هكذا تصعد الأمم…بقلم/علي الشرفي
مذ كانت أقراص ” البلس ” هي ما يأكله مجاميع الأنصار القليلة في أسفل جبال مران بصعدة بقناعة وعن طيب خاطر ، ويتقاسمون مع وحوش الفلا المأكل والمشرب وهم يخطون الأسطر الأولى لملحمة اسطورية – حررت العقل والفكر والوجدان من براثن اليهود ومكائدهم وخبثهم – ماكان يحسبها العوام ستمضي ، لاسيما أن مطلعها الأول اختتم بكربلائية حقيقية عزّ أن توصف كل تفاصيلها وظن الجميع ــ باستثناء من لا يصل عددهم عدد أصابع اليد ــ أن هنا النهاية .
كنت صغيراً آنذاك لكني شهدت بنفسي أرجل جنود صالح والإصلاح ببزاتهم العسكرية وهم يركلون البيوت ويقتحمونها وهي خالية إلا من النساء والأطفال ، كنت صغيراً ايضاً لكني أدركت أن من اللطف الإلهي أن يتحول مجلس الشهيد القائد إلى مسجد للصلاة ، كنت صغيراً لكني كنت أرى أولئك الجنود وهم يحطمون المحاصيل الزراعية للمواطنين حقداً وبدون مبرر ، كنت صغيراً لكني اضطررت وبالقوة أن أبقى بين صقيع البرد لأيام ـــ أنا وغيري ـــ في ليالي الشتاء القارس وأنا أحمل عصا كي أؤمن بها اللواء السابع عشر مشاه بعدته وعتاده الهائل ، كنت صغيرا عندما اقتادوا والدي إلى السجن بسبب ضوء صدر من غرفة في بيتنا منتصف الليل ، كنت صغيراً عندما أخذوني للتحقيق مع ضابط متكبر بسبب عبارة كتبت على إحدى الصخور في الطريق نحو المدرسة كان نصها ( الظلم لن يدوم ) .
مابين تلك الفترة واليوم مآسي وأحداث يشيب لهولها الشباب ، وما بينها وبين اليوم واقع حتى العدو التأريخي احتار في فهم تفاصيله رغم علمه بالسنن الإلهية أكثر منا ، فكلما جهز وأعد وأرعد وأزبد وهاجم كلما خرجت الأمور عن سيطرته ، إذ أصبح من كان سلاحه العصى الخشبية يتسلح بالبركان والطائرات المسيرة ذات الصنع المحلي ، لكن العدو بحقده لم يكن يعلم أو ربما أعماه استكباره وعنجهيته أن هذه الأحداث هي من تصنع الأمم وأنها تعد فرصاً ذهبية خاسر من لم يستغلها للنهوض وأخذ مكانه الحقيقي والمفترض في هذا الكون وإني لأرى – مؤمناً بالله وسننه – أن هذه الأمة المباركة ، أمة أنصار الله ستكون اليوم ومستقبلاً مبتغى كل ملهوف في هذا العالم ومأوى كل مظلوم وملاذ كل مستضعف بإذن الله تعالى {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} صدق الله العظيم