وفد صنعاء يحط في الرياض بدعوة رسمية.. جولة تفاوض حاسمة
تحذيرات صنعاء الشهر الماضي أتت أكلها، سرعان ما تلقف السعوديون الرسائل، إن تلك التي سمعوها على لسان الرئيس مهدي المشاط أو التي نقلت إليهم عبر دولة إسلامية إقليمية تؤكد جدية صنعاء بالذهاب نحو تصعيد ما لم تلبى مطالبها حول المرتبات والمطار وميناء الحديدة.
ما سمعه ولي العهد السعودي من أحد زوّاره الإقليميين عن نوايا صنعاء جعله مقتنعًا باستقلالية قرار القيادة اليمنية، وجديتها في تنفيذ تحذيراتها التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي مؤخرًا، خصوصًا تلميحه إلى إمكانية استهداف مشاريع اقتصادية يرى فيها ابن سلمان حلم تحول المملكة إلى “أوروبا الشرق الأوسط” حسب ما يعبر، وهي نيوم.
وبحسب بعض الأوساط، أعرب ولي العهد السعودي في ذلك اللقاء صراحة عن ما يقف عائقًا أمام تحقيق مطالب صنعاء خصوصًا بند المرتبات وآلية دفعه ومصدرها، وهو العامل الأمريكي، رد لم يخف تعرضه لضغوطات في هذا الصدد، وما عزز ذلك تصريحات المبعوث الأمريكي إلى اليمن لينديركينغ الذي قال صراحة إن مسألة المرتبات تواجهها عقبات، دون أن يوضح ماهيتها.
وبحسب مسار المباحثات اللاحقة التي قادها الوسيط العماني وسرعة إرسال الوفد السعودي إلى مسقط، ظهرت توجيهات “أميرية” لتفاوض سريع مكمل لما تم التوصل إليه خلال زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء في شهر رمضان الفائت.
وبعد جولة تشاور مع القيادة في صنعاء من خلال زيارة الوفد العماني والوفد اليمني إليها، ثم عودتهما إلى مسقط لبدء جولة تفاوض، يبدو أن أمورًا قد نضجت، بغص النظر عن طبيعتها، استدعت من السعودية توجيه دعوة للوفد اليمني الوطني لزيارة الرياض لاستكمال المفاوضات هناك.
وكون التفاوص يأتي استكمالًا للتفاوض السابق في شهر رمضان، ولا يخرج عن الإطار الذي قبلت به صنعاء، لبى وفد الأخيرة الزيارة وتوجه نحو العاصمة السعودية.
وليل الخميس، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن “المملكة وجهت دعوة لوفد من صنعاء لاستكمال اللقاءات والنقاشات بناء على المبادرة السعودية المعلنة عام 2021”.
ويأتي الإعلان السعودي بصيغته التي أوردتها “واس” كمحاولة لتظهير المملكة بموقع القوي وصاحبة المبادرة، دون أن تظهر نفسها وسيطًا كما حاول سفيرها محمد آل جابر ترويج خلال المرحلة الماضية، مع تأكيد غير مباشر على تفاوض من الند إلى الند مع صنعاء، وهو ما ينسف أيضًا أي أدوار للقوى والمجالس التي تموّلها وتدعمها كل من السعودية والإمارات والتي تبصم على ما تقرره تلك العواصم، خصوصًا الرياض التي تتصدر المسار التفاوضي.
لا يبدو أن صنعاء ستقف عند شكل الإعلان السعودي، فهي بدورها أوضحت أن الزيارة تأتي لاستكمال التفاوص، وبالتالي الجهود ستنصب على الملف الانساني وعلى رأسها مسألة الرواتب ومصدر وآلية دفعها، وفتح مطار صنعاء وكذلك ميناء الحديدة.
لا تفاؤل ولا تشاؤم اتجاه التفاوض القائم حاليًا، مع الحذر من العامل الأمريكي الذي دأب على تعطيل الكثير من التفاهمات التي تم التوصل اليها سابقًا، وهو يمكن أن يعاود ذلك رغم مخاطر عودة الإشتباك إلى سابق عهده قبل الهدنة وربما بشكل أوسع وأشد وبما يشمل البحر الأحمر والجزر اليمنية.
يبقى القول إن المسار التفاوضي الحالي هو الفرصة الأخيرة والذي سيحدد الاتجاه الذي ستسلكه الأمور خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا أن صنعاء لن تسمح بأي تسويف واستغلال للوقت من قبل السعودية، وقد منحت فرصًا كثيرة للتفاوض.
خليل نصر الله