هؤلاء هم من يستهدف ويدنس مقدسات الأُمَّــة ورموزها؟!..بقلم/حزام الأسد
ليس من الأخلاق ولا من الفطرة السليمة والدين الإسلامي المحمدي القويم أن يتم استهدافُ أَو حَــرْفُ المساجد ودورها من مكان للعبادة والروحانية والتزود بالطاعات ومنصة للهداية والتوعية وبناء وعي الأُمَّــة وتبصيرها إلى مسرحا للرقص واللهو، كما برّر ذلك من يسمون أنفسهم بالمحدثين السابقين واللاحقين وأصحاب ما تسمى بكتب الصحاح والمرويات التي لا تتوافق مع أدنى مفاهيم القرآن الكريم وأخلاق رسولنا العظيم محمد صلوات الله عليه وآله وسلم أَو أن يتحول المسجد ومنبره ومحرابه من منطلق لتعبئة الأُمَّــة ضد أعدائها إلى منصة إعلامية للتبشير بالتطبيع مع اليهود وإقامة العلاقات مع الصهاينة الغاصبين على حساب قضايا الأُمَّــة المصيرية والدعوة إلى الفرقة والتحريض وتكفير المسلمين أَو للإطراء والثناء على الأعداء والمجرمين والطغاة، لا سِـيَّـما في عالمنا المعاصر كترامب ونتنياهو، وليس من المعقول أن تستهدف بيوت الله بالغارات المباشرة وتقصف وتدمّـر على رؤوس المصلين كما حصل لأكثر من ٩٠٠ مسجد في اليمن بطائرات تحالف العدوان السعودي الأمريكي منذ بداية العدوان على الشعب اليمني أَو بالتفجيرات والمفخخات كما حصل بمساجد العاصمة صنعاء في مارس ٢٠١٥م عندما استهدفت العناصر الوهَّـابية التكفيرية مساجد بدر والحشحوش والمؤيد وغيرها بالتفجيرات المفخخة والانتحارية واستشهد على إثر ذلك مئات المصلين أثناءَ أدائهم لصلاة الجمعة، في ذلك اليوم الذي احتفلت فيه أبواق المنافقين كقناة العربية وسهيل واعتبرت تلك المساجد حسينيات حَــدَّ وصفها.
وأنا أتصفح اليوم عدداً من مواقع التواصل الاجتماعي لفت انتباهي موضوع خطير ومهم اختلقه العدوّ وركز عليه وأثاره إعلاميا، وهذا الأمر له علاقة بكل مسلم في هذه الأرض وهو الرقص واللهو في بيوت الله حَــدَّ وصفهم، وكما هو دأبُ العدوّ في استغلاله للورقة الدينية ومحاولته الصاق التهم الدينية بغيره، لا سِـيَّـما ممن هم أحرصُ منه على مقدسات الأُمَّــة وشعائرها ورموزها ويقدمون المواقف والتضحيات دفاعاً عن ذلك خَاصَّةً بعد تكشُّفِ دوره في التآمر وبيع أهم مقدسات الأُمَّــة كثالث الحرمين الشريفين “الأقصى الشريف” وتمكين اليهود والأمريكان من التحكم وَتوجيه الخطاب الديني في الحرمين الشريفين وفق مقتضياتهم وأهدافهم وتمكين البوذيين والهندوس واليهود من بناء معابد وكنائس وإقامة الطقوس والصلوات التلمودية اليهودية المشتركة معهم في مظهر يعكس مكنون وماهية تلك الأطراف المدعية خدمة الحرمين وزعامة المسلمين.
وأمام تلك الاتّهامات والهرقطات التي لا تعكسُ إلَّا حجمَ الإفلاسِ والأزمةِ التي يعيشُها العدوُّ، لا سِـيَّـما وشعبنا اليمني المسلم المعتز بهُــوِيَّته الإيمانية والموصوف بها من رسول الله صلوات الله عليه وآله هو يعيشُ اليومَ صحوةً فكريةً وثورة ثقافية قرآنية محمدية أصيلة بعد عقود من المعاناة مع التيه والاستهداف بالاستغفال والتدجين الاستعماري المغلف بالثقافة النجدية الوهَّـابية والفكر المهجن والمستورد من خارج مصادر الهداية.
وبالعودة إلى ما يروج له أبواق العدوان ويتناقله بعض المتأثرين من السطحيين والسذج من مقاطع فيديو تظهر رقص وبرع وكأنه في مسجد وتدفع باتّجاه اتّهام عناصر من أنصار الله بالرقص في أحد المساجد وعليه وللتوضيح وليس للدفاع عن أي تجاوز فالشعب اليمني بما يحمله من ثقافة إيمانية قرآنية محمدية نقية وحب وتقديس للمساجد والمقدسات لا يمكن أن يقبل بذلك، ومن المستحيل لمن يقدم روحه في سبيل الله وذوداً عن حرم الله أن يرقص في مسجد، كما أن المقطعَ الذي يروِّجُ له العدوّ من خلال ملاحظة نوافذ ذلك المكان القريبة من الأرض أَو سقفه المستعار الذي لا يدُلُّ أنه مسجدٌ بغض النظر عن الفراش المخطّط والذي قد يستخدم في بعض القاعات الملحقة أَو الدراسية ومع ذلك فقد صرّح عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي ودعا كُـلّ من يتعرف على أحد ممن وردت صورتُه في المقطع أن يبلّغ عنه ليتسنى التحقيق والتحقّق من طبيعة المكان، وكما أسلفت فلستُ في معرض الدفاع عن أحد بقدر ما أردت التوضيحَ وكشف حقيقة وخلفية ما يثيرونه من مثل هذه القضايا وهم أبعد ما يكون من أي انتماء حقيقي لهذه الأُمَّــة التي يتخندقون مع أعدائها ويتآمرون على أبنائها ومقدساتها ورموزها بل ويتبنون استهداف وتدنيس المساجد والمقدسات على الواقع كما تبنوها أسلافهم من خلال ثقافات مغلوطة ومرويات لا تمُتُّ بأية صلة للدين الإسلامي الأصيل ونأخُذُ بذلك نموذجاً مما تناقلته كتبهم من ادِّعاء بأن الرسول صلوات الله عليه وآله وسلم قد سمح للأحباش بالرقص في مسجده النبوي وسمح لنسائه بمشاهدة تلك الرقصات والعروض! مسنوداً بذكر مصادر وأسانيد تلك المرويات التي لا يصدّقها عاقل.
حيث أخرج الصحيحان أن بعضَ مهاجري الحبشة كانوا يلعبون في فناء مسجد الرسول، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) زوجته عائشة لتشهد الأحباش، وتارة كانت عائشة هي التي تسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليسمح لها بذلك. والرسول (صلى الله عليه وآله) تارةً يجعل رداءه حائلاً بينها وبين من كان في المسجد من الرجال، وتارة أُخرى كان يقف هو أمامها وكانت عائشة ترتقي كتف الرسول وتنظر مشهد الأحباش الذين كانوا يرقصون.
ولكن الخليفة عمر بن الخطاب لم يكن يرضى بلعب الأحباش، ورقصهم حتى ورد أنه رآهم فأهوى إلى الحصى في فناء المسجد ليرميَهم بها ويصدهم عن لعبهم، فمنعه الرسول (صلى الله عليه وآله) وقال لهم: أمنا بني أرفدة، فشجعهم الرسول (صلى الله عليه وآله) ورغبهم إلى ما كانوا يفعلون.
وإليكم بعض النصوص التي رويت في الصحيحين:
1 – إن عائشة قالت: لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوماً على باب حُجرتي، والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم؛ مِن أجلِي حتى أكون أنا التي أنصرف. فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو (صحيح البخاري 1: 123 كتاب الصلاة باب أصحاب الحراب في المسجد.
وَ ج 7: 48 كتاب النكاح باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة.
صحيح مسلم: ٦٠٩ كتاب صلاة العيدين باب (4) باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه…. ح 18).
2 – وقالت عائشة: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة: وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): دعهم، أمنا بني أرفدة يعني من الأمن، وأنا جارية، فاقدروا الجارية العربة الحديثة السن) (صحيح البخاري 2: 29 كتاب العيدين باب إذَا فاته العيدين يصلي ركعتين.
وَ ج 4: 225 كتاب المناقب باب قصة الحبش.
صحيح مسلم 2: 608 كتاب صلاة العيدين باب (4) باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أَيَّـام العيد ح 17).
والجملة الأخيرة في الرواية (وأنا جارية فأقدروا الجارية العربة الحديثة السن) أوردها مسلم.
3 – وعن عروة عن عائشة قالت: وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي (صلى الله عليه وآله) وإما قال (صلى الله عليه وآله): تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتى مللت، قال: حسبك؟ قلت: نعم، فقال: فاذهبي. (صحيح البخاري 2: 20 كتاب العيدين باب الحراب والدرق يوم العيد، وَج 4: 47 كتاب الجهاد باب الدرق.
صحيح مسلم 2: 609 كتاب صلاة العيدين باب (4) باب الرخصة في اللعب… ح 19).
4 – وعنها أَيْـضاً قالت: جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبيُّ (صلى الله عليه وآله)، فوضعت رأسي على منكبه، فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم (صحيح مسلم 2: 609 كتاب صلاة العيدين باب (4) باب الرخصة في اللعب… ح 20).
وذكر النووي في شرحه على صحيح مسلم: يزفنون: من الزفن يعني الرقص (شرح صحيح مسلم للنووي 6: 186). وقال ابن من يأبى في كتابه فتح المنعم: دونكم أي الزموا لعبكم، وأرفدة هم أجداد الحبش (زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم لابن من يأبى 1: 197 ح 447).
وقال القسطلاني: إن ذلك – رقص الأحباش وضربهم الدُّف – بعد قدوم وفد الحبشة وإن قدومهم كان سنةَ سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة (إرشاد الساري 8: 118).
5 – وكذلك قالت عائشة: للعابين، وددت أني أراهم. قالت: فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقمت على الباب أنظر بين أذنَيه وعاتقه، وهم يلعبون في المسجد (صحيح مسلم 2: 610 كتاب صلاة العيدين باب (4) باب الرخصة في اللعب… ح 21)..
6 – وعن أبي هريرة قال: بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله بحرابهم، إذ دخل عمرُ بنُ الخطاب. فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعهم يا عمر. (صحيح البخاري 4: 46 كتاب الجهاد والسير باب اللهو بالحراب.
صحيح مسلم 2: 610 كتاب صلاة العيدين باب (4) باب الرخصة في اللعب… ح 22).
وهنا نضعُ القارئَ الحصيفَ والمتفحصَ أمام هذه المرويات مع ما يمارسُه أتباعُ تلك الثقافات المنحرفة، سواء في السعودية أَو البحرين أَو الإمارات من تقديس لكنائس ومعابد اليهود وغيرهم من أصحاب الملل الباطلة والمحرفة وتدنيس واستهداف لمقدسات الأُمَّــة وتآمر مع أعداءها وقتل واستهداف لأبنائها.
والله من وراء القصد.