“2000” يوم على حرب اليمن.. نظرة على تغّير التوازنات الاستراتيجية وانتصارات “أنصار الله” المذهلة
مرت 2000 يوم على غزو تحالف العدوان السعودي لليمن التي تعتبر أفقر دولة عربية في المنطقة، لكن لا تزال هناك تساؤلات وشكوك كثيرة حول طبيعة ودوافع بدء الحرب ودور الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في هذه الحرب العبثية.وخلال الفترة الماضية، وخلافًا لرغبة السعوديين، لم يحدث أي تغيير في الجغرافيا السياسية للمنطقة، واستمرت قوات صنعاء في مقاومة هذا التحالف الغاشم وأهدافه، بل إنها تمكنت من تحقيق الكثير من الانتصارات على العديد من جبهات القتال وإلحاق الهزيمة بتحالف العدوان السعودي ومرتزقته.
المصالح الصهيونية الأمريكية في الحرب اليمنية
إن اليمن تعتبر من المناطق التي لدى الكيان الإسرائيلي خطط كثيرة لها، لما لها من مكانة خاصة في عملية مراقبة الممرات المائية الدولية، وهذا الأمر أدى إلى شن حرب ضد هذا البلد الفقير. ولقد كشفت الحرب في اليمن على مدى السنوات الست الماضية عن أهداف سيطرة الكيان الصهيوني على المنطقة وذلك عقب انتشار العديد من التقارير التي تفيد أن إسرائيل تقوم بالعديد من الأنشطة في جزيرة سقطرى التي تحتلها القوات الإماراتية.
وبمقاومتها في ساحة المعركة هذه، أصبحت صنعاء لاعباً ثقيلاً في المعادلات الإقليمية وأحد العوامل المهمة في دعم القضية الفلسطينية. ومن ناحية أخرى، أصبح الكيان الصهيوني أحد الأطراف المشاركة في الحرب اليمنية وذلك عقب تطبيع العلاقات مع الدول العربية الذي بدأ مؤخرًا، وأصبح من الواضح أن القادة الصهاينة يقومون بإدارة العمليات العسكرية التي تشنها القوات السعودية والإماراتية وراء الكواليس.
ولهذا، فلقد قال السيد “عبد الملك الحوثي” قائد الثورة اليمنية في إحدى خطاباته، إن “السعودية والإمارات أدوات لتنفيذ المؤامرات الصهيونية الأمريكية”. ومن جهة أخرى، شدد السيد “الحوثي” على أن أولوية العدوان على اليمن هو تنفيذ مؤامرات تل أبيب وواشنطن في المنطقة. وقال “منذ فترة طويلة تسعى السعودية والإمارات والبحرين لتشكيل جبهة موحدة مع إسرائيل في المنطقة”.
ومن جانبه، أكد “طارق إبراهيم” الخبير والصحفي المتخصص في الشؤون اليمنية، أن توقيت إعلان الحرب على اليمن تم عبر واشنطن، وأن الولايات المتحدة تدخلت في كل تفاصيل الحرب ودعمت تحالف العدوان السعودي المعتدي من خلال توفير السلاح والمساعدة الاستخباراتية. وأضاف “إبراهيم”، أن التصريحات التي صدرت عن فشل الكيان الصهيوني في لعب دور في الحرب اليمنية أمر لا يقبله الحس السليم، وأن هذه التصريحات تنبع من الجهل السياسي. كما أكد “إبراهيم” على أن السعودية حصدت فشلاً عسكرياً برياً وجوياً ولم تستطع حسم معركة صنعاء، والسعودية تورطت في الحرب على اليمن وهي تستنزفها وتستفيد منها أطراف اقليمية.
وبدوره قال الصحفي المتخصص في الشؤون الخليجية “سليمان النمر”، إن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يريد التخلص من الحرب على اليمن، ولا يمكن أن تسمح السعودية باختراق حدودها البرية مع اليمن“. وأضاف أن “لمحمد بن سلمان مصلحة مع الولايات المتحدة تتعلق بأمنه الشخصي والوصول إلى العرش”، لافتاً إلى أن “إسرائيل تريد من خلال التطبيع فرض روح الاستسلام على الشعوب العربية“. وفي السياق نفسه ، قال الخبير في الشؤون الأمنية و الإسرائيلية “عامر خليل”، إن “تل أبيب نفذت أكثر من اعتداء في عمق البحر الأحمر لمنع وصول أسلحة إلى غزة”، مشدداً على أن “إسرائيل شريك أمني فيما يجري في اليمن وتريد أن تحسم الحرب لمصلحة التحالف السعودي“. كما لفت إلى أن اليمن تحّول الى حديقة خلفية داعمة للقضية الفلسطينية، وشعارات الدعم للقدس وفلسطين رفعت في صنعاء حينما كانت تقصف وهو ما أقلق نتنياهو. واعتبر خليل أن ما يحدث في اليمن هو محاولة أمريكية لحسم المعركة لمصلحة المحور الإسرائيلي الأمريكي السعودي الإماراتي.
حرب اليمن وتغّير التوازنات العسكرية
إن تطورات الميدانية خلال السنوات الست الماضية تُظهر فشل أهداف تحالف العدوان في هذه الحرب. ففي اليوم الأول للحرب على اليمن في مارس 2015، أعلن المتحدث الرسمي باسم تحالف العدوان السعودي آنذاك أنه في الربع الأول من الحرب، سيتم تدمير جميع منشآت القوات المسلحة اليمنية وأن القضاء كلياً على قوات “أنصار الله” لن يستغرق أكثر من بضعة أسابيع. وبعد مرور أشهر قليلة من الحرب، ادعى ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” أن “أنصار الله” لا مكان لهم في اليمن وأن تحالف العدوان السعودي سيقضي عليهم في الأيام القليلة المقبلة. وهذه “الأيام القليلة” بالطبع، استمرت لسنوات عدة، ولا يوجد حتى الآن أفق واضح لتحقيق أهداف السعودية في هذه الحرب.
وخلال السنوات الماضية ومع استمرار الحرب، استهدفت الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية أعماق السعودية واستهدفت أهم المواقع النفطية السعودية في مختلف المناطق، وهذه الهجمات أضرّت، وفق مجلة “الإيكونوميست” البريطانية باستقرار السعودية ومصداقيتها ونتيجة لهذه الهجمات، تم التشكيك في الروح القتالية للمقاتلين السعوديين ومرتزقتهم.
وفي آخر تطورات الحرب على اليمن، يمكن الإشارة إلى أن مجموعة الهزائم التي مُنيت بها السعودية في هذه الحرب أدت إلى إقالة الملك “سلمان بن عبد العزيز”، قائد قوات هذا التحالف الغاشم “فهد بن تركي” وعدد من ضباط الجيش السعودي. وفي وقتنا الحاضر أصبحت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية على وشك تحرير مدينة مأرب الاستراتيجية، الأمر الذي سيغير قواعد الحرب في اليمن.
وحول هذا السياق، تحدث المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية “يحيى سريع”، يوم الثلاثاء 23 مارس 2020، عشية الذكرى السادسة للحرب اليمنية، في مؤتمر صحفي عن إنجازات الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال سنوات عدوان التحالف السعودي على اليمن. وصنف “سريع” هذه الإنجازات على النحو التالي:
الف) نفذت الدفاعات الجوية التابعة لقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية أكثر من 721 عملية منذ بداية العدوان لإسقاط أو لطرد طائرات العدو، وكذلك تمكنت من إسقاط أكثر من 371 طائرة ومقاتلة وطائرات عمودية معادية.
ب) دمرت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية أكثر من 8887 دبابة وعربة عسكرية وناقلات جند ومدرعات وجرافات للعدو منذ بداية العدوان السعودي.
ج) أسفرت الاشتباكات منذ عام 2015 عن مقتل أكثر من 10 آلاف ضابط وجندي سعودي وإماراتي.
د) ضربت آلاف الصواريخ الباليستية اليمنية قواعد ومنشآت العدو خلال خمس سنوات من القتال، وعلى العدو أن ينتظر نفس العدد بل أكثر في وقت قصير جداً. كما نفذت وحدة الطائرات دون طيار التابعة للجيش واللجان الشعبية اليمنية 4116 عملية عسكرية منذ بداية الغزو السعودي. كما ذكر المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية أن منظومات قوات “أنصار الله” الصاروخية الجديدة تتمتع بقوة تدميرية عالية للغاية وأن على العدو انتظار ضربات أكبر وفريدة من الشعب اليمني.
مأساة إنسانية وجرائم حرب في اليمن المنكوب بالمجاعة
يعاني اليمن حاليا من أسوأ كارثة إنسانية، بما في ذلك المجاعة والفقر الذي يعيشه الشعب اليمني، وتنهار المرافق الصحية في البلاد نتيجة الحصار الوحشي الذي تفرضه قوات تحالف العدوان وتم أيضاً استهداف المستشفيات والعيادات اليمنية من قبل القوات الغازية، كما أن الإمدادات الطبية نفذت في معظم المستشفيات داخل المدن اليمنية.
وفي هذا الصدد، نشر مركز حقوق الإنسان “عين الإنسانية” إحصائيات عن جرائم التحالف السعودي خلال 2000 يوم من الهجوم المتواصل على اليمن، بمناسبة مرور ألفي يوم على الحرب اليمنية واعلن المركز: أنه بلغ عدد الشهداء والجرحى خلال هذه الفترة 43181 شهيدا. وبلغ عدد الشهداء 16978 شهيداً منهم 3790 طفلاً و 2381 امرأة. كما بلغ عدد المصابين 206203 جرحى بينهم 4089 طفلا و 2780 سيدة.
ووفق التقرير، فقد بلغ عدد المنشآت والمراكز المدمرة والمتضررة 9135 ولقد دمرت هجمات تحالف العدوان السعودي أو ألحقت أضرارا بـ 15 مطاراً و 16 ميناء و 304 محطات كهرباء ومولدات و 547 شبكة اتصالات، وبلغ عدد المنشآت المدمرة والمتضررة 9135. واستهدفت مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودي بشكل متعمد 2098 مستودعاً وشبكات مياه و 1965 مركزا حكوميا و 2200 طريق وجسر.
وبلغ عدد المنازل المتضررة والمدمرة جراء الهجمات السعودية 565 ألفاً و 973 منزلاً، وبلغ عدد المراكز الخدمية المدمرة 576528، وبلغ عدد المراكز الجامعية المتضررة 176 ألفاً، وشملت هذه الاعتداءات على 1375 مسجداً، و 356 مركزاً سياحياً، و 389 مستشفى ومركزاً طبياً.
وتعّمد تحالف العدوان السعودي استهداف 1095 مدرسة ومركز تدريب و 6732 مزرعة و 132 مركزاً رياضياً و 244 مركزاً أثرياً و 47 مركزاً إعلامياً. كما تم في هذه الهجمات الوحشية تدمير 22 ألفاً و 404 مراكز اقتصادية و 393 مصنعاً و 286 شاحنة وقود و 11 ألف 227 مركزاً تجارياً و 407 مزارع للدواجن والماشية. وتعّمدت مقاتلات تحالف العدوان السعودي استهداف 6899 مركبة و 463 ألف قارب صيد و 884 مستودع أغذية و 391 محطة وقود و 672 سوقا و 783 شاحنة طعام.