اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــد، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
يأتي موسم الدورات الصيفية في هذا العام- كما في الأعوام الماضية- في إطار التوجه التحرري المبارك لشعبنا العزيز، الذي لم يوقفه العدوان على هذا البلد، والذي هو عدوانٌ شامل، استهدف حتى النشاط التعليمي، ولكن بعزيمة شعبنا الإيمانية، بثباته المستند إلى قيمه، ومبادئه العظيمة، وتوكله على الله “سبحانه وتعالى”، استمر النشاط التعليمي، ومن ضمنه هذه الدورات الصيفية، التي ندشنها اليوم، والتي تأتي- عادةً- في العطلة الصيفية، كما في الأعوام الماضية.
ميزة هذا النشاط التعليمي: أنه يأتي في إطار التوجه التحرري العملي الشامل لشعبنا العزيز، الذي هو بالاستناد إلى نور الله، وهدايته، وتوفيقه، وكتابه المبارك، وانطلاقاً من هويته الإيمانية، وانتمائه الإيماني.
فشعبنا العزيز الذي يتحرك في نهضته الحضارية، على أساس مبدأ الاستقلال والتحرر من هيمنة أعدائه، هو ينطلق انطلاقةً واعية، راشدة، مستبصرة، يستند فيها إلى نور الله، ليست انطلاقةً عمياء، بدون بصيرةٍ ولا رشد، أو توجهاتٍ حمقاء، ومواقف عشوائية، انطلقت من مزاج وأهواء وأطماع، أو تفكيرٍ ساذج، الذي يستند عليه شعبنا في إطار موقفه الحق، وموقفه الصحيح، وقضيته العادلة، ومظلوميته الواضحة، هو: هدى الله “سبحانه وتعالى”، هو نور الله، هو المبادئ الكبرى، التي ننطلق على أساسها في انتمائنا الإيماني العظيم، في مقدِّمتها: التحرر من هيمنة أعداء الإسلام والمسلمين، أعداء الأمة، وأن ننطلق في مسيرة حياتنا على أساس نور الله وهديه، كشيءٍ أساسيٍ لنا، بحكم إسلامنا، بحكم هويتنا وانتمائنا للإسلام.
الإسلام هو دين رشد، دين نور، دين بصيرة، دين العلم النافع، الذي ينتفع به الإنسان ابتداءً في واقعه الروحي، والنفسي، والتربوي، والأخلاقي، والسلوكي، ثم في إطار مسيرته في الحياة، نور الله الذي يضيء لنا الدروب، فنستضيء به في مسيرة حياتنا، لفهم دورنا في هذه الحياة بشكلٍ صحيح، لأداء مسؤولياتنا في هذه الحياة بشكلٍ صحيح، لنقف المواقف الصحيحة في واقعنا على أسسٍ صحيحة، لنتزود بالبصيرة، لمعرفة الحقائق في واقع هذه الحياة، ولنتحصن من الضلال، ولتتزكى نفوسنا، فهدى الله “سبحانه وتعالى” هو نور.
الله “سبحانه وتعالى” قال في القرآن الكريم: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ}، يخاطب نبيه محمداً “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: من الآية1]، ورسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” تحرَّك لإنقاذ البشرية بذلك النور، وأخرجهم من الظلمات بشكلٍ عمليٍ من خلال ذلك النور، حررهم من العبودية للطاغوت، إلى ألَّا يكونوا عبيداً إلَّا لله “سبحانه وتعالى”، علَّمهم منهج الله، ليكون هو الأساس الذي يعتمدون عليه لنظم حياتهم، قدَّم لهم شريعة الله “سبحانه وتعالى”، لتكون هي المعتمد في مسيرة حياتهم، هداهم إلى الله، بصَّرهم بنور الله حقائق هذه الحياة، قدَّم لهم التشخيص الكامل لواقع المجتمع البشري؛ ليعرفوا من هو العدو، ومن هو الصديق، قدَّم لهم ما أخرجهم من الضلال، وما حصَّنهم من الضلال… وهكذا هو هدى الله “سبحانه وتعالى” نور بكل ما تعنيه الكلمة.
الإنسان في مسيرة حياته يحتاج إلى هذا النور، في إطار دورنا الحضاري كبشر نحتاج إلى نور الله “سبحانه وتعالى”، دين الله، وهدي الله، ونور الله، هو لنا في هذه الدنيا نستضيء به في أداء مسؤولياتنا في هذه الحياة، لصلاح حياتنا، لنكتسب الرشد الحقيقي، ولنقتبس الحكمة في معناها الحقيقي، ولنسير بشكلٍ صحيح في هذه الحياة، وأيضاً وفيما بعد ذلك وعلى مستوى أساسي جدًّا لما بعد هذه الحياة، لمستقبلنا الأبدي في الآخرة، لفلاحنا، لفوزنا، لنجاتنا في مستقبلنا الآتي حتماً في الآخرة.
ولذلك العلاقة بنور الله، العلاقة بهدي الله، العلاقة بالعلم النافع، التزود للوعي والبصيرة، هي مسألة أساسية بالنسبة للإنسان المسلم، وإلا فالبديل عن ذلك هو الظلمات.
أمتنا الإسلامية تضررت كثيراً بقدر ما فقدت من النور، وبقدر ما انتشرت فيها الظلمات، ظلمات التجهيل من جانب، وظلمات التضليل من جانبٍ آخر، فتأثرت كثيراً، وانتشرت الكثير من المفاهيم المغلوطة، والأفكار الظلامية، والعقائد الباطلة، التي أثَّرت على أمتنا في مسيرة حياتها، في واقعها، في أدائها، إلى حدٍ كبير.
شعبنا اليمني، وانطلاقاً من هويته الإيمانية، في إطار توجهه- كما قلنا- التوجه العظيم، القائم على أساس الحرية بمفهومها الحقيقي، الحرية من هيمنة الأعداء بكل أشكالها: هيمنتهم السياسية، هيمنتهم الثقافية والإعلامية، التي هي خطرةٌ جدًّا، والتي هي عبارةٌ عن ضلال بكل ما تعنيه الكلمة، هيمنتهم العسكرية… كل أشكال هيمنة الأعداء شعبنا يثور عليها، يثور عليها انطلاقاً من هويته الإيمانية، يُرَسِّخ هذه الهوية، يُرَسِّخ هذا الانتماء، يترجمه عملياً في مواقفه، في توجهاته، في سياساته، وهذه هي نعمةٌ كبيرةٌ، وتوفيقٌ إلهيٌ كبير، نحمد الله ونشكره على ذلك.
ولذلك فإن من الأولويات هو: النشاط التعليمي والتثقيفي والتوعوي المكثف، الذي يبنينا، ويبني أجيالنا، ويبني أبناءنا البناء الصحيح، يُقَدِّم النموذج الحقيقي للإنسان المسلم، الإنسان الراشد، الذي يحمل الرؤية الصحيحة، المستنير بنور الله، الذي يمتلك النظرة الصحيحة إلى المسؤولية، إلى واقع الحياة، الذي يحمل الوعي تجاه حقائق هذه الحياة، تجاه واقع هذه الحياة، تجاه الأعداء، تجاه طبيعة الصراع معهم، وفي نفس الوقت يحمل زكاء النفس؛ لأن هدى الله يزكي النفوس، بمثل ما هو نور، بمثل ما هو رشد، بمثل ما هو حكمة، بمثل ما هو رؤيةٌ صحيحة وبصيرةٌ عالية وفهمٌ صحيح، هو زكاءٌ للنفوس، وإصلاحٌ للعمل، وتقويمٌ للسلوك، أثره في الإنسان أثرٌ مبارك، أثرٌ عظيم، يرقى بالإنسان إلى المستوى الإنساني الحقيقي، فيما منح الله هذا الإنسان في فطرته، ما أودع الله في فطرته من مكارم الأخلاق.
فنحن نحمد الله “سبحانه وتعالى” أن منَّ علينا أن يأتي نشاطنا التعليمي في إطار توجهنا العملي الصحيح، المبني على أساس من هويتنا الإيمانية، وانتمائنا الإيماني، في إطار الموقف الصحيح، شعب ينهض على المستوى الحضاري، لكن برؤية صحيحة، وشعب يتحرر من هيمنة أعدائه، وهو يحمل البصيرة، والوعي، والنور، هذه مسألة في غاية الأهمية.
في واقعنا الحياتي العلم هو أساسٌ لنهضة الأمم، ونهضتنا- إن شاء الله- هي نهضةٌ حضاريةٌ إيمانيةٌ إسلامية، ننطلق فيها من منطلق انتمائنا الإيماني لقيمنا، لا نجعل من التوجه الحضاري معول هدمٍ لأخلاقنا، لقيمنا، لمبادئنا، بل ننطلق لنصل الحاضر بالماضي في المبادئ الأساسية، والقيم الصحيحة، والتوجه الصحيح، لنبني واقعنا على أساسٍ صحيح، وتوجهٍ صحيح، بما يرضي الله “سبحانه وتعالى”، بما فيه الفلاح، بما فيه الفوز، بما فيه النجاة، وهذا لابدَّ فيه من العلم، لابدَّ فيه من التعلم، لابدَّ فيه من اكتساب المعرفة الصحيحة، وهذه مسألة في غاية الأهمية.
قدوتنا هو رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، الذي بعثه الله ليزكينا، وليعلمنا الكتاب والحكمة، فكيف كان تعليمه؟ كان تعليماً غيَّر الواقع، ونهض بالأمة، وحررها من العبودية للطاغوت، وبناها، لتكون في واقع الحياة في القمة، في مصاف الأمم في القمة، تعليماً مثمراً، ثمرته كانت ملموسةً في الواقع: عزةً، وكرامةً، وقيماً، وأخلاقاً، وعدلاً، وحقاً، وأضاء بنور الله “سبحانه وتعالى” ما غيَّر به الواقع الجاهلي، الذي كان في منتهى الظلمات، فهكذا هو العلم النافع الذي هو نور، يترك أثره العظيم، يحصِّن مجتمعنا من كل الجوانب، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الجمعة: الآية2]، الحكمة، أمةً تكون راشدةً في تفكيرها، حكيمةً في: مواقفها، وسياساتها، وتعاملاتها، الرشد، الحكمة، النظرة الصحيحة، الفهم الصحيح، الذي تحتاج إليه أمتنا بشكلٍ كبير.
ثم في إطار الواقع الذي نعيشه، في الميدان، في ميدان الصراع مع الأعداء، أعداء الإسلام والمسلمين، أعداء الأمة، في كل مراحل التاريخ وإلى اليوم، الأمة تخوض معتركاً خطيراً جدًّا مع الأعداء، في ميدان الأعداء يسعون فيه بكل جهد إلى إضلال هذه الأمة، يعني: واحدٌ من أخطر أساليب الاستهداف للأمة، من الشيطان وأولياء الشيطان، هو: السعي لإضلال الأمة، إلى الاختراق الثقافي والفكري لهذه الأمة، وإضلالها حتى في إطار العناوين الدينية، في إطار النشاط التعليمي، هناك عمل كبير من جانب الأعداء، الله أخبرنا عنهم في القرآن الكريم، قال عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء: من الآية44]، قال عنهم كثيراً: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}[الصف: من الآية8]، {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}[آل عمران: من الآية69]…
الآيات التي تتحدث عن هذا الموضوع في القرآن الكريم، والتي تبيِّن لنا أن هناك توجهاً كبيراً وأساسياً من جانب أعدائنا، يستهدفنا فكرياً وثقافياً، هو توجهٌ كبيرٌ وخطير، يهدف إلى إضلالنا، إلى إضلالنا؛ حتى نحمل المفاهيم المغلوطة، النظرة الخاطئة، التي تدجننا لصالح أعدائنا، التي تبعدنا عن هدى الله الذي هو نور، يهدينا به الله إلى ما فيه الخير لنا، والعزة لنا، وصلاح حياتنا في الدنيا، والفوز في الآخرة.
فالأعداء يتجهون بكل جد، ليس فقط من جانبهم بشكلٍ مباشر، الذي يمثِّل خطورةً كبيرةً: أنَّ لهم الكثير من الأبواق، ولديهم الكثير من الأيادي التي تكتب بأقلام الزور والتضليل ما يخدمهم، ما يدجِّن الأمة لهم، ما يفرِّق الأمة، ما يشتت الأمة، ما يضعف الأمة، فهذه حالة خطيرة جدًّا تستهدف أبناء الأمة تحت كل العناوين، وبكل الوسائل: على المستوى التعليمي، على المستوى الإعلامي، النشاط بالدعايات، التي هي أيضاً دعايات يسعون من خلالها إلى تزييف الحقائق، إلى التضليل للناس، إلى التشكيك لهم في موقفهم الحق، في قضيتهم العادلة، حتى تجاه مظلوميتهم الواضحة.
وفي هذا العصر كثرت الوسائل التي يشتغل من خلالها الأعداء، أنت في عصر القنوات الفضائية، وأنت في عصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يأتي فيها الكثير والكثير من الحملات الدعائية التضليلية تحت كل العناوين: ما يتعلق بالمواقف، ما يتعلق بالعقائد، ما يتعلق بالتوجهات، ما يتعلق بالسياسات، حملات هائلة تهدف إلى التضليل، لابدَّ أن يتحصَّن الإنسان تجاهها بالوعي، بالنور، بالبصيرة، بالفهم الصحيح، بالمعرفة الصحيحة، وإلَّا كان عرضةً للتضليل، وكان صيداً سهلاً، وفريسةً سهلة، ولقمةً سائغة، للمضلين بوسائلهم التضليلية المخادعة، التي يستهدفون بها الإنسان، سواءً في العناوين السياسية، أو العناوين العقائدية… أو أي عناوين، هناك توجه كبير، ويستهدف فيما يستهدف، هو يستهدف الأمة بكلها، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، ويستهدف أيضاً بشكلٍ كبير الجيل الناشئ والشباب.
الأعداء يركِّزون بشكلٍ كبير على الجيل الناشئ والشباب، يرون فيهم حاضر الأمة ومستقبلها، ودعامة قوتها، فيركِّزون عليهم التركيز الكبير؛ لتضليلهم، لإفسادهم، لتضييعهم، لتشتيتهم، للتأثير السلبي عليهم؛ حتى لا يتجهوا الاتجاه الصحيح، الذي يجعل منهم أمةً مستقلةً، أمةً تنهض واثقةً بربها “سبحانه وتعالى”، منطلقةً على أساسٍ صحيح، متخلِّصةً من التبعية لأعدائها، تنطلق على أساس هدي الله، الذي يبنيها أمةً قوية بكل ما تعنيه الكلمة، وأمةً تحمل حضارةً متميزة، بطابعها الإسلامي، والأخلاقي، والراقي، الذي يعبِّر عن الإنسانية أجمل تعبير، يقدِّم الصورة الحقيقية الراقية التي أرادها الله للمجتمع البشري في واقعه الحضاري.
فالأعداء هم يركِّزون بشكلٍ كبير على الجيل الناشئ وعلى الشباب، وهناك مسؤولية، مسؤولية علينا جميعاً، مسؤولية على العلماء، والمتعلِّمين، والمثقَّفين، مسؤولية على الآباء، لحماية الجيل الناشئ والشباب، والحفاظ عليهم من تلك الهجمة التضليلية الخطيرة التي تستهدفهم.
الله “سبحانه وتعالى” قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: الآية6]، أكبر عامل يمكن أن يوصل الإنسان إلى النار هو الضلال، بل هو العامل الرئيسي الذي يوصل الإنسان إلى النار، الضلال، الضلال شيء خطير جدًّا على الإنسان، فتلك الهجمة التي تستهدف جيلنا الناشئ وشبابنا يجب أن نتصدى لها، وأن نسعى لتحصينهم بالعلم النافع، بالمعرفة الصحيحة، بالنور، بالوعي، بالبصيرة، في إطار هذا التوجه العملي التحرري الحضاري الواسع لشعبنا العزيز، هذه مسألة مهمة جدًّا.
في المقابل قد يحصل من البعض، من بعض الفئات الأخرى المناوئة لتوجه شعبنا، التي لا تريد لشعبنا أن يكون شعباً حراً، عزيزاً، كريماً، مستقلاً، متخلِّصاً من هيمنة أعدائه، هناك من يعارض هذا التوجه، هناك من يريد لشعبنا أن يكون شعباً مستذلاً، مقهوراً، خانعاً لأعدائه، مستسلماً لأعدائه، وخاضعاً لهم بشكلٍ تام، ومطيعاً لهم، ومستسلماً لإرادتهم، بل وهناك من يريد لشعبنا أن يكون في صف أعدائه ضد نفسه، أن يكون مع أعدائه، فيقف في صفهم، ويقاتل معهم كل من ينادي بحرية شعبنا بشكلٍ صحيح، بكرامة شعبنا على نحوٍ جادٍ وصادق، تلك الفئات التي تناوئ التوجه الصحيح لشعبنا العزيز، هي تسعى في حملاتها التضليلية، والدعائية، والإعلامية، حتى البعض منها في إطار نشاط قد يحمل في اسمه وعنوانه النشاط التعليمي، ولكنه في حقيقته: إمَّا تجهيل، وإمَّا تضليل، وكله يقود إلى التدجين، إلى الجمود، إلى الاستسلام، إلى إخماد الروح الحية الإيمانية المباركة المتحررة لشعبنا العزيز؛ ولذلك يجب أن يكون الجميع في حالةٍ من اليقظة، والحذر، والانتباه، تجاه أي نشاط تضليلي، أو تجهيلي، يناوئ التوجه الصحيح لشعبنا العزيز، وهناك- كما قلنا- مسؤولية على الجميع.
في البداية، الذي نأمله من كل الإخوة المثقَّفين، من كل الإخوة المعلِّمين، المستنيرين، المستبصرين، الذين ينطلقون في إطار هذا التوجه المبارك والعظيم لشعبنا العزيز، والعلماء، والمتعلمين، أن يساهموا في إحياء هذه الدورات، في العناية بها، في الإسهام فيها، في الاهتمام بها، هذا شيءٌ مهم، وجزءٌ من مسؤولياتهم، كلٌّ بالمقدار الذي يمكنه، من يشجع، من يشارك في العملية التعليمية، من يساند…إلخ. هذه مسألة مهمة جدًّا.
أيضاً بالنسبة للإخوة القائمين على هذه الدورات، نأمل منهم أن يعوا أهميتها، وأن يؤدوا مسؤوليتهم في القيام بها على أكمل وجه، وبكل جدية، وأن يسعوا فيها إلى أن يكون أداؤهم الأداء المطلوب؛ حتى تكون ثمرتها الثمرة الطيبة، ونتائجها النتائج الإيجابية المثمرة بإذن الله ” سبحانه وتعالى”.
نأمل أيضاً من الجهات الرسمية على المستوى المركزي، في وزارات الدولة ومؤسساتها، والمحافظات، والمديريات، أن تقوم بدورها القوي والفاعل، في المتابعة، في الدعم، في تفقد سير العمل، في مساندة هذا العمل والعناية به.
نأمل من جانب المجتمع، الإخوة الآباء، أن يحرصوا على الدفع بأبنائهم للاستفادة من هذه الدورات، والمشاركة في هذه الدورات، هذه مسألة مهمة، هم بحاجة إلى ذلك، هم بحاجة، هذا النشء المبارك، الذي ينشأ في هذه الظروف، في هذه المرحلة الحساسة، في هذا الظرف الكبير، الذي تواجه فيه أمتنا بشكلٍ عام تحديات كبيرة، يحتاج إلى العلم، والوعي، والبصيرة، والنور، والهدى، والفهم الصحيح، والحكمة، والرؤية الصحيحة، هذا من أهم وأعظم وأقدس وأسمى ما تخدم فيه ابنك، ما تقدمه لابنك، ما تفيد به ابنك، أهم حتى من الطعام والشراب، أهميته أهمية كبيرة جدًّا، فيه نجاته، في فلاحه، في صلاحه، فيه فوزه، أنت تؤهله ليقوم بدوره العظيم في هذه الحياة، فنأمل الاهتمام بهذا الجانب إن شاء الله.
فإذا تكاملت هذه الجهود، من جانب الآباء، من جانب الجهات الرسمية، من جانب المعلمين، والعلماء، والمثقفين، وأيضاً من جانب الجهات الإعلامية، أن تؤدي دورها المساند لهذا النشاط التعليمي كما ينبغي؛ سيكون لذلك- إن شاء الله- الأثر الطيب، والنتيجة المباركة، الله هو الذي يعطي البركة، الله هو مصدر النور، مصدر الهداية “سبحانه وتعالى”، هو الذي نرجوه أن يوفِّقنا جميعاً، وأن ينور بصائرنا، وأن يهدينا بهديه إنه سميع الدعاء.
نكتفي بهذا المقدار…
نأمل من الجميع أن يتفاعلوا مع هذه الدورات، أن ينشطوا في مساندتها، في الاهتمام بها، في إحيائها؛ لأنها من الحياة، من الحياة الحقيقية، حياة الإيمان، حياة الوعي، حياة البصيرة، أن نكون مجتمعاً حياً، يدرك قيمة هذه الأمور العظيمة والمهمة، التي لها أثرها الكبير في نهوضه بمسؤولياته، في مواجهته للتحديات، في قيامه بواجباته، في أدائه لدوره العظيم.
أسأل الله “سبحانه وتعالى” أن يوفِّقنا وإيَّاكم لما يرضيه عنا، وأن يرحم شهداءنا، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.