{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}
{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}
قد يقول البعض: ماذا سنعمل؟ نحن ضعاف. أشخاص لا زالوا هكذا في مجلس أو مسجد يرفعون هذا الشعار، ماذا سيعمل شعاركم هذا؟ نحن مساكين نحن مستضعفون، وأولئك أقوياء وكل الإمكانيات لديهم وهم كذا وهم كذا…إلى آخره.
إن هذا في واقعه هو من الجهل بحقائق القرآن الكريم، تأمل القرآن الكريم، الله سبحانه وتعالى هل وعد الجبابرة والمتكبرين بأن يقف معهم وينصرهم؟ ويعمل على إنقاذهم، أم وعد المستضعفين؟ إنه وعد المستضعفين، وإن الناس الآن هم مستضعفون في مواجهة أعدائهم، استضعفونا.
لكن ليس كل مستضعف هو من سيكون الله معه، ومن سيحظى بتأييد الله ونصره، ومن سيعمل الله على إنقاذه، إنهم فقط المستضعفون الواعون، أولئك الذين قال الله عنهم وهو يأمر المؤمنين أن يقاتلوا: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً}(النساء: من الآية75) هؤلاء مستضعفون واعون، على مستوىً عالٍ من الوعي، فاهمون لوضعهم أنه وضع سيئ، ومتألمون لما هم فيه، أنهم يرون دينهم محارباً، أنهم يرون أنفسهم لا يستطيعون أن يقولوا الحق، ولا يستطيعون أن يمارسوا الكثير من الأعمال العبادية. فهم عارفون أنهم مستضعفون ومتألمون لما عليه وضعيتهم، التي هي في الأخير تنعكس على وضعية دينهم، أو بالعكس محاربة لدينهم، استضعفوا هم باستضعاف الآخرين لـه، وهم في الوقت نفسه يعرفون الجهة التي استضعفتهم وظلمتهم. وهم في الوقت نفسه عمليّون واعون، هم ليسوا ممن يوكلون المسألة إلى الله فليتولاها هو بعيداً عنهم، وهم يريدون السلامة وإن كانوا في وضع سيئ كهذا. لاهم من يقولون لله {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً}، ولياً نقف معه، ولياً نتحرك معه، ولياً يعمل على إنقاذنا، ويقودنا حتى ننقذ . أنفسنا {وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} هؤلاء هم المستضعفون الذين هم محط عناية الله ورعايته.
ولاحظوا القرآن الكريم كيف هو: تتجه آياته لتقول أن المستضعفين هم من سيحضون بنصر الله وتأييده {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}(القصص:5-6) ويقول عن المسلمين الأوائل: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(الأنفال:26) إن الوعد هو للمستضعفين وليس للجبابرة والمتكبرين، حتى ولا نصرُ الدين، ولا إنقاذُ الأمة لن يكون على أيدي أولئك الكبار، هكذا السنة الإلهية، سنة إلهية لا يكون إعزاز عباده ونصر دينه إلا على أيدي المستضعفين الذين يغيرون ما بأنفسهم فيصبحون مستضعفين واعين، يستشعرون مسئوليتهم ويثقون بوقوف الله معهم، يثقون بالله، ويثقون بما وعدهم به.
فالذي يقول لك: نحن مساكين ونحن كذا ونحن كذا…إنك لو فهمت القرآن فإنك تعدد إيجابيات، وإن اليهود يفهمون هذه.
دروس من هدي القرآن الكريم (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.