بالأرقام :المقاومة الإسلامية في لبنان توثّق خسائر الاحتلال الإسرائيلي خلال 45 يوماً: لماذا يتكتّم العدو على خسائره؟

إحصاء المقاومة أكّد أنّ خسائر العدو البشرية خلال 45 يوماً من العمليات بلغت 354 جندياً إسرائيلياً بين قتيل وجريح، حيث يحاول الاحتلال التعتيم عليها، كما أكّد استهداف 21 آلية للاحتلال منها دبابات ميركافا ومدرعات وآليات نقل جند وتنقل.

نشر الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، الحصيلة الإجمالية لخسائر الاحتلال الإسرائيلي في العمليات التي شنها المقاومون على مواقعه ومنشآته وتموضعاته على الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة، خلال شهر ونصف الشهر من المواجهات الصاروخية المباشرة والقصف بالصواريخ والمسيرات والأسلحة المتوسطة.

وأكّد إحصاء المقاومة أنّ خسائر العدو البشرية خلال 45 يوماً من العمليات بلغت 354 جندياً إسرائيلياً بين قتيل وجريح، كما أكّد استهداف 21 آلية للاحتلال منها دبابات ميركافا ومدرعات وآليات نقل جند وتنقل.

وتمّ خلال هذه المدة الممتدة من 08/10/2023، أي اليوم الثاني لعملية “طوفان الأقصى” والأول لبدء العدوان الإسرائيلي على غزة، إلى 22/11/2023، استهداف ما يصل إلى 40 موقعاً عبر أكثر من 275 استهدافاً بأسلحة مختلفة، بالإضافة إلى استهداف طال 5 مستوطنات.

كما استهدفت المقاومة بالنيران المختلفة 170 كاميرا مختلفة للرصد البصري مزروعة على الحدود، و47 راداراً من أحجام ووظائف مختلفة، و77 منظومة اتصالات، و21 نظام تشويش، بالإضافة إلى 35 منظومة استخبارات وأجهزة كهروبصرية متقدمة.

كما أشار بيان المقاومة إلى أنّ عدد تموضعات الاحتلال المستهدفة خلال هذه الفترة بلغ 12 تموضعاً، كما تمّ تأكيد إخلاء 43 مستوطنة من الشمال، وتهجير مستوطنيها الذين بلغ عددهم أكثر من 70 ألف مستوطن، انتشروا جنوباً في بعض المراكز التي استحدثت لإيوائهم في فنادق وملاعب ومساحات عامة تحوي خياماً.

كما أسقطت المقاومة، في تطور نوعي لقدراتها الدفاعية ضد الأهداف الجوية، 3 طائرات مسيرة إسرائيلية، أبرزها طائرة مسيرة من نوع هيرميز-450.

تدمير منظومات الجمع الاستخباري الإسرائيلي في الشمال

وقد علّقت وسائل إعلام إسرائيلية على قيام المقاومة الإسلامية في لبنان  باستهداف أجهزة الرصد والاستخبارات على طول الجبهة الشمالية، واصفةً نتيجة هذه الهجمات بأنها “أعادت سلاح الاستخبارات في الشمال إلى العصر الحجري”.

ولطالما اعتمد الاحتلال على هذه المنظومات للمحافظة على رصد دائم للحافة الأمامية للجبهة مع لبنان، في حالتي الهدنة والحرب، حيث كانت هذه المنظومات تلعب دوراً أساسياً في تجنّب تكثيف الانتشار البشري لقوات الاحتلال في المناطق الخطرة وبالتالي تقليل الخسائر في مواجهة المقاومة، بالإضافة إلى مراقبة المناطق الحدودية والإشراف عليها.

وقد اضطر الاحتلال لتعويض هذا النقص للاعتماد على القدرات البشرية والمسيرات، ما أدى إلى استهداف العديد من قوات الرصد الإسرائيلية من قبل المقاومين، أبرزهم ضباط في جهاز الشاباك، كما أسقط حزب الله 3 مسيرات مختلفة في سماء لبنان.

تهجير مستوطنين وفرض سيطرة بالنيران على حزام داخل الأراضي المحتلة

كما أكّد ضباط إسرائيليون أنّ “حزب الله حقق بعض الإنجازات الكبيرة على مستوى الوعي، مثل 70 ألف مستوطن تم إجلاؤهم من منازلهم على الحدود الشمالية ومئات الآلاف الذين ما زالوا مهددين بالنيران الصاروخية لحزب الله ، حتى خليج حيفا”.

ولا يقتصر الأمر على المستوطنين، إذ اضطرّ الاحتلال إلى سحب جميع تموضعات قواته العلنية إلى ما خلف الجبهة، واقتصر وجوده العسكري في الحافة الأمامية الشمالية على مراكز سرية مستحدثة بالإضافة إلى إبقاء عدد قليل من القوات في الغرف المحصنة في الثكنات والمنشآت، مع أوامر بضرورة التخفي التام عن أعين المقاومة، التي نجحت أكثر من مرة في اصطياد جنود متمركزين في أماكن اعتقدوا أنها سرية.

وفي إشارة إلى حجم الضغوطات الذي يشكله الوضع على الجبهة الشمالية، ذكرت تقارير صحافية غربية نقلاً عن مستوطنين أنّه “كان ينبغي أن تكون هذه الأوقات ذروة الموسم السياحي في مدينة طبريا، لكن بدلاً من توافد السياح، أخلى نحو 70 ألف مستوطن الحدود، وتمّ اجلاء آلاف الإسرائيليين من المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية”.

كما وصفت التقارير هذا الإخلاء بأنه “أكبر حركة للإسرائيليين منذ عقود”، إذ أدّى إلى تضخم لدى نسبة سكان طبريا بنسبة 20%، كما أصبحت منطقة الحدود الشمالية لـ”إسرائيل” فارغة، مشيرةً إلى إنهم قد لا يكونون مستعدين أبداً للعودة إلى مناطقهم.

وفي سياق القلق العميق من ردّ حزب الله المتواصل على الاحتلال، حذّر رئيس مجلس مستوطنة “شلومي” في الشمال المستوطنين من العودة إلى المستوطنة في حال هدنة مع غزة، قائلاً إنّ “لا هدنة هنا نحن في حالة حرب، لذلك لا تخاطروا وتأتوا”. 

تآكل الردع ضد المقاومة وضرب الوعي الإسرائيلي للقوة

مستوطنة قالت لشبكة “سي إن إن”: “لقد عاش الإسرائيليون حرب الأيام الستة، وحرب يوم الغفران، والغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982، والقتال مع حزب الله في عام 2006” معقبةً على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر: “لم نشعر قط بشيء بهذه القوة”، و”ليس في عام 67، ولا في عام 73، ولا في عام 82، ولا في عام 2006. هذا مستوى جديد تماماً من الخوف في الوقت الحالي”.

ويشير هذا الأمر إلى حجم التأثير الذي تركه هذا العمل العسكري الذي قامت به المقاومة على مدى الأسابيع الماضية وتبعاته المتفاقمة في صناعة وعي جديد للإسرائيليين في الشمال بأنّ جيش الاحتلال غير قادر على حمايتهم، وأنّ المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية غير آمنة، فيما كانوا من قبل يتفاخرون في السكن والعمل بالقرب من السياج مستندين إلى ما يرونه تفوقاً رادعاً لقوة الاحتلال العسكرية.

وخلال الأيام الماضية، توالت التصريحات الإسرائيلية بأنّ أزمة جديدة للاحتلال تفاقمت على الحدود الشمالية، مع انتشار قوات “الرضوان” في المقاومة الإسلامية على طول الحدود، وعجز الاحتلال عن فتح مواجهة كبيرة معها لإبعادها.

لماذا يتكتّم العدو الإسرائيلي على خسائره؟

فاطمة سلامة

تُذيّل البيانات التي تُصدرها المقاومة الإسلامية في لبنان والتي تستهدف فيها مواقع وتجمعات العدو “الإسرائيلي” بعبارة “حقّقوا فيها إصابات مباشرة”. إصابات تتنوّع بين قتلى صهاينة وجرحى وخسائر مادية. ولأنّ المشاهد الحيّة خير شاهد، غالبًا ما يتبع البيان فيديوهات مصوّرة يبثها “الإعلام الحربي”، فيديوهات تبيّن بما لا يقبل الشك تعرُّض العدو لخسائر واضحة. الأمر ذاته ينسحب على بيانات المقاومة الفلسطينية وتحديدًا حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. بشكل يومي، يجري الإعلان عن تدمير كلي أو جزئي لآليات عسكرية إسرائيلية، واستهدافات في العمق الإسرائيلي. يتبع البيانات مشاهد يبثها “الإعلام العسكري”، تبيّن كيف وقع جنود الاحتلال في مصيدة المقاومة. تبيّن شجاعة المقاوم الفلسطيني المقدام الذي يقضي على الآلية الاسرائيلية من مسافة صفر. 

هذه الاستهدافات المتواصلة للمقاومة على الجبهتين الشمالية والجنوبية تمتد منذ أكثر من شهر ونصف، ما يعني حُكمًا تراكم الخسائر لدى العدو. إلا أنّ الملاحظ أنّ ثمّة تعتيمًا واسعًا من قبل جيش الاحتلال على قتلاه وجرحاه وحتى خسائره المادية. تعتيم يُخفي معه العدو الإعلان عن خسائره الحقيقية ويكتفي بالكشف عن نسبة ضئيلة جدًا من القتلى والخسائر. الأمر الذي يعود ــ بحسب محلل الشؤون العبرية في قناة “المنار” حسن حجازي ــ الى الخوف والقلق الإسرائيلي من أن تؤثر المشاهد على “الرأي العام” الإسرائيلي فيطالب بإنهاء المعركة. 

آلاف الإصابات البشرية 

يلفت حجازي الى أنّ العدو حريص على عدم الاعتراف بخسائره حفاظًا على تماسك الجبهة الداخلية. الكشف عن الخسائر الواسعة خصوصًا في صفوف الجنود يشكّل أحد عناصر ضعف الجبهة الداخلية وتفككها. ومن هذا المنطلق، هناك حرص إسرائيلي على التكتم على الحد الأكبر من الخسائر، رغم الإفصاح عن بعض القتلى بين الحين والآخر. وهنا، يلفت المتحدّث الى أنّ حجم الخسائر على مستوى الإصابات في الجبهتين الشمالية والجنوبية بالآلاف بين جنود ومستوطنين، وهذا ما تؤكّده المعطيات التي تنشرها المستشفيات. ثمّة تقرير صدر منذ 10 أيام عن وزارة الصحة في الكيان تحدّث عن 7 آلاف جريح دخل الى مختلف المستشفيات، وبالتأكيد العدد ازداد اليوم، وهذا معطى مهم جدًا، لكن في المقابل، ثمّة حرص إسرائيلي على تغييب هذه الخسائر عن المشهد.

أضرار هائلة بالمواقع.. وتعتيم مُطلق

وفي ما يتعلق بالعتاد العسكري، يؤكّد حجازي أنّ هناك أضرارًا هائلة بالمواقع والمعدات والآلات المختلفة، لكن العدو لا يتكلم عن هذه المسألة بالمُطلق. نحن نرى الدبابات تُدمّر في قطاع غزة، لكن العدو لم يُفصح ولو لمرة واحدة عن تدمير آلية أو منشآت حدودية، لم يُفصح حتى ولو لم يعترف بسقوط قتلى. وفق حجازي، يعتبر العدو أنّ صورة الخسائر مسيئة جدًا الى صورة جيشه وتدل على أن هذا الجيش يتعرّض لضربات، لذلك، يتجنب الاحتلال هذه القضية.

وحول الأضرار المدنية المباشرة جراء القصف على المستوطنات، هناك تعتيم بشكل كامل ولا يُسمح بنشر أي مشهد داخل المستوطنات، باستثناء المشاهد القليلة التي نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويصورها مستوطنون، والتي لم نعد نراها خلال الأيام الماضية. العدو حريص على كتم أرقام القتلى كي لا تُضرب معنويات المستوطنين. وفي هذا السياق، يلفت حجازي الى أنّ الجيش الإسرائيلي حريص على أن تبقى الجبهة الداخلية متماسكة، وهو حريص في الوقت عينه على إظهار الخسائر لدى الطرف الآخر، من سقوط شهداء، جرحى، دمار، قصف وما الى هنالك. لذلك، فإنّ كل المشهد الذي نراه من الحرب في الإعلام الإسرائيلي هو مشهد الدمار في الجهة الثانية وليس في “إسرائيل”، وهذا الأمر يدل على أن هناك خوفًا كبيرًا من قبل الاحتلال من أن تؤثر المشاهد على مشروعية المعركة ومدى استمرارها.

في الجبهة الشمالية التكتم مُضاعف… 

يوضح حجازي أنّ التعتيم على الخسائر يزداد في الجبهة الشمالية حيث التكتم سيد الموقف، وخلال الأسبوعين الأخيرين توقف العدو ــ على ما يبدوــ عن الإعلان عن الخساتر نهائيًا. في أحد المواقع التي أعلنت المقاومة عن استهدافها قبل أيام اكتفى العدو بالإشارة الى الحدث دون الكشف عن أي معطيات رغم سقوط قتلى وجرحى. يعود حجازي ويكرّر أنّ التعتيم على الجبهة الشمالية أكبر مما يجري في غزة، وهذا الأمر برز مؤخرًا حيث يحاول العدو إخفاء كل المعلومات حول ما يحصل في الجبهة الشمالية رغم الخسائر الكبيرة، حيث يعمد الى تجاهل إنجازات الطرف الآخر.

يشدّد حجازي على أنّ رقابة العدو العسكرية تفرض على وسائل الاعلام أن تلتزم بشكل كامل بالتعليمات بعدم نشر أي أمر، حتى المستوطنون على وسائل التواصل الاجتماعي توقفوا عن النشر، وقد شملت التعليمات كل مجتمع الكيان، فالجميع مجنّد في هذه الحرب ولا يقدم أي معلومة تضر بصورة الكيان. وفق حجازي، الإعلام الإسرائيلي مجنّد حاليًا وهو جزء من المعركة والرواية والدعاية ولا يمكن فصله عن الجيش الإسرائيلي، كذلك مجتمع المستوطنين حيث أصبح الجميع مجموعة حربية واحدة، وجيشًا يتحرك بأشكال مختلفة. وعلى هذا الأساس، فإنّ الإعلام مجنّد بالكامل ويتعامل مع المعركة كأنها قضيته، يخلق مبرّرات الحرب، ولا يهتم بالقواعد الدولية وحقوق الإنسان والشرائع بالمطلق، ويبدو آخر همه استشهاد الأطفال، ما يدل على أننا نواجه عدوًا لا يفرق بين عسكري ومدني وطفل.

وفي الختام، يُجري حجازي مقارنة سريعة بين حرب اليوم وحرب عام 1967 بين “إسرائيل” والجيوش العربية. آنذاك، عمد العدو الى إخفاء خسائره رغم تكبده أكثر من 600 قتيل. رغم ذلك، لم يُعلن عن الخسائر والقتلى إلا بعد انتهاء الحرب. وعلى هذا الأساس، يطلب جيش الاحتلال من أهالي القتلى عدم الإعلان، حتى أنه عندما يتم تشييع جنود الاحتلال لا يُسمح بعرض صورة حامل النعش انطلاقًا من أنّ الطرف الآخر قد يستغل هذه المشهدية. لهذا المستوى يبدو الإسرائيلي حريصًا ولديه خوف من أن تضر المشاهد بصورته وبالجبهة الداخلية وتؤثر على “الرأي العام” الإسرائيلي.

قد يعجبك ايضا