وجهان لعملة واحدة …أمريكا والكيان الصهيوني والنشأة الدموية !؟
عين الحقيقة /هشام الهبيشان
لقد شكّل عام 1492 م ومابعده ،كارثة تاريخية وإنسانية كبرى، عندما أحتل مجموعة من المهاجرين الأوروبيين قارة امريكا الشمالية ،واستحلوا دم سكانها الأصليين، وهم ماكان يطلق عليهم حينها ولليوم تسمية” الهنود الحمر”،وسبب تسميتهم بهذا الأسم، إنّهُ عندما أكتشف الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس القارة الأمريكية، ظن إنّهُ وصل للساحل الغربي لبلاد الهند ،فأطلق على سكانها أسم الهنود الحمر، بسبب لونهم المميز المائل إلى الحمرة، ومن هنا فقد شكّل هذا التاريخ علامة فارقة بتشكيل ما يسمى باكتشاف إمريكا “الولايات المتحدة الأمريكية ” ، ومن المعلوم إن الهنود الحمر عاشوا في قارة إمريكا الشمالية، تحديداً منذ سنة 8000 ق. م، والتي عبروا إليها عن طريق مضيق بيرنج بشمال شرق سيبيريا الذي يربط شمال غرب أمريكا الشمالية بشمال شرق آسيا، وعاشوا فيها حياه بسيطة، اعتمدوا فيها على الصيد و زراعة الأراضي، وكوّنوا ثقافات وشعوب عديدة. في منتصف القرن السادس عشر الميلادي، بدأت فعلياً هجرة المواطنين الغرب اوروبيين من القارة الأوروبية إلى شمال وشمال شرق القارة الأمريكية، وبشكلٍ كثيف، وقد قام مجموع هؤلاء المهاجرين الاوروبيين بأنشاء وبناء مجموعة مدن في أقصى شرق وشمال شرق القارة الامريكية الشمالية، ومنها ولاية فلوريدا ،وولاية فرجينيا على السواحل الأمريكية ،وقد ساهم رواج تجارة وزراعة التبغ والبحث عن الذهب بالقارة الأمريكية الشمالية، بتدفق المزيد من المهاجرين الاوروبيين إلى أقصى شرق وشمال القارة الأمريكية الشمالية، ومع زيادة حجم الإزمات والصراعات الداخلية بالقارة الأوروبية بأواخر القرن السادس عشر الميلادي، أزداد تدفق المهاجرين الأوروبيين من دولهم الى أقصى شمال وشرق القارة الأمريكية الشمالية ،وخصوصاً من الأسبان والأنكليز وبدأوا ببناء المدن، وتجهيز المستعمرات والإستيلاء على الأراضي الزراعية الخاصة بالهنود الحمر ،وكل هذا وذاك، كان هو النواة الأولى لإستعباد الشعب الامريكي الأصلي”الهنود الحمر “من قبل المستعمرين الاوربيون ،وهذا بدوره مازاد من حجم معاناة السكان الأصليين للقارة الامريكية الشمالية “الهنود الحمر “. في مطلع الربع الثالث من القرن السادس عشر الميلادي، وتزامناً مع استمرار تدفق المهاجرين الأوربيين من اسبانيا وبريطانيا بالتحديد،واستمرار نهج أستعباد شعب الهنود الحمر من قبل هؤلاء المهاجرين ومن خلفهم حكوماتهم الغرب اوروبية ،بدأ بشكلٍ واضح وممنهج، مسار إبادة (108) مليون مواطن امريكي أصلي “الهنود الحمر “، ينتمون لأكثر من 380 أمة وشعب وعرق، سكنوا امريكا الشمالية، لأكثر من 9500 عاماً على الأقل ،وقد أستمرت فصول مذابح “الهنود الحمر “على أيدي المهاجرين الأنكليز والأسبان لعدّة عقود ،وقد تنوعت أساليب إبادة هذا الشعب ،فبعضهم قُتل حرقاً ،وبعضهم قتلاً بالبنادق ،وبعضهم جوعاً ،ومعظمهم قتل بحربٍ جرثومية خبيثة ،فقد كان المهاجرون الاوروبيون وبعد كل مذبحة يرتكبونها بحقّ ابناء الهنود الحمر، يقومون وبشكلٍ ماكر وبمخطط لعين، بتوزيع الهدايا على القبائل الهندية،كعربون ترضية ،وهذه الهدايا هي عبارة عن مجموعة من الأغطية والبطانيات وهذه الأغطية والبطانيات تمّ جلبها من المصحات الأوروبية، وهي محملة بجراثيم ووباء الطاعون والدفتريا والحصبة و السل والكوليرا، لتحصد وتبيد غالبية القبائل”الهندية الحمراء” وما بقى منهم تمّت إبادته بالأسلحة النارية . وهنا يقول القائد الإنجليزي العام اللورد (جفري أمهرست ) في خطابة إلى (هنري بواكيه )، المسؤول الرئيسي عن عمليات الإبادة ، طالباً منه أن يجري مفاوضات مع الهنود ثم يقدّم لهم بطانيات مسمومة بالجدري وقد أجابه بواكيه بقوله : ( سأحاول جاهداً أن أسمّهم ببعض الأغطية الملوثة التي سأهديهم إياها وسأخذ الاحتياطات اللازمة حتى لا أصاب بالمرض ) ، ومن هنا نقرأ وبعيداً عن تجميل واقع قيام ونشأة الولايات المتحده الامريكية ،وبعيداً عن حملة التشويه التي قادتها وسائل الإعلام الأمريكية التي شوهت تاريخ وواقع وحضارة شعب الهنود الحمر ،إن قراءة تفاصيل مابين السطور حول حقيقة قيام ونشأة الولايات المتحدة الأمريكية، يؤكد بما لايقبل الشك، إن غالبية احفاد العم سام، هم عبارة عن مجموعة مستعمرين أبادوا شعباً كاملاً، وأستعمروا واحتلوا ارضه . وعلى محور أخر متزامن، إنّ قراءة تفاصيل مابين السطور بمشروع التخطيط لإغتصاب واحتلال فلسطين (العربية –المسيحية- المسلمة ) منذ مطلع القرن العشرين الميلادي،يؤكد بما لايقطع الشك ، إن مشروع إبادة الهنود الحمر في امريكا الشمالية تمّ تكراره بشكلٍ واضح على الشعب العربي الفلسطيني ،وهو مستمر اليوم على بعض الشعوب العربية ،فبمطلع ومنتصف القرن العشرين، بدأت غزوة المهاجرين اليهود المتصهينين القادمين الى فلسطين من شتى بقاع الارض . ختامآ ، هناك الكثير من الروابط والمفاصل التاريخية التي تؤكد إن كلا الشعبين الامريكي والاسرائيلي المتصهين، هما وجهان لعملة واحدة.. فكلا الشعبين اقاموا دولتهم المزعومة على أساس إبادة شعب واحتلال أرضه،ومع كل هذا وذاك لم يكتفي أحفاد العم سام وحلفائهم من المسيحيين المتصهينيين ومن اليهود التلموذيين ،بهذه الحروب وهذه المجازر ، فما زالت مطامع ومسارات هذا المشروع الامريكي –الصهيوني للسيطرة على العالم.. كلّ العالم وخصوصاً المنطقة العربية مستمراً ،وهو بهذه المرحلة يعمل بأقصى طاقته ،لتفتيت المنطقة العربية وتقسيمها، خدمة للمشروع الصهيوني بالمنطقة العربية، الساعي لإقامة دولة أسرائيل اليهودية، والتي تتحكم وتدير مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والمذهبية.. يسعى الآن المشروع الامريكي – الصهيوني لتشكيلها، مستفيداً من فوضى المنطقة العربية ،وهو أختار سورية تحديداً، لتكون نقطة البداية لتعويم هذا المشروع بالمنطقة العربية ككل ،تمهيداً لتنفيذه .
*كاتب وناشط سياسي – الأردن