زُعماء العرب وزُعماء الغرب ؟بقلم/ صلاح الرمام

يبلغ عدد الدول العربية (22 دولة) بعدد سُكان يُقدر بنحو (400 مليون نسمة) ومساحة تزيد عن ( 13 مليونًا و487 ألفًا و814 كم مربع) كما يبلغ عدد الدول الإسلامية ( 57 دولة ) هي المُنضوية تحت سقف مُنظمة التعاون الإسلامي، يبلغ عدد سُكان هذه الدول ما يزيد عن (2 مليار نسمة)،ويمتد العالم الإسلامي على مساحة (32,000,000كم)

أما عن ثروات هذه الدول فحدث ولا حرج عن حجم الثروات الضخمة الذي يقف عليها العالم الإسلامي، هذا ما تقوله الإحصاءات ويشهد به الواقع،

إذ تقف الدول الإسلامية على احتياطيات نفطية هائلة تُمثل 69 % من احتياطي النفط العالمي، 57 % من احتياطات الغاز،وتصل صادراتها من الخام النفطي إلى 40 %،كما يقف هذا العالم على ثروات طبيعية يُمكنها أن تميل الكفة لصالحه عالمياً،وبعيداً عن الثروات النفطية واحتياطات الغاز الضخمة، تقف الدول الإسلامية على تنوع في الثروات الطبيعية، حيث تمتلك مساحات كبيرة صالحة للزراعة، لا يُستغل إلا جُزءاً ضئيلاً منها، هذا غير الموارد المائية التي يتمتع بها العالم الإسلامي، كما ترقُد تحت باطنه ثروات معدنية تتجاوز ثُلث ما يمتلكه العالم،وفي مقابل ذلك هذه الدول غير قادرة على لعب دور أقوى مما هي عليه في عالم اليوم،هذا بعض ما يمتلكه العالم الإسلامي وهو يُشكل نسبة كبيرة جداً على المُستوى العالمي،إلا أننا نُشاهد اليوم شيئاً مُغايراً في أرض الواقع فكأنما هذا العدد من السُكان وهذه المساحة الكبيرة جداً وحجم الثروات الضخمة تُشكل صفر على الشمال ولا تُمثل أي نسبة في عالم اليوم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدُل على عمالة وتبعية وهرولة هذه الأنظمة نحو الغرب والذي بدوره نجح إلى حد كبير جداً في تفريق وتمزيق هذه الدول حتى أصبحت لا تُشكل أي رقم ولا تستطيع أن تتخذ أي موقف يُذكر،وعدوها لا يحسب لها أي حساب،ولا يراها إلا بنك مفتوح تُجمع فيه الأموال  لتقوم أمريكا والدول الأوروبية بأخذها واستخدامها في شن الحروب وافتعال المشاكل والأزمات ضد هذه الدول ويستفيد العدو من الأموال في السيطرة عليها واستعمارها والتحكُم في قرارها وهذا ما يُثبته الواقع ويشهد به الجميع، فها نحنُ نرى هذه الدول عاجزة تماماً عن اتخاذ موقف أين كان أمام الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني العظيم على مدى عقود وليس آخرها هذا العدوان الوحشي الذي يتعرض له أبناء غزة وهذه الحرب ليست الأولى ولن تكُون الأخيرة، وما كان هذا سيحدُث لولا عمالة زُعماء العالم الإسلامي وما كان للعدو أن يتجرأ على إبادة شعب بأكمله لولا التبعية المُطلقة للأعداء والهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، فالحرب على غزة دخل اسبوعه الثالث دون أن تستطيع هذه الدول إتخاذ أي موقف ملموس لصالح الشعب الفلسطيني، علماً بأن الطرف الآخر ” الكيان الصهيوني ” حصل على الدعم اللازم والتائييد الكامل لعدوانه على غزة من قبل أمريكا
والدول الأوروبية،

فمن اليوم الأول شاهدنا تقاطُر زُعماء الغرب يتقدمهم العجوز الخرف ” بايدن ” وزُعماء أوروبا إلى الكيان الصهيوني الغاصب لدعمه ليس بالموقف فحسب بل عبر اتخاذ مواقف عملية وملموسة على الأرض فها هي أمريكا تُحرك الاساطيل العسكرية وتقوم بإنشاء جسر جوي بين الغرب والكيان وتشكيل غُرفة عمليات لمُتابعة مُجريات الحرب عن كثب ويستطيع زعيم منهُم أن يُطلق التهديدات ويتحدى الدول الإسلامية، ويستطيع أن يتحرك بكل أمان في أي عاصمة إسلامية، ويتم استقباله بكل حفاوة، ويستطيع تحريك قواته العسكرية براً وبحراً وجواً بكل أريحية غير مُكترث ولا آبه بأكثر من مليارين مُسلم وهذا بحد ذاته يُعبر عن مُستوى الانحطاط والذُل الذي وصل إليه زُعماء العالمين العربي والإسلامي،

بينما يعجز أكثر من خمسين زعيم إسلامي من اتخاذ أبسط المواقف الداعمة لحق الفلسطينيين بالدفاع عن أنفسهم علماً أنهم أصحاب الحق المحض والقضية العادلة، بل وصل أغلب الزُعماء المُسلمين أبعد من ذلك إذ قام البعض بتأييد الكيان الصهيوني في عدونه البربري على غزة ومنع حتى المُظاهرات المُؤيدة للفلسطينيين والبعض الآخر يذهب إلى تحميل حماس وحركات المُقاومة الفلسطينية مسؤولية ما جرى كما ذهب البعض إلى اتخاذ مواقف خجولة ومُخزية تخدم الكيان الصهيوني أكثر من الفلسطينيين،

نحن لا نُطالب أي زعيم إسلامي أن يذهب إلى غزة لإعلان دعمه وتأييده لحركات المُقاومة الفلسطينية أو يقوم بتحريك ألوية عسكرية لدعم الفلسطينيين لأن هذا مُستحيل ومُستبعد ولن يحدُث إطلاقاً وأبناء فلسطين على علم أن هذا ابعد من الخيال الشيء المُعول على هذه الأنظمة أن يكونوا أحراراً في دُنياهم وهذا من المُستحيلات أيضاً وغير وارد، وأقل شيء أن يتركوا الشعوب تتحرك وتدعم إخوانهم المُحاصرين في غزة بالمال وهذا مُسبعد،أقل القليل أن لا تقف هذه الأنظمة المُنبطحة في صف الكيان الصهيوني الغاصب وهذا شيئاً من المُستحيل فالنظام الذي قام بتطبيع علاقته مع الكيان الصهيوني شريك أساسي شاء أم أبى في كل الحروب التي يشُنها الكيان سوى في فلسطين أو خارج الحدود الفلسطينية وهو مُلزم بها حسب اتفاق التطبيع هذا هو حال زُعماء المُسلمين الذي لا يُعول عليهم إطلاقاً في إتخاذ أي موقف لصالح الشعب الفلسطيني فها هو الكيان يرتكب أبشع الجرائم والمجازر بحق أهلنا في غزة خلال اجتماع الجامعة العربية ” العبرية ” ويرتكب حرب إبادة جماعية بحق شعب مسلم أثناء انعقاد قمة منظمة التعاون الإسلامي وخلال اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية وهذا هو أعلى مُستويات الاستهتار والاستهزاء بحق مليارين مُسلم وأكثر من خميس شعب، بل وصل الحال سوءاً إلى أقصى حد أن الأنظمة الإسلامية عجزت خلال أسبوعين من الضغط على الكيان الصهيوني بالسماح بإدخال الغذاء والدواء إلى غزة والمضحك والمُبكي في الوقت نفسه أن الكيان وبعد الأسبوع الثاني من العدوان الوحشي وفي استهتار بمليارين مُسلم يسمح بإدخال عشرين شاحنة تحمل مُساعدات ثانوية أبناء غزة في غناء عنها ولا تفي بمُتطلبات أّسرة وحده في غزة المُحاصرة من عقود إذ كان أقل القليل أن يسمح الكيان الصهيوني لكل زعيم بإدخال شحنة وكان من المُفترض دخول ما مجموعة سبعه وخمسون شاحنة مساعدات إلا أن الكيان ومن خلفه أمريكا قد سلبوا العروبة من زعماء العرب وفرغوا الإسلام من زُعماء المُسلمين ووصلوا بهم إلى مُستوى تحت الصفر من الانبطاح والذُل وتقلدوا وسام العار والخيانة والتبعية، وأمام هذه المُعطيات نستطيع القول أن معظم زُعماء العالم الإسلامي ليسوا بمستوى امرأة عجوز أو رئيس في مُنتهى العُمر في أمريكا أو أوروبا، ما داموا حتى اللحظة لم يستطيعوا إتخاذ موقف تجاه ما يحدُث في غزة وعلى هذا على الإخوة في حركات وفصائل المُقاومة في فلسطين أن لا ينتظرون شيئاً من الزُعماء وأن يستمروا في خط الجهاد والتحرير مُتوكلين على الله وحده أولاً وموقف الأحرار والشُرفاء في محور الجهاد والمُقاومة ثانياً الذين جعلوا من أول الأولويات لديهم دعم القضية الفلسطينية حتى تحرير فلسطين كل فلسطين وما داموا مع الله فالله معهم ولن يتخلى عنهُم وهو نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِير وصدق الله القائل
﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ صدق الله العظيم.

 

 

أقرأ أيضاً

صلاح الرمام يكتب عن : فشل الكيان في مواجهة الطوفان؟

قد يعجبك ايضا