اختراق المسيرة “يافا” لقلب تل أبيب“ ..إسرائيل” لم تتنفس الصعداء بعد .. ماذا بعد العدوان الصهيوني على اليمن- الإصبع على الزناد

الإصبع على الزناد.. ماذا بعد العدوان الصهيوني على اليمن؟

لم تتنفس “إسرائيل” الصعداء بعد حادثة اختراق المسيرة الحوثية “يافا” لقلب تل أبيب، حتى قامت بالرد الذي اعتبر متهورًا وغير مُجدٍ رغم حجمه الكارثي.

فقد استهدف سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي ميناء الحديدة في اليمن باستعمال عشرين طائرة قطعت مسافة 1800 كم، منها طائرات ف 16 التي زودت بالوقود في الجو وطائرات ف 35 القادرة على استئناف رحلتها دون توقف وبالتالي قصف الأهداف عن بعد.

وأدت هذه العملية التي استهدفت منشآت مدنية ضمن البنى التحتية في محافظة الحديدة، إلى ارتقاء ستة شهداء و83 جريحًا وثلاثة مفقودين، حسبما أفادت وزارة الصحة اليمنية في صنعاء.

ومن جراء القصف الإسرائيلي، اشتعلت النيران بخزانات النفط في الميناء حيث تعالت ألسنة اللهب -التي أبهج تصاعدها قلب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت- في حريق هائل مشهود، وتم تدمير محطة الكهرباء التي تبعد عن الميناء بعدة أميال.

إنّه مصاب لا يمكن التقليل من آثاره السلبية على اليمن الذي لم يتعاف بعد من نتائج ما يسمى بـ “عاصفة الحزم”، المدعومة من قبل التحالف الذي يضم القيادة الأمريكية الوسطى.

لا بل إن هذا الهجوم الإجرامي من شأنه أن يكشف مدى تهور الاحتلال الإسرائيلي، وتسرعه في اتخاذ القرارات لمجرد أن نتنياهو يبحث عن نصر وهمي للتسويق الداخلي من أجل استعادة ثقة الجماهير الإسرائيلية بسياسته الخرقاء، حينما يعلم بأن الرد اليمني بالمسيّرات المتطورة التي يصعب رصدها، قادم لا محالة وباعتراف القادة العسكريين، رغم ثبوت عجز الرادارات الإسرائيلية التي تغطي سماء فلسطين المحتلة، عن رصد أهداف “أجسام” صغيرة بمواصفات المسيّرة “يافا” التي تجاوزت كل أجهزة الرصد الإسرائيلية وتمكنت من إصابة هدفها في قلب تل أبيب، دون اعتراض.

هذه فضيحة أمنية، ومن شأنها أن تُفَرِّغَ العملية الإسرائيلية في الحديدة من محتواها الرادع، لتتحول إلى مجرد عملية إجرامية استهدفت منشآت مدنية، كونها ستقف عاجزة أمام ردع القوات اليمنية من استئناف عملياتها في البحر الأحمر والعمق الإسرائيلي، والمرتبطة إستراتيجيًّا بحرب الإبادة على غزّة وليس في إطار قواعد اشتباك مستقلة عن عمليات وحدة الساحات المؤازرة للمقاومة في القطاع.

وتأكيدًا على ذلك، فقد أعلنت جماعة أنصار الله اليمنية أنها نفذت الأحد الماضي عملية عسكرية “نوعية” في إيلات ردًّا على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مدينة الحديدة، وتوعدت الاحتلال الإسرائيلي بـ”رد عظيم”، مؤكدة في الوقت نفسه أنها أصابت سفينة أميركية في البحر الأحمر، أي أن مبدأ الردع الذي مثل غاية العملية الإسرائيلية لم يتحقق على أرض الواقع.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في مؤتمر صحافي بصنعاء في وقتٍ سابق: إنّ قوات الجماعة نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت منطقة حيوية في أم الرشراش (إيلات)، مشيرًا إلى استعمال صواريخ باليستية في العملية.

وأضاف سريعًا أن الرد على العدوان الإسرائيلي على اليمن قادم لا محالة وسيكون عظيمًا، مؤكدًّا أن العمليات العسكرية للحوثيين لن تتوقف إلا بتوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ويأتي ذلك وسط حالة من الخوف والترقب في الشارع الإسرائيلي بعد الغارات التي نفذها “جيش” الاحتلال ضد أهداف في اليمن.

وهو ما أكدته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية نقلاً عن مصادر صرحت بأن سلاح الجو والبحرية الإسرائيليين عززا استنفارهما تحسباً لرد محتمل من اليمن عقب قصف استهدف مدينة الحديدة اليمنية.

وتصبح الكرة الآن في ملعب نتنياهو الذي يشعل النيران في الشرق الأوسط دون رادع، بهدف إطالة أمد الحرب الشعواء التي يشنها ضد الأبرياء والعزل في قطاع غزّة، وذلك حرصًا على حكومته غير المستقرة والتي تمثل بالنسبة له صمام الأمان إزاء ما ينتظره من قضايا.

أما على صعيد وحدة الساحات، فقد أصدر حزب الله اللبناني بيانًا أكّد فيه أن خطوة الاحتلال الإسرائيلي “الحمقاء” بقصف اليمن إيذان بمرحلة ‏جديدة ‏وخطيرة من المواجهة بالمنطقة برمتها.

من جهته وفي مداخلة تلفزيونية له جرت في وقتٍ سابق، قال نتنياهو: “لدي رسالة لأعداء “إسرائيل”: لا تخطئوا.. سندافع عن أنفسنا بكل الوسائل، على كل الجبهات، أي طرف يهاجمنا سيدفع ثمنًا باهظًا جدًّا لعدوانه”.

لكنه لم يشر إلى حقيقة أن “جيش” الاحتلال الذي تقهقر في غزة لا يقوى على تأمين المصداقية لهذه التهديدات الجوفاء.

خلاصة القول: إنّ نتنياهو ابتغى من وراء هذه العملية توجيه عدة رسائل، فعلى صعيد داخلي يراد منها إقناع الشارع الإسرائيلي والمعارضة بجدوى سياسته القائمة على أهداف باتت في نظر الإسرائيليين خرقاء، ما دامت تتجاوز التوصل إلى اتفاق مع حماس يؤمن إطلاق سراح الأسرى.

وعلى صعيد خارجي كي يُقنع الأمريكيين أولاً بأن الحرب على غزة هي حرب إيرانية إسرائيلية لجر الأمريكيين إلى لب الصراع كما يتمنى نتنياهو.. وكي يؤكد -ثانياً- لمحور المقاومة أن “إسرائيل” قادرة على الردع.

إنه خطاب من يشعر بعدم اليقين في عالم يلفظه ويتهمه داخلياً بـ “الخائن” وخارجيا بـ “مجرم الحرب”.

 

بكر السباتين - كاتب وباحث أردني

بكر السباتين – كاتب وباحث أردني

قد يعجبك ايضا