الحاج

أثبتت المخابرات اليمنية قدرة عالية على اختراق شبكات التجسس الأمريكية والإسرائيلية التي كانت تعمل داخل صنعاء لصالح واشنطن. خلال تحقيقات مكثفة وعمليات استخباراتية دقيقة، تمكنت الأجهزة الأمنية اليمنية من تفكيك خلية تجسس معقدة كانت تعمل لصالح الولايات المتحدة و(إسرائيل). هذه الخلية كشفت النقاب عن أدوار خطيرة تهدف إلى ضرب استقرار اليمن واستهداف ثورته الشبابية في عام 2011.

الاعترافات التي أدلى بها أعضاء خلية التجسس كشفت جوانب خطيرة من الاستهداف الأمريكي المباشر للثورة الشبابية. عملت الولايات المتحدة على استقطاب القيادات في تلك الثورة وتقديم الدعم المادي والسياسي لهم، وذلك بهدف السيطرة على القرار السياسي في اليمن وإبقاء الوضع تحت هيمنتها. كان الهدف من هذه التدخلات هو إضعاف الإرادة الشعبية والسيطرة على مسار التغيير بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.

ومن خلال هذه الاعترافات، بات واضحاً الدور التخريبي الذي لعبه حزب الإصلاح خلال وبعد الثورة. أظهر التحقيق أن الولايات المتحدة كانت تراهن على حزب الإصلاح كوسيلة لتقسيم المجتمع اليمني وتقويض الثورة من الداخل. دعم حزب الإصلاح كان جزءاً من استراتيجية واشنطن لتدمير البنية الاجتماعية والسياسية لليمن من خلال المبادرات الخليجية التي هدفت إلى تفتيت اليمن وضمان استمرار التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية.

خلية التجسس كانت تستخدم أعضاء حزب الإصلاح كأذرع أساسية لواشنطن داخل اليمن، مما جعل الحزب جزءاً من المخطط الأمريكي والإسرائيلي للسيطرة على البلاد. الاعترافات كشفت بوضوح عن مدى التورط الأمريكي والإسرائيلي في الشأن اليمني عبر هذا الحزب، وأظهرت كيف كانت القوى الخارجية تسعى لتفتيت اليمن من الداخل.

هذه الإنجازات الاستخباراتية تعتبر نصراً كبيراً لليمن، إذ تمكنت الأجهزة الأمنية من فضح مخططات القوى الأجنبية وإفشال محاولاتها المستمرة في السيطرة على القرار الوطني. كما أظهرت الاعترافات أهمية الحفاظ على وحدة اليمن في مواجهة المؤامرات الخارجية التي تستهدف استقراره.

 

 التدخل الأمريكي عبر قيادات المكونات الشبابية

اعترافات الجاسوس شائف الهمداني تسلط الضوء على دور الولايات المتحدة الأمريكية في استهداف الثورة الشبابية اليمنية لعام 2011. في اعترافاته، كشف الهمداني عن التدخل الأمريكي الذي جاء من خلال السفارة الأمريكية ووكالاتها المختلفة، بما في ذلك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. كانت هذه التدخلات تستهدف السيطرة على القرار السياسي اليمني من خلال دعم قيادات بارزة في المكونات الشبابية، بهدف تمكين شخصيات معينة للوصول إلى مواقع صنع القرار بما يخدم المصالح الأمريكية.

ومن بين الشخصيات التي أشار إليها الهمداني، كانت توكل كرمان، التي تلقت دعماً خفياً من السفارة الأمريكية عبر برامج مثل برنامج الزائر الدولي. كما ذكر أسماء أخرى مثل حسام الشرجبي، وأفراح الزوبة، وأسامة الرعيني، الذين لعبوا أدواراً بارزة في أوساط الشباب وتم تحفيزهم من السفارة الأمريكية للسيطرة على مسار الثورة.

ويؤكد الهمداني أن هذا الدعم لم يكن مجرد مبادرة ديمقراطية، بل كان جزءاً من استراتيجية أمريكية لإبقاء اليمن تحت السيطرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكان التركيز على الشباب، الذين يشكلون الشريحة الأكبر من المجتمع اليمني، جزءاً من تلك الخطة لإيجاد نفوذ طويل الأمد يخدم المصالح الأمريكية.

كما أشار إلى أن الشخصيات التي وصلت إلى مناصب بارزة بعد الثورة، مثل أسامة الرعيني وأفراح الزوبة، حققت تلك المواقع بدعم من التحركات الأمريكية. وجاء هذا الدعم كجزء من تحركات تهدف إلى توجيه الثورة الشبابية نحو خدمة المصالح الأمريكية عبر حزب التجمع اليمني للإصلاح.

ومن خلال علي محسن الأحمر، الذي أعلن انضمامه للثورة بعد انفصاله عن القوات المسلحة، عملت الولايات المتحدة على تعزيز نفوذ حزب الإصلاح وتوجيه الثورة نحو أهداف تخدمها.

 

تقسيم اليمن

اعترافات الجاسوس عبد القادر السقاف تكشف جانبًا آخر من الاستراتيجية الأمريكية في اليمن، المتمثلة في استغلال التدخلات الخارجية لخلق الصراعات والانقسامات داخل المجتمع اليمني. السقاف، الذي عمل في السفارة الأمريكية ضمن الملحقية السياسية، أوضح أن هذه التدخلات الأمريكية ساهمت بشكل كبير في زعزعة استقرار اليمن وإحداث انقسامات عميقة بين مختلف مكونات المجتمع، لا سيما بعد عام 2011.

وأشار السقاف إلى أن التدخلات الخارجية لم تقتصر على الجوانب السياسية فحسب، بل امتدت إلى خلق انقسامات داخل الأحزاب، مثل حزب المؤتمر الذي كان الحزب الحاكم آنذاك، والذي ساهمت التدخلات الخارجية في تمزيقه، مما أدى إلى تمهيد الطريق للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية اليمنية.

كما تحدث السقاف عن “المبادرة الخليجية”، التي قادتها السعودية بدعم من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. هذه المبادرة، وفقًا للسقاف، لم تكن سوى أداة لزيادة الفوضى وتعميق الأزمة في اليمن، حيث أصبحت الدول الراعية لهذه المبادرة بمثابة الأطراف الموجهة للصراع. كما أن دور المبعوث الأممي، الذي كان يتم بإشراف أمريكي، ساهم في إنقاذ الحوار الوطني اليمني بطريقة تخدم المصالح الأمريكية في نهاية المطاف.

من خلال مشروع الأقاليم الذي كانت تسعى واشنطن والرياض إلى تنفيذه، اتضح أن هذه الجهود الأمريكية كانت جزءًا من مخطط أكبر يهدف إلى إعادة تشكيل اليمن بما يتماشى مع الأجندات الأمريكية في المنطقة.

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا