اليمن .. من الارتهان للخارج إلى صناعة القدرات الدفاعية الاستراتيجية

الحقيقة /خاص

ما عرضته ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في عيدها التاسع لهو بمثابة المعجزة وتحقيق ما لم يكن أحد يتخيله في بلد تكالبت عليه قوى الاستكبار وأدواتها من المنافقين والخونة والمأجورين ويواجه أعنف عدوان إجرامي على مر تاريخه، بلد كان يصنف عالميا كأفقر بلد وتوصف حكومته بالفساد والفشل، بلد كان مرتهن للخارج ويهيمن على قراراته السياسية والاقتصادية سفيري أمريكا والسعودية، بلد كان تعصف به المؤامرات والحروب الداخلية المفتعلة والفساد المستشري ونهب الثروة المنظم واللصوصية المتلبسة برداء السلطة، بلد كان الفشل هو سيد الموقف في كل مناحي الحياة .. إلى أن جاءت ثورة الواحد العشرين من سبتمبر التي تمكنت ـ بفضل الله ـ وبقيادة حيكم اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي استطاعت في بدايتها اسقاط اركان الحكم الفاسد المرتشي المرتهن للخارج وتأميم القرار السياسي والقضاء على الهيمنة الخارجية، ثورة فتية قامت بسواعد يمنية خالصة ولذلك استطاعت أن تواجه أعتى عدوان في القرن الواحد والعشرين بثبات عظيم وصمود اسطوري وتضحيات جسيمة واستبسال لا مثيل له..

النهضة المباركة

في العام 2014م  توجت نضالات شعبنا اليمني المظلوم بإنجاز تاريخي غير مسبوق تمثل في نجاح ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي كان أول أهدافها تحرير البلاد من الوصاية الخارجية والفساد الداخلي والاستبداد السياسي. هذه الثورة كانت تمثيل لمطالب وتطلعات الشعب اليمني الذي عانى من الظلم والاستغلال والتهميش لعقود طويلة. هذه الثورة حققت انجازات عديدة على مختلف الأصعدة، منها:

على الصعيد السياسي: أسقطت الثورة النظام السابق الذي كان يخضع للتبعية والارتهان للقوى الخارجية، وأنهت الاحتلال السعودي والإماراتي للجنوب اليمني، وأقامت سلطة شعبية تمثلت في اللجنة الثورية ثم مجلس الشورى ثم المجلس السياسي الأعلى، وأطلقت مبادرة للحوار الوطني الشامل والمنصف لجميع الأطراف والمكونات اليمنية.

على الصعيد العسكري: صمدت الثورة والجيش واللجان الشعبية في وجه العدوان السعودي الأمريكي الذي بدأ عام 2015م واستمر حتى الآن، وحققت انتصارات ميدانية مهمة وتحرير مواقع ومدن استراتيجية، وأحبطت مخططات التقسيم والتفتيت لليمن، وأظهرت قدرة عالية على التصنيع الحربي والصاروخي والطائرات المسيرة والدفاع الجوي.

على الصعيد الاقتصادي: واجهت الثورة الحصار الخانق والعقوبات الجائرة والحرب الاقتصادية التي شنها العدوان على اليمن، وحاولت تخفيف الأزمة المعيشية والنقدية والوقودية التي تعاني منها الشعب اليمني، وأطلقت مشاريع للتنمية والإنتاج والزراعة والصناعة والتجارة، وأنشأت بنكا مركزيا في صنعاء لتنظيم السوق المالي والنقدي.

على الصعيد الاجتماعي: سعت الثورة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة لجميع فئات وشرائح المجتمع اليمني، وحل مشاكل الثأر والنزاعات القبلية والمحلية، وانصاف المظلومين والمهمشين والفقراء، وتعزيز الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والتضامن الإنساني، ومواجهة الفكر التكفيري والإرهابي والانفصالي.

هذه بعض من انجازات ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي تعتبر ثورة قيم ومبادئ وأمل للشعب اليمني في بناء دولة حديثة ومستقلة وموحدة وديمقراطية، ومع هذا يبقى أعظم إنجاز حققته ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر تمثل في إعادة ربط الشعب اليمني بهويته الإيمانية وتاريخه الإسلامي المشرف على قاعدة قول الرسول صلوات الله عليه وعلى آله (الإيمان يمان والحكمة يمانية).

 

ثورة الواحد والعشرين والردع الاستراتيجي:

أعظم توصيف لإنجازات ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في مجال الردع الاستراتيجي الدفاعي هو ما قاله قائد الثورة أن ثورة الواحد والعشرين أنجزت اهداف عكسية لأهداف العدوان الإجرامي فحققت قدرات دفاعية استراتيجية في وضع استثنائي معقد وفي ظل موارد شبه منعدمة فالتحالف الإجرامي بقيادة أمريكا وأكثر من 20 دولة أخرى مساندة فرضت حصارا خانقا إضافة إلى سيطرتها على الموارد النفطية والغازية التي كانت المصدر الرئيسي لموازنة الدولة اليمنية.. فكيف استطاعت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر تحقيق هذا الإنجاز العظيم وصنعت كل ما تتطلبه المعركة العسكرية؟

لقد كانت روح العزيمة والإصرار على مواجهة العدوان والانطلاق في ذلك من مسؤولية قرآنية إيمانية بضرورة التصدي للعدوان وإدراك ووعي القيادة والشعب بكارثة وتبعات الاستسلام لقوى الإجرام إضافة إلى الروحية الإيمانية المتوكلة على الله ومن اليقين بأن الله سيهيئ الظروف المناسبة لإدارة معركة التصدي فكان توفيق الله كبير في نجاح المؤسسة العسكرية في انتاج وتصنيع تطوير القدرات العسكرية وهو إنجاز يفتخر به الوطن، يفتخر به شعبنا اليمني ، الإنجاز في التصنيع العسكري ليس إنجازاً عادياً، هو إنجاز كبير، إنجاز عظيم، يعني: من المسدس، إلى الكلاشنكوف، إلى المدفع، إلى قاذف الآر بي جي، إلى مستوى أكبر، إلى مستوى الطائرات المسيَّرة، والصواريخ في مدياتها المتفاوتة والمختلفة، إلى مستويات قريبة، إلى مستويات متوسطة، إلى مستويات بعيدة المدى، وإلى حد كبير، وجرى كل ذلك في إطار الوضع الراهن بكل ما فيه من صعوبات، في ظل العدوان الشامل ، والحصار الخانق ، والاستهداف المكثف لكل شيء، وبدأ العمل من نقطة الصفر، وكتب الله “سبحانه وتعالى” بفضله وكرمه التوفيق العجيب للذين يعملون في مجال التصنيع، فأمدهم الله بتوفيقه وهدايته، واستفادوا من كل ما يفيدهم في تطوير هذه القدرات، واليوم بلد الحادي والعشرين من ستبمبر يصنع مختلف أنواع الأسلحة، من أسلحة المشاة، إلى الأسلحة المتوسطة، إلى الأسلحة المتطورة، الصاروخية التي هي بعيدة المدى..

والمستقبل بالنسبة للتصنيع على المستوى العسكري وعلى المستوى المدني واعدٌ جداً، يعني: أن بلدنا الذي كان في السابق لا ينتج أي شيء، ويستورد كل المنتجات من خارج البلد، ولا يُصَنِّع حتى أبسط الأشياء، هو اليوم يُصَنِّع ما تعجز الكثير من الدول، حتى الكثير من الدول العربية، عن تصنيعه، هذا إنجاز كبير، يفتح المجال أمام تحقيق نهضة في الصناعة المدنية، الصناعة في المجال العسكري هي أصعب، والقيود عليها أكبر، والمعوقات فيها أشد، ومع ذلك تحقق الإنجاز الكبير بفعل الإرادة الصادقة، والاستعانة بالله “سبحانه وتعالى”، والعمل الدؤوب، والصبر، والاستمرارية، فوفق الله “سبحانه وتعالى” في ذلك التوفيق الكبير، وهذا شيء واضح، أصبح هناك قدرات في السلاح البري، والجوي، والدفاع الجوي أيضاً، والبحري، وأصبح المجال في هذا الجانب مفتوحاً للتطوير إلى مستويات متقدمة، وهو واعدٌ في المستقبل بإذن الله “سبحانه وتعالى”.

 

ما الجديد هذا العام؟

في العرض العسكري الذي اقامته الجمهورية اليمنية في ذكرى الثامنة لانتصار ثورة الـ 21 من سبتمبر تم عرض أسلحة نوعية من الطائرات المسيرة والألغام والزوارق البحرية وكذلك القدرات الصاروخية وبعض الأسلحة التي انتجتها المؤسسة العسكرية أما ما تم عرضه في العيد التاسع لانتصار الثورة فقد كان متميزا ونوعيا سوى في ضخامة العرض العسكري للوحدات والعسكرية والأمنية أو في مستوى ونوعية الأسلحة التي تم عرضها مما انتجته المؤسسة العسكرية خلال هذا العام وهنا نوجز جديد المؤسسة العسكرية:

أولاً: القوات الجوية والدفاع الجوي

تمكنت القوات الجوية من إصلاح سلاح الطيران الحربي وتم عرض الاستعراض بأربع طائرات مروحية وطائرة ميج 29 لأول مرة .

كما أزاحت القوات الجوية والدفاع الجوي الستار عن عدد من الصواريخ ومنظومات الرادارات :

– صاروخ “صقر2″، المدى 150 كم ، الارتفاع 10 كم (محلي الصنع)

– صاروخ “برق 1″، المدى 50 كم ، الارتفاع 15 كم (محلي الصنع)

– صاروخ “برق 2″، المدى 70 كم ،الارتفاع 20 كم (محلي الصنع)

– رادار “35”، المدى 50 كم ، يكشف الأهداف ويتعقبها ، ويستخدم في توجيه الصواريخ

– رادار “شفق”، المدى 15 كم ، يكشف الدرونات ويتعقبها ، ويستخدم في إرسال الاحداثيات (محلي الصنع)

– رادار “بي 16″، المدى 300 كم ، مسافة الكشف بالارتفاع من 100م حتى 45 كم

– رادار “نبأ”، المدى 120 كم ، يكشف الأهداف ويتعقبها بدقة عالية ، ويستخدم في توجيه الصواريخ بدقة عالية (محلي الصنع)

– رادار “أفق”، المدى يصل لأكثر من 90 كم ، الارتفاع يصل إلى 35 ألف قدم عن مستوى سطح البحر ، ويستخدم في تحديد الأهداف بدقة عالية (محلي الصنع)

ثانياً القوات البحرية والدفاع الساحلي

ازاحت القوات البحرية والدفاع الساحلي الستار عن عدد من الأسلحة البحرية الجديدة “محلية الصنع”:

– زورق “تذير” القتالي ، سرعته تصل إلى60 ميل بحري في الساعة، له مهام قتالية متعددة منها الاغارة على الأهداف البحرية المتحركة والثابتة

– صاروخ “صياد”، كروز مجنح، المدى 800 كم ، يعمل بالوقود الصلب والسائل ، يتميز بدقة عالية في إصابة الأهداف وبقدرة تدميرية عالية ولاتستطيع الرادارات اكتشافه

– صاروخ “سجيل”،المدى 180 كم ، كروز مجنح، يعمل بالوقود الصلب والسائل ، يتميز بدقة عالية في إصابة الأهداف وبقدرة تدميرية عالية ولديه القدرة عل استهداف الأهداف الثابتة والمتحركة ولاتستطيع الرادارات اكتشافه

– لغم  “مجاهد 2″، الوزن الكلي 78 كجم

 

 

ثالثاً: سلاح الجو المسير

كما ازاح سلاح الجو المسير الستار عن طائرة “وعيد 1 ” المسيرة 

– المدى 1200 كم

– طائرة حربية تحمل رأس حربي شديد الانفجار

– وزن الرأس الحربي 30كجم

 

رابعاً: القوة الصاروخية

كما كشفت القوة الصاروخية عن صواريخ بدر 4 وقدس 4 وعقيل وطوفان وميون وتنكيل ومطيع وهي صواريخ نوعية واستراتيجية بعيدة المدى

 

 

أصداء العرض العسكري محلياً وإقليمياً ودولياً

 

كما شهد العرض العسكري الاضخم في تاريخ اليمن بمناسبة الذكرى التاسعة لانتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر صدى محليا واسعا وعبر الكثير من أبناء الشعب اليمني عن ارتياحهم وفخرهم واعتزازهم بهذا الإنجاز النوعي والاستراتيجي الذي وضع اليمن في مصاف الدول المنتجة للقدرات الدفاعية.. أما على مستوى الشعوب العربية فقد عبر الكثير من أحرار الأمة العربية وعبر شبكات التواصل عن اعتزازهم بما وصلت إليه اليمن من قدرات عسكرية تحدت العدوان الإجرامي ودخلت مصاف الدول العربية المؤثرة والمناصرة للقضية الفلسطينية واعتبر الكثير من الناشطين هذه القدرات التي باتت اليمن تملكها اليمن إضافة نوعية لمحور المقاومة ضد محور التطبيع وأن المرحلة مرحلة المستضعفين لا زمن التطبيع والمطبعين.. كما شهد العرض النوعي تغطية إعلامية عربية ودولية واسعة وعرضت قنوات عربية وصينية واجنبية لقطات من العرض العسكري والأسلحة النوعية التي عرضت في ميدان السبعين.

أما ردة فعل العدو فهي بالتأكيد ليست إيجابية لأنها مشاهد تؤكد هزيمة مذلة له ولعدوانه وجهوده الضخمة التي بذلها طوال الثمان سنوات الماضية وما سبقها من تدمير لقدرات اليمن التقليدية معتقدا أن اليمن لن ينهض وأنه سيكون لقمة سائغة وإن هي الا أيام معدودة ومصفحاته وجنوده يملؤون شوارع المدن اليمنية ولكن هذه الأحلام والأهداف التي وضعها العدو حولها رجال الله وأنصار رسول الله إلى هباء منثورا..

نعم أن المرحلة مرحلة الانعتاق من الهيمنة الأمريكية والصهيونية ومهما حاولوا ومهما ضغطوا باتجاه إعلان التطبيع فإن جذوة الحرية ستشتعل في صدور الكثير من الأحرار وإن الدور اليمني في تحرر الشعوب العربية قادم وسيكون فاعلا ومؤثراً ولديه الأرضية المناسبة وكذلك في المستقبل بإذن الله سيكون لدى اليمن القدرات الدفاعية القادرة على حماية خيارات الشعوب العربية ..

يبقى أن نزف التحية والتقدير لقائد الثورة اليمنية حكيم اليمن وفارسها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) وإلى أولئك العظماء الذين قدموا فلذات اكبادهم في سبيل الله وإلى الجرحى والأسرى الذين كان لصمودهم الأثر الكبير في انتصار الإرادة اليمنية وإلى كل يمني حر وقف ضد العدوان الإجرامي بالنفس والمال وبالموقف والكلمة والعار لأولئك الخونة والمأجورين الذين ساندوا العدو ضد أهلهم وبلدهم..

قد يعجبك ايضا