نعمة القيادة الحكيمة في مواجهة التحديات
من اليقين أن شن العدوان على اليمن تم بقرار أمريكي صهيوني من البيت الأبيض، وبأدوات خليجية وعربية على أمل انجاز المهمة في غضون أسابيع، أو أشهر على أكثر تقدير، ووفق ما كان مخطط لها، وستتحقق أهدافها بأسرع وقت، وذلك بمجرد ارتكاب المجازر الوحشية بحق المدنيين والامعان في استهدافهم، وقصف المطارات والقواعد الجوية والمعسكرات ومخازن الأسلحة ومنصات الصواريخ، بالتزامن مع دخول قواتها الغازية ومرتزقتها إلى الأراضي اليمنية، حيث كان تحالُفَ العدوان الغاشم يتوهم ويعتقد أن الشـعـب الـيمني سيستسلم في الشهر الأول أَو الثاني أَو ربما في الأُسبـوع الأول أَو الثاني من العُـدوان، فمنذ اللحظات الأولى للعدوان ظهر من على شاشة التلفاز الناطق باسم تحالف العدوان آنذاك أحمد العسيري، وبشر العالم بأن الحرب لن يتجاوز عمرها الأسبوعين وإن تباطأت ستكون شهرٍاً واحداً في الحد الأقصى وأن المهمة لن تكون صعبة، ولكن سرعان ما تلاشت تلك الاوهام وتبدّدت أمام شعب عظيم، وقيادة حكيمة قويةُ الارتباط بالله سبحانه وتعالى، تأبى الضيم، وترفض الظلم، وتصرخ في وجه الطغيان والاستكبار، وتعشق الحرية والكرامة، فكانت القدرة الإلهية هي التي ترعى معركة الشعب اليمني في مواجهة العدوان الظالم ، وسر صمودهم الأسطوري.
القيادة الحكيمة
من المسلّمات لدى الجميع أن للقيادة دور بارز في النصر أو الهزيمة ايضاً ويبنى على القيادة آمال كبيرة في المواجهات لا سيما العسكرية منها والملفت في الموضوع هي القيادة الحكيمة للشعب اليمني قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله الذي ظهرت حكمته وصبره وشجاعته وإخلاصه لله وللشعب اليمني العظيم بشكل أبهر الجميع محليين ودوليين سياسيين وعسكريين واقتصاديين وفي كل مجال ليتجلى مدى لطف الله سبحانه وتعالى بهذا الشعب المعطاء أن رزقه وهيء له هذا القائد العظيم التي تثبت جميع المواقف الحرجة والمعارك العسكرية والمحطات التي تتشابك فيها الروؤى وتكثر فيها الآراء أن قوله مسدد من قبل الله تعالى وموفق بتوفيق الله وحكيم ومسدد من الله تعالى .
صبر استراتيجي:
يذكر الجميع كيف أن أربعين يوماً مرت في بداية شن العدوان الأمريكي السعودي الاماراتي على اليمن في السادس والعشرين من مارس 2015م، ولم تتلقى خلالها القوات المسلحة اليمنية اية أوامر من قيادة الثورة للقيام بأي رد عسكري إزاء العدوان وجرائمه الوحشية، على الرغم من وحشيةِ العُـدوان منذ اليوم الأول في ظل صمْت دولي مقُيت، وَاستهدافه المدنيين العُزّل منذ الضربة الأولى، وارتكابه أَبشـع الجرائم والمجازر بحقهم، واستهداف كلِّ مناحي الحياة وتدمير ممنهج للبنُى التحتية، والنيل من لقمة عيش المواطن وحصاره، حيث تجلى في تلك المدة صبر وحنكة القيادة الرشيدة للتعامل مع هكذا عدوان غاشم تشارك فيه قوى الاستكبار العالمي “أمريكا وإسرائيل” وادواتها القذرة وترتكب الجرائم والمجازر الوحشية، في مسعى الى القضاء على ثورة الشعب اليمني عسكرياً واسكات صوت الحق، إذ لم يكن ذلك الصبر من منطلق الخوف، بل كان صبراً لرجل حكيم يتحرك بحركة القرآن الكريم ويلقي الحجة على اعدائه لعلهم يتراجعون عن عدوانهم الغاشم، ويرسم خطوات مواجهة العدوان الغاشم من خلال صبر استراتيجي، يليه خيارات استراتيجية، ضمن معركة النفس الطويل، وصولاً الى النصر الاستراتيجي، الذي بلا شك سيغير خارطة المنطقة برمتها، وذلك من منطلق القول السديد للقائد الحكيم، بأن الصبر هو الجسر للوصول الى النصر، وأنه بقدر صبرنا ونحن نعمل ونواجه ونتحرك يكون انتصارنا .
ولم تكن مدة الأربعين يوماً هي مدة الصبر الاستراتيجي فقط، بل تلازم صبر السيد القائد مع كل حركته في إدارة زمام المعركة، توجيهاته المتكررة بالنصح لقوى العدوان، حيث كان يطل السيد القائد في مناسبات مختلفة، ويلقي خطابات يُقدم من خلالها بعبارات موجزة ومركزّة النصح لقوى العدوان لإيقاف عدوانهم، ويقدم التنازلات التي لا تمس بكرامة الشعب اليمني في سياق مبادرات تلو المبادرات، ويحذر في الوقت نفسه من مغبة الاستمرار في عدوانهم، حيث أن عبارات النصح والتحذير التي يقولها السيد القائد والتي تمتزج بالحكمة، ولم تكن عشوائية، وسطحية في مغازيها، وتنحصر في الاستهلاك الاعلامي، وإنما تدل بوضوح على الثقة بالله تعالى وبنصره والاطمئنان لعدالة القضية وعواقب الصمود والمواجهة .
خيارات استراتيجية:
بعد إن مرت أربعون يوماً منذ بدء العدوان في إطار الصبر الاستراتيجي للقيادة، بدأ الرد التدريجي على العدوان الأمريكي السعودي على اليمن وذلك من منطلقات قرانيه وأخلاقية تنتهجها القيادة، وليس مجرد تكتيكات عسكرية فقط، وإنما من توجيهات الهيه وأخلاق نبوية كريمة تعمل بنورها قيادة الثورة للفوز بنصر الله وتأييده، قال تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، فمن الرد المحدود وحرب الضرورة في مواجهة العدوان والعمليات المحدودة ، إلى عمليات أكثر إيلاماً للعدو وفتكاً بصفوفه إلى امتلاك قدرات ومقومات الردع الاستراتيجي التي أذهلت العدو وأصابته في مقتل .
لقد أثبتت القيادة الحكيمة أن تحمل المسؤولية والصمود والمواجهة أقل كلفة من الاستسلام للمحتل والمستمر الغازي ، وأن من يكن الله في صفه فلا غالب له مطلقاً وسيجعل حتى عدوه يعمل لصالحه وهو ما حدث في مواقف ومحطات كبيرة لا يسع المجال لسردها .
ولأن العدو لم يستوعب معنى الخيارات الاستراتيجية وأهميتها في صنع توازن الردع بأن تكون ضربات اليمانيين أكثر إيلاماً للعدو كموقف حق ومشروع لمواجهة العدوان وردعه من خلال امتلاك ابطال الجيش واللجان الشعبية لزمام المبادرة من موقع الفعل وليس رد الفعل، لا سيّما وان الخيارات الاستراتيجية ليست شعاراً لحملة إعلامية وإنما ثبت أنها مسار فعلي أوصل إلى معادلة ردع في إدارة الحرب مع العدو المتغطرس تستند إلى قوة المبادئ العظيمة التي منها الدفاع عن كرامة الإنسان وشرف الأرض التزاما بما جاء من أمر إلهي في الدفاع عن النفس وردع البغاة المعتدين لتكون الخيارات الاستراتيجية هي المسار الذي به ننكل بالعدو ونفرض عليه قسراً ايقاف عدوانه على بلادنا .
وعلى غير ما كان يتوقعه تحالف العدوان ، فقد انقلبت المعادلة من الدفاع الى الردع ، وأصبح أمام معادلة توازن رعب صنعتها رعاية الله وقوته للجيش واللجان الشعبية حيث بدأت الأقسام العسكرية برعاية مباشرة من السيد القائد بتطوير وانتاج منظومات صاروخية برية وبحرية، وازاحة الستار عن منظومات أخرى وأخرى ، أكثر تطوراً، وكذلك صناعة طائرات مسيرة وعتاد عسكري ابتكرتها عقول يمنية خالصة، واستخدمتها في ميدان المواجهة أيادٍ يمنية وكانت صفعات مدوية جعلت العدو يترنح في كل الجهات ، بل ويرفع صوته بالصياح والعويل ، وبالتأكيد فإن استمرار العدوان اليوم بعد كل ما حصل واستمراره في منع دخول المشتقات النفطية لن يقابل بالصمت وستكون له انعكاسات سلبية على العدو في عمقه وسيتمنى حينها انه انصاع لصوت السلام المشرف وترك التصرفات الحمقاء التي أودت به المهالك .