هذا ما يطلبه “الوسطاء” من المقاومة : أعيدوا لــ إسرائيل” أسراها ثم اسمحوا لها بعد ذلك بقتلكم
ما يطلبه “الوسطاء” من حماس: أعيدوا لــ إسرائيل” أسراها ثم اسمحوا لها بعد ذلك بقتلكم
يربط الأمريكيون -في كل تصريحاتهم- محادثات وقف إطلاق النار في غزة، بـ”إعادة المحتجزين” (الإسرائيليين طبعا) إلى بيوتهم، دون أي تطرق إلى ما يجب فعله لإنقاذ المدنيين الفلسطينيين من أكبر مأساة إنسانية شهدها العصر الحديث، ما يعطي الانطباع بأن “إسرائيل” –في حال التوصل إلى هدنة من هذا النوع- ستعود إلى استكمال حرب الإبادة بمجّرد أن تتسلّم أسراها، والدليل على هذا، أن رئيس سلطة الاحتلال الصهيوني يطالب بضمان مكتوب يسمح له بمواصل الحرب بعد إبرام الاتفاق.
ثم إن من يُطلق عليهم صفة “الوسطاء”، أصبح دورهم من جهة أول الضغط على حركة «حماس» حتى تُذعن للتعديلات التي أُدخلت على اقتراح التسوية الأول، وهو اقتراح تراجعت عنه (إسرائيل) نفسها. ومن جهة ثانية يعبّر “الوسطاء” صراحة – في سياق مهمتهم الجديدة المتمثلة في “منع الانزلاق نحو حرب إقليمية واسعة”- عن أن قرار إيران وحزب الله و«أنصار الله» الرد على الاعتداءات والاغتيالات الصهيونية سيفسد كل شيء.
ووفق هذا المنطق فإن “حماس” بات مطلوبا منها أن تسلّم الأسرى، وتقبل بوقف إطلاق النار، فيما يكون على إيران أن تتراجع عن الرد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى “حزب الله” و”أنصار الله”. لكن، ماذا عن (إسرائيل)؟ بالتأكيد، يمكنها مواصلة قتل الأطفال ونساء غزة باستخدام السلاح الأمريكي، فيما سيتفرغ الوسطاء لاحقا لإطلاق بيانات التنديد والشجب إلى ما لا نهاية.
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال إن المحادثات بشأن قطاع غزة قد تكون آخر فرصة للتوصل إلى هدنة و(إعادة المحتجزين). وقبله كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن -رغم تقارير عن تعثر المفاوضات نتيجة لشروط جديدة وضعها نتنياهو- أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ما زال ممكنا.
وقال بايدن للصحافة -بعد قضائه عطلة نهاية الأسبوع في منتجع كامب ديفيد- إن المحادثات لا تزال جارية و”نحن لن نستسلم”، مضيفا أن التوصل إلى اتفاق “ما زال ممكنا”، وجاء تصريح بايدن بالتزامن مع وصول وزير خارجيته بلينكن إلى الكيان، حيث التقى الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوغ، في مستوطنة تل أبيب، وقال إن “المحادثات تمر بلحظة حاسمة”، داعيا “حماس” و(إسرائيل) إلى عدم إخراج جهود المفاوضات عن سكتها.
ولكن، وزير الخارجية الأمريكي، لم ينس أن يذّكر بالمهمّة الأساسية المتمثلة في “ضمان عدم حدوث تصعيد في المنطقة”، في إشارة إلى مخاوف واشنطن من هجوم إيراني محتمل على الكيان، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران. وقال بلينكن: “نسعى للتأكد من عدم حدوث تصعيد يبعدنا عن إتمام صفقة التبادل أو توسيع الصراع إلى أماكن أخرى وزيادة حدته”.
من جانبها جددت حركة موقفها من المفاوضات مع الاحتلال، مؤكدة أن نتنياهو لا يزال يضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب على قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى، وقالت الحركة في بيان “بعد أن استمعنا للوسطاء عما جرى بالمباحثات تأكد لنا أن نتنياهو لا يزال يضع مزيدا من العراقيل”، وإنها تحمله كامل المسؤولية عن إفشال جهود الوسطاء وتعطيل التوصل إلى اتفاق.
وأوضحت حماس أن المقترح الجديد يستجيب لشروط نتنياهو، خاصة رفضه لوقف دائم لإطلاق النار والانسحاب من غزة وإصراره على مواصلة احتلال مفترق نتساريم ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا. وأضافت أن المقترح الجديد يضع شروطا جديدة في ملف تبادل الأسرى وتراجعا عن بنود أخرى، وذلك يحول دون إنجاز صفقة التبادل.
وضمن هذا المعادلة، تبدو إيران أكثر وضوحا في طرحها، ولفهم ذلك، يجب العودة إلى أفريل الماضي، عندما أعلنت طهران بأعلى صوت أنها سترد على قصف العدو لقنصليتها في دمشق، وحينذاك تلقّت اتصالات من جميع عواصم “الهدنة” وزعماء “الوساطة”، إذ قيل لها، بأن أي رد عسكري على (إسرائيل) سيفسد الأمور.
يومها أبلغت طهران الجميع أن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يحول دون الرد، هو الإعلان عن وقف الحرب على قطاع غزة. لكن، (إسرائيل) مضت في حرب الإبادة، وبالمقابل، مضت إيران في تصميمها على توجيه العقاب اللازم، وهب الغرب –ومعه دول التطبيع- لحماية (إسرائيل)، وتخفيف هو الضربة عنها.
تحقق التعادل بين الطرفين –ضربة مقابل ضربة- لكنّ هذا لا يفيد (إسرائيل) المندفعة نحو توسيع رقعة الحرب، فقامت باغتيال هنية في طهران، في ضربة جاءت أشد وقعاً من السابق، ما دفع بقوى محور المقاومة مجتمعة إلى إعلان نيتها الرد. وكما في السابق، استنفر حلفاء (إسرائيل) وهبّوا لنجدتها، وكل اتصالاتهم تركّز على البحث عن طريقة لإقناع إيران وحلفائها بعدم الرد.
ومع أن محور المقاومة قال، ولا سيما حزب الله و«أنصار الله»، إن الرد حتمي بمعزل عما يجري في غزة، عزّز الوسطاء التواصل مع إيران، مقترحين عليها -هذه المرّة- أن تعطيهم فرصة لإقناع أمريكا بالضغط على (إسرائيل) من أجل التوصل إلى اتفاق يوقف الحرب على غزة، وعندها، يكون هدف طهران قد تحقق، لكن الوسطاء بعد أن يعودوا لإقناع واشنطن بالضغط على الاحتلال وجدوا واشنطن تطلب منهم أن يقنعوا طهران بعدم الرد.
وبينما الوسطاء باتوا يعلبون دور الكرة التي يتقاذفها الجميع، حرصت إيران على إبلاغ هؤلاء الجميع بأن وقف الحرب، هو الهدف المركزي لكل جبهات الإسناد المفتوحة في المنطقة، وأن إيران تريد أيضاً أن يتوقف هذا العدوان، وهي مستعدّة لدفع الأثمان مقابل تحقيق هذا الهدف. لكنّ إيران، لم تتلفّظ أبداً بما يفيد بأنها ستتراجع عن الرد إذا تم إيقاف الحرب.
هذا الموقف من إيران، جاء استباقا لما تخطط له (إسرائيل)، فقد أكد مصدر سياسي لصحيفة إسرائيلية أنّ نتنياهو، “يواصل الإصرار على أن تكون (إسرائيل) قادرةً على استئناف حرب الإبادة بعد تنفيذ وقف إطلاق النار (إذا تم التوصل إليه)”، وأشار المصدر إلى أنّ نتنياهو “يستمر في المطالبة بموافقة أمريكية مكتوبة على ذلك”.
الأيام نيوز الجزائرية