يوم الحضور والاستحضار…بقلم/سند الصيادي
بات اليمنيون على مقرُبَــةٍ من تجسيدِ مشهدٍ جديدٍ ومبهر للعالم، هذا المشهدُ المرتقَبُ والمنتظَرُ سيضافُ إلى قائمة الإبهار المطولة وَالملأى بالمعاني الحقيقية لمفردات الصمود وَالثبات وَكيف تتحول التحديات الكبيرة إلى فرص، وَالتي جسّدها الشعبُ اليمني في مختلف جبهات المواجهة خلال السنوات الست من العدوان الشامل عليه.
وَبكل تأكيد، فإنَّ الوعيَ اليمني الذي تفوّق في اجتياز الاختبار الصعب في معمعة هذا الاستهداف غير المسبوق ضده، قد وصل اليومَ إلى ذروة نُضجِه وأصبح يوازنُ بين أهميّةِ تكامل القول والفعل، وَتكامل الصورة وَعمقها وما خلفها في مضمار المواجهة وَتشكيل مفاعيل القوة وَالثبات، وَدور ذلك التكامل في تعزيز هذه المفاعيل بشكل مستدام يتجاوز ردة الفعل المرحلية إلى مشروع استراتيجي مستقبلي محصن وَضامن.
والحديثُ هنا حول ذكرى المولد النبوي الشريف التي يجهَّز الشعبُ اليمني لإحيائها، مراعياً بحِرْصٍ اكتمالَ وتكامُلَ مكوناتها المتمثلة بالصورة وَأبعادها، الصورة التي ستحاول عدسات الكاميرا جاهدة على التقاطها وَاحتواء كُـلّ تفاصيلها يوم الحضور الكبير لجماهير الشعب اليمني، سواء في الفعالية المركزية الأكبر بميدان السبعين، أَو في تلك الساحات الاحتفائية التي ستقام في بقية المحافظات.
هذه الصورةُ التي يسعى اليمنيون لرسمِها في هذه المناسبة ستمثلُ إذهَالاً وإبهاراً للمراقبين وَستنالُ نصيبَها من التوصيف وَالمباهاة بحجمها وَتنافس المتوقِّعين في إحصاء أعداد الحاضرين فيها، وَهو بلا شكٍّ رقمٌ قياسي أعلى وغير مسبوق في أية تجمعات حزبية أَو سياسية، غير أن الظروفَ والمعطياتِ الراهنةَ التي تقفُ خلفَ الصورة في ظل العدوان والحصار والمعاناة الاقتصادية الهائلة تحتاجُ هي أَيْـضاً إلى إشارةٍ وَقراءة وَإنصاف.
أما عن أسباب وَدوافع هذا الحضور بهذا الكم المتوقع رغم المنغصات، فلأنَّها ذكرى ميلاد النبي الأعظم، الشخصية الأولى والأعلى حضوراً في ذهنية وضمائر وَمشاعر الشعب اليمني العربي المسلم، هذا الشعب المتقادم والمتوارث تفرده وتميزه بهذا الموقف تجاه رسول الله ورسالته وَنهج آل بيته الأطهار، وَهنا يضاف للصورة بُعداً آخر يمنحها مزيداً من التوقير وَالمهابة والإجلال.
أما البُعدُ الأكبر للصورة وَالاستراتيجي الذي يتجاوز إطارَها الزماني والمكاني، فيتعلَّقُ بحجم المكاسب العظيمة التي يمكن أن يجنيَها هذا الشعبُ الحاضِرُ برجاله وَنسائه وأطفاله، إذَا ما هو جعل من حضوره الحاشد وَحبه الكبير للمصطفى المحتفى بمولده الشريف، مناسبةً لاستحضار سيرة وَحياة هذه القُدوة العظمى بالاقتداء الصادق به وتتبع مسيرته وَالالتزام بما انزله الله على لسانه.
ثمة رسائلُ لا يمكن أن تتوافرَ مضامينُها بهذا الكم من الحضور في مناسبة أُخرى، رسائلُ سيصدرها هذا الاستحضار وَالحضورُ المتوقع والمطلوب من شعبنا بهذه المناسبة، بقدر ما تبهر العالم وتدهشُه فإنَّها سترعبُ حتماً أعداءَ هذا الشعب وَقاتليه، وَتشعرُهم بمدى الفشل الذريع لآلتهم العسكرية والاقتصادية والإعلامية التي جندوها ولا يزالون ضد هذا الشعب ومساعيهم الحثيثة؛ للنيل منه ومن أرضه ومقدراته وَموروثه الثقافي والفكري.
إذن على أبناء شعبنا اليماني العظيم أن لا يفوتوا هذه المناسبة التي باتت بفضل القيادة الإيمانية الثائرة وَالحكيمة، درة المناسبات وعيد الأعياد، ويوم اليمنيين الموحِّد والجامع، كما هو يوم يجب أن تتوحد حوله كُـلُّ شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية.
ختامًا هي رسالةٌ لشعبنا العظيم، يوم الثاني عشر من ربيع الأول، أقدس أَيَّـام الله المباركة.. يومٌ إيماني النهج يماني الهوى، فيه نتجاوز فيه كُـلَّ شوائب المراحل وَعوالق الخلافات، وتتسامى فيه الأفعال وَتتقزم فيه التباينات، اعقدوا العزم يا أولي العزم والبأس الشديد لتملأوا ساحاته حضوراً حاشداً.. وَلتستمدوا من صاحبه هداية ليس بعدها من ضلال.