هكذا حولت الإمارات برنامجاً يحميها من الهجمات الإرهابية للتجسس على الناشطين والمسؤولين؟!
الحقيقة/وكالات
أشار تقريررويترز إلى أن البرنامج استخدم في التجسس على معارضين وعلى منظمات دولية وعلى مواطنين من دول أخرى مثل قطر.
وقال التقرير إن الفكرة بدأت من جانب ريتشارد كلارك، الذي كان واحدا من كبار مسؤولي البيت الأبيض عن الأمن ومكافحة الإرهاب بين عامي 1998 و2003.
وأضاف التقرير إن كلارك اقترح على المسؤولين في الإمارات عام 2008 إنشاء منظومة إلكترونية للتجسس، تستهدف بشكل أساسي تنظيم القاعدة.
ونقل التقرير عن كلارك حصوله على موافقة وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة الأمن القومي الأمريكية على المشروع.
لكن التقرير يشير إلى أنه، بمساعدة الخبراء الأمريكيين، تم التوسع في البرنامج ليستهدف آلاف الناس، بينهم معارضون وحقوقيون وصحفيون ومسؤولون في مقر الأمم المتحدة في نيويورك وأعضاء في الفيفا وقطريون.
وأوضحت رويترز أنه لإعداد التقرير، تم فحص أكثر من 10 آلاف وثيقة تخص البرنامج وإجراء لقاءات مع العشرات من عملاء المخابرات وموظفي الأمن القومي السابقين في الولايات المتحدة.
وقال التقرير إن هناك خمسة على الأقل من الموظفين السابقين في البيت الأبيض عملوا مع كلارك في المشروع، الذي تم تسليم المسؤولية عنه إلى شركة أمريكية أخرى عام 2010.
وأوضح التقرير إن البرنامج استهدف خوادم تخص البريد الإلكتروني لغوغل وياهو وهوتميل عام 2012، وهو ما يتعارض مع القوانين الأمريكية التي تحظر على الموظفين الأمريكيين التجسس على مواطنيهم.
ونقل التقرير عن بول كيرتز، الذي جعله كلارك مشرفا على إدارة البرنامج وهو موظف سابق في البيت الأبيض، أهم استعانوا بشركة أمريكية للقيام بعمليات التجسس والقرصنة الإلكترونية.
وقال كيرتز إن دوره كان مقتصرا على تقديم الاستشارات على المستويات العليا، وإنه لم يكن يعلم شيئا عن العمليات اليومية.
وأشار تقرير رويترز إلى أن البرنامج اتخذ من أحد المطارات في العاصمة الإماراتية أبو ظبي مقرا له، تحت الإشراف المباشر لخالد ابن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وأضاف التقرير أن الأمريكيين قاموا بتدريب موظفين إماراتيين على عمليات التجسس والقرصنة الإلكترونية.
وفي 2009، بدأ السعي نحو إنشاء أداة للتجسس الإلكتروني تتيح للإماراتيين سرقة الملفات من أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام تشغيل ويندوز ونقلها إلى خوادم تحت سيطرة ديوان ولي عهد أبو ظبي.
وأوضح التقرير أن دور الشركات الأمريكية اقتصر على تقديم المشورة والدعم، بدون أن يكون لهم دور في عمليات القرصنة أو التجسس.
وقال تقرير رويترز إنه بعد مرور عدة أشهر، وجد الأمريكيون ضرورة العمل بأنفسهم بدلا من الإماراتيين الأقل الخبرة والذين يعاني بعضهم من مشاكل في التعامل مع التكنولوجيا بينما فقد البعض الآخر منهم حماسه للعمل.
وبنهاية عام 2010، انتقل الإشراف على البرنامج إلى شركة “سيبربوينت”، التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة.
في خلال عامين، ارتفع عدد الأمريكيين العاملين في البرنامج من حوالي عشرة أشخاص إلى حوالي 40 شخصا، جاء أغلبهم من وكالة الأمن القومي الأمريكي أو من المتعاملين معها، بينما وصلت ميزانية “سيبربوينت” إلى 34 مليون دولار.
ويوضح التقرير أن بعض الأمريكيين من الذين عملوا في البرنامج أبدوا خشيتهم من مخالفة عملهم هذا للقوانين الأمريكية التي تحظر على المواطنين الأمريكيين العمل مع وكالة تجسس أجنبية.
وينقل التقرير عن أربعة ممن عملوا في البرنامج الإماراتي قولهم إنهم اعتقدوا أن العمل مع شخصيات معروفة في مجال الأمن القومي في الولايات المتحدة مثل كلارك وكيرتز يعني أن الأمر مسموح به من الإدارة العليا، بل ويحظى بدعمها، نظرا إلى عملهم في مشروعات خاصة بالحكومة الأمريكية.
ويضيف التقرير أن البرنامج انتقل في 2011 إلى مقر جديد، عرف باسم “الفيلا”.
وينقل التقرير عن كارل غمتو مدير شركة سيبر بوينت أنه تم التعاقد مع الأمريكيين لتدريب القراصنة الإماراتيين فقط، وتم منعهم من المساعدة في العمليات بأنفسهم. إذ يحظر القانون الأمريكي بشكل عام على مواطنيه القيام بعمليات قرصنة إلكترونية، ويشدد بشكل خاص على عدم استهداف الأمريكيين.
وقال غمتو إنه بالرغم من إشرافه على البرنامج لخمس سنوات من الولايات المتحدة، إلا أنه لم يعلم بأي من هذه الأنشطة، مشيرا إلى أنه قام بزيارة الموظفين في الإمارات نحو خمس أو ست مرات فقط طوال هذه المدة.
ويضيف التقرير أنه سرعان ما أصبح الأمريكيون هم المسؤولين عن كل الأمور الهامة في البرنامج، إذ ساعدوا في العثور على الحسابات المستهدفة واكتشاف نقاط الضعف وتنظيم الهجمات الإلكترونية، لكنهم لم يقوموا بأنفسهم بالخطوات الأخيرة التي كان يقوم بها الإماراتيون في حضور الأمريكيين.
ويشير التقرير إلى أنه بعد ثورات 2011، خشي الإماراتيون من أن يكون بلدهم المحطة التالية وبدأت أهداف البرنامج في التحول من مكافحة الإرهاب إلى ما وصفه الإماراتيون بأنها “أهداف الأمن القومي”،التي شملت معارضين وأخرين كان ينظر إليهم على أنهم مصدر “خطر سياسي”.
ويقول التقرير إن من بين هذه الأهداف: جماعة ألمانية للدفاع عن حقوق الإنسان ومكاتب الأمم المتحدة في نيويورك ومديرين تنفيذيين في الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”.
ويضيف التقرير أنه طبقا لوثائق البرنامج تم تكليف فرق بالقيام باستهداف حكومات دول، وذلك بين عامي 2012 و2015.
وقال تقرير رويترز إنه في عام 2014، استهدف عملاء البرنامج الإماراتي مدرين في الفيفا ومواطنين قطريين وآخرين تربطهم علاقة بتنظيم قطر لبطولة كأس العالم 2022.
ويضيف التقرير أن العملية كانت تهدف إلى الحصول على معلومات قد تضر بموقف قطر، ثم تسريبها إلى وسائل الإعلام.
ويقول التقرير إن موظفا سابقا في وكالة الأمن القومي الأمريكي يدعى كريس سميث هو من خطط للقرصنة ضد الفيفا عن طريق إرسال رابط، يقوم بمجرد الضغط عليه بزرع فيروس في الجهاز المستهدف.
ويوضح التقرير أنه بمرور الوقت تزايدت الخلافات بين الأمريكيين وبين الإماراتيين بشأن الأهداف التي يتم اختيارها، كما بدأ الإماراتيون في حظر إطلاع الأمريكيين على بعض الملفات.
ويضيف التقرير أنه بنهاية عام 2015 فسخ الإماراتيون العقد مع شركة “سيبربوينت”، وتم تكليف شركة إماراتية بإدارة البرنامج.
ويوضح التقرير أن أكثر من عشرة من الموظفين الأمريكيين قرروا الاستمرار مع الشركة الإماراتية بالرغم من تحذير “سيبربوينت” من أنهم سيفقدون التصريح الممنوح لهم من وزارة الخارجية للعمل مع البرنامج.
ونقل التقرير عن أحد العاملين السابقين في البرنامج أنه تم استهداف مكاتب الأمم المتحدة في نيويورك بهدف اختراق البريد الإلكتروني الخاص بدبلوماسيين من إحدى الدول “المنافسة” للإمارات.