هل كان لـ”أنصار الله” دور في الهجمات على معسكر “الاستقبال” أم إنها كانت تصفية حسابات بين أبو ظبي والرياض؟
كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن عدداً من الهجمات الصاروخية استهدفت مساء يوم السبت الماضي، تجمعاً لقوات تحالف العدوان السعودي كانوا يتدربون في مسجد معسكر “الاستقبال” الواقع في منطقة “الميل” شمال غرب محافظة مأرب اليمنية ولفتت تلك التقارير أنه تم استخدام العديد من الطائرات من دون طيار في تلك الهجمات التي أدت إلى مقتل وجرح المئات من مرتزقة العدوان الأعضاء في اللواء الرابع التابع لقوات الرئيس المستقيل “منصور هادي” والذي كان تحت قيادة العميد “مهران القباطي” وأكدت تلك التقارير أن الجنود الذين قتلوا وجرحوا في تلك الهجمات كانوا يقيمون دورة تدريبية عسكرية في ذلك المعسكر. ويعد معسكر “الاستقبال” واحداً من المعسكرات الرئيسة التي يقودها أعضاء وقيادات تابعة لحزب الإصلاح (فرع الإخوان في اليمن)، والعميد “مهران القباطي” معروف أيضًا كقائد عسكري موالٍ للإصلاحيين ومن أهم الشخصيات المناهضة لدولة الإمارات.
وهنا تجدر الاشارة إلى أنه عقب استهداف معسكر “الاستقبال” بالعديد من الضربات الصاروخية وبالطائرات من دون طيار، قام تحالف العدوان السعودي على الفور وكعادته بتوجيه أصابع الاتهام نحو قوات الجيش اليمنية واللجان الشعبية، وفي هذا السياق، أعلنت وسائل الإعلام التابعة لتحالف العدوان السعودي أن جبهة المقاومة في اليمن “أنصار الله” كانت وراء تلك الهجمات. وفي الأيام الأخيرة، زعمت وسائل الإعلام التابعة لتحالف العدوان السعودي، أن هذه الهجمات كانت مماثلة للعمليات الصاروخية التي نفذتها قوات “أنصار الله” في السابق، لكن المسؤولين السياسيين والعسكريين في العاصمة اليمنية صنعاء رفضوا هذه الإدعاءات ولم يعلنوا مسؤوليتهم عن ذلك الهجوم. ومن دون شك، لو كان أبطال الجيش اليمني أو اللجان الشعبية “أنصار الله” قد شنوا هجومًا على القوات التي تقودها السعودية في معسكر “الاستقبال، لكانوا قد اعلنوا رسميا عن تلك الهجمات من دون خوف كما كانوا يعملون في الماضي عندما قاموا بعمليات “نصر من الله” وباستهداف مصافي النفط السعودية.
وفي هذا السياق، صرح “محمد البخيتي” عضو المجلس السياسي الاعلى وأحد القادة الميدانيين لقوات “أنصار الله” اليمنية، بعد استهداف معسكر “الاستقبال” بعدد من الضربات الصاروخية وبالطائرات من دون طيار، علانية أن الهجوم لم ينفّذ من قبل القوات اليمنية. وأضاف “البخيتي”، أن قيادة الجماعة هي المخولة بإعلان ما إذا كانت استهدفت من وصفهم بمرتزقة العدوان في معسكر مأرب. وأشار “البخيتي” إلى أن هناك صراعاً في اليمن بين دول في التحالف وبين مرتزقة هذه الدول. ومن جهته، أدان المبعوث الأممي إلى اليمن “مارتن غريفيث”، تصاعد الأنشطة العسكرية باليمن، وخاصة الهجوم الذي استهدف أحد المعسكرات في محافظة مأرب اليمنية. وأضاف “غريفيث” في بيان نشره على حسابه الرسمي بتويتر، أن التقدم الذي أحرزه اليمن بصعوبة فيما يخص خفض التصعيد هش للغاية. وحث “غريفيث” جميع الأطراف في اليمن على وقف التصعيد الآن وتوجيه طاقاتهم بعيدا عن الجبهة العسكرية نحو السياسة.
كما أنه تجدر الإشارة إلى أنه نظراً إلى عدم قيام القوات اليمنية واللجان الشعبية خلال السنوات الماضية بشن هجمات على المواقع الدينية أو العامة أو التاريخية وذلك لأنها تعتبر هذا الامر مخالفاً للأخلاق والقيم الانسانية والاسلامية، فكيف يقوم تحالف العدوان السعودي باتهامهم بشن هجمات صاروخية ليلة السبت الماضي على تجمعِ لقواته ومرتزقته في مسجد معسكر “الاستقبال” بعدد من الطائرات من دون طيار.
وفي هذا الصدد، كشفت العديد من التقارير أن وسائل الاعلام التابعة لتحالف العدوان السعودي بذلت الكثير من الجهود خلال الايام القليلة الماضية وقامت بنشر الكثير من الإدعاءات الباطلة والصور المفبركة وزعمت أن قوات “أنصار الله” اليمنية هي من قامت بتلك الهجمات الصاروخية على معسكر “الاستقبال” وذلك من أجل إثارة سخط الرأي العام اليمن تجاه جبهة المقاومة اليمنية “أنصار الله” الذين ضحوا بالغالي والرخيص خلال السنوات الماضية من أجل حماية كل الاراضي اليمنية.
ووفقًا لمصادر ميدانية، فإن التحالف السعودي يحاول أيضًا اتهام جبهة المقاومة اليمنية “أنصار الله”، بانتهاك اتفاقية “ستوكهولم” التي تم التوقيع عليها قبل عدة أشهر بين ممثلين عن حكومة صنعاء وممثلين عن حكومة الرئيس المستقيل “منصور هادي” القابعة في فنادق الرياض والتي التزمت طرفي النزاع بوقف إطلاق النار في عدد من المحافظات اليمنية، وبالتالي يمكن القول أن تلك الاتهامات السعودية تسعى إلى إعادة فتح الطريق لشن هجمات عنيفة على المدن اليمنية، وهنا تجدر الاشارة إلى قوات تحالف العدوان السعودي لم يلتزموا باتفاقية وقف إطلاق النار لعشرات المرات خلال الأشهر الماضية وشنوا العديد من العمليات الوحشية البربرية على مناطق مختلفة من اليمن ضد المدنيين.
وفي هذا السياق، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أن انتهاكات قوات تحالف العدوان السعودي لاتفاقية وقف إطلاق في عدد من المدن والمحافظات اليمنية ولا سيما في محافظة الحديدة، والهجمات المتكررة التي نفذتها مقاتلات الجو السعودية على الاحياء والمناطق السكنية، ومنع دخول السفن المرخصة التي تحمل الغذاء والمساعدات الطبية ومواصلة حصار مطار صنعاء، تعد أيضا جزء من خرق تحالف العدوان السعودي لتلك الاتفاقية التي التزمت بجميع بنودها حكومة صنعاء وتحت رعاية الأمم المتحدة.
وفي سياق متصل، قال مصدر ميداني يمني، إنه ” في الوقت الذي يوجه فيه تحالف العدوان السعودي أصابع الاتهام نحو قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية ويتهمها بتنفيذ هجمات صاروخية على معسكر الاستقبال، يتناسى ذلك التحالف او يغض الطرف عن النزاعات الحاصلة بين قوات منصور هادي الموالية للرياض وقوات المجلس الانتقالي للجنوب الموالية لدولة الإمارات”. ولفت هذا المصدر الميداني إلى أنه لا ينبغي تناسي الاشتباكات العسكرية بين بين قوات “منصور هادي” وقوات المجلس الانتقالي في الجنوب التي حصلت خلال الاشهر القليلة الماضية، حيث قال: ” إن اتفاق الرياض التعسفي أدى إلى حدوث صدام عسكري بين قوات منصور هادي وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي”. وأضاف: “بالنظر إلى هذه الاختلافات، يبدو أن الهجوم نُفّذ من قبل العناصر التي تقودها الإمارات ضد القوات الموالية للسعودية وذلك من أجل إضعاف قوات منصور هادي والقوات التابعة لحزب الإصلاح اليمني”.
وفي الختام يمكن القول أن الضربات الصاروخية والهجمات بالطائرات من دون طيار على معسكر “الاستقبال” الواقع في منطقة “الميل” شمال غرب محافظة مأرب اليمنية، كانت نوعًا من تصفية الحسابات الداخلية بين القوات الموالية لتحالف العدوان السعودي، قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الذراع العسكري الاماراتي في جنوب اليمن التي تعتقد أن اتفاق الرياض اعطاء حزب الإصلاح والقوات العسكرية التابعة للرئيس المستقيل “منصور هادي” الكثير من التنازلات والامتيازات.
الوقت التحليلي