قراءة تحليلية في تشكيلة حكومة التغيير والبناء. ما هي المنطلقات والأسس؟!.. وأين موقع وغايات الشراكة السياسية ( 1-2)

قراءة تحليلية في تشكيلة حكومة التغيير والبناء. ما هي المنطلقات والأسس؟!.. وأين موقع وغايات الشراكة السياسية ( 1-2)

الحقيقة /قراءة وتحليل / اسامه حسن ساري

الاثنين: 8 صفر 1446هـ الموافق 12 أغسطس 2024م

قراءة في تشكيل حكومة التغيير والبناء..

الوقفة الأولى (1)

 

تمهيد:

كان لا يراد لهذا البلد النهوض..، ولا لشعبه الخير والفلاح.

لذا ومنذ السنوات الأولى لما يمسى بثورة “26 سبتمبر”، تم اخضاعه للوصاية السعودية والأمريكية، لأن قيادات الثورة آنذاك كانت موجهة خارجياً، ولم تؤكد يوماً استقلاليتها..
حتى صار اليمن حديقة خلفية للنظام السعودي، وحظيرة للرعاة الأمريكيين.

وظل الحال على ما هو عليه من ذلك الحين، حتى نجاح ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر2014م، التي جوبهت من قبل الوصاة الأجانب والمستعمر الأمريكي بحرب شرسة اندلع أوارها الوحشي ليلة 25 مارس 2015م،
ولا تزال مستمرة حتى اليوم بحصارها الظالم من الخارج،

وتدميرها الممنهج لقدرات الدولة اليمنية من الداخل عبر شبكات جاسوسية منظمة وواسعة مرتبطة بالسفارة الأمريكية ومنظمات الأمم المتحدة،

وكادت تنجح في الاختراق..، وأحدثت ما أحدثت من تعطيل لبرامج التنمية والتدمير الممنهج لموارد الدولة وإبطاء القرارات الإيجابية..، لولا فضل الله تعالى وتأييده الذي أحدث يقظةً قوية لدى الشعب اليمني وأجهزته الأمنية والسياسية، التي أوقعت بأخطر تلك الشبكات ولا تزال تتعقب الخلايا المتبقية منها.

منذ عام1978م ، واستجابةً للسفارة الأمريكية، التي كانت تتدخل وتقرر في كل شأن من شؤون مؤسسات الدولة، وقرارات بنائها وفقاً للرؤية الأمريكية التي تخدم المصالح الخارجية وتعزز الانهيار المؤسسي لإضعاف مراكز قوة الدولة، وتجزئتها وإخضاعها تحت المغريات والترهيبات..، و تُضَاعِف بؤر الفساد المالي والإداري..،
استجابةً لذلك قام نظام عفاش، بتنفيذ كافة الإملاءات التي كانت تفرضها عليه السفارة الأمريكية، ووصل بمؤسسات الدولة إلى حالة خطيرة ومخيفة من التضخم الهيكلي، غير المقترن بأسس بناء صحيحة أو خطط عمل، وتبعاً لذلك لا أهداف أو غايات هناك..

وكان من أبرز تلك التحركات التدميرية للبلد، الوصول بعدد الوزارات الى 33 وزارة ، وداخل كل وزارة ما بين 7-9 قطاعات ، لكل قطاع وكيل وزارة ووكيل مساعد وما بين 6-7 إدارات عامة..،

كان التضخم، لا مبرر له، وأسهم في تعطيل المؤسسات، والتصادم بينها في الصلاحيات، وقتل الرقابة الذاتية في نفوس المسؤولين والموظفين بتثقيف خط وترويض على سلوك وممارسات وظيفية سلبية وابتزازية واستغلالية تُغِلّب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة،

وانعدام جذري للرؤية، واستهلاك رهيب للموازنة العامة للدولة بعشرات المليارات سنوياً، تحت هذه المسميات وما لازمها من بدلات ومكافآت وحوافز واختلاسات، ومشاريع وهمية، واستحداثات وظيفية مُفْرَطَة..،

حتى أن بعض المؤسسات الرسمية وصل عدد الموظفين الرسميين فيها إلى قرابة (1.500) ألف وخمسمائة موظف. ومئات المتعاقدين، بينما لا تحتاج فعلياً لإنجاز مهامها إلى أكثر من 300 موظف.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل ذهب إلى ما هو أبعد، بتفريخ عشرات الهيئات والمؤسسات التابعة لبعض الوزارات، مثل وزارات المياه والبيئة، وزارة الصحة، ووزارات التعليم الثلاث، والصناعة والتجارة ، ووزارة النفط والمعادن ، والزراعة.. وغيرها..،

وكل وزارة، لديها خطط لا تنسجم مع توجهات وخطط الأخرى، ويغيب بينها التكامل الذي يعكس مشروعاً واعياً لمفهوم بناء الدولة وتنمية البلد..،
وكل هيئة ومؤسسة، لديها تخطيط منفصلٌ عن تخطيط وزارتها. وكان كلٌّ يغرد في سرب لحاله، فتفاقم العبث والفساد المالي والإداري استنزافاً لموارد الدولة. دون أن يحقق البلد التنمية المنشودة، أو يلمس المواطن الفائدة..،

بل صاحب كل ذلك التضخم، استجابةٌ عملية من قبل نظام عفاش، للمؤامرة الصهيوأمريكية التي استهدفت بلدنا، والتي تبناها صندوق النقد الدولي، من خلال مراكمة الديون الربوية بمليارات الدولارات، وتعطيل القطاع الزراعي والانتاجي، ومضاعفة الاستهلاك المحلي وزيادة الطلب على المنتج الخارجي..،

ثم انتقالاً إلى تجريع الشعب اليمني مرارة العيش بسلسلة من القرارات المتباعدة زمنياً، تحت مسمى الإصلاحات الاقتصادية، برفع الدعم عن السلع الأساسية ك”القمح” و “المشتقات النفطية” ، ومضاعفة الأسعار، وازدياد معدل البطالة، وهبوط قيمة الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي، وشفط أمريكيٌّ سعوديٌّ شَرِهٌ للموارد السيادية والثروات العامة للبلد.

واشتهر نظام عفاش آنذاك بإدارته للبلد بالأزمات..، وتسطيح الوعي السياسي، وترهيب النشاط التنظيمي للمعارضة..،
والقائمة طويلة جداً تكتظ فيها المرارات والمآسي خلال تلك المرحلة.. لن أتطرق للمزيد من تفاصيلها حتى لا نخرج عن موضوعنا الرئيسي..

علاوةً على كل ذلك، لم يتم تحديث النظم واللوائح الإدارية الداخلية لكل مؤسسات الدولة.
وظلت تستخدم لوائح أكل عليها الدهر وشرب، بعضها صيغت قبل أربعين عاماً.

اليوم:
وضع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله”، يده على الجرح النازف للبلد..،
ولإحداث التغيير الجذري، كان لابد من الخطوة الأولى في مرحلة التغيير، والمتمثلة في تشكيل حكومة “التغيير والبناء” والتي ظهرت على النحو الذي تابعناه الليلة. ليعالج جانباً من التضخم الهيكلي للحكومة.

وستليها إن شاء الله خطوات أخرى لمعالجة مشكلة التضخم الهيكلي للدولة، على مستوى كل وزارة. وتحديث النظم واللوائح، وتطوير برامج العمل بما يخدم التطلعات العامة التي تحمي استقلال اليمن وسيادته، وتحقق له الانتصارات على المستويين العسكري والاقتصادي.

لذا من المهم أن نقف على قراءة سريعة، للتشكيلة الحكومية الجديدة “التغيير والبناء”، وما تضمنته من تعديلات وزارية، على مستوى الأفراد والمسميات لبعض الوزارات. والوزارات التي تم إلغاؤها نهائياً..،

 

قراءة تحليلية في تشكيلة حكومة التغيير والبناء..

ما هي المنطلقات والأسس؟!.. وأين موقع وغايات الشراكة السياسية

الوقفة رقم (2)

قراءة وتحليل/ أسامه حسن ساري

الملاحظ أن السيد القائد/ عبدالملك الحوثي يحفظه الله، في توجهه لمعالجة التضخم الهيكلي للحكومة، انطلق من رؤية قرآنية إسلامية لإدارة الدولة، وبنائها بما يتفق مع تشريع الله تعالى في القرآن الكريم،
و اتخذ أسساً منطقية وعلمية في تصميم الوظائف العامة للحكومة، وفق مقتضيات الضرورة العملية التي تحقق أهداف المرحلة ومتطلباتها في تصحيح الوضع الداخلي لمؤسسا الدولة، وإعادة هيكلة قطاعاتها المختلفة، وتصميم نظمها ولوائحها بأسس علمية ومنطقية حديثة
تحقق التكامل بين كافة الوظائف الوزارية،

وتتجاوز في نظم أمرها حالة الفوضى السائدة،

وتبني هياكلها بما يلبي الحاجة العملية في تنفيذ مهامها المرسومة لتواكب المراحل والمتغيرات،
وتحفظ لهذا الهيكل الوظيفي مرونته الفائقة في تحقيق استجابة عملية ملائمة لأي متغيرات قد تحدث.

بالتالي في التصميم الجديد لوظائف الدولة وهيكلة الحكومة، غاب المفهوم السلبي السائد في بؤر الفساد الإداري التي نمّاها النظام السابق،
من حيث تفصيل المناصب والوظائف العامة على مقاسات الأشخاص أو التنظيمات الحزبية ووفق اعتباراتهم الشخصية ومصالحهم الضيّقة.

بل الملاحظ أن تصميم هيكل الحكومة الجديد، قد استوعب قيم الشراكة السياسية،
وأخضع هذه التشكيلة لدراسة مشتركة،
ومشاورات
وأخذ و ردّ وصولاً إلى استجابة واعية من قبل الشركاء في تسمية من يمثلهم، أو التوافق على شخصيات وطنية عملية ونزيهة وذات كفاءة عالية بعيداً عن التصنيف وفق الهويات السياسية والانتماءات الضيقة، بل تغليب المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الأخرى.

والملاحظ في تشكيلة حكومة البناء والتغيير، مراعاتها لمبادئ التنظيم الوظيفي الذي ونظرياته العلمية الجامعية، والتي تحملها مخرجات التعليم كثقافة علمية إدارية،

إذ ستلمس المخرجات ثمرة وعيها، في واقعها العملي، غير متناقض مع تحصيلها العلمي، مما يعزز لديها الثقة بجدية وقوة التوجّه لإحداث التغيير الجذري الفعّال.

كون الخطوات الأولى في المعالجات كانت مبنية على أسس علمية دقيقة ، ومضبوطة بضابط التقوى والوعي القرآني السليم.

**********

وكان من أبرز ما لاحظته في تشكيلة حكومة التغيير:

– اتجاه تصميمها الوظيفي إلى قصر خط الصلاحيات بين قمة الهرم التنظيمي وقاعدته
– بما يساعد على تخفيض حلقات الاتصال،

– ويحقق القدرة والفاعلية في وحدة الأمر والإشراف، لمنع الارتباك في تلقي الأوامر من جهات متعددة،

– وذلك يساعد على اتخاذ القرار السليم،

– ويعزز فاعلية العملية التوجيهية بعيداً عن العشوائية والقنوات المتعددة للتوجيه الوظيفي،
– ويسهم في تسهيل متابعة تنفيذ القرار والمخططات والبرامج ،
– وتحقيق القدرة الرقابية الصارمة والدقيقة على هذه العملية.

وتأتي فكرة دمج بعض الوزارات،
من منطلق الالتزام بمبدأ التجانس والتخصص،
بحيث تم تجميع الاعمال المتجانسة وفقاً لأسس منطقية،

تسهم في تلافي الازدواج والتعارض والاختلاف

ويسمح بتخفيض الجهود المطلوبة
وتقليل تكلفة العمل،
ويساعد على إيجاد كفاءات تخصصية.

لوحظ ذلك في دمج وزارات التعليم الثلاث “التعليم العالي، والتعليم الفني، والتربية والتعليم” في وزارة واحدة بمسمى شامل “وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي”. ودمج حقوق الإنسان مع وزارة العدل، والصحة مع البيئة، والثقافة مع السياحة…الخ.
وسنأتي للحديث باختصار عن كل مسمى وعمليات دمج للمتجانسات.

يتبع الفقرة رقم (3) من التحليل..

ويتناول مسمى كل وزارة ، ووزير.. ويسلط الضوء قدر الإمكان على الأبعاد والتوقعات لما هو آتٍ من بدائل للوزارة التي تم حذفها نهائياً من الهيكل الوظيفي للحكومة..

قد يعجبك ايضا