هجوم “أرامكو” والقلق الإسرائيلي: إيرانوفوبيا
الحقيقة/حسن سليمان
شكّل الهجوم على منشآت النفط السعودية “أرامكو” محطة مفصلية بالنسبة لكيان العدو، وأشعل كل الاضواء الحمراء في مبنى وزارة الامن في تل ابيب.
وسارع رئيس حكومة العدو بنيامين نتيناهو إلى اتهام الجمهورية الإسلامية في إيران مباشرة بانها من نفذ هذا الهجوم، معدداً أسباب الاتهام من الجرأة، الأسلحة المستخدمة من مسيرات وصواريخ جوالة التي لم تستطع اكثر منظومات الدفاع الجوي تطورا في العالم اكتشافها، والمعلومات الاستخبارية للـ”إطباق” على الهدف الذي هوجم، إضافة الى التوقيت. “فمهاجمة منشآت النفط السعودية ليست بأقل من حدث تأسيسي، تمتد تأثيراتها الإقليمية لفترة طويلة، فالقدرة التنفيذية التي أظهرتها إيران تفوق كل ما تم تحليله وتقديره في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية من قبل” بحسب محلل عسكري في صحيفة “هآرتس”، ما دفع إلى إشعال الأضواء الحمراء في “إسرائيل”، وتسبب بهزة داخل الجيش الإسرائيلي على الصعيدين الاستخباري والجاهزية.
كثيرا ما تبجح القادة الإسرائيليون بأن المؤسسة الأمنية لديها سيطرة استخبارية مطلقة على ما يجري في المنطقة، وان هناك تعاونًا مع الدول العربية على المستوى الاستخباري، خاصة مع الامارات العربية والسعودية، في مواجهة ايران بالمنطقة. ومن نتائج الهجوم الذي حصل ـ طبعا لا يجب الاستخفاف بالمطلق بالقدرات الإسرائيلية ـ ان إسرائيل كانت تبيع العرب “هواء في قوارير”، وهم كانوا يدفعون مقابل ذلك ـ مشاهد التطبيع التي استغلها نتنياهو في السياسة الداخلية الاسرائيلية.
وخلال سنوات طويلة عملت الصناعات العسكرية الإسرائيلية على تطوير منظومات دفاع جوي للتصدي للصواريخ في كل الطبقات ـ القبة الحديدية، العصا السحرية، ومنظومة حيتس ـ وانها قادرة على التصدي لأي هجوم بالصواريخ على “إسرائيل”، لكن هجوم “آرامكو” أظهر ان هذه المنظومات ضعيفة أمام الأسلحة التي استخدمت. الكاتب العسكري في “هآرتس” “عاموس هرئيل” علق على ذلك بالقول: “في المستقبل… لن يكون هناك مناص من البحث عن حلول استكمالية.”
ضابط كبير سابق في منظومة الدفاع الجوي التابعة لجيش الاحتلال قال في حديث مع موقع “والاه” ان “المنظومات الامريكية لم تنجح وهنا يطرح سؤال كبير، ماذا حصل؟. عندما يتعلق الامر بضرب العمق الإسرائيلي فان الصاروخ الجوال هو قصة مختلفة تماما عما عرفناه. وبالتأكيد عندما يتعلق الامر بأهداف استراتيجية…. يتعلق الامر بصاروخ من الصعب كشفه ويشكل تحديا لمنظومة الاعتراض. هو يحلق منخفضا، بالقرب من الأرض، يتعرج في طيرانه”.
المخاوف الإسرائيلية نابعة أيضا من التقدير الذي يقول ان من تجرأ على شن هجوم على أهم منشأة نفطية عالمية متجاوزاً الدفاعات الجوية الأميركية يمكنه ان يشن هجوما مفاجئا على “اسرائيل” في أي لحظة، في إشارة الى اتهام إيران به واحتمال تنفيذها هجوما انتقاميا، ما دفع المتخصصين في الشأن الإيراني في شعبة الاستخبارات العسكرية الى الخروج للضوء وإجراء مقابلات حتى في فترة الأعياد، لبث شعور من الطمأنينة وسط الجمهور، لكن معلقين إسرائيليين قالوا ان نفس هذه المقابلات في هذا التوقيت اذا دلت على شيء فإنها تدل على وجود وضع خطير.
المعلق العسكري في القناة الثالثة عشرة، “ألون بن ديفيد”، قال “كل الأعياد مرت على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مع عيون يقظة على الشرق… الجمهور الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة تعرّف إلى كل رؤساء الفروع في شعبة الاستخبارات، الذين يعملون في الشأن الإيراني، وهذا يدلّ قليلاً على الضغط داخل المؤسسة الأمنية إزاء رد إيراني متوقّع”.
الهجوم حصل على منشآت “أرامكو” السعودية، لكن صداه كان في “إسرائيل”. الفوبيا الإسرائيلية من ايران وردود الفعل والتهديدات التي أطلقها المسؤولون الصهاينة، أمنيون وسياسيون، يمكن تشبيهها “بشخص مفتول العضلات يطلق تهديدات نحو خصمه وهو يتصبب عرقا وشفتاه ترتجفان”. من المؤكد ان “إسرائيل” دخلت في مرحلة جديدة، مرحلة فاجأتها وضبطتها غير مستعدة.