وعادوا بعد طول انتظار
بقلم الإستاذه:- رويدا البعداني
تخنقني الزفرات، وتفصلها العبرات، حين أقفّ متأملة مشاهد عودة الأسرى إلى أحضان الوطن، وعناق ترابه، واستنشاق عبير هوائه، لفراق طال به المدى، لأعوام مديدة من الأسر خارج حدود الأرض وداخلها.
أعوام من غربة، وانتظار، فكم غزاهم الشوق للضوء، للدفء، للأهل، للأرض، لكنهم قاموا بالصبر، وتسلحوا بالصمود. وقفوا غير عابئين بماحل بهم، لطالما صافحهم التشرد، ورافقهم الجوع وأضناهم التعذيب، وأرقهم البُعد، ومع ذلك صمدوا كي لا تتهاوى قواهم أمام مرأى العدو ويشعر بذلك أنه قد انتصر.
نعم لقد عادوا منتشيين بالنصر، مرددين الصرخة بكل ما استطاعوا من قوة، عادوا بأبهة جنود بواسل للتو غادروا معركة القتال. فرغم العذاب الذي نزل بأجسادهم ، والخراب الذي تقاسم أرواحهم المضمحلة إلا أنهم وقفوا منتصبين، شامخين، فرحين بعودتهم للديار بعد طول اغتراب وتعذيب وانتظار. فهيهات هيهات أن يذلوا أو يتراجعوا، نعم فأبطالنا جنود لايركعوا إلا حين السجود فقط.
فأنى للحروف أن تستجمع قواها وتصوغ هذه المشاهد المنتظرة منذُ زمن؟ كيف للأبجدية أن توافي في السرد عناق الأسير لمنتظره القابع على أسنة الشوق من حين أُسر وغاب؟ كيف لها أن تترجم لواعج الحنين ولوعة القلب في مثل هذه السويعات التي تقف فيها فصاحتك عاجزة؟ فثمة رجال تفقد بلاغتك وسطوتك في حضرتهم.
اليوم أشرق مطار صنعاء الدولي بقدوم الأسرى، تبرج كالربيع رخاء وازدهارا، فكم انتظرنا هذه اللحظات التي يقف الحرف حائرًا من وصفها، خجلا من ألايعطيها حقها في الدهشة والحفاوة والسرور، وإنه لفرح مثوب بحزن فهناك أسرى لازالوا معتقلين ولم يعودوا، ولكن يبقى لطف الله وحصافة واهتمام قيادتنا الثورية الحكيمة، هو الأمل الباقي والذي لن يفنى.