وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
المسألة هذه فيها عبرة كبيرة بالنسبة لنا، وتعطي طمأنة بالنسبة لصراع الناس مع بني إسرائيل، في مجال صراع الناس مع بني إسرائيل. لاحظ كيف القضية: كان بالإمكان أن يأتي وحي من جهة الله سبحانه وتعالى يخبر بالقاتل من هو ولا يقول بقرة ولا شيء، ألم يكن بالإمكان هذا؟ لكن القضية هنا يوجد شخص واحد مقتول، الشخص الذي قتله دبر لأن يقتله في ظروف غامضة، أي كانت خطة محكمة محاطة بسرية تامة.
تجد هنا الآية توحي: بأن الله سبحانه وتعالى يهيئ أن يكون هناك ما يكشف من الواقع لا يكون هناك حاجة إلى وحي إلهي مباشر في نفس كشف القضية. إذاً هنا ذبحوا البقرة، وضربوه بشريحة من هذه البقرة، قالوا: إن هذا المقتول قام فعلاً وأخبر بقاتله، يأتي بعدها: {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}(البقرة: من الآية72).
بنوا إسرائيل وصلوا إلى حالة بالنسبة لنفسياتهم، أصبحت نفوسهم سيئة فعلاً. حصل لديهم خبث، حصل لديهم نظرة سيئة بالنسبة لباقي البشر، ونظرة سيئة بالنسبة لله! لهذا حكى الله عنهم في مواضع أخرى في القرآن الكريم كيف كان فيهم جرأة على الله: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}(المائدة: من الآية64) {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}(آل عمران: من الآية181). ألم يحكِ الله هكذا عنهم؟ هم في واقعهم لا يزال لديهم نوع ذكاء، وخبث وجرأة في التخطيط، هم عندما يجتمع لهم عداوة للناس، للبشر، كراهية، قلة خوف من الله، ينظرون إلى الله وكأنه واحدٌ منهم لا بد أن يتأقلم معهم، وينفذ الخطط التي يعملونها! وقدرة على التخطيط هذا معناه: أنهم سيضرون بالبشر بشكل رهيب، فكأنها سنة إلهية بالنسبة لهم: لا يتوفر لهم التخطيط بالشكل المحكم تماماً بحيث لا ينكشف {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ} بعبارة اسم الفاعل التي تعني وكأنه سنة لديهم: أن يخرج ما تكتمونه {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}.
عندما تنظر والقضية هنا تبدو قضية محدودة يعني: هناك شخص واحد قتل، وخطة دبرت في ظروف كانت ناجحة هذه الخطة، و كان ضحيتها شخص واحد قتل.
إذا كانت هذه المسألة كلها لكشف ما كتموا ولكشف هذه الخطة فافهم بأنه تقريباً بالأولى أن تكون سنة إلهية: أن يكشف للمتأملين، للمتوسمين، للمتفهمين، للمهتمين، أن يكشف الخطط التي قد تكون ضحاياها شعوب، ضحاياها العشرات من الناس، المئات من الناس، ضحاياها دين، ضحاياها مقدسات، ضحاياها أشياء كثيرة جداً، قضية ملموسة هذه، ملموسة فعلاً على أرض الواقع في زماننا هذا فضلاً عن غيره.