(يوم الغدير) مفتاح خلاص الأمة…بقلم/عبد الكريم الوشلي
Share
كلَّما مَرَّ يومُ الـ١٨من شهر ذي الحجة الحرام تضيء الذاكرةُ الإنسانية بذكرى يوم مفصلي تحولي من أيام الأمة التي تتوجَ مسارُها التاريخي الحضاري بحمل خاتمة الرسالات الإلهية، وهي رسالة الإسلام بوسمها الختمي المحمدي المبارك.
إنه اليوم الذي اكتمل فيه بنيان الدين وأُوكل أمر القيادة الإلهية للأمة التي كانت «خير أمة أخرجت للناس» إلى أهله، بالبيان النبوي الذي لا لبس فيه على لسان حامل الرسالة الأول النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أن «من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه»، فكان يومُ الغدير، بذلك الحدث، اليومَ الذي وضع الأمة على محجة المسار الناصعة التي لا لبس فيها ولا غموض ولا اعوجاج، بل وضع الكُرة في ملعبها إزاء مسئولية الحفاظ على بوصلة أمرها مستقيمة مصوبة نحو السبيل الآمن لخطوها الدائم نحو المستقبل.. بمأمن من الألغام والانحرافات ومخاطر التعثر والانحراف الجانح نحو ما لا تحمد عقباه، وما يجعلها فريسة للأعداء من قوى الطغيان والجور والهيمنة وما أكثرها في كل زمان.
لكن المحذور المؤلم المؤسف حدث، وكان الجنوح الحائد عن سواء الصراط مبكرا نتيجة غلبة النزعات الأنانية القاصرة الضيقة لمن يعنيهم الأمر، وكانت النتيجة تحدر الأمة في مهاوٍ سحيقة من الضياع والتيه والاستباحة من تلك القوى الشريرة وأدواتها وصنائعها، وهذا هو المصير الذي ما فتئت تكابده وتتجرع تداعياته المريرة حتى اليوم.
إن ولاية الإمام علي عليه السلام، ومَن على خطه القويم الذي هو الخط النبوي القرآني الأصيل ذاتُه المرسوم إلهيا، ليست بِدعاً ولَّدته أهواء بشرية أو طموحاً معبرا عن نزعة أو نزعات أحادية، كما صُور ويصور بمكر وغباء في آن واحد، بل هي فعل التأمين النابع من مصدره الإلهي الضامن لسلامة خارطة سير الأمة، وعنوان خلاصها الوحيد مما تعانيه، على نحو توحيدي عابر للمذاهب والطوائف..
وهذا ما غاب، لبالغ الأسف، عن ذهن الكثير ووعيهم من أبناء هذه الأمة، نتيجة الانحرافات التي أصابتها بالعمى وانعدام القدرة على التمييز، فآل أمرها إلى ما آل إليه، ولا مخرج لها منه إلا بالعودة إلى «باب مدينة العلم»، وبوابة العبور إلى ساحة الخيارات المشرِّفة الممكنة، والتي تضمن لها تجاوز مأزقها الكبير؛ والعنوانُ الأبرز المضيء على هذا السبيل هو (يوم الغدير).