عندما كنت طالبة في الثانوية العامة بالتحديد كان قد دُس في الكادر الإداري لمدرستنا آنذاك أستاذة كارهة للفكر الزيدي، أذكر حينها في ذات صباح؛ انتقادها لإذاعتنا المدرسية التي تحتوي على أقول الإمام علي قائلة: “لماذا كل يوم أقوال الإمام علي؟ هناك الكثير من الصحابة والسلف لتتكلمن عنهم في الإذاعة المدرسية” وأظهرت ذلك بحجة أفضلية التنوع في فقرات الإذاعة المتكررة على قولها، بدا قولها شيء يستوجب اهتمامي بالرغم من معرفتي الجمّة لقدر الإمام علي إلا أن فضولي لمعرفة غيره جعلني أفتش في كل الكتب المتكدسة التي يحتويها منزلنا لأبحث عن أقوال أبو بكر وعمر وعثمان ووو الخ أو قصص بطولاتهم أو تاريخهم أو أي شيء فلم أجد ضالتي للأسف، بالرغم من أن أحد أخوتي قارئ نهم وكنت أجد عنده الكتب المتنوعة التي تعاكس المنهج الزيدي، طبعا لا يوجد مكتبات أستطيع أن أجد فيها كتبا متنوعة ولا يوجد قوقل أيضا، وظننت أن انتماء أسرتي المذهب الزيدي هو السبب في عدم وجود ما أريد.
مر الوقت والأحداث توالت لتظهر على سطح الماء كالجيفة مع احترامي للقارئ هذه الفئة الكارهة للإمام علي وآل بيت رسول الله بشكل متعجرف وفظ في بدايات حركة أنصار الله ظنا منهم أنهم في موقف القوة فالدولة بكل إمكاناتها معهم ، وبدأت الناقشات والصدامات تتزايد بين الحين والآخر في المدرسة وخارجها حول كل شيء، لكني في كل نقاش كنت أجد أن لا محتوى عند الطرف الآخر، لا يوجد أقوال ولا مواقف و لا بطولات كما للإمام علي، هي قليل من الجمل والأفكار اللامنطقية التي يدحضون حجتنا بها لحبنا وتولينا للإمام علي ويكررون نفس أسطوانتهم المملة في كل مناسبة وخاصة عيد الغدير ، منذ ذلك الوقت وأنا على قناعة أن تولينا للإمام علي إمتداد حقيقي لتولينا لله ورسوله.
تولينا الإمام علي عليه السلام فلم تؤثر فينا الأحداث المزلزلة التي حدثت لبلادنا، لأن اليقين بالنصر من شيم الإمام علي وآل بيته، إن توليه ومحبته كان لها الأثر الكبير فيما نحن فيه الآن من قوة وعزة وكرامة وشموخ، فالتولي هو تجسيد لمكارمه وفضائله في العبادة والإحسان والتقوى والشجاعة والعلم والورع والزهد والصبر والجهاد وكل القيم التي لا نستطيع حصرها، لقد اعتبرناه أُمة كما أراد الله ورسوله لنا أن نجعله فكان في ذلك ما يكره الطرف الآخر من الخزي والهزيمة والعار، واعتبروه شخص عادي وهاهم يهيمون كما هام بنوا إسرائيل في صحراء سيناء بلا هدف ولا هوية ولا عزة ولا كرامة وإنما يتولون أعداء دينهم وكتابهم ورسولهم، وعند هذا الحد يجب أن يعرف كل شخص على وجه البساطة من يتولى.