“نص + pdf ” :رسالة مؤثرة إلى الشعب اليمني من المفتي العام لسَلْطَنَةُ عُمَان : زلزلتم العالم وأرجفتم إسرائيل فمتى تتوحدوا؟

بعث المفتي العام في سلطنة عُمان، الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، برسالة إلى أهل اليمن، وصف فيها احتجاز السفينة الإسرائيلية بـ”الخطوة الجريئة التي زلزلت العالم وأرجفت الكيان الصهيوني ومن والاه”، مشيراً إلى أن تلك الخطوة دفعت به إلى توجيه رسالة إلى أهل اليمن، دعاهم فيها إلى إنهاء الانقسام، ووقف سفك دماء بعضهم البعض.

وقال الشيخ أحمد الخليلي، في تدوينة على حسابه في منصة إكس،: “دعاني ما أقدم عليه الشعب اليمني المسلم الشقيق الباسل من خطوة جريئة زلزلت العالم، وأرجفت الكيان الصهيوني ومن والاه، إلى أن أفضي بما استكن في ضميري وشغل بالي، في رسالة قامت بطباعتها دار الكلمة الطيبة”.

 

 

رسالة المفتي العام لسلطنة عُمان،، تضمنت بوحاً من الشيخ الخليلي تجاه أهل اليمن، حيث قال إنه لطالما اهتم بالشقاق الحاصل بين أبناء الشعب اليمني الواحد، مع أن منبتهم ودينهم واحد ومصلحتهم مشتركة، متسائلاً: ما الذي يدعو إلى هذا التنافر؟.

وتابع الشيخ أحمد الخليلي أنه يتساءل كثيراً كيف لم يمنع اليمنيين من سفك دماء بعضهم بعضاً وإشعال الحروب بينهم ما توّج به رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، هاماتهم عندما قال فيهم: “الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ” وكيف سمحوا للدخيل أن يتخلل وطنهم، داعياً اليمنيين إلى نسف كل خلافاتهم وتجاوز ثاراتهم، وأن يبعدوا عن ساحتهم كل من يستغل شقاقهم لأغراض في نفسه.

كما دعا مفتي عُمان اليمنيين إلى إسراع الخطى لتغيير مجرى التاريخ وإسقاط مؤامرات العدو الإسرائيلي التي تتربص بالأمة، مشيراً إلى أن الاحتلال لم يكد يفيق من مرارة هزائمه في غزة حتى لطمه اليمنيون “لطمةً دوخت رأسه، وأوجفت قلبه، وأرجفت الأرض تحت قدميه”، منوهاً بأن محاولته لثني اليمنيين عن استهدافه باءت بالفشل.

ولفت الشيخ الخليلي إلى ما يربط العُمانيين من علاقة وطيدة مع إخوانهم اليمنيين، مردفاً أن حرصه على لَمِّ شمل اليمنيين نابع من أن له صلة بهم في الدم والأرض، مؤكداً”إن آباءنا خرجوا إلى هنا من مأرب عندما انهار سدها العظيم، وذلك بقيادة الملك الفاتح (مالك بن فهم الأزدي)، وللأزد انتشار في جميع أنحاء جزيرة العرب، وهم يمثلون السواد الأعظم من سكان سلطنة عُمان، وحسبنا مفخرة أن يكون منهم أنصار رسول الله”.

وتأتي رسالة المفتي العام في سلطنة عُمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، عقب بيان مقتضب أصدره غداة احتجاز السفينة الإسرائيلية في البحر الأحمر، حصل عليه “يمن إيكو”، حيث أثنى خلاله على عملية قوات صنعاء، وما وصفه بـ “تصدي الشعب اليمني للسفن الصهيونية”، داعياً إلى الاستمرار في مناصرة المظلومين.
وأشاد الشيخ الخليلي، في بيانه، بعميلة الاستيلاء على سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر من قبل قوات صنعاء، داعياً إلى الالتفاف حول مبدأ نصرة المظلومين قائلاً: “نشكر من أعماق قلوبنا الشعب اليمني العربي المسلم على تصديه للسفن الصهيـونية، وندعوه إلى الالتفاف حول هذا المبدأ الديني العظيم في مناصرة المظلومين”.
وفي إشارة إلى قائد أنصار الله، قال الشيخ الخليلي في بيانه “لقد قال فصدق، ووعد فوفى؛ فلله دره”، بحسب تعبيره.
ودعا البيان “الشعب اليمني الشقيق كله إلى الالتفاف حول هذا المبدأ الديني العظيم في مناصرة المظلومين والمضطهدين من أشقائنا ونصرة الحق والله ناصر من ينصره”، وفقاً للبيان.

 

النص الكامل لرسالة مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد الخليلي، إلى الشعب اليمني:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى

آله وصحبه ومن والاه.

وبعد،،

فقد دعاني إلى العودة إلى حديثي بالأمس فيما يتعلق بالشعب اليمني المسلم الشقيق الباسل ما أقدم عليه من خطوة جريئة زلزلت العالم وأرجفت الكيان الصهيوني ومن والاه، فوجدتني مدفوعا إلى أن أفضي بما استكن في ضميري وشغل بالي في جميع الأيام السابقة، فكم اهتممت بالشقاق الذي حصل بين الشعب اليمني الواحد، مع أن منبتهم واحد ودينهم واحد ومصلحتهم مشتركة، فما الذي يدعو إلى هذا الشقاق والتنافر ؟ وكثيرا ما تساءلت خصوصا عندما أكون بين اليمنيين عن الوصف العظيم الذي توج به رسول الله ﷺ هامات اليمنيين عندما قال: «الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ؛ متعجبا كيف لم يزعهم إيمانهم عن سفك بعضهم دم بعض، وإشعال الحروب

بينهم، وإمكان الدخيل أن يتخللهم في وطنهم ؟! وأين ذهبت الحكمة التي هي داعية الألفة وواقية من الفرقة والشقاق ؟!

وهذا يدعوني إلى أن أجدد صرخاتي مدوية في الآفاق داعيا الشعب اليمني الغالي إلى نسف كل خلاف بينه وتجاوز جميع الثارات والترات اقتداء بخير سلف أنصار رسول الله ﷺ بفرعيهم الأوس والخزرج، الذين سلهم الإيمان من الفتن كما تسل الشعرة من العجين، مع أنهم توارثوا الحروب الطاحنة جيلا بعد جيل مدة تزيد على قرن من الزمن حتى تأصلت العداوة في قلوبهم واستحكمت البغضاء في نفوسهم، ولكن ما كاد الإيمان يلامس شغاف قلوبهم حتى تبدلت بغضاؤهم ودا واستبدلوا بالشقاق ألفة وشفقة وحنانا، وقد امتن الله سبحانه عليهم بهذه النعمة العظيمة عندما ذكرهم بما كانوا عليه وما نقلهم إليه، فقال: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاهُ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ وَايَتِهِ، لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران (۱۰۳) وامتن بهذه النعمة على عبده وحبيبه رسول الله ﷺ فقال: ﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ، وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (الأنفال: ٦٢ – ٦٣) .

وقد عزوا بهذا بعد الذل وارتقوا بعد الضعة، وتطيبت الآفاق بطيب ذكرهم ونشر محامدهم، فكان لهم دور عظيم في فتح آفاق الدنيا ليهتدي الناس إلى الإسلام ويدركوا قيمة الإنسانية ومسؤليتها في هذه الأرض، وذلك بفضل الله تعالى ورحمته، أفلم يأن لإخواننا في اليمن أن يهبوا جميعا إلى هذا الخير، وأن ينادي بعضهم بعضا بنداء الرحمة والشفقة والحنان الذي نادى به يوسف الصديق عليه السلام إخوته الذين أساؤا إليه كل إساءة، وكادوا يقتلونه وعرضوه للاسترقاق، فما كان منه عندما أحسوا بالحرج العظيم منه فقالوا له: ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ اشْرَكَ اللهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ) (يوسف: (٩١)، إلا أن أجابهم بقوله: لَا تَثْرِيبَ. عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ ) (يوسف: (۹۲) ، فكم أتمنى أن تتحقق هذه الأمنية الغالية والحلم السعيد في الشعب اليمني العزيز فيتنادوا جميعا بذلك، فإن هذا الذي يقتضيه الإيمان وتقتضيه الحكمة.

وهذا الذي يحلم به إخوانكم العُمانيون جميعا، وتسعى إليه – منذ أطلت الفتنة برأسها – حكومتهم الرشيدة، وعلى رأسها عاهلها الحكيم وسلطانها المسدد ـ وفقه الله وأعانه على الخير – ، فقد آن الأوان لتحقق هذا الحلم واجتماع الشمل بعد انصداعه، وتألف القلوب بعد تنافرها، فبهذا يمكنكم أن تحافظوا على استقلال وطنكم العزيز، وأن تبعدوا عن ساحتكم كل من يحاول أن يستغل شقاقكم لحاجة في نفسه، فأرضوا الصديق وأرغموا العدو بألفتكم ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) (آل عمران: ۱۰۳).

وأرجو أن لا تفوتكم هذه الفرصة الآن فلتتسارع إليها خطاكم وغيروا مجرى التأريخ، فبهذا تتساقط مؤامرات عدو الله وعدوكم، الذي لا يتربص بهذه الأمة إلا الدوائر، ولا يريد بها إلا الشتات، وقد رأيتم كيف خسئ وذل بما أذيق به في غزة العزة وأرض فلسطين المباركة من مرارة الهزيمة، وما كاد يفيق من سكرته حتى لطمتموه على خده تلك اللطمة التي دوخت رأسه، وأوجفت قلبه، وأرجفت الأرض تحت قدميه وقد باءت بالفشل جميع محاولاته لثنيكم عن ذلك، فلله دركم ما أصدق عزائمكم وأعظم همتكم وأخلصكم لأمتكم

فبالله عليكم بادروا إلى تتويج هذا النصر العزيز بوحدتكم وألفتكم، والتمروا بأمر الله ورسوله، ومهما حصل من خلاف فإنه يزول بتحكيم كتاب الله وسنة نبيه ﷺ كما أرشدكم الله تعالى إلى ذلك بقوله : ( فَإِن تَتَزَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) (النساء: ٥٩)،

وأصغوا إلى نصيحة الشاعر العُماني الكبير المسلم الغيور أبي

مسلم رح الله في قوله:

ذروا الضغائن تذروها الرياح فما تبقى على خالص الإيمان أضعان إن الحظوظ التي ترجى بألفتكم في الدين في محكم التنزيل فرقان وما شفاء حزازات الصدور سوى أن يستبد بطب القلب إيمان

ولا تعجبوا من حرصي على إدبار عهد فرقتكم وإقبال عهد ألفتكم ومودتكم فإن هذا هو الذي يفرضه علي الإيمان فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «اللَّهُ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، وفي الحديث عنه أيضا: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وبجانب هذه العلاقة العقدية التي هي أسمى شيء وأعز ما يحافظ عليه فلي بكم علاقة في الدم والأرض فإن آباءنا خرجوا إلى هنا من مأرب عندما انهار سدها العظيم، وذلك بقيادة الملك الفاتح مالك بن فهم الأزدي)، وللأزد انتشار في جميع أنحاء جزيرة العرب، وهم يمثلون السواد

الأعظم من سكان سلطنة عُمان، وحسبنا مفخرة أن يكون منهم أنصار رسول الله ، الذين أثنى عليهم الله بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُ و الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ، فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (الحشر: (٩)، ومات رسول الله ﷺ وهو راض عنهم، وقال قولته المشهورة: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأَ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ اللَّهُمَّ ارْحَمُ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ».

وعندما هاجر آبائي إلى عمان كان لهم دور وأي دور في نصرة الإسلام في جزيرة العرب وخارجها، فمنهم الأئمة العظام الذين مثلوا الخلافة الراشدة في العدل والاستقامة والرشد، وكان من بينهم أحد أجدادي الذي يتصل به نسبي وهو الإمام الصلت بن مالك الخروصي ) الله، ومن آثاره الخالدة نجدته لأهل سقطرى عندما نكث النصارى فيها العهد واستعانوا بنصارى الحبشة فمحوا رسوم الإسلام وأحيوا معالم الصليبية وقد استنجدته امرأة

من سقطرى تسمى (الزهراء بقصيدة جاء فيها:

أمست سقطرى من الإسلام مقفرة

بعد الشرائع والفرقان والكتب

وبعد حي وهلاً صار مغتبطا

في ظل دولتهم بالمال والحسب لم تبق فيها سنون المحل ناضرة

من الغصون ولا عودا من الرطب واستبدلت بالهدى كفرا ومعصية

وبالأذان نواقيسا من الخشب وبالذراري رجالا لا خلاق لهم

من اللثام علوا بالقهر والغلب جار النصارى على واليك وانتهبوا

من الحريم ولم يألوا من السلب إذ غادروا قاسما في فتية نجب

عقرى مسامعهم في سبسب خرب مجندلين صراعا لا وساد لهم

للعاديات لسبع ضاري كلب وأخرجوا حرم الإسلام قاطبة

يهتفن بالويل والإعوال والكرب قل للإمام الذي ترجى فضائله

بأن يغيث بنات الدين والحسب

كم من منعمة بكر وثيبة

من آل بيت كريم الجد والنسب

تدعو أباها إذا ما العلج هم بها

وقد تلقف منها موضع اللبب

وباشر العلج ما كانت تضن به

على الحلال بوافي المهر والقهب

وحل كل عراء من ملمتها

عن سوءة لم تزل في حوزة الحجب

وعن فخوذ وسيقان مدملجة

وأجعد كعناقيد من العنب

قهرا بغير صداق لا ولا خطبت

إلا بضرب العوالي السمر والقصب أقول للعين والأجفان تسعدني

يا عين جودي على الأحباب وانسكبي

ما بال صلت ينام الليل مغتبطا

وفي سقطرى حريم باد بالنهب

يا للرجال أغيثوا كل مسلمة

ولو حبوتم على الأذقان والركب

حتى يعود عماد الدين منتصبا ويهلك الله أهل الجور والريب

فما كان من الإمام العظيم إلا أن أنجدها وأنجد أهل سقطرى بأسطول يتكون من مائة سفينة وسفينة تحمل المجاهدين الأبطال، وأمر عليهم اثنين من فضلائهم وكتب لهما عهدا لا يزال محفوظا يبهر كل من يطلع عليه بما فيه من الإنصاف حتى لأولئك الناكثين الغاشمين السفاكين للدماء المنتهكين للحرمات، وقد اطلع عليه أخونا الدكتور (محمد علي البار اليمني المولد فأشاد به أيما إشادة، وذلك في رسالة سماها معاملة غير المسلمين، الحوار والتسامح في الإسلام – شواهد من التأريخ جاء فيها (ص ۹۸): «وتعتبر وصية الإمام الصلت وثيقة من أرقى الوثائق في الشؤون الدولية، وخاصة في كيفية محاربة الأعداء والإنذار إليهم، ومعاملتهم بالحسنى إن هم استجابوا لنداء الحق وتابوا وثابوا، رغم ما فعلوه من جرائم فظيعة بالمسلمين من قتل وسفك دماء واعتداء على الحرمات، فهم إخواننا لهم ما لنا وعليهم ما علينا، فإن أبوا ذلك، دعوناهم للعودة إلى العهد والاستمساك به، وأداء الجزية، ومعاقبة الناكثين والتفريق بين من نكث العهد وبين من لم ينكث، وأن لا يؤخذ بريء من هؤلاء النصارى بجريرة وجريمة القتلة والسفاكين منهم، فإذا

انتصرنا عليهم وجبت المعاملة بالحسنى، وتسليم الأمر إلى

الإمام وأن تعود الأمور إلى سابق عهدها.

وهذا بالفعل ما أدى إلى عودة نصارى سقطرى إلى حظيرة العدل وإلى دخول بعضهم في دائرة الإسلام، ومن بقي منهم على دينه كفلت له الدولة المسلمة الحرية التامة في أداء دينه وشعائره، وبقوا على ذلك حتى الغزو البرتغالي عام ١٥٠٧م الذي أدى في النهاية إلى محاربة أهل سقطرى من النصارى

للبرتغاليين وإلى الدخول في دين الإسلام داخرين. اهـ

وقد أشار إلى هذا الدور العظيم شاعر العشيرة سالم بن

غسان الخروصي في قوله:

من القوم الكرام بني خروص

وأزد شنوءة فهم ذراها

سرايانا لأرض الهند سارت

ولليمن الفسيح وما عداها

وجدد عهده حفيده الإمام العادل الخليل بن شاذان الذي

هو الجد الذي أنتسب إليه بما أمد به أهل اليمن من جحافل

العدل وخلد ذكره الشاعر اليمني الكبير الإمام أبو إسحاق

إبراهيم بن قيس في شعره البليغ المجموع في ديوانه المشهور (السيف النقاد)، فقد عطر قراء ديوانه بمحامد الإمام المذكور في العديد من قصائده.

وإذا كانت المحافظة على مآثر الآباء الحسنة واجبا مقدسا

على أولادهم فإنني أجدد عهدهم بما أوجهه إلى أهل اليمن

الذين هم أصلي وإخواني في العقيدة – من وصية ناصح

أمين، وأكرر لهم وصايا القرآن يَنقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَعَامِنُوا

بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُحِرَكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) (الأحقاف: (۳۱).

والله يحفظكم ويرعاكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم المخلص أحمد بن حمد الخليلي

جمادى الأولى ١٤٤٥ هـ

 

 

تصفح الرسالة في  ملف PDF

 

 

قد يعجبك ايضا