هل استسلم المجتمع الدولي امام مآسي اليمن ام هو متورط فيها؟
اذا أجرينا دراسة بسيطة حول مهمات مؤسسات المجتمع الدولي وأهداف وجودها بالاساس، لأمكننا اختصار جميعها تقريبا تحت عناوين معالجة او مواجهة ما يجري في اليمن، لناحية حفظ سيادة الدول وحدودها وحمايتها من الاعتداءات الخارجية، او لناحية تطبيق شرعة حقوق الانسان والقوانين الدولية وقوانين الحرب، او لناحية حماية الصحة العالمية ومساعدة الحكومات المحلية الفقيرة والتي تعجز عن مواجهة الامراض والآفات الفتاكة بقدراتها الذاتية، وغيرها مما يتعلق بتأمين الاغذية والادوية والخبرات لمساعدة المجتمعات بشكل عام .
في الحقيقة، يبدو وكأن مؤسسات المجتمع الدولي تعمل في اليمن بعكس اهدافها ومسؤولياتها، وذلك على الشكل التالي :
لناحية حماية السيادة والحدود
لم يحدث في التاريخ، أن فشل المجتمع الدولي او تواطؤ فيما خص حماية واحترام حدود وسيادة دولة تعرضت لاعتداء واضح وفاضح، كما حدث في موضوع العدوان على اليمن، وحيث تسابقت وتدافعت عشرات الدول من ضمن تحالفات دولية او اقليمية او اسلامية – وتحت راية شعارات وقحة – على زج وحدات عسكرية من جيوشها في اليمن، مستهدفة حدوده وارضه وشعبه وسيادته، عجزت المؤسسات الدولية، كمنظمة الامم المتحدة او مجلس الامن، عن ممارسة دورها في حماية سيادة اليمن، لا بل وتماهت في قراراتها وفي اجراءاتها مع الدول المعتدية، وفشلت هذه المنظومة الدولية في اتخاذ أي اجراء او في وضع اية مقاربة قانونية لوقف العدوان وحماية اليمن، وها هو اليمن اليوم، ( جنة الأمس )، وتحت أعين ورعاية المجتمع الدولي، ساحة حرب ودمار وقتال .
لناحية تطبيق القوانين الدولية
قد تكون الساحة اليمنية تاريخيا، هي الاكثر من بين الدول التي تمت فيها مخالفة القوانين الدولية وقوانين الحرب والقانون الدولي الانساني من قبل الدول المعتدية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، فاصبح مع هذه الدول وخاصة مع الاخيرة، استهداف المدارس والمؤسسات الصحية والمدنية عملاً عادياً، ولا يعتبر مناقضا لشرعة وقانون المؤسسات الدولية، واصبح استهداف الاطفال مقبولا ولا يشكل مخالفة للقانون الدولي، لا بل واصبح حاجة عسكرية تلجأ اليها دول التحالف – ودائماً على رأسها السعودية – عند كل تقصير ميداني للتعويض والضغط، ودائما ما كان هذا يحدث حيث الفشل في السيطرة رافق اغلب عمليات وحدات تلك الدول على كامل جبهات اليمن الداخلية او الحدودية .
ايضا، مع اعتداءات دول التحالف على اليمن، ألغيت اية قيود على استعمال الاسلحة المحرمة دوليا، واستثنيت الساحة اليمنية من هذا البند في معاهدات استعمال الاسلحة، ونشط استعمال القذائف الفوسفورية والعنقودية بشكل واسع، وتمادت دول عدة في اجرامها حيث اصبحت تتسابق على استعمال الشعب اليمني ومنشآته كحقل تجارب لتلك الاسلحة ولغيرها، ومنظمة الامم المتحدة غائبة ونائمة ولا يهمها في موضوع الازمة – الحرب – اليمنية الا اصدار بيانات سخيفة تدعو فيها لاعادة شرعية (هادي الفار)، والتجاوب مع مبعوثيها (بالاسم فقط) في تلك الازمة، والذين بلغ بهم مستوى التواطؤ مع السعودية درجة عالية جدا .
لناحية الصحة ومواجهة الامراض الفتاكة
في الوقت الذي تتفشى فيه الامراض الفتاكة وبالاخص الكوليرا في اغلب المحافظات اليمنية (21 محافظة حسب الاحصاءات)، وتبدو فيه منظمة الصحة العالمية عاجزة عن المساهمة مع السلطات المحلية في مواجهة الوباء، تقف منظمة الامم المتحدة عاجزة عن اتخاذ اي تديير لرفع الحصار وايقاف الحرب وتأمين مقومات المواجهة من غذاء ودواء ومستلزمات طبية وصحية، وحيث بالاساس يعاني القطاع الصحي اليمني من الحرب دون المرض، بدأ الامر يستوجب استنفارا دوليا وخطة اممية واسعة، وهذا غير متوفر حتما في ظل هذا العجز والفشل والتواطؤ الدولي على اليمن .
و اخيرا … امام هذا الفشل في مواجهة مآسي اليمن وويلاته، حيث عجز المجتمع الدولي عن ذلك بالرغم من قدراته وامكانياته ومؤسساته المختصة والمتخصصة، وامام هذا الهروب او التهرب من المسؤولية والتي هي اساس وجوده ومهماته، لا يمكن القول الا ان هذا المجتمع بكافة مؤسساته الرسمية، القانونية والدولية، هو متورط وبقوة في الحرب على اليمن .
العهد اللبناني