السعودية تبعث برسائل في اطار “التطبيع” مع الكيان الإسرائيلي

 

تتسابق معظم الدول الخليجية في تنفيذ اتفاقات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، بينما تبعث السعودية بإشارات ورسائل متلاحقة تصب في استعدادها التام الى إقامة علاقات كاملة مع ذلك الكيان الغاصب للأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية.

ومؤخرا أرسل الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية وأمين مجلس الأمن الوطني السعودي السابق  خلال مقابلة مع قناة “العربية” السعودية وهو أحد أبواق النظام السعودي بإشارات تدعم اتفاق التطبيع بقوة وتمهد للنسخة السعودية منه .

وجاء انتقاد الأمير بندر بن سلطان ،صاحب السجل الحافل بخطايا عديدة تجاه فلسطين ودعم الإرهاب، للقيادات الفلسطينية مقدمة جديدة في سياق التطبيع ،بينما حظي إعلان الإمارات والبحرين بالتوصل إلى اتفاقية تطبيع للعلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بضوء أخضر من القيادة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان شخصياً.

وسبق أن أرسلت السعودية جملة إشارات تدعم اتفاق التطبيع بقوة وتبين استعدادها التام للتطبيع والانضمام الى نظيراتها الإمارات والبحرين في مسلسل الخيانة لقضايا الأمة .

وفي مطلع العام الماضي سعت السعودية إلى التواصل مع شخصيات يهودية من خلال لقاءات إحداها في فبراير الماضي عندما استضاف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الحاخام المقيم في القدس ديفيد روزين، لأول مرة في التاريخ الحديث.

وأعلنت السعودية في وقت سابق من هذا العام، عن عرض فيلم عن الهولوكوست لأول مرة في مهرجان سينمائي، قبل أن يتم إلغاء المهرجان بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.

وبالرغم من أن الرياض انتهجت خيار التملص من تأييد الاتفاق أو رفضه لكنها في الوقت نفسه أرسلت جملة من الإشارات التي لا تدعم الاتفاق بقوة فقط، بل توحي بأنها سوف تسلك درب التطبيع ذاته في الوقت المناسب.

وقد بدأ الكثير من الإعلاميين والكتاب المقربين من النظام السعودي بإرسال سلسلة من التغريدات والمقالات وأطلقت وسم “فلسطين ليست قضيتي” عبر تويتر.

كما أطلقت السعودية عبر ابواق إعلامية مختلفة إحياء مقولات تطبيعية عتيقة من نوع بيع الفلسطينيين أراضيهم والفرار منها سنة 1948، أو تضييع فرص السلام المتعاقبة، أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وما إلى ذلك من اتهامات كانت في الأصل صناعة صهيونية وإسرائيلية.

وشكل اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة ثانية، فرصة للسعودية لإختبار الوضع وجس نبض الشارع على الساحة الداخلية من مسألة التطبيع .

وتولت وسائل الإعلام السعودية التابعة للنظام، وعدد من الكتّاب الموالين له مهمة الترويج للاتفاق الإماراتي والبحريني مع الإسرائيلي وجس نبض الشارع السعودي لكن ذلك بمنأى عن موقف صريح رسمي سعودي.

في سياق ثان، عرضت قناة  “أم بي سي” السعودية التي تتخذ من دبي مقرا لها مع بداية شهر رمضان الماضي مسلسلين ، في ظل اتهامات لهما بالترويج للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي على حساب الفلسطينيين، هما “مخرج 7” و “أم هارون”، ويتوليان  “المسلسلان” مهمة الترويج للتطبيع عبر التطرق إلى قضايا شائكة، وفق متابعين.

كما تناولت العشرات من الحسابات السعودية الإلكترونية مزاعم أن الفلسطينيين “حاقدون، كارهون، ناقمون علينا بالفطرة الأيديولوجية التي يرضعونها من ثدي أمهاتهم منذ ولادتهم”، كما لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أثنت القناة “12” التلفزيونية الإسرائيلية، في تقرير لها، على مسلسل، “مخرج 7” بقولها: “هذه هي المرة الأولى التي يتحدثون فيها علانية في السعودية عن أن إسرائيل ليست عدواً”، معتبرة أن هذا ينقل رسائل إيجابية تجاه إسرائيل، وتدعو إلى توطيد العلاقات الاجتماعية والتجارية مع مواطنين إسرائيليين”.

وباستثناء جمهورية مصر ومملكة الأردن، اللتان ترتبطان بمعاهدتي سلام مع الكيان الإسرائيلي، لا تقيم أية دولة عربية أخرى علاقات رسمية معلنة مع الكيان الغاصب.

لكن مسؤولين إسرائيليين أعلنوا، في أكثر من مناسبة خلال الأشهر القليلة الماضية، عن تحسن العلاقات مع العديد من الدول العربية من دون تسميتها.

وفي 26 يناير الماضي، وقع وزير داخلية الكيان الإسرائيلي، مرسوماً يسمح بزيارة الإسرائيليين للسعودية رسميًا، لـ”المشاركة في اجتماعات تجارية، أو البحث عن استثمارات، على أن لا تتجاوز الزيارة 9 أيام”، إضافة إلى أغراض الحج والعمرة بالنسبة للمسلمين في أراضي 48 المحتلة.

لكن في اليوم التالي، صرح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، إن “سياستنا ثابتة، لا علاقات لدينا مع دولة إسرائيل، ولا يمكن لحاملي الجواز الإسرائيلي زيارة المملكة حاليا”.

وأضاف: “عندما يتم التوصل إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ستكون قضية انخراط إسرائيل في محيطها الإقليمي على الطاولة على ما أعتقد”.

لكن الموقف الرسمي يتناقض مع مواقف الإعلام المرتبط بالحكومة ورجال الدين الذين يشيرون لتغير في الموقف و”يعبدون الطريق للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي وبحذر شديد.

ويؤكد المراقبون أن قرار التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بيد ولي العهد محمد بن سلمان، وأن الرسالة المتباينة تعكس ما يقول المحللون إنه خلاف بين ولي العهد البالغ من العمر 35 عاما ووالده الملك سلمان، 84 عاما،،فيما يشير المحللون الى إن السعودية لن تقيم علاقات رسمية مع الكيان الإسرائيلي طالما ظل الملك سلمان في الحكم.

كما يشير المحللون الى أن ولي العهد حريص على إعادة ترتيب  العلاقة مع الولايات المتحدة بعد مقتل الصحافي الناقد له، جمال خاشقجي عام 2018.

وفي حين اعتبر فيه الفلسطينيون الخطوات التطبيعية خيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية، اعتبرها الإعلام الرسمي السعودي “تاريخية” ومهمة للمنطقة في الوقت الذي فتحت فيه السعودية مجالها الجوي للطيران الإسرائيلي وذلك بعد يوم من لقاء مستشار ترامب، جاريد كوشنر مع ابن سلمان.

قد يعجبك ايضا