هذا هو الصمَّاد!
عين الحقيقة/مصباح الهمداني
كنتَ أفضلنا جميعًا حين فهِمتَ قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ” تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا؛ كتاب الله وعترتي أهلَ بيتي” ، عرفتَ الطريق يا صماد منذُ وقتٍ مبكر، بينما تخبطنا كثيرا، وتُهنا أكثر، وتاهت بنا الأيام والسنوات…
كنتَ نابغةً يشربُ من مصدر اليقين، ومنبعِ العين الدافقة، وكنتَ تسمعُ وتعي وتُفكر وتُبصر..
عَرفتَ ومثلكَ لا يَضيع، حينَ قرأتَ الملازم، وعَرفتَ اللازِم، وصدعتَ بالحقِّ في قريتكَ، وبينَ أهلكَ وناسكْ، وحينَ سخِرَ منكَ الآخرون وقالوا لك: وأين أمريكا وأينَ نحن، وماهذه الملازمُ إلا إفكٌ يُفترى..
قلتَ لهُم: لقد قالَ سيدي حسين أنَّ أمريكا ستأتي إلينا وتقتُلنا إن لم نُحصن أنفُسنا ونستعدَّ لها….
ولم يكُن أحدٌ يُدركُ أنَّ لكَ شأنًا عظيمًا إلا ذلك العَلمُ وهوَ يَشرحُ لكَ أدقَّ التفاصيل، وأخطر حيَلِ اليهود، وشدة عداوتهم للمؤمنين..
وكانتْ أذُنك هي الواعية، فوعَتْ وحفظَت واغترفَت، وحينَ صدعْتَ بالحقِّ قال لك مُحبٌ :
لقد بلَغتَ من العلم مبلغا، فرددت عليه بلسان المتواضع والمؤمن والصادق: إنما أغترفُ من الملازم، وأضيفُ عليها شيئًا من الواقِعْ.. كان صوتك واضحًا نقيًا، كما قلبكَ نابضًا تقيا..
ولقدْ نمى العلمُ واليقين في قلبك وروحِك كما تنمو الأشجار المثمرة، وما إن حصحص الحق، ووجَب التغيير باليد، وأنتَ ترى خُدَّام أمريكا قد جاؤوا بخيلهم ورجلهم ودباباتهم ومدرعاتهم وطائراتهم ليُسكتوا صوتًا ينادي بالبراءة من اليهود ويوجه البوصلة نحو أمريكا؛ لم تنَم ولم يغمض لك جِفن، فسللتَ سيفك، وحملتَ سلاحك، وجعلتَ من بني معاذ عنوانًا للصبر، وآيةً للنصر، وجحيمًا للأعداء، فكُنتَ للعَلَمِ كما كان الأشترُ لعلي ع، وكما كان الحُر للحسين ع…
سطعَ نجمكَ في سماءِ العِرفان كما سطعَتْ شمسُ ذلك الصباح، الذي أسفرَ عن هروبِ جحافل الظلم والظلام، وهزيمتهم المنكرة، ووصلَتِ البُشرى، إلى حفيدِ النبأ العظيم، فسُرَّ سرورًا كبيرا، وخرَّ للهِ ساجدا، وبكَ وبالأسود الصناديد، ارتفعَتْ ذلك اليوم بني معاذ إلى العلياء، تعانقُ بفخر الجوزاء…
لقد قالها العَلمُ مرارًا وتكرارًا بأنَّ هذا الأمرَ سيبلُغُ مبلغًا عظيمًا، وسيصلُ شأنه إلى الدنيا بأسرها، وسيكونُ حملةَ هذا الأمرِ هُمُ الأقربُ للمؤمنين والأحَبُّ للصادقين، والأوفى للمخلصين.. ولم تكُنْ بني معاذ تعلَمُ بأنَّ الشبلَ الصغير سيُصبحُ ذا شأنٍ كبير.. ولكنَّ العلَمَ قد قالها، وأصبحَ شبلُ بني معاذ في لحظةٍ فاصلة، وفي مرحلةٍ حاسمة؛ هو الرجُلَ الأولَ على مستوى العالَم؛ انشغلتْ بأمرهِ كل القنوات، وتردد اسمه على كل الألسُنْ، وتناقلَتِ الخبرَ كل الإذاعات، وانقسَمَ العالمُ حولَ الصمَّادُ إلى قسمين، فمنهُم من فرحَ وابتهج ومنهم من حزن وتألم…
العالمُ كله..نعم كله.. لم يبقَ أحدٌ في هذه الدنيا إلا وسمعَ وتساءلَ عن الصمادِ وما خبرُه!
لكنَّ الأشياء كما تركها العَلمْ، وكما تحدَّثَ عنها قرينُ القرآن، وكأنه حاضرٌ معنا؛ فقدِ احتفلت أمريكا وإسرائيل الصهيونية والشُّعيرات التي على ذيلهما.. وتألَّمَ المؤمنون في مشارق الأرضِ ومغاربها؛ ابتداءً من فلسطين، وانتهاءً بلبنان، ومرورًا ببُلدان المقاومة كإيران وسوريا والجزائر والعراق وكثيرٌ من الأحزابِ والمنظماتِ والشخصيات الحُرة في هذا العالَمْ…
لقد جاءت أمريكا حقًا يا صمَّاد، وبطائراتها الحديثة، ومخابراتها الكبيرة، ومعها كل أربابِ الصهاينة؛ ليقتلوك، ليأخذوكَ من هذه الدنيا؛ لأنَّكَ أزعجتهم، وأصبحتَ تُهدِّدُ عروشهم وتُفشلُ مخططاتهم، لأنك لم ترضخ، لأنك لم تخَفْ، لأنك لم تبِعْ ضميرك بالملايين ولا المليارات، لأنك من مدرسة الثقلين!
جاءت أمريكا كما قال قرين القرآن قبل 14 عامًا، لتكشفَ عن وجهها القبيح، ولتُباشرَ عملها، بعدَ فشلِ أدواتها الصِّغار، وعبيدها الأغبياء الأقزام…
لقدْ رحلتَ يا صمَّاد إلى حيث أمَّلتْ، وستُعانقُ محمدًا وعليًا والحسنان وكثيرٌ من الطاهرين، وليتَ شِعري كيف ستُعانقُ العلمَ الحُسين، وكم سيطولُ عناقكما، وكم من الدموع ستذرفانِ فرحًا باللقاء، وفخرًا بالمصير المُشترك.. ليتَ شِعري يا صمَّاد هل ستُمازحَ العلمَ وتقول له” ياسيدي قتلوكَ الأذيال، أما أنا فقد جاءت أمريكا بقضها وقضيضها” وكأني بالسيد العلَمْ يرُدُّ عليك ويقول” ألمْ أُخبِركم بذلكَ قبل عقدٍ من الزمن”..
يالعظمة الحديث بين يدي الأولياء، يا لسعادتك يا ابن الصماد في حضرة الأنقياء.. يا لرقُيك في منازل السعداء، صِرتَ نجمًا في سماءِ الطاهرين، وخالدًا في سِفر المتقين، ورفيقًا للمطهرين..أخبرِ العلم يا صماد بأنَّ البلاد غير البلاد وأن العباد غير العباد، وأن مسيرته التي ابتدأها بالمآت قد تمددت وانبسطت وأصبحت بالملايين، وأنها تجاوزت الجغرافيا المحلية إلى العالمية.. أخبرهُ أن كثيرًا من الأعداء المُحاربين قد صاروا من الواعين المُدافعين، وأن كثيرًا من الجاهلين قد أصبحوا من أكثرِ المبصرين..
ولتفتحْ عينيك يا أبا الفضل، وتُشاهِد هذه الملايين التي خرجَت في وادعك، بقلوبٍ حزينة، وعيونٍ دامعة، وأنفسٍ محتسبة، لكنهم مع كل ذلك؛ يهنئونكَ بالفوز، ويُفاخرونَ بك العالم.. كل هؤلاء جاؤوا محبةً لك.. لأنكَ ممن قال الله فيهم “رجالٌ صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”
افتح عينيك يا ولي الله وتأمل الملايين التي جاءت برغم القصف المُستمر منذ الليل والذي لم يتوقف حتى تشييع جُمانك الطَّاهِر…
أعداؤك يا ولي الله من أتباع الشيطان ومن أرذل البشر، فقد أخافوا الناسَ لكي لا يحضروا وداعك الأخير وقصفوا صنعاء قصفًا شديدًا في الليل البهيم وفي الصبح المنير، لكنَّ جحافل المؤمنين لم تغِب ولم تخَف ولم تتردد وفيما القصفُ مستمرٌ على بُعدِ أمتارٍ من نعشك الطاهر كانت الجماهير تصرخ وتسبح وتكبر وهي تراكَ مسجى أمامها …
وبالأمس كان البطل الثوري الكبير قائد اللجان الثورية في صعدة يقدم العزاء لأبيك البطل، واليومَ رأيته حاضرًا بجوار الرئيس المجاهد الشجاع مهدي المشاط وبجانبهما أبيك وأبنائك وكل رجال الدولة، جاءوا لوداعك برغم خسة ودناءة وحقارة عملاء الصهيونية والذين لم يتوقفوا عن القصفِ حتى كتابة هذه الكلمات…
نم قرير العين أبا فضل فقد خلَّفتَ لنا ملايين الرجال الصامدين الصماديين، نم قرير العين وليَفخَر ويُفاخرَ بك القائدُ العلَم، وأبناؤك، وأبيك وأمك وزوجك وإخوتك وكل أهلك، ولتفخر بكَ بني معاذ وصعدة، وهمدان، واليمن كلها بل وكل عربي أبي وكل حر في هذا العالم…
نم قرير العين أنتَ ورفقائك العظماء الستة الشهداء الأولياء :
على عبد الخالق درهم الهمداني
يحي أحمد شريان الهمداني
عبد الكريم عبد الوهاب محمد شرف الدين
عبد الباري محمد علي مناع
أمين أحمد حمود سمنه
أمين حسين علي محروس
وستُقام لك ولرفقائك العظماء مجالس عزاء في 16 صالةٍ حتى الآن في مديريات العاصمة، وسنقرأ لك ولرفقائك يس آلاف المرات إن لم يكن الملايين، هنيئًا لكم هذا الفوز وهذا الفضل وهذا المجد وهذا الخلود.
وكما أرويتَ بدمائك أنت ورفاقكَ أرض الحديدة الطاهرة خاصة وأرض اليمن عامة، فقد زرعت ملايين الأبطال الذين سيجعلون من أرض اليمن مقبرةً ومحرقةً وجمرةً ولهيبًا على الغُزاة العملاء ونعالهم البؤساء، ونعالَ نعالهِم الأجراء…
لقد أشعلتَ بدمائكَ شُعلة النصرِ يا رئيس الشهُداء!
وستتمنى أمريكا ونعالها الأقزام أنهم لم يمسُّوا شعرةً واحدةً منك، وسيُرددون بعد اليومِ؛ كلَّ يوم:
ألا ليتَ شبلَ بني الصمادِ دامَ لنا… ويا ليتَ بأس بني المشَّاطِ لم يكُنِ