واقعنا اليوم شاهد على حاجتنا الماسة للإمام علي (عليه السلام)
واقعنا اليوم شاهد على حاجتنا الماسة للإمام علي (عليه السلام)
إعداد: صادق البهكلي
منذ امتدت يد الغدر والشقاء لتنال رمزاً عظيما من رموز الأمة هو الإمام علي (عليه السلام) “بكل ما يمثّلُه ومن موقعه العظيم في الإسْـلَام، هادياً للأُمَّـة، وقائداً للأُمَّـة، وأعظم نموذج إيماني تطبيقي للأُمَّـة، أعظم تلميذٌ لنبي الأُمَّـة، الرجل الذي تمثّل في حركته في حياته في مواقفه في أَخْـلَاقه في قيمه الإسْـلَامُ جُملة وتفصيلاً، وتجلّى فيه الأثرُ العظيم لتربية النَّـبِيّ وأثر القُـرْآنِ الكريم في حياته وواقعه كله”.
وفي ليالي القدر المباركة تحاك خيوط المؤامرة لاغتيال رجل هو في موقعه في الأمة بمقام نبي من أنبياء بني إسرائيل، رجل بذل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) جهوداً كبيرة في تربيته واعداده لحمل المسؤولية من بعده، رجل أفنى حياته في ميادين الجهاد والفداء ممثلاً للإيمان في مواجهة الكفر والطاغوت، كان يقتحم الأهوال ويخوض غمرات الموت من أجل الإسلام وإعلاء كلمة الله حتى هابته قوى الطاغوت ونفرت عن مواجهته الفوارس والأبطال وهتفت له الملائكة ” لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار، تلميذ الإسلام الأول المخلص الذي كان يستوعب توجيهات رسول الله، ويعي ما يقول وينطلق بلا تردد في تطبيق توجيهات الله وتوجيهات رسوله.
الإمام علي بمؤهلاته وجدارته التي أستحق بها أن يكون خليفة رسول رب العالمين وبجهوده التي بذلها كان الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يدرك هذه الجهود ويعطي الإمام علي (عليه السلام) مقامه الحقيقي فجعله منه بمنزلة هارون من موسى، وقال فيه (علي مع القرآن والقرآن مع علي) وأنه سيقاتل على تأويل القرآن كما قاتل على تنزيله.. والكثير الكثير من الاحاديث التي رويت عن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في فضل ومكانة الإمام علي (عليه السلام) مع أن دوره الجهادي كبطل بدر وأحد والأحزاب وخيبر وغيرها من الملاحم التي سجل له التاريخ فيها المواقف العظيمة كان لتكفي لو أن هناك أمية واعية ومستبصره، ومع هذا لم تشفع له جهوده ولا تاريخه الجهادي ولا مواقفه ولا ما قاله الرسول فيه، بل اتجهت الأمة إلى أولئك الذين لم يكن لهم أي دور في إرساء دعائم الإسلام ولم يكن لهم أي دور في الحفاظ عليه.. بل كان فشلهم في تحمل المسؤولية مهيئاً الأجواء لأن يتجرأ أشقياء الأمة لاغتيال رجل بحجم الإمام علي (عليه السلام).
إننا لا نستطيع تقييم خسارة الأمة ونكبتها في فقدان رجلا عظيما كالإمام علي (رضوان الله عليه) دون أن نربط هذا الحدث الهام بواقع الأمة اليوم والذي هو في حد ذاته لا ينفصل عن ذلك الحدث الهام فكل نكبات الأمة سببها بدون شك إقصاء الإمام علي (عليه السلام) لأن إقصاء الإمام علي (عليه السلام) هو إقصاء للإسلام وللقرآن ولرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ولقيم العدل والحرية والكرامة.
لقد خسرت الأمة الإمام علي (عليه السلام) فكان البديل معاوية ومن بعده يزيد ثم بنو أمية الذين حاربوا الإسلام ورموزه وقيمه وحولوه إلى ملك عضوض اسس لما نراه اليوم من فكر ضال تمثل في الفكر الوهابي الداعشي الإجرامي الذي يذبح الأبرياء ويقتل المسلمين في الأسواق والمساجد وفي كل مكان فبنوا أمية فعلوا نفس الشيء مع عظماء الأمة كالإمام الحسين والإمام زيد وغيرهم من رموز الأمة واستباحوا مدينة رسول الله أكثر من مرة وقتلوا ومثلوا بأولئك الذين خذلوا الإمام علي (عليه السلام) وحكموا الأمة بالحديد والنار.
إن الأمة اليوم بواقعها المأساوي ونكباتها المتتالية ومآسيها التي تعصف بها ما هي إلا امتداد في الأسباب والنتائج لذلك الانحراف وتلك المأساة التي جلبت على الأمة الشقاء من تلك الليلة التي اغتيل فيها بطل الإسلام الأول وهارون الأمة الإمام علي (عليه السلام) وبذلك كما يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه): ((لا يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها، لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك المنهج الذي تمثل في سلوكه الالتفاف مع الصادقين، الانضواء تحت رايات أعلام الدين، لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب، لابد من معرفة الخلفيات.
إذاً سنرجع إلى علي باعتباره قرين القرآن، ولا يمكن بحال أن نتأثر بتلك الضجة الإعلامية، وبذلك الإرهاب الثقافي الذي يفرضه الآخرون؛ لأننا نجدهم هم، ونجد أنفسنا أيضاً لو استجبنا لهم سنصطدم بمثل هذه الأحاديث، سنصطدم بالقرآن، نصطدم بالرسول، نصطدم بالواقع أيضاً، نصطدم بالواقع.
فعندما نرى عليا (صلوات الله عليه)، نرى فيه المنهجية التي سار عليها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، نرى فيه القرآن الناطق كما قال هو عن نفسه)).
إن الاحداث المعاصرة اليوم في واقع أمتنا تشهد على حجم الخسارة التي منيت بها بإستشهاد الإمام علي (عليه السلام) فنجدها أمة لا تستطيع أن تخدم نفسها ولا أن تحمي نفسها بل أصبحت تحت أقدام من ضربت عليهم والمسكنة، حفنة من اليهود يتحكمون بها جغرافياً وثقافياً ولن ينقذها منهم إلا من أنقذهم يوم خيبر الإمام علي (عليه السلام) ومن يمثلون امتدادا له، وقد رأينا نتائج من يتولون الإمام علي (عليه السلام) كالإمام الخميني في إيران وحزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن حيث استطاعوا هزيمة اليهود وادواتهم.
والخلاصة كما يقول الشهيد القائد (رضوان الله عليه): (ستحتاج الأمة إلى أن تتولى علياً وإن كان علي قد تحول إلى تراب في قبره، ستحتاج إلى أن تتولاه لتهتدي؛ لتسلم قلوبها، لتسلم في حياتها، تحتاج إلى أن تتولاه؛ لأن توليه شرط في تأهيل نفسها لتكون من (حزب الله) ما لم فلن يتحقق شيء، والله متى ما رسم شيئاً وحدده فلا يمكن أن يكون هناك شيء بديلاً عنه مهما بدا لك أنه يمكن أن يكون بديلاً عنه، فلا يمكن.)).