“نحيي التاريخ ونزرع الأمل”..مهرجان البن في يومه الوطني

مع بزوغ شمس الصباح الباكر ونسيم الهواء الممزوج برائحة البن الفواحة التي يرشفها اليمنيون كل صباح وقبل الذهاب للحقول او أعمالهم الأخرى لمذاقه الخاص وطعمه الفريد.

عرفت اليمن منذ القدم بتصدير البن عالميا خلال القرن الثالث عشر الميلادي والثامن عشر حيث شهدت زراعة البن تطوراً كبيراً وأصبحت من أهم الصادرات بجانب محاصيل أخرى ك ” اللبان والبخور…” ويعد البن اليمني من أقدم أنواع القهوة وتختلف عن القهوة العربية.

 

ويعتبر علي عمر الشاذلي هو أول من جلب البن إلى اليمن وأعد منه مشروب القهوة، أما أول من زرع البن في اليمن فهو جمال الدين الذبحاني، وذلك بحسب ما ذكر في كتاب (عمدة الصفوة في حل القهوة) للحنبلي، وأول من اعتمدها كمشروب اجتماعي وفق عادة منتظمة هم متصوفو اليمن، وقد استخدموها كمنبه ومنشط لإعانتهم على السهر وإقامة صلوات الليل.

موكا أو مُكا بالإنگليزية: Mocha هي كلمة محرفة تعني البن الذي أصله من مدينة المخا في اليمن، التي تعرف فيها التجار الغربيون على القهوة لأول مرة في القرن السادس عشر وظلت أكبر مصدر له لقرون.

 

ارتبط اسم اليمن بالبن منذ قرون بمدينة المخا التي مثلت محطة البداية لانطلاق شهرة هذا المشروب الى العالم وترتبط تسميته عند العديد من الشعوب باسم ”موكا” نسبة الى مدينة وميناء المخاء والذي مثل محطة اساسية لتصدير البن اليمني في عهد العثمانيين سنة ١٥٣٨ حيث اجبروا جميع السفن العابرة بالرسو في ميناء المخاء وسداد ضريبة عن حمولاتها قبل إكمال الطريق نحو موانئ البحر الأحمر، أو خروجاً منه , فاصبح ميناء المخاء من اهم الموانئ في العالم خلال القرن الخامس عشر والسبع عشر والمصدر الأول للتصدير البن وغيرها من المحاصيل الى العالم.

وبذات اول صفقة للبن  اليمني في  غرب الهند 1628, وبدا بيع البن في هولندا في عام 1661  ولكن تم تذمير ميناء المخاء بين  عامي1911 – 1915 لنقل تجارة البن إلى البرازيل والمكسيك , كما نقل ونقل الإنكليز” البريطانيون” تجارة اليمن الهنديّة إلى ميناء عدن.

 

يوم البن الوطني” المزاد”

بدأ اليوم الخميس بأمانة العاصمة فعاليات مهرجان التسوق للبن اليمني، تنظمه اللجنة الزراعية السمكية العليا ووزارة الزراعة والري تحت شعار ” نحيي التاريخ ونزرع الأمل” للسنة الثانية على التوالي.

خلال السنوات القليلة الماضية كان من الملفت أن هناك توجه في النهوض بالزراعة في الجمهورية اليمنية، وكانت المؤشرات تذهب إلى أن هناك رغبة في حشد كافة الجهود في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني من أجل إحداث ثورة في زراعة وإنتاج وتصدير البن اليمني من جديد.

تشير الإحصائيات ان انتاج البن اليمني قل بنسبة كبيرة جداً مقارنة بإنتاجه قديماً، وفقا لآخر إحصائية للمنظمة الدولية للقهوة حيث تراجع إنتاج اليمن من البن وصل إلى 18000 ألف طن سنوياً حتى عام 2013، بعد أن كان عند 57000 ألف طن سنوياً عام 1875.

 

وتشير الأرقام إلى أن القطاع الزراعي من أهم القطاعات الرئيسية في الاقتصاد اليمني على اعتباره الثاني في الإنتاج بعد النفط، ويساهم القطاع الزراعي بمعدل متوسط يبلغ حوالي 14% من إجمالي الناتج المحلي، ينشط في هذا القطاع من القوى العاملة يقدر بحوالي 54 %من أجمالي القوى العاملة في الجمهورية اليمنية

ونظراً لأهمية مدلول القهوة اليمنية وإعادة سمعتها المفقودة وذلك للإسهام في إعادة تصدير البن اليمني إلى الخارج ودعماً للمزارع في الداخل تدشن اللجنة الزراعية والسمكية العليا وبالشراكة مع وزارة الزراعة والري واتحاد جمعيات منتجي البن بعمل “مزاد باليوم الوطني للبن” للسنة الثانية على التوالي والتي تبدأ في اليوم الوطني للبن في الثالث من مارس وتستمر ثلاثة أيام حتى 5 مارس 2022″ في حديقة السبعين.

فكرة الاحتفال باليوم الوطني للبن

قامت وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة والري بتحشيد الجهود للنهوض بزراعة شجرة البن وحضر استيراد البن من الخارج عن طريق دعوات عدد من الناشطين اليمنين إلى ضرورة التوعية الشاملة بأهمية زراعة شجرة البن على نطاق واسع ومن هنا نشئت فكرة أن يكون هناك يوم عيد وطني لشجرة البن وذلك لإعادة فكرة الاعتبار للبن اليمني الذي أرتبط بالهوية والحضارة اليمنية ويهدف الى التنافس لعرض أنواع البن بسعار مناسبة وتعريف المواطن والأجانب في اليمن بطعم البن اليمني الأصيل، وانعاش الاقتصاد الوطني.

ومن هنا جاءت الفكرة بهذا اليوم وتفاعل الواسع من الحكومة والناشطين ومنظمات المجتمع المدني واعتبر اليوم الثالث من مارس من كل عام هو اليوم الوطني للبن واطلقوا علية ” عيد موكا” تيمناً بالشهرة الواسعة للقهوة اليمنية التي عرفت عالميا بـ موكا كوفي “.

من الأهداف الرئيسية لإقامة المزاد لليوم الوطني للبن

  • حضر استيراد البن

  • ان يستعيد البن اليمني مكانته محليا وعالميا

  • أن يحصل المزارع اليمني على السعر المناسب للاستمرار

  • التعريف بمذاق القهو اليمنية الأصيلة ” سواء للمواطنين او الأجانب المقيمين في اليمن”

  • التنافس في بيع والترويج لجميع أنواع البن

  • إعادة جذب المزارعين لزراعة البن بدلا من شحرة القات

  • مواصلة شحن البن اليمني لجميع دول العالم

  • استعادة حضارة البن قديما

  • رفع الاقتصاد المحلي وجلب العملات الأجنبية

  • توسيع نطاق التسويق للبن اليمني

  • غرس أهمية شجرة البن في وجدان الشباب

 

جهود مبذوله

دشن اليوم رئيس الوزراء الدكتور عبد العزيز بن حبتور موسم التشجير للعام 2022م على مستوى أمانة العاصمة والمحافظات والذي سيتم خلاله زراعة مليون شتلة بن وكذلك بغض الاشجار المعمرة بدلا عن أشجار القات لافتا إلى أن البن من المحاصيل النقدية التي تسهم في دعم الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة.

كما قامت وزارة الزراعة والراي بالتعاون مع الاتحاد التعاوني لجمعيات منتجي البن، ستُدشن موسم التشجير للعام 2022م بتوزيع 355 ألف شتلة بُن، مدعومة من صندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي.

ودعت إلى العمل على تطوير إنتاجية البن والحد من التهريب للبن الخارجي الذي يشكل أحد المعوقات أمام زراعة وانتاجية البن اليمني الأصيل.

كما تم تكثيف الجهود في سبيل تحريك المياه الراكدة تجاه البن “شجرة ومحصول”، وهو ما كان من خلال قرار حظر استيراد البن وقشوره وغلاته، الذي أصدر بقرار مشترك من وزارتي الصناعة والتجارة والزراعة والري في نوفمبر 2019،

وأطلقت وزارة الزراعة والري استراتيجية وطنية تهدف إلى تنمية إنتاج وتصدير البن اليمني، وشملت الاستراتيجية جملة من الخطط والبرامج الهادفة إلى تطوير وتحسين زراعة وإنتاجية البن كمحصول ذات مردود اقتصادي ونقدي مهم.

وبحسب الاستراتيجية المعلنة من الوزارة، فإن الهدف العام يتمثل في رفع الإنتاجية وتحسين الجودة ورفع كمية التصدير إلى الخارج إلى نحو 50 ألف طن بحلول العام 2025م.

كما تتضمن الاستراتيجية تنمية إنتاج محصول البن خلال الفترة من 2019- 2025م وإنتاج وزراعة نحو 13 مليون شتلة وبما يسهم في زيادة المساحة المزروعة بالبن بمقدار 5200 هكتار.

أصناف وأنواع البن

الأصناف “الصنف العديني , التفاحي , ألدوائري”

ويتميز البن اليمني بأشكال وأحجام وأنواع وأسماء مختلفة نسبة إلى المناطق التي يزرع فيها مثل (المطري ,البرعي, الحرازي, الحفاشي ,اليافعي ,الحيمي ,الاسماعيلي ,الريمي, الوصابي ,الحمادي, المحويتي, البرعي ,الأهجري ,العديني ,الصبري الصعدي).

 

وتعتبر ” قهوة المخاء” من أشهر واجود أنواع البن اليمني حيث اشتهر ميناء المخا قديما الميناء الأول الذي انطلقت منه سفن تجارة وتصدير البن إلى أوروبا وباقي أنحاء العالم وسمي “موكا كوفي”

وتتنوع القهوة اليمنية حسب البن المستخدم في إعدادها وبحسب المكان والمناسبة التي أعدت لها , فلكل منطقة او كل مناسبة لها تحضير خاص للقهوة حيث يتم إضافات أشياء أخرى للبن مثل:-

قهوة القشر (القهوة المر): من أقدم أنواع القهوة اليمنية وأقلها تكلفة، وهي معروفة لدى جميع مدن اليمن، غير أنها شائعة أكثر في الأرياف، وتتكون بشكل أساسي من منقوع قشر البن.

القهوة السوداء (البن الصافي): تتكون من أجود أنواع البُن ويكون تركيز البُن المحمص فيها أعلى من غيرها، وتُحلى عادةً بالسكر.

القهوة الحضرمية: واحدة من أشهر أنواع القهوة اليمنية، على الرغم من أنها لا تحتوي أي نوع من أنواع البن، وتُحضر في جميع مناسبات السنة، ويشيع شربها بشكل أكبر في فصل الشتاء، لأنها تتكون من أعشاب مفيدة لنزلات البرد، ومن مكوناتها الهيل والزنجبيل والعسل أو الزبيب، إضافة إلى القرفة.

القهوة العربية بالتمر: هي إحدى أنواع القهوة العربية الشائعة في المناطق السهلية والساحلية من شبه الجزيرة العربية، وتتكون من التمر المهروس، دقيق بر، بن محمص بدرجة متوسطة، بن مطحون وهال مطحون، إضافة إلى الزنجبيل والقرفة.

قهوة البن الصافي” القهوة العربية”: تتكون من حبوب البن المطحونة ويضاف لها الهيل والزنجبيل ” بدون سكر” وغالبا ما تقدم مع تمر او حلى.

 

القهوة البيضانية: هي قهوة بيضاء اللون، لا يتدخل في مكونات تحضيرها البُن، تتكون من السمسم والزنجبيل والهال (الهيل) والقرفة، مضافًا إليهم الحليب المركز والسكر, وسميت بهذا الاسم نسبة الى محافظة البيضاء وكذلك نسبة الى انها بيضاء اللون..

قهوة الوالدة: وتحضر للوالدات وتتكون من اعشاب كثيرة لما لها من فؤاد لصحة الام والمولود وتتكون من خليط من الأعشاب” كالقرفة، واليانسون، وقشر البُن وشمار وعناب وسكر نبات …”

قهوة علان: هي قهوة مفضلة لدى كبار السن، خصوصًا سكان المرتفعات الغربية والوسطى من اليمن، وما يميزها أنها تُحضر في موسم معين وهو أول موسم الحصاد، إذ تُصنع من حبات البن الحمراء، وحبوب الذرة الخضراء، مضافًا إليهما العسل الطبيعي.

وهكذا نجد أن هذا المهرجان يهدف لإحياء تاريخ وثقافة البن واستعادة مكانته وحضارة اليمن كأول دولة رائدة في مجال البن لأكثر من 800 عام ,كما يهدف الى إحياء رمزية البن ونشر ثقافة القهوة المختصة وغرس أهمية شجرة البن في وجدان الشباب.

 

السياسية : أمل باحكيم

قد يعجبك ايضا