ما يَسْتَوِي البَحْران!!!! بـقـلــم/صـلاح الـرمـام: “طوفان الأقصى”

إنّ التفاف اليمنيين حول قيادتهم الثورية مُمثلة في سماحة السيد القائد /عبدالملك بدر الدين الحوثي ( حفظه الله) من بداية الأيام الاولى للثورة اليمنية التي تكللت بالنجاح في الـ 21 من سبتمبر من العام 2014م باسقاط نظام العمالة في صنعاء حينها الذي كان يعمل لصالح دول الغرب إلى، والتفافهم حول قضيتهم المركزية منذ سنوات، والعمل يداً واحدة في مُواجهة التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي على شعبنا اليمني العظيم منذُ ثمان سنوات يُبرهنان بشكل واضح على أنه لا توجد قوّة في العالم تستطيع أن تُغيّر الحقّ  ليُصبح باطلاً ولا أن تُغيّر الباطل ليُصبح حقاً، مهما اشتدّت المُعاناة وطال أمدها.، من أواخر القرن الماضي الى اليوم، شنّت الدوائر الغربية والإعلام الغربي المُسخّر لها حملات مدروسة ومُركّزة لخلط المفاهيم والقيم في أذهان الناس، بحيث يُصبح الصحّ والخطأ مُجرّد وجهتي نظر، فيفقد الصحّ مكانته، ويعتلي الخطأ أيّ مكانة يُجادل بها ويتمسّك بأحقّيتها.، وتعرّضت هذه الدوائر في هذا المجال لمفاهيم أساسية، مثل الجهاد والانتماء والتضحية والهوية والأعراف الاجتماعية النبيلة التي توارثتها الشعوب، وكان كلّ ذلك تحت غطاء حقّ الفرد في الحياة والسعادة بعيداً ممّا يعتري وطنه أو أمته أو أهله أو مجتمعه؛ فحقّ الفرد مُقدس، بحسب هذه المفاهيم، ويجب أن يكون فوق كلّ اعتبار، فما ذنب مواطن إذا ابتُلي وطنه بحرب أو مصيبة؟ فمن حقّه الطبيعي أن يبحث عن خلاصه الفرديّ! وفي هذا الإطار، تمّ تسفيه قيم الجهاد والمُقاومة والتضحية والنُبل والشهادة والغيريّة والإيثار لتحلّ محلّها قيم فردية ماديّة حسيّة مؤقّته لا علاقة لها بالروح والوجدان.،
ومن ضمن المفاهيم المُستحدثة أنهم أطلقوا صفة “مُعارض” على من يخون وطنه وتاريخه ويسير في ركابهم ضدّ أبناء جلدته وضدّ أرضه التي أنبتته، واستخدموا من أجل غرس هذه المفاهيم الجديدة وسائل إعلامية حديثة لا تُبقي ولا تذر، وتصل إلى كلّ الشرائح والأعمار، وتغزو العقول والقلوب بكلّ الوسائل المُمكنة.، يُساعدهم في ذلك وَهْم احتفظت به الشعوب المُستعمَرَة بأنّ الدول التي استعمرتهم هي الدول الحضارية والمُتقدمة والمؤمنة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتمسوا من أجل تنفيذ كلّ ذلك ضعاف النفوس على مُستويات مُختلفة، وجنّدوهم بالترغيب والترهيب ضدّ كلّ ما نشأوا عليه من قيم وطنية وثقافية صالحة، وكانت القوّة هُنا أو هُناك الرادع بعدم التراجع، وأنّ هذا الممرّ إجباري للجميع، وأنّ أوائل السائرين فيه هم الذين سيحظون بثماره الوفيرة.
وللأسف الشديد، فقد كان للعالم العربي حصّة كبيرة جداً من هذا المسعى ضدّ لُغتهم الثرية وثقافتهم العريقة وحضارتهم المُتجذّرة في أعماق الأرض وفنونهم ومُخترعاتهم التي أهدوها للبشرية، فأصبح بعضهم كأنه خالي الوفاض، ينتظر من يلتقطه على أوّل محطّة في طريق تائه.، ولأنّ لدى العرب الشيء الكثير من خيرات وتاريخ وإرادة وعوامل للنجاح والتفوق، فقد تركّزت الجهود على تدمير البلدان العربية الواحد تلو الآخر تحت مُسمى الربيع العربي الذي كان بداية الطريق إلى شرق اوسط جديد، مع نشر الدعايات عن أنّ المُنقذ في هذه المنطقة أمنياً ومعرفياً هو البيت الأبيض والعدوّ الصهيوني ولا أحد سواهم، وبدأوا بالنيل من مفهوم وجدوى الشهادة والمُقاومة.، أن ما يحدث اليوم في قطاع غزة يُعتبر هو الابشع على مستوى العالم حيث تم قتل وجرح عشرات الآلاف من الأبرياء في غزة من الأطفال والنساء بدون أي حق في حرب إبادة جماعية لم تستثني أي حُرمة لأي شيء في قطاع غزة، ولكنّ الأبشع من ذلك هو أنّ تلك الدول الغربية والأوروبية التي تدّعي كذباً الحضارة وحقوق الإنسان لم تُكلّف نفسها عناء إدانة جرئم الكيان الصهيوني بحق سكان غزة، لأنهم هم مُرتكبو هذه الجرائم ومن يقف خلفها مع أدواتهم من الخونة والإرهابيين، وهذا يُبرهن للمرة الألف أنه ليست هُناك أي حضارة غربية، بل هُناك قتل وتدمير للشعوب ونهب لثرواتها واستعبادها ومحاولة استعمارها من جديد، وذلك هو مسارهم منذُ اكتشاف أميركا، مع تضخيم إعلامي لا أساس له عن حرصهم على الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية.، لقد عانى الشعب الفلسطيني المظلوم على مدى أكثر من 75 عاماً اشد انواع الظلم والتنكيل من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، تم خلالها تهجير الملايين من سكان فلسطين وقتل مئات الآلاف من الفلسطينيين وجرح الآلاف وتم مُصادرة مُعظم الاراضي الفلسطينية لصالح بناء المستوطنات الإسرائيلية، إضافة إلى الزج بعشرات الآلاف من الفلسطينيين دخل السجون الإسرائيلية

وداخل تلك الزنزانات الإسرائيلية تعرض الأسرى الفلسطينيين لاقسى انواع التعذيب وأشدّ التنكّيل، ولم يتدخل أحد لنصرة الشعب الفلسطيني، ولم يتوقف الكيان الصهيوني عن هذه المُمارسات القذرة، إلى أن استيقظت حكومة الاحتلال الإسرائيلي وعصابات الاستيطان على حركة مُدوّية ومُجلجلة للفلسطينيين الأبطال الذين قرّروا الرّد والانتقام لشُهدائهم وأسراهم، في الـ 7 من اكتوبر مهما كلّف ذلك من ثمن.، ما شاهدناه خلال عملية طوفان الأقصى يُعتبر مُعجزة أخرى في اختراق العدوّ في مستوطناته، من قبل مُقاومة مُحاصرة لسنوات براً وبحراً وجواً، فما هو هذا النمر الورقي الذي يتهافت الآخرون للتطبيع معه وخطب ودّه؟ وما هي هذه المُقدرات التي يبدو أنها موجودة في كتاباتهم وإعلامهم وترويجهم فقط، وليس على أرض الواقع؟ لذلك، إنّ الله عزّ وجلّ بشّر الصابرين المؤمنين بالله وبقضاياهم المُحقّة والعادلة بالنصر والغلبة على الظالم مهما امتلك من قوة.، لذا يجب أن يتمّ تنقية المفاهيم من كلّ وهن أو ضعف مدسوس إليها قصداً، كما يجب أن نستفيد من عملية طوفان الأقصى، بحيث يتمّ استثمار التضحيات السخيّة خير استثمار، كي تنعكس خيراً وعطاءً للشعب المُضحّي في قادم الأيام.، لا رهان بعد اليوم لا على الزعماء العرب ولا على حكومات الغرب الذي لم يقوموا بإدانة أبشع جريمة في هذا القرن ارتكبها الإرهاب الصهيوني في قطاع غزة، بل قاموا بإعلان الدعم والتأييد للمستوطنين والنازيين والعُنصريين الصهاينة ضدّ شعب يُدافع عن دينه وأرضه وحقوقه.، ومن واجبنا من الآن فصاعداً أن نُنقي مفاهيمنا ولغتنا وثقافتنا من كلّ ما دخل عليها من إنتاجهم بهدف إضعافنا وتفرقتنا واستعبادنا، ولنكنْ على يقين بأنّ الغرب كالكيان الصهيوني لا يصمُد أمام المُجاهدين وأمام الحقائق والتضحيات والتجذّر في الأرض والإيمان والأخلاق، ولنرفعْ صوتنا عالياً في الدفاع عن الطفولة والأسرة والقيم المُجتمعية التي نؤمن بها، ولنعلمْ أننا على حقّ، وأنّ ما يروّج له إعلامهم على مدى عقود ما هو إلا جُملة من الأكاذيب المُعلبة لتوهم الآخرين بقوتهم وتفتح لهم الأبواب السهلة لاستعباد الشعوب ونهب مُقدراتها ومُصادرة مُستقبل أبنائها.، أن موقف الشعب اليمني الثورية والسياسية تجاه الشعب الفلسطيني المظلوم كانت واضحة وصريحة قبل عملية طوفان الأقصى إلا أنها تطورت أكثر بعد العملية نظراً للتطورات الميدانية في قطاع غزة، لتبدأ من اطلاق عدة عمليات عسكرية صاروخية ومُسيرة تجاه أهداف حساسة وحيوية في عُمق الكيان الصهيوني في الاراضي الفلسطينية المُحتلة، تبعها قيام القوات البحرية اليمنية التابعة لحكومة صنعاء بإلقاء القبض على السفينة الإسرائيلية ”غالاكسي ليدر“ قُبالة سواحل الحديدة، يأتي ذلك في إطار العمليات النوعية للجيش اليمني ضد الكيان الصهيوني، والذي كان اعلن عنها الجيش اليمني قائلاً أنها سوف تتواصل وتستمر بوتيرة أعلى في البحر ضد السُفن الإسرائيلية، ولن تتوقف حتى يتوقف العدوان الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة، وهُنا نقول للحكومة الإسرائيلية أن البحر الأحمر الذي يُسيطر عليه انصار الله غير البحار الذي تجوبها إسرائيل عرضاً وطولاً على مستوى العالم، وقد اصبح من بِدأ عملية طوفان الأقصى مُحرماً على سفن الكيان الصهيوني ما دام العدوان على غزة قائماً، وعلى حكومة الكيان الإسرائيلي ومن يقف خلفها أن يعرفوا أن البحر الأحمر الخاضع لسيطرة صنعاء ليس كأي بحر من البحار التي يخضع لسيطرة الدول العميلة والمُطبعة وليعلموا من اليوم  فصاعداً المعنى الحقيقي  لهذه العبارة “ما يَسْتَوِي البَحْرانِ”

قد يعجبك ايضا