ولاية الأمر ركيزة أساس في بناء الأمة عبدالرحمن الحمران
ولاية الأمر ركيزة أساس في بناء الأمة عبدالرحمن الحمران
خاص الحقيقة
من أبرز أسباب وصول أبناء الأمة الإسلامية والعرب منهم على وجه الخصوص إلى ما هم عليه اليوم من التبعية العمياء للغرب , والذلة والهوان , والمستوى المخجِل في شتى مجالات الحياة , تعاطيهم اللا مسؤول وتعاملهم الأعمى مع أساس من أهم أسس الإسلام , ومبدأ من أهم مبادئه وهو ولاية أمر الأمة .
توالى في التولّي على رقاب الأمة أبعدُ الناس أهليّة عن هذا المنصب , ظناً من أصحابه اقتصار مهمتهم على إصدار الأوامر والنواهي والتعيينات وتجييش الجيوش وجباية الزكاة و …
وفي العصر الحديث زادوا الطين بله بتبعيتهم المخزية لدول الغرب , وتدجين شعوبهم لهم , وإبعادهم عن مصادر الهداية الحقيقية , حتى أصبحوا يعيشون واقعاً حديث المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم ( كيفما كنتم يولَّ عليكم ) .
ربما الأمة حتى اليوم لم تصحُ من سكرتها , ولم تدرك بعدُ الأهميةَ الكبيرة التي أولاها القرآن لهذا المبدأ القرآني ولم ترَ سخونةَ الآية التي نزلت على الرسول (ص) قبيل التحاقه بالرفيق الأعلى بأقل من ثلاثة أشهر وهو في طريق عودته من حجة الوداع بوادي خمّ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) وبالتأمل البسيط لهذه الآية وأجواء نزولها ندرك اهتمام القرآن الكبير بهذا المبدأ فقد نزلت في آخر أيام حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أي أنه كان قد بلّغ الأمة بأحكام الدين وشرائعه ومبادئه وأركانه وأسسه وكيف نتعامل مع الأمم الأخرى، إلا أننا وفي هذه الآية نلاحظ الأمر ( بلّغ ) متبوعاً بالتهديد (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) حتى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينها لم يستجز أن يتقدم خطوة وبدأ الترتيبات اللازمة التي تتناسب مع شدّة الآية وسخونتها فأرسل لمن تقدم أن يعود وانتظر للمتأخر في مكان مفتوح .
جمعهم في وقت الظهيرة وصعد على المنصة التي صنعوها من أقتاب الإبل ليراه ذلك العدد الغفير وليبلغ الرسالة بكل وضوح وبدون أي تحرج لما في الموضوع من حساسية ( والله يعصمك من الناس ) .
وفي خطبته تلك قال ( إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ).
أي أن المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله رتّب لهذا الموضوع على أرقى المستويات في ذلك العصر ليبلغ الرسالة بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض.
ونحن اليوم عندما نتأمل واقع أمتنا نراها متأخرة عن ركْب التقدم , تعاني من ظلم زعمائها وطغيانهم وقهرهم واستعبادهم وإذلالهم معاناة لا نظير لها في الأرض. ولو أنها أولت ولاية الأمر الاهتمام الذي أولاه القرآن لهذا المبدأ لرأينا واقعا مختلفا , ولو كان ولاة الأمر يمثّلون الامتداد الحقيقي لولاية الله ورسوله لما كانت أممهم مستباحة الدم وأراضيهم محتلَّة وأعراضهم منتهكة ومقدساتهم مغتصبة .
فولاية الأمر أساس لازدهار الأمة وانتصارها وبنائها في الاقتصاد والأمن والعزة والكرامة , وهدايتها في دينها ودنياها.( ومن يتولَّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).