واشنطن تهدّد بغداد: لا شأن لكم في اليمن

كشف مصدر حكومي عراقي عن رسائل تحذيرية شديدة اللهجة بعث بها وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، إلى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وذلك خلال اتصال هاتفي جرى بينهما الأحد الماضي.

وقال المصدر، لـ»الأخبار»، إن هيغسيث شدّد «على ضرورة منع أي تدخل من قبل الفصائل المسلحة العراقية في الرد الأميركي ضد الحوثيين في اليمن»، محذّراً من أن «أي تحرّك في هذا الاتجاه سيُقابل برد عسكري مباشر داخل العراق». كما حملت الرسالة الأميركية مطلباً حاسماً بالإسراع في تفكيك الفصائل ونزع سلاحها، مؤكدةً أن «هذا الملف يحظى باهتمام خاص من إدارة الرئيس دونالد ترامب». وفي المقابل، أبلغ السوداني الجانب الأميركي بأن حكومته تعمل على معالجة هذا الملف من خلال حوارات جارية مع الأطراف المسلحة، سعياً للتوصل إلى تسوية، وفقاً للمصدر.

ويأتي هذا الحراك في ظل تصاعد الضغوط الأميركية على الحكومة العراقية لتقليص نفوذ الفصائل، في مقابل دفع إيراني للحفاظ على دور الأخيرة في المشهد السياسي والأمني.

وزير الدفاع الأميركي حذّر السوداني من تدخّل الفصائل العراقية في الغارات الأميركية على اليمن

وفي السياق، ذكرت مصادر مطّلعة في بغداد أن قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، قام بزيارة غير معلنة إلى العاصمة العراقية، وعقد اجتماعاً مع قادة «الإطار التنسيقي» والفصائل و»الحشد الشعبي»، بحضور السفير الإيراني، وذلك بالتزامن مع الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة على اليمن. وبحسب المصادر التي نقلت تصريحاتها وسائل إعلام محلية، فإن اللقاء الذي انعقد أول أمس، ناقش التطورات الإقليمية المتسارعة، مع التركيز على ضرورة التزام العراق بموقف الحياد وعدم التدخّل في الملف السوري، إضافةً إلى ضبط الأمن الداخلي ومنع أي تحركات خارج إطار الدولة.

كما جرى بحث تداعيات التصعيد الأميركي في اليمن بعد الضربات التي استهدفت حركة «أنصار الله»، فضلاً عن قراءة معمّقة للمشهد الأمني في الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار، أشارت المصادر إلى أن قاآني حمل رسائل إيرانية واضحة إلى الحكومة العراقية، شدّدت على دعم الموقف الرسمي في الحفاظ على التوازن الإقليمي، وعدم الانخراط في أي محاور متصارعة.

إلا أن الرسائل تضمّنت أيضاً تحذيراً ضمنياً من أن أي استهداف إسرائيلي للأراضي العراقية سيقابل برد فعل إيراني، مع تأكيد طهران دعمها لأي موقف قد تتّخذه بغداد أو الفصائل المسلحة في هذه الحالة.

وكانت انعكست تصريحات وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، والتي أكّد فيها أكثر من مرة وجود تهديدات إسرائيلية بقصف البلاد، إلى جانب إيعاز واشنطن إلى حكومة بغداد بتجميد نشاط الفصائل المسلحة أو فرض إجراءات مشددة، على الشأن الداخلي العراقي. وفي هذا السياق، كشف المعاون الجهادي لـ»سرايا السلام»، الجناح العسكري للتيار الصدري، تحسين الحميداوي، أنه تلقّى تعليمات من زعيم التيار، مقتدى الصدر، موجّهة إلى السرايا بعدم حمل السلاح داخل البلاد وخارجها، والعودة إلى مراجع الدين والحكماء في حال تعرّض العراق لعدوان خارجي. وقال الحميداوي، في بيان، إن «من بين تلك التعليمات ترك التصريحات الطائفية، فمآل ذلك لا تُحمد عقباه ومضرّ بالعراق وشعبه». وأكّد أن الصدر «وجّه من ضمن تعليماته بأنه يُمنع منعاً باتاً استعمال السلاح وإشهاره داخل العراق وخارجه، فمصير الوطن والشعب لا يحدّده فرد أو مجموعة».

وقال الصدر أيضاً، إنه «في حال تعرّض العراق للعدوان، فعليكم بالرجوع الى حوزتكم ومراجعكم والحكماء منكم وعدم الرجوع إلى الفاسدين والظالمين».

وتزامنت تعليمات الصدر مع عودة توتر الأوضاع في المنطقة عقب شن الولايات المتحدة حملة عسكرية ضد اليمن، وإنهاء إسرائيل الهدنة مع حركة «حماس» واستئنافها القصف العنيف على قطاع غزة.

وندّد الصدر بالقصف الإسرائيلي على غزة، منتقداً بشدة سكوت الكثيرين، والتفرج على ما يجري للفلسطينيين في القطاع. وقال في منشور له على منصة «إكس»، إن «كل ذلك سيسبّب بيع فلسطين مرة أخرى لتتمدّد الصهيونية في الأراضي الإسلامية والعربية وبكلِّ سهولة وبمعونة من هنا وهناك، وذلك لتصل إسرائيل إلى الحدود العراقية التي يرومها العدو أولاً بالذات، ولن ينفع الندم آنذاك».

وتعليقاً على التحديات التي يشهدها العراق، يرى النائب محمد عنوز، أن «الولايات المتحدة تختلق الحجج لإرهاب العراقيين وابتزازهم، فضلاً عن إسرائيل التي تهدّد وتتوعّد بقصف البلاد، من دون رادع أو موقف عربي شديد ضدها». ويدعو، في تصريح إلى «الأخبار»، الحكومة العراقية إلى «تبنّي سياسة محايدة مع جميع الأطراف، وذلك للحفاظ على أمن العراق من المخاطر الخارجية، وهذا يتطلب التحرّك بدبلوماسية كبيرة في ظل التصعيد في المنطقة».

فقار فاضل

قد يعجبك ايضا