وكيل وزارة الإعلام لشؤون الصحافة عبدالله علي صبري يكتب “نحو عقد اجتماعي جديد”
بعدَ ألف يوم من الثبات والصمود في مواجهة العدوان والحصار، لا شك أن التضحيات الكبيرة التي قدمها ويقدمُها شعبُنا المعطاء، ستزهر نصراً عاجلاً على التحالف السعودي الأمريكي وأدواته ومرتزقته في الداخل والخارج، ولمن يشكك في ذلك نقولُ إن شعبَنا والقوى الوطنية المناهضة للعدوان تجاوزت خلال ما يقارب ثلاثة أعوام تحدياتٍ كبيرةً ما كان أشدُّ المتفائلين يتصوَّرُ أننا سنتجاوَزُها!
من هذا المنطلق، يتعين على القوى السياسية أن تتحَرّك بثقة ومسئولية نحو بناء اليمن الجديد من خلال رؤىً استراتيجية يتم التوافقُ عليها في ضَوْءِ نقاش عام، لا ضيرَ أن نتطرقَ فيه إلى المُسكوت عنه، خَاصَّة أن ثمة ضبابيةً لا يمكنُ نُكرانُها تجاه النظام السياسي المنشود، والرؤية السياسية لطبيعة النظام والدولة التي تنشدها قوى ثورة 21 سبتمبر.
وإذا كنا متوافقين أن هذه التضحيات يتعيّن أن تدلفَ بنا إلى دولة قوية ومستقرة ذات سيادة، بعيداً عما ألفناه من تدخلات ووصاية خارجية خلال العهد السابق، فإن ثمة منجزاتٍ وتراكماتٍ وطنية تتعلق بالجمهورية والوحدة وَالديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية الصحافة، لا يمكن القفز عليها، وتأخير النقاش حولها حتى يتحقق الانتصار الكبير، بل أكادُ أجزمُ أن شروعَ القوى السياسية والوطنية في رسم ملامح العهد الجديد، سيدفع ببقية فئات المجتمع إلى المساهمة في ملحمة الدفاع المقدس بمختلف متطلباتها، وهم مطمئنون إلى أن القادم أفضل، حيث لا مجال للتراجع عن الدولة المدنية الديمقراطية والعادلة التي يتوقون إليها ويضحون لأجلها!
وممَّا يجعَلُ من هذه الخطوات أولوية مُلِحَّة، أن الطرف الآخر لا يملك مشروعاً ولا شرعية، وإنْ ادّعاهما، وتجربته على مدى عامين في الجنوب ومأرب، تؤكد على عجزه وفشله في بناء الدولة وتثبيت الأمن والاستقرار، وذلك على عكس الحالة الإيجابية في صنعاء، حيث الأمن والاستقرار، وحيث مظاهر الدولة على الأقل، قائمة وهي تقاوم أضرار العدوان والحصار وتداعياتهما.
ولن أضيفَ جديداً بالإشارة إلى أن اليمن تعيشُ وضعاً انتقالياً منذ سبع سنوات، وقد حان الوقتُ لكي تنجز القوى السياسية والوطنية في الداخل عقداً اجتماعياً جديداً دون انتظار حل سياسي مع الرياض قد لا يأتي في القريب العاجل.
وبوضوح أقول أيضاً إن تجربة الحركات السياسية الإسلامية، وقد استهوت الشعارات الدينية ووظّفتها في سبيل الوصول إلى السلطة، وجدت نفسَها أمام مأزق حقيقي، وهي تديرُ الدولةَ العميقة، وترعى مصلحةَ كُلّ فئات المجتمع، بما في ذلك المعارضين لها، ولو أنها تسلّحت ببرنامج متكامل وواقعي ومتوافق عليه مع شركاء الوطن، لأمكن لها تفادي الفشل والسقوط السريع!
وفاءً للشهداء ولتضحيات شعبنا ونحن على أعتاب ألفية ثانية من الثبات والصمود يجب أن نتداعى – وبالأخص القوى السياسية – إلى حوار وطني على قاعدة مواجهة العدوان، وبناء الدولة، وصيانة المكتسبات الوطنية لشعبنا وأمتنا.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.