المفاوضات .. هل تنجح في كبح المطامع الأمريكية والبريطانية ؟!!

في الوقت الذي تؤكد فيه مستجدات الأحداث الجارية بمحافظة حضرموت المحتلة أن ما يروج له من صراع عبر وسائل الإعلام بين قوى الاحتلال وأدواتها في الداخل ما هو إلا بلورة لسيناريو أمريكي يهدف إلى تعزيز التواجد الاستعماري

في هذه المحافظة الغنية بالنفط والغاز وما حولها من محافظات ومناطق الثروة البترولية والمعدنية الواقعة في البوابة الشرقية لليمن، وصف عدد من المحللين والقادة السياسيين المباحثات التي أجراها الوفد العماني في العاصمة صنعاء خلال الأيام القليلة الماضية بالمفاوضات الإيجابية والناجحة في تحريك الملفات السياسية والعسكرية والإنسانية وتحقيق الاستقرار للشعب اليمني والتمهيد للسلام الشامل والعادل وإنهاء العدوان والحصار.. فهل ستنجح مفاوضات صنعاء مع الوفد العماني بالفعل في كبح جماح المطامع الأمريكية البريطانية في السيطرة والاستحواذ على مناطق الثروات البترولية والغازية والمعدنية اليمنية ؟!!..  التفاصيل في السياق التالي:

لا تزال الكثير من تطورات الوقائع والأحداث التي تشهدها عدد من المحافظات الجنوبية المحتلة تؤكد حقيقة سعي الإدارتين الأمريكية والبريطانية إلى تحقيق مطامعهما في الاستحواذ على الثروات في تلك المحافظات لا سيما محافظة حضرموت الغنية بالنفط.. وفي هذا السياق أشارت المصادر إلى أن عملية التحشيد والتجنيد لعشرة آلاف مقاتل من أبناء القبائل الحضرمية والدفع بلوائين مما يسمى بقوات (( درع الوطن المدعومة سعودياً إلى سيئون ومديريات الوادي، حيث تتواجد حقول النفط بالتزامن مع تقدم مليشيات الإمارات التابعة للانتقالي إلى ذات المديريات للسيطرة على المنطقة العسكرية الأولى التابعة لحزب الإصلاح.. جميعها تأتي وفق خطة تشرف على تنفيذها لجنة الخبراء الأمريكيين وهي لجنة تابعة للاستخبارات العسكرية في الأسطول الخامس الأمريكي، التي تتمركز قيادته بدويلة البحرين وتعمل على إدارة قيادات العمليات في البحر الأحمر ومنطقة الخليج وتشرف على إدارة تحركات ما تسمى بالقوات البحرية الدولية متعددة المهام التي تقودها حالياً البحرية المصرية في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

 تسابق محموم  
وأوضحت المصادر أن المخطط الأمريكي في حضرموت الذي جمع بين مساندته لمليشيات الإخوان من جهة وأدوات الإمارات من جهة أخرى وبما يشبه عملية إيجاد التوازن بينهما مؤقتاً حتى يتم استكمال بناء تشكيلات عسكرية حضرمية لتحل محل الأجنحة العسكرية السعودية الإماراتية التي تحركها أصابع الأمريكي البريطاني كيفما تريد وتستخدمها وسيلة لبلوغ الهدف الاستراتيجي للمستعمر الأجنبي الهادف إلى ترسيخ قواعده العسكرية تحت ذريعة حماية شركاته النفطية والغازية من الأنشطة الإرهابية التي ينتجها هو ويستثمرها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وما نسمعه اليوم عن تفجيرات في سيئون والقطن وأطراف محافظة شبوه وعلى امتداد المديريات الوسطى بمحافظة أبين لهو دليل على نوايا أمريكا وأدواتها في المنطقة الهادفة إلى تمزيق المحافظات المحتلة وإضعافها لتتمكن من نهب المزيد من الثروات اليمنية في ظل مجريات الأحداث والمتغيرات والصراعات المحتدمة عالمياً وتسابقها المحموم على ثروات ومقدرات شعوب المنطقة .

مؤامرات مهولة
وتجدر الإشارة إلى أنه ومع زيادة أزمة الطاقة تبحث الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية عن مصادر بديلة لتعويض نقصها الحاد بعد توقف إمداداتها بالطاقة الروسية وفي هذا السياق يأتي مخطط التآمر الأمريكي البريطاني على المحافظات المحتلة وليست حضرموت لوحدها محط أطماع هذه القوى الغربية الغازية بل أن هناك محافظات محتلة أخرى في جنوب الوطن جعلت لعاب أنظمة تحالف الشر والعدوان يسيل نتيجة وجود ثروات ضخمة مكتشفة وغير مكتشفة في هذه المحافظات ومنها  شبوة والمهرة وسقطرى.
وفي هذا المنحنى كشفت وسائل إعلام غربية نقلا عن تسريبات (( ويكليكس)) بأن اليمن تتعرض لمؤامرات مهولة تمارس ضد الشعب اليمني تهدف إلى إضعاف بنيته وإدخاله في حروب تدميرية قذرة ونكبات اقتصادية ، وتبذل دول العدوان ما بوسعها لإنهاك الشعب اليمني اجتماعياً واقتصادياً بغية الوصول به إلى دويلات متناحرة وكنتونات هشة لا قيمة ولا وزن لها على المستويين الإقليمي والدولي ، خاصة بعد أن أكدت تقارير أممية ومراكز بحوث دولية بأن اليمن تمتلك من النفط أكثر من الاحتياطيات المشتركة لجميع دول الخليج وبنسبة تصل إلى ربع نفط العالم ، وأن اليمن تمتلك مائة قطاع نفطي وغازي ، إضافة إلى امتلاكها لمائة مليون طن من الذهب تقوم بنهبه شركات دولية (( ثاني دبي للتعدين)) وتهريبه بكميات كبيرة من وادي حجر ومناجم التنقيب في حضرموت إلى أبو ظبي عبر ميناء الضبة الجديد ومطار الريان .. وبلغ عدد مناجم الذهب ((٢٤)) منجماً ، فيما بلغت مناجم الفضة ((١٦)) منجماً ، وقد بلغت قيمة مليون أوقية من الذهب الذي تم تهريبه من منجم واحد يبعد ((٧٠)) كيلو متر شرق مدينة المكلا أكثر من مائتي مليون دولار، وذلك وفقاً لأحدث المعلومات والتقارير الأمريكية الأوروبية التي تم تسريبها إلى (( ويكلكس)) .

سيناريو مكشوف
إلى ذلك أفادت مصادر  إعلامية متطابقة أن ما يجري في محافظة حضرموت هو جزء لا يتجزأ من سيناريو أمريكي بريطاني مكشوف يهدف إلى فرض خارطة جديدة على اليمن ، وأن تبني حزب الإصلاح لفكرة انفصال حضرموت قد بدت غير بعيدة عن المشروع الأمريكي الهادف إلى التمزيق وحدة الأرض اليمنية ، وأن ما يسمى بالمجلس الانتقالي الذي أوجدته دولتا العدوان الإماراتية والسعودية هو مجرد فزاعة ستزول مستقبلا بحسب قيادات وناشطي الحزب ، وبما لا يستدعي الانجرار إلى مواقف انفصالية رداً على مواقف الانتقالي الداعي إلى إنفصال جنوب اليمن، مالم تكن هناك ترتيبات جديدة من قبل واشنطن، لا يستبعد فيها إعادة تفعيل دور جماعة الإخوان في اليمن لسلخ محافظة حضرموت والمهرة وشبوه وسقطرى عن الوطن اليمني  تحت مسمى إقليم أو دولة حضرموت .. وأكدت المصادر أن النظام السعودي لا يزال ملتزماً بدعم موقف جماعة الإخوان في وادي وصحراء حضرموت.
وبحسب مراقبين فإن الرياض وجماعة الإخوان وأبو ظبي يعملون بشكل متناغم ومنسجم لتنفيذ السيناريو الأمريكي ، وتبادل الأدوار شرط رئيسي لإنجاح مخطط واشنطن الهادف فصل المحافظات المحتلة شرق اليمن .

مفاوضات إيجابية
بالمقابل وعقب مغادرة الوفد العماني الذي زار العاصمة صنعاء لعدة أيام بهدف استئناف تمديد الهدنة  وصفت مصادر سياسية المشاورات التي أجراها الوفد العماني مع قيادات في الحكومة – صنعاء – بالمشاورات الإيجابية الناجحة في تحريك ملف المفاوضات السياسية.
وفي هذا السياق قال رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام أن الوفد العماني غادر صنعاء في إطار استمرار الجهود التي يبذلها العمانيون .
مشيرا إلى أن الوفد العماني أجرى نقاشات جادة وإيجابية في صنعاء .
موضحا في تصريح صحفي أن ” النقاشات جرت حول الترتيبات الإنسانية التي تحقق للشعب اليمني الاستقرار وتمهد للسلام الشامل والعادل وإنهاء العدوان والحصار”.
من جانبه علق القيادي حسين العزي على مغادرة الوفد العماني بالقول : “‏بيمن الله ورعايته غادر ضيوفنا الكرام وغادر وفدنا المفاوض أيضا متمنين للجميع النجاح والتوفيق ومواصلة العمل بكل إخلاص وتفان وصولا إلى تحقيق السلام واستعادة قيم الإخاء مع الامتناع التام عن التأثر السلبي بالأصوات النشاز من دعاة الشر والكراهية آملين أن نرى ثمار تلك الجهود على أرض الواقع.

زيارة مؤجلة
وفي سياق متصل يتعلق بتأجيل زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جودنبرغ التي كان مقررا لها أن تتم خلال اليومين القادمين، أشار العزي إلى أن الزيارة تأجلت لأسباب فنية، موضحا أنها ستتم خلال الأيام القادمة.
وأضاف بالقول :” تأجيل زيارة المبعوث إلى صنعاء كان لأسباب فنية بحتة ولا صحة لما يجري تداوله من لغط وتكهنات سلبية حول هذا الموضوع ومن المتوقع أن يزورنا السيد هانس في صنعاء هذا الأسبوع.

اتفاق وشيك
إلى ذلك أكد قيادي جنوبي تمكن سلطنة عُمان من تحقيق تقدم في المفاوضات بين حكومة صنعاء والرياض، يتمثل في قرب إعلان اتفاق لتمديد هدنة الأمم المتحدة .
وقال رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للحراك الجنوبي فؤاد راشد ، في تدوينة على (تويتر) : ” وفق مصادر موثوقة فالزيارة الأخيرة للوفد العماني إلى صنعاء مهدت لاتفاق محتمل الإعلان عنه لوقف إطلاق النار في هدنة جديدة مطولة إن لم يحدث طارئ “.
وتابع: ” الزيارة طرحت مسارات بشأن القضايا الخاصة بصرف المرتبات وفتح الموانئ وما إلى ذلك “.
مؤكدا ” هذا الاتفاق إذا تم إعلانه يفتح طريقا للمفاوضات والسلام “.

سؤال ينتظر الإجابة
وفي ظل تمسك القيادة السياسية في صنعاء بدفع رواتب الموظفين من إيرادات النفط والغاز ، وإيقاف العدوان ورفع الحصار على الموانئ مقابل الموافقة على تمديد هدنة الأمم المتحدة، وبالمقابل استمرار التحركات الهادفة إلى تحقيق المطامع الأمريكية والبريطانية في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، يظل السؤال: هل سينجح الوفد العماني حقا في تحقيق التقارب والتوصل إلى تسوية سياسية تحقق الاستقرار للشعب اليمني وتحافظ على سيادة وثروات الوطن وتضع حدا نهائياً للمطامع الأمريكية البريطانية..  أم أن مرامي ونوايا تحالف العدوان بقيادة واشنطن تهدف إلى تطويل أمد حالة اللاحرب واللا سلام بأشكال متعددة منها المراوغة السياسية، حتى تستكمل أمريكا بلورة مشروعها الاستعماري التمزيقي لليمن وتدويل صراع المصالح بدءًا من حضرموت وبقية المحافظات الجنوبية المحتلة ، هذا هو السؤال الذي ننتظر الإجابة عليه خلال الأيام القادمة .

 

26 سبتمبر-

قد يعجبك ايضا