نص كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة الخميس 30 ربيع الأول 1446هـ 3 أكتوبر 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في تطورات الأيام الماضية، والأحداث الكبيرة فيها منذ الخميس إلى الخميس، كانت الأحداث والتطورات كبيرةً وساخنة، ونحن على وشك اكتمال العام منذ عملية طوفان الأقصى، وبفارق أربعة أيام؛ أمَّا فيما يتعلق بالمحصلة على مستوى العام، فسنتحدث عنها- إن شاء الله- في الكلمة القادمة، بعد اكتمال العام.
التطورات والأحداث خلال الأيام الماضية كان في مقدمتها، وعلى رأسها: الجريمة الكبرى للعدو الإسرائيلي، باستهدافه لشهيد الإسلام والإنسانية، شهيد القدس والأقصى وفلسطين، شهيد الحق والعدالة، شهيد المسلمين جميعاً، وشهيد لبنان، المجاهد الكبير سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، وتحدثنا عَقِب إعلان الحزب لاستشهاده بكلمةٍ موجزة، ومهما قلنا يبقى الكثير والكثير، فيما يتعلق بجريمة الاستهداف لشهيد المسلمين والإسلام والإنسانية، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، وفيما يتعلق بالحادثة، والهدف من تلك الجريمة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي.
والاستهداف هو مصابٌ للأمة الإسلامية جمعاء، بما للسيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” من دورٍ عظيم، ورمزيةٍ إسلامية، وأهميةٍ وتأثيرٍ عالميٍ وإقليميٍ ومحلي، وفي مقدمة ذلك: دوره العظيم في مواجهة الخطر الصهيوني اليهودي، وإلحاق الهزائم بالعدو الإسرائيلي، والأهمية في هذا الدور المهم هي لفلسطين، وللبنان، وكذلك لكل البلدان المجاورة لفلسطين، وللأمة الإسلامية بكلها؛ باعتبار العدو الإسرائيلي يُشَكِّل خطراً على المسلمين جميعاً، فعلى مدى أكثر من أربعين عاماً كان سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” حاضراً في ميدان الجهاد، وفي مواجهة الخطر الصهيوني بفاعليةٍ عالية، وبموقفٍ متميز، وأداءٍ عظيم، وقاد مسيرة حزب الله الجهادية لنحوٍ من ثلاثين عاماً، بأداءٍ عظيمٍ وناجحٍ، وموفّقٍ ومسددٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأحرز الانتصارات الكبرى.
دوره المتميز على رأس حزب الله، وجمهور المقاومة، وفي الساحة اللبنانية، كان متكاملاً بكماله القيادي والإيمان، وبما جسَّده من القيم والأخلاق، وبما منحه الله ووهبه من رشدٍ، وبصيرةٍ، ونورٍ، وحكمة، وبما منحه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من مؤهلات عالية، وتميَّز بالحِنكة القيادية العالية.
كذلك علاقته بالجماهير والمجتمع كانت علاقةً وثيقةً، واهتمامه بالحاضنة الشعبية لحزب الله، وبالمجتمع اللبناني بشكلٍ عام، كان اهتماماً كبيراً، منطلقاً من إيمانه هو بأهمية الدور الشعبي، وبما يُكِنُّه للمجتمع من تقديرٍ عالٍ، وتكريمٍ، ومحبةٍ، واحترام، فهو إلى جانب اهتمامه الكبير بالبنية الجهادية والتنظيمية لحزب الله، كان له نشاطه الواسع واهتمامه الكبير بالجماهير، على مستوى الحاضنة الشعبية للحزب، وعلى مستوى أوسع، وكان هذا واضحاً جداً في أنشطته، في كلماته، في خطاباته، في قراراته، وتواصله بالناس هو تواصلٌ قوي، يحرص على أن تكون الأمور واضحةً بالنسبة لهم، ويبذل جهده في إيضاح الحقائق للناس، ويعتبر الناس هم الركيزة الكبرى في الميدان وفي الموقف؛ ولــذلك كانت علاقته قويةً بالجماهير، وعلاقتهم به قوية، فهم يبادلونه المحبة، والاحترام، والتقدير، ويثقون به.
كذلك فيما يتعلق بتأثيره على العدو، وعلى جماهير العدو، العدو يعترف بذلك، وجماهيره كذلك تعترف بذلك، فنظرة العدو الإسرائيلي إلى السيد حسن هي نظرة إلى عدوٍ يمتلك جدارةً عالية، في أدائه لمهامه ومسؤولياته المُقَدَّسة، في التصدي للعدو الإسرائيلي، العدو الإسرائيلي الذي لا يأبه لكثيرٍ من زعماء العرب، ولا لكثيرٍ من ملوكهم وأمرائهم وقياداتهم، ويعتبرهم لا شيء، ليس لهم وزنٌ ولا حساب، ولا قيمةٌ ولا أهمية، ويُقَيِّمهم فيما هم عليه فعلاً من مستوى ضعيف ومتدنٍ، سواءً على مستوى القدرة القيادية والحنكة، أو على مستوى القضية والموقف ومدى تمسكهم بقضايا الأمة، وبالتوجهات التي ينبغي أن يكون عليها من يتحرك في إطار قضايا الأمة، وفي غير ذلك؛ لكنَّه كان ينظر نظرةً مختلفةً إلى سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، هو يعرف ما يمتلكه السيد/ حسن نصر الله من قدرةٍ قيادية، من شجاعة، من إيمان، من بصيرةٍ ورشدٍ ونورٍ وحكمةٍ، ما يمتلكه من عزم، وقوة إرادة، وثبات في الموقف… وغير ذلك، فهو كان ينظر إليه نظرةً مختلفةً عن نظرته إلى معظم الشخصيات القيادية، في العالمين العربي والإسلامي، سواءً من كان منها على المستوى الرسمي، أو على المستوى الشعبي.
كذلك جمهور العدو الإسرائيلي، المستوطنون، المغتصبون، الصهاينة، المجرمون، هم يحسبون ألف حساب للموقف الذي يعلنه السيد/ حسن نصر الله، لكلماته، لوعوده، لتحذيره، لتهديده، هم يعرفون مصداقيته، ومصداقية ما يعلنه، أو يؤكده، أو يتوعّد به؛ ولــذلك هم يعرفونه بأنه رجل القول، ورجل الفعل معاً، وهذا كان شيئاً واضحاً.
العدو الإسرائيلي كان يرى في السيد/ حسن نصر الله أنه العائق الكبير، والعدو الفاعل، الواعي، الذكي، الراشد، الشجاع، الثابت، المؤمن؛ ولــذلك كان تركيزه على استهدافه، وكذلك طريقته في الاستهداف بما لمثيل له في كل عمليات الاستهداف، عندما نجد أن العدو الإسرائيلي استهدف سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، بما يقارب خمسةً وثمانين طِناً من المتفجرات، ومن أفتك وأقوى المتفجرات لاستهدافه، هذا المستوى من الاستهداف يُبيِّن كم هو حجم الحقد الذي يُكِنُّه العدو الإسرائيلي للسيد حسن، والعداء الشديد، وكيف هي نظرته إلى هذا القائد العظيم، وإلى دوره المهم، وكم هو حريص على أن يتخلص مما يعتبره- فعلاً- عائقاً كبيراً أمام أطماعه وأحقاده، في السيطرة على فلسطين ولبنان وهذه الأمة.
ما ظهر به أيضاً العدو الإسرائيلي بعد جريمته الكبرى، في الاستهداف للسيد/ حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، من غرور، وتباهٍ، وكبر، لماذا لا يحسب لبقية الزعماء العرب حساباً مهماً وكبيراً؟ لماذا ظهر ليقول: [أن ما حصل هو نقطة تحوّل، وأنه سيسعى إلى تغيير الشرق الأوسط بكله]، عندما قال هذا الكلام هو يعني أن لديه برنامجاً يستهدف به كل شعوب وبلدان هذه الأمة، فكيف تجرأ على مثل هذا الكلام؟! وكيف لم يحسب حساباً لملوك، وزعماء، وأمراء، وقادة، وبكل بساطة يعتبر أنه سيعمل ما يشاء ويريد، وينفِّذ برنامجه، الذي يهدف إلى تمكين العدو الإسرائيلي بشكلٍ عام من السيطرة على هذه البلدان، السيطرة على- ما يطلق عليه الأعداء عادةً بالشرق الأوسط- المنطقة العربية بكلها، ومحيطها من بعض الدول الإسلامية؟ هذا المنطق يكشف كم كان العدو الإسرائيلي يرى في السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” أنه العائق الأكبر، الذي كان عائقاً بينه وبين هذا المستوى من الطموح العدواني، الطموح الذي هو طموح عدواني، يؤمِّل أن يستحوذ، ويسيطر، ويتغلب، ويتحكم بهذه المنطقة بكلها، وأن يسيطر عليها بما يخدم مصالحه، ومصالح الأمريكي معه.
دور السيد حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” تجاه قضايا الأمة بشكلٍ عام، وليس فقط بما يخص فلسطين، ومن وقتٍ مبكر، كما حدث آنذاك مع البوسنة، في محنة البوسنة والهرسك كان لديه اهتمام بما يحصل هناك، بالرغم من أنه في معركة ساخنة في مواجهة العدو الإسرائيلي، بما يمتلكه العدو الإسرائيلي من إمكانات وقدرات، وفي ظل مساعيه العدوانية، الإجرامية، الرامية إلى السيطرة الكاملة على لبنان، ومع كل ذلك كان هناك اهتمام كبير من جانب السيد حسن، بما يجري على الشعب المسلم في البوسنة، واتَّجه لمساعدته، لإسناده، لإرسال كوادر ورجال من الحزب لمساعدة المجاهدين في البوسنة… وغير ذلك.
وهكذا في بقية المراحل التالية مع قضايا الشعوب، وصولاً إلى مظلومية الشعب اليمني، فبرز دور السيد/ حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، الدور الواضح، الصريح، القوي، الداعم والمساند بكل ما يستطيع، بالرغم من حساسية ذلك، حساسيةً كبيرة، تركت تأثيرها على كثيرٍ من الشخصيات في العالم الإسلامي، فلم يجرؤوا أن يتبنوا أي موقف؛ لأنهم يعرفون أن لذلك عواقبه الخطيرة عليهم.
كذلك له دوره الكبير، والمتميز، والرائد، في مساعيه المهمة لإفشال مؤامرة أمريكا وإسرائيل، في إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين، وهذا المشروع الخطير التدميري، لإثارة الفتنة بين المسلمين وتمزيقهم، هو من أخطر المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، الرامية إلى تدمير الأمة من الداخل، وتمزيقها بأكثر مما هي ممزقةٌ من الداخل أيضاً، فكان لديه اهتمام كبير بإفشال تلك المؤامرة، واهتمام كبير بالتقارب فيما بين المسلمين، والسعي للعلاقة الوُدِّيَّة والأخويَّة بين المسلمين، وجهوده في ذلك واضحةٌ ومعروفة.
العدو الإسرائيلي استهدف السيد/ حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” بكل حقد، لديه حقد كبير جداً على السيد حسن؛ لما للسيد حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” من دورٍ عظيم في التصدي للعدو الإسرائيلي، في إفشال مؤامراته، في إلحاق الهزائم الكبرى المُذِلَّة به، فهو يمتلك عقدة الحقد على سماحة الأمين العام لحزب الله، يحمل عقدة الحقد بشدة، وهو حقود، العدو الإسرائيلي هو حقودٌ في نفسه، عدوانيٌ في نفسه، مجرمٌ في نفسه، فتحرك لاستهداف السيد حسن وهو يحمل عقدة الحقد والانتقام، وأيضاً لأهداف عملية، أهداف عملية خطيرة جداً، تستهدف دور حزب الله، والجبهة اللبنانية، في التصدي للعدو الإسرائيلي، والإسناد للشعب الفلسطيني.
جبهة حزب الله منذ بدايتها– منذ بداية المسيرة الجهادية فيها- برزت جبهةً قويةً، فعَّالةً جداً في مواجهة العدو الإسرائيلي، وجبهةً حققت الانتصارات الكبرى، المعروفة في كل المراحل الماضية، بما فيها في العام 2000، وبما فيها في العام 2006، ثم في هذه الجولة من الصراع مع العدو الإسرائيلي، وعلى مدى ما يقارب العام، برز دور جبهة الإسناد اللبنانية، جبهة حزب الله في لبنان، برز باعتباره الدور الأول في الإسناد للشعب الفلسطيني، جبهة ساخنة، قوية، فاعلة، مؤثِّرة على العدو.
ولــذلك فالعدو على مدى كل هذه العقود (على مدى أكثر من أربعين عاماً) في صراع مع هذه الجبهة، ويحاول أن يتخلص منها، وأن يقضي عليها، يحيك المؤامرات تلو المؤامرات، ويخوض الجولات في المواجهة مع هذه الجبهة، والعدوان على الشعب اللبناني، والاستهداف لحزب الله وقياداته وكوادره، الجولات تلو الجولات من المواجهة والصراع، ومع ذلك كان العدو الإسرائيلي يفشل، حتى عندما يستهدف قادةً معينين، أو شخصيات بارزة من حزب الله، أو يرتكب جرائم في القتل الجماعي، أو جرائم في الاستهداف للحاضنة الشعبية اللبنانية، أو أي شكلٍ من أشكال المؤامرات التي يشتغل عليها، اشتغل- وليس لوحده- مع الأمريكي دائماً في كل المسارات الماضية، كل ما يعمله الإسرائيلي كان يعمله بدعمٍ أمريكي، واشتراكٍ أمريكي، وكذلك مساندة أمريكية، بأشكال متنوعة ومتعددة، وهذا شيءٌ واضح.
فالعدو الإسرائيلي هو في صراع ساخن، ومواجهة كبيرة، يستهدف الجبهة اللبنانية منذ يومها الأول، وهي الجبهة التي أفشلت مؤامرته في الاحتلال للبنان، بعد أن كان قد وصل إلى بيروت، وكان طامعاً في أنه سيستمر في سيطرته التامة على لبنان، وأنه قد ضمن السيطرة على لبنان بشكلٍ كامل، وأنه رتَّب لذلك الخطوات اللازمة، على المستوى السياسي، وعلى كافّة المستويات، ففوجئ بهذه المسيرة الجهادية المتميزة، الفعَّالة، والقوية، والمؤثِّرة، والمستمرة، وكلما واجهها أكثر، وتآمر عليها أكثر؛ كلما قويت وتنامت، وتعاظمت، وثبتت، وأحرزت المزيد من الانتصارات، وحققت المزيد من النجاحات، وهكذا هو المسار على مدى أكثر من أربعين عاماً، خلالها كم كان هناك من أحداث ساخنة، ومن وقائع، ومن مشاكل كبيرة، ومن صعوبات وتحديات، ولكن لأن هذه المقاومة الإسلامية (حزب الله في لبنان) انطلقت من منطلقٍ إيماني، تمتلك القضية العادلة، وتؤمن بهذه القضية، وتتحرك على أساسٍ صحيح؛ منحها الله المزيد والمزيد من الانتصارات، ووصلت إلى مستوىً عظيم، ومستوىً متقدم؛ فكانت جبهةً قوية، وكانت حاضرةً في تلك الساحة وفي ذلك الميدان، كما كانت حاضرةً على نحوٍ متميز على مستوى الساحة الإسلامية بكلها.
وفعلاً الشعوب المسلمة، في البلدان العربية وغيرها، تنظر بإعجاب إلى تجربة حزب الله، إلى ما عليه حزب الله من الصمود، والثبات، والوعي، والحكمة، والتماسك، والفاعلية، والتأثير، ومَثَّل أملاً للأمة الإسلامية، ونموذجاً ملهماً وناجحاً، في صموده، ومواجهته، وفعله، وأدائه، وتماسكه، وهو يواجه دائماً الصعوبات، والمِحن، والشدائد، ويُقدِّم التضحيات الكبيرة، من القادة، ومن الأفراد، ومن حاضنته الشعبية.
وهكذا برزت مسيرة حزب الله الجهادية الحسينية مسيرةً متميزة، رائدة، وصبورة، وثابتة، وراشدة، تمتلك الرشد، البصيرة، الحكمة، وتمتلك أيضاً الثبات، وكذلك تمتلك الأداء الناجح، والحكيم، والفاعل، في ظل الوضع الساخن، ومواجهة المؤامرات الكثيرة من هنا وهناك، قد يواجه البعض في أي مسيرةٍ جهادية، وفي طبيعة التحديات التي يعيشونها، قد يواجهون مثل هذه الظروف الصعبة، التي واجهها حزب الله، لو أنَّ ما واجهه حزب الله في هذه المرحلة، واجهته جيوشٌ عربيةٌ أخرى، أو كياناتٌ أخرى، ممن لا ينطلق انطلاقةً إيمانيةً واعية، وراسخة، وثابتة؛ لربما كان له تأثيره الكبير إلى درجة الانهيار، انهارت أنظمة عربية، انهارت جيوش عربية في أيام؛ لأنها واجهت مستوىً مُعَيَّن من الشدائد، والآلام، والتضحيات، وتكبَّدت مستوى مُعيَّن من الخسائر، وواجهت مستوى مُعَيَّن من الصعوبات، لم يصل بعد إلى ما واجهه حزب الله، مع ذلك ها هو حزب الله ثابتٌ، صامدٌ، ها هي حاضنته الشعبية أيضاً متماسكة، وواثقة، وها هو حزب الله جبهةً قويةً وفاعلة، لا يمكن أن ينهار بفعل هذه العواصف والشدائد؛ لأن الانطلاقة الإيمانية هي انطلاقة تصل الأمة المجاهدة بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، برعايته، بتوفيقه، وهو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الذي يُنْزِل السكينة في قلوب المؤمنين، ويربط على قلوبهم، وَيُمِدّهم بالثبات، والعون، والتسديد، والتأييد، ورعايته “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هي رعاية واسعة.
فعلى كُلٍّ، في ظل هذا الوضع الراهن، العدو كان من أهدافه باستهدافه لسماحة الأمين العام لحزب الله، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، أن تنهار جبهة حزب الله، وأن يُصفِّي هذه الجبهة ويتخلص منها؛ باعتبار دورها المهم للقضية الفلسطينية أولاً، وعلى مستوى لبنان كذلك، وعلى مستوى الوضع الإقليمي، على مستوى عام، وهو يرى فيها العائق الكبير؛ ولـذلك تحدث المجرم [نتنياهو] بعد ذلك عن السيطرة على الشرق الأوسط، ولم يكتف بأن يتكلم عن لبنان أو فلسطين؛ لأنه كان يعتبر حزب الله وسماحة الأمين العام لحزب الله عائقاً عن هذا المستوى من الطموحات، التي هي طموحات عدوانية، وطموحات سيطرة، وطموحات استحواذ، وتَغَلُّب، وعدوان.
ولكن وبالرغم من الخسارة الكبيرة، باستشهاد الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، خسارة كبيرة بالنسبة للأمة الإسلامية بشكلٍ عام، والفقد الكبير جداً، والحزن العظيم، الحزن الذي عمَّ أرجاء العالم الإسلامي، وليس فقط في لبنان، وفي الحاضنة الشعبية لحزب الله في لبنان، لكن مع كل ذلك مسيرة حزب الله هي مسيرة باقية، ومسيرة ثابتة، وراسخة، وفاعلة.
السيد حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” أتى ضمن مسيرة جهادية إيمانية حسينية، من مدرسة الجهاد والشهادة، وعمل على الدوام- في كل المراحل الماضية- على ترسيخ الروحية الإيمانية الجهادية الحسينية، كروحيةٍ، وفكرٍ، ووعيٍ، وبصيرةٍ، ويقين، وكذلك على المستوى العملي والتنظيمي، والبناء للبنية، بنية الأمة المجاهدة وتكوينها (أُمَّة حزب الله)؛ ولــذلك فبناء حزب الله وبنيته بنيةٌ متماسكة، يقاتلون في سبيل الله تعالى صفاً كأنهم بنيانٌ مرصوص، هذه هي البنية الإيمانية، البنية الجهادية: البنيان المرصوص المتماسك، الذي لا يتفكك، ولا يتبعثر، ولا ينهار بفعل العواصف والشدائد والأحزان، ليس بنياناً هشاً، ولا مخلخلاً، ولا ضعيفاً، فحزب الله وكذلك جمهوره هم أمةٌ متماسكة، وقوية في مواجهة التحديات، والعواصف، والأهوال؛ ولــذلك كان تماسكهم في مقابل هذا الحجم الكبير من الاستهداف، حتى ما قبل استهداف السيد/ حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، الاستهداف بالإجرام الصهيوني في اغتيال القيادات والكوادر البارزة في حزب الله، وكذلك في الاستهداف الجماعي، الذي حصل في قصة البيجر، وجهاز النداء، الذي حاول العدو الإسرائيلي من خلاله قتل الآلاف من منتسبي حزب الله، ومن أبناء الشعب اللبناني، والاستهداف كذلك في هذه الأيام بالتدمير الشاسع، وجرائم الإبادة الجماعية، التي يستهدف بها السكان في منازلهم وبيوتهم، ويحاول أن يدمِّر من خلال ذلك قرىً بأكملها، وكذلك مربعات سكنية في الضاحية الجنوبية بأكملها، هذا الحجم من الاستهداف الكبير لم يؤثِّر على تماسك حزب الله، وعلى ثباته، وعندما ظهر كذلك نائب الأمين العام لحزب الله، سماحة الشيخ/ نعيم قاسم في كلمته، كانت كلمةً تُعبِّر عن هذه الثقة، عن هذا التماسك، عن هذا الصمود المستمر، وعن هذا القرار أيضاً، الذي لا يمكن أن يتغير؛ لأنًّه قرارٌ منطلقٌ من المنطلق الإيماني، الذي يتحرك فيه حزب الله.
العدو الإسرائيلي اتَّجه إلى العدوان البري، وكان يؤمِّل أن قد خلت له الساحة، وتهيأت له الظروف، وأنَّ بنية حزب الله أصبحت بنيةً منهارةً، وضعيفةً، وهشة، وأنَّ الجيش (جيش العدو الإسرائيلي) سيتقدم من جديد لاجتياح لبنان، أو اجتياح أجزاء من لبنان، على حسب ما يعبِّر هو، ويعبِّر بغرور، إلى درجة أنه يقول: [بالنسبة لبيروت ليست على الطاولة]، يعني: هو بهذا يرفع سقفه في مستوى ما يريد أن يجتاحه من لبنان، عندما يعبِّر أنه فيما يخص بيروت ليست في طاولة الاجتياح البري، ولكنه فوجئ، وصُدِم صدمةً قوية، وصدمةً كبيرة في أطراف لبنان، في الحدود مع فلسطين المحتلة، في الأجزاء التي هي من آخر مساحة لبنان، وقد تكون أيضاً مع بعض المواقع التي لا تزال محسوبةً من الجغرافيا اللبنانية، لكن كانت تحت سيطرة العدو الإسرائيلي من قبل.
على كلٍّ، في الحدود، وعندما أراد أن يبدأ بمحاولات التقدم، تلقى الصفعة القوية، والضربة القوية المنكِّلة من مجاهدي حزب الله، وكان هول الصدمة واضحاً، فالعدو الإسرائيلي بدأ يتحدث عن كارثة، بعض الوسائل الإعلامية الإسرائيلية وصفت ما حدث للجيش الإسرائيلي المجرم أثناء محاولاته للتوغل في لبنان، وصفت ما حدث له من التنكيل بأنه [كارثة]، عبَّروا عن الصدمة، عبَّروا عن المفاجأة.
وفعلاً واقع إخوتنا في حزب الله في تماسكهم، وثباتهم، وجهوزيتهم في التنكيل بالعدو الإسرائيلي، هو بنفس ما كانوا عليه في كل ما قد جرَّبهم فيه وفشل، لم يتغير حالهم بعد استشهاد سماحة الأمين العام لحزب الله، إلَّا بفارق أنهم ازدادوا ثباتاً، وازدادوا عزماً، وتصميماً، وتفانياً في العمل في سبيل الله، وفي أداء مسؤولياتهم المقدَّسة، في التصدي للعدو الإسرائيلي وضربه، اليوم يمتلك المجاهدون في حزب الله من الحافز والدافع، بعد استشهاد الأمين العام لحزب الله، ما هو أكثر من ذي قبل، الحالة التي انعكست على واقعهم ليست انهياراً، ولا ذُلاً، ولا عجزاً، ولا فشلاً، ولا ضعفاً، ولا وهناً، ولا استكانةً؛ إنما هي تصميم، وعزم، وحرص على أداء الموقف العظيم المشرِّف، وأكثر كذلك اهتماماً وجرأةً في الاستهداف للعدو ومواجهته، وهم اليوم أكثر تشوقاً لمواجهة العدو الإسرائيلي من أي مرحلةٍ مضت.
العدو الإسرائيلي هو لا يفهم، لا يفهم هذه الأمة، لا يفهم تلك الأمة المجاهدة فيما تحمله من روحية وإيمان وعزم، وهو يتصور أنَّ مثل تلك الجرائم عندما يرتكبها بحق القادة، ويستهدفهم، أنه بذلك سيحقق أمله في انهيار بقية المكون، بقية الأمة المجاهدة، ولكنه سيرى، وقد بدأ يرى، وبدأ يصيح، وبدأ يُعبِّر بمنطقٍ مختلف.
عَقِبَ استهدافه لسماحة الأمين العام لحزب الله، كان العدو الإسرائيلي يتحدث بغرور، وبآماله الشيطانية، ولكن ها هي أيام فقط، أيام وبدأ منطقه يختلف، بدأ يتحدث عن صدمة، عن مفاجأة، عن كارثة، فيما يحلُّ به أثناء المواجهة مع مقاتلي حزب الله المجاهدين، الثابتين، الصامدين، المستبسلين؛ ولــذلك ينبغي أن يفهم العدو الإسرائيلي، أنه لن يحقق آماله من استهدافه لسماحة الأمين العام لحزب الله، ولا باستهدافه للكوادر القيادية التي استهدفها، من الكوادر القيادية في حزب الله، وأنَّ حزب الله متماسكٌ في بنيته، وتنظيمه، وتكوينه، وثابتٌ على موقفه، وأنَّه على ما هو عليه من فاعلية، وتأثير، وصمود، وقادرٌ- بمعونة الله تعالى- على إحراز النصر، وتحقيق النصر، وإلحاق الهزائم المذلة بالعدو الإسرائيلي، وها هم المجاهدون في حزب الله، وهم يبعثون برسائلهم إلى سماحة الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد/ حسن “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ” بعد استشهاده، ويقولون له: (كما كنت تعدنا بالنصر دائماً، نعدك بالنصر مجدداً)، ها هو منطقهم، هم يستمرون وهم ثابتون في هذا المسار العظيم: مسار الجهاد، مسار صنع الانتصارات بمعونة الله تعالى، والتوكل عليه، والأخذ بأسباب النصر، ومنذ اليوم الذي قال فيه سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”: (ولى زمن الهزائم، وأتى زمن الانتصارات)، وهو قد أرسى هذه المعادلة، وأرساها اليوم بعد استشهاده ببركة تضحياته، وببركة جهوده أيضاً، ومع هذا وذاك، الجهد والعمل الذي قدَّمه في كل هذه العقود من الزمن، وبركة التضحية، وهو قد قدَّم نفسه قرباناً في سبيل الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، فالله لن يضيع لا جهده، ولا جهاده، ولا تضحيته، وسيبقى الأثر العظيم لكل ذلك في مسيرة المجاهدين في حزب الله، في كل ما هو حاضر، وفي كل ما هو آتٍ، في الحاضر والمستقبل؛ ولــذلك على العدو الإسرائيلي أن ييأس، وعلى الأمريكي أن ييأس، وعلى كل المتربصين والمنافقين أن ييأسوا من تحقيق أهدافهم وآمالهم الشيطانية، في إنهاء الدور العظيم لحزب الله، فيما يتعلَّق بالقضية الفلسطينية، وفيما يتعلَّق بلبنان، وفيما يتعلَّق بالدور المميز والعظيم على مستوى الأمة.
هذا فيما يتعلَّق بهذا الموضوع، فروحية الشهيد، وفكره، وجهده، وبركات تضحيته هي باقية في مسيرة حزب الله، برعايةٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
وأيضاً لكل الجهات اللبنانية كذلك، أؤكد للجميع أنَّ عليهم أن يطمئنوا، على المستوى الرسمي في لبنان، على مستوى بقية المكونات اللبنانية، أن يطمئنوا، وأن يثقوا بحزب الله في كوادره، في رجاله، في مجاهديه، في قادته، هو حزبٌ ثريٌ بمجاهديه وبقادته، الذين يمتلكون الرشد، والوعي، والثبات، والذين لهم التجربة العظيمة والرائدة، والذين يحظون- فيما هم عليه من توجهٍ إيماني- بمعونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبتوفيقه.
نؤكِّد في هذا المقام أننا إلى جانب إخوتنا في حزب الله، وجماهيره، وحاضنته الشعبية، ومساندين على الدوام للشعب اللبناني، وهذا هو حال المحور بكله، الجمهورية الإسلامية في المقدِّمة، هي اليوم تدرك حساسية هذا الظرف، وهي متجهةٌ للاهتمام بما ينبغي، في رفد الحزب ومساندته؛ أمَّا العدو الإسرائيلي فمهما صعَّد على لبنان، ومهما استمر في إجرامه الفظيع في غزة؛ فالمسؤولية أيضاً على كل المسلمين، مسؤوليةٌ عظيمةٌ أن يكون لهم موقفٌ واضحٌ وجاد في مساندة الشعب الفلسطيني، ومساندة الشعب اللبناني.
في مجريات العدوان الإسرائيلي على لبنان، هناك أيضاً المشهد الإنساني، حالة النزوح الكبيرة لمئات الآلاف من أبناء الشعب اللبناني؛ ولــذلك يتطلب الموضوع أن يكون هناك اهتمام على المستوى الإنساني من كل الدول العربية، وفي العالم الإسلامي بشكلٍ عام، على المستوى الرسمي، وعلى المستوى الشعبي، والمسؤولية في المقدِّمة على الحكومات والأنظمة، أن تساعد الحكومة اللبنانية للاهتمام بالنازحين، الذين هم ربما بأكثر من مليون نازح، بأعداد كبيرة، بمئات الآلاف، أو بالملايين، يفترض أن يكون هناك تحركٌ واضح وجاد، وباهتمام واستشعار للمسؤولية للاهتمام بهم.
كذلك على مستوى التحرك السياسي، على مستوى التحرك الإعلامي، ما يتعرَّض له لبنان هو عدوانٌ كامل، العدو الإسرائيلي يعتدي عدواناً كاملاً وشاملاً على لبنان؛ ولــذلك لابدَّ من المساندة للشعب اللبناني بكل أشكال المساندة، وهذه مسؤولية على أُمَّتنا، وعلى حكوماتها، وعلى شعوبها.
فيما يتعلَّق بمستجدات الأسبوع أيضاً، كان من أبرزها هو: عملية الوعد الصادق الثانية، نفَّذت الجمهورية الإسلامية في إيران أكبر ضربةٍ صاروخيةٍ تلقاها العدو الإسرائيلي منذ بداية احتلاله لفلسطين، وغطى القصف الصاروخي مساحةً على امتداد فلسطين المحتلة، وصولاً إلى المياه قبالة عسقلان، القصف الصاروخي الإيراني ركَّز على القواعد العسكرية الإسرائيلية، وعلى- كذلك- المراكز التجسسية، وعلى بعض المطارات العسكرية، وصلت الصواريخ الإيرانية بنسبة 90% حسب الإعلان عن ذلك، وظهرت المشاهد الموثَّقة بالفيديو لوصولها وهي تدك القواعد الإسرائيلية، هرب الملايين من اليهود الصهاينة برعبٍ شديد، وذعرٍ واضح، إلى الملاجئ، وكذلك قادة الإجرام الصهيوني، وعاش الجنود الصهاينة اليهود حالة الرعب في مختلف أنحاء فلسطين.
العملية هي تنفيذٌ لالتزامٍ التزمت به الجمهورية الإسلامية، من بعد اغتيال العدو الإسرائيلي للمجاهد القائد الإسلامي الكبير، شهيد الأمة الإسلامية، الشهيد/ إسماعيل هنيَّة، وكذلك في مقابل جريمة العدو الإسرائيلي باستهداف السيد/ حسن نصر الله “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، وكذلك القائد في الحرس الثوري/ أبو الفضل، هؤلاء الشهداء الثلاثة “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم”، وتجاه إجرام العدو الصهيوني في فلسطين ولبنان.
العملية كانت ناجحة، وقوية، وضاربة، ولم تُعقها القواعد الأمريكية، الأمريكي أعلن كثيراً عن أنَّه سيعمل على حماية العدو الإسرائيلي؛ حتى لا يصل إليه شيءٌ، إذا أرادت الجمهورية الإسلامية أن توجِّه ضربةً له، لكن الأمريكي فشل، لم يتمكن من توفير الحماية التي وعد بها، مع أنه يريد ذلك، لم يكن تقصيراً منه، لكنه كان عجزاً وفشلاً، لم تعقها القواعد الأمريكية، والجهوزية الكبيرة للأمريكيين، ولا لحلفائهم وأدواتهم، ولم تعقها أيضاً المنظومات الإسرائيلية، التي هي للدفاع الجوية.
العملية كانت ضروريةً، وكسرت الطوق الإرهابي، والتهويل في محاولة إيقافها ومنعها، كان الأمريكي يسعى بكل جهد ومعه الإسرائيلي، إلى منع الجمهورية الإسلامية من توجيه هذه الضربة، وتنفيذ هذه العملية، فمن بعد استشهاد الشهيد الكبير، شهيد الأمة الإسلامية/ إسماعيل هنيَّة، وهو ضيفٌ لدى الجمهورية الإسلامية، والأمريكي والإسرائيلي كلٌّ منهما يطلق التهديد والوعيد، ويحاول أن يرجف، ويحاول أن يصوِّر الحال بأنه: في حال قامت الجمهورية الإسلامية بتنفيذ وعدها، والتزامها بالرد؛ فسيكون الجواب حرباً شاملة على الفور، ومن دون تأخير، وكان حجم التهويل واضحاً، مع المساعي الكبيرة جداً التي يبذلها كل الذين لهم ارتباط بالموقف الأمريكي من العرب والعجم، من مختلف البلدان والدول، حيث يحاولون أن يرهبوا، وأن يخيفوا، وأن يعيقوا، وأن يحددوا، وأن يثبِّطوا… إلى آخر ذلك.
العملية عندما أتت تجلَّى أيضاً أهميتها الكبيرة، أمتنا بحاجة دائماً إلى أن تمتلك الجرأة والقرار، في اتخاذ الموقف اللازم، الذي يمثل ضرورةً واقعية، ومسؤوليةً دينيةً، وأخلاقيةً، وإنسانية، هذا بحد ذاته مهمٌ جداً، ثم الفعل بنفسه، هو حالةٌ ضروريةٌ أيضاً، الموقف هو ضروريٌ للجم العدو الإسرائيلي، لردعه، لا يمكن أبداً منع العدو الإسرائيلي من ممارسة الجرائم، وكذلك إبعاده عن المزيد من التصعيد والعدوان، وكذلك العمل على منعه من مواصلة جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وضد الشعب اللبناني، إلَّا بالعمليات القوية، الرادعة، المؤثِّرة، لابدَّ من الجهاد، لابدَّ من الموقف، لابدَّ من التحرك الجاد والفاعل للجم العدو الإسرائيلي، ولردعه ومنعه، وإلَّا فالمزيد من جرائمه سيستمر؛ لأنه عدوانيٌ مجرمٌ، وهو شرٌ مستمر.
كان من الواضح جداً عندما نفَّذت الجمهورية الإسلامية في إيران هذه العملية، وهذه الضربة الكبيرة الموفَّقة، كان من الواضح مدى بهجة وفرح الشعوب المظلومة، الشعب الفلسطيني في المقدِّمة، حتى في غزة، كم كانت الفرحة، وكم كان الابتهاج، وكم كان السرور، بقدر ما امتلأت قلوب الصهاينة بالرعب، والخوف، والقهر، امتلأت قلوب أبناء الشعب الفلسطيني، والشعب اللبناني، وشعوب أمتنا المظلومة، بالفرح والسرور والابتهاج، وهذا كان شيئاً واضحاً، وكذلك نُشِرَت الكثير من المشاهد الفيديو، ما يعبِّر عن هذا الفرح والسرور في خروج الكثير، وظهور ابتهاجهم وفرحهم.
ومع كل هذه الأعمال، ومع كل الدور المهم لجبهات المساندة: في إيران، في العراق، في لبنان، والمقاومة العراقية كانت عملياتها مكثفةً جداً خلال الأيام الماضية، وواضحٌ جداً أنها تتجه إلى التصعيد أكثر فأكثر، وبفاعليةٍ عالية، لكن هنا في المقدِّمة الدور الفلسطيني، الشعب الفلسطيني هو الشعب الأكثر مظلوميةً، والأكثر تضحيةً، والأكثر معاناة، ومجاهدوه الأعزاء هم في الخندق الأول، وفي المواجهة الدائمة مع العدو الاسرائيلي، على مدى عام كانت غزة جبهةً ساخنة، والمجاهدون فيها يقدِّمون نموذجاً عظيماً ومتميزاً، في الصبر، والثبات، والاستبسال، وفي التضحية، وكذلك الحاضنة الشعبية الفلسطينية تقدِّم نموذجاً في تماسكها وصبرها، بالرغم من المعاناة التي لا مثيل لها، جرائم الابادة الجماعية التي تستهدفها من قِبَلِ العدو الاسرائيلي، التجويع الشديد، والحصار الظالم المطبق، والمعاناة في كل شيء، ومع ذلك يستمر الصمود، ونحن على وشك اكتمال العام بفارق أربعة أيام.
الإخوة المجاهدون في كتائب القسَّام نفَّذوا خلال هذه الأيام (خمسة عشر عملية)، كان من ضمنها استهداف (ثلاثة عشر آلية) من آليات العدو الاسرائيلي، وأيضاً تواصل معها بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة: سرايا القدس… وغيرها، تنفيذ العمليات الفاعلة، المؤثِّرة، المنكِّلة بالعدو الاسرائيلي، كان من العمليات المهمة والبارزة: عملية يافا أيضاً، وهي عمليةٌ بطوليةٌ، هزَّت كيان العدو الاسرائيلي، نفَّذتها كتائب القسام.
فيما يتعلَّق بجبهة الإسناد في يمن الايمان:
-
تم تنفيذ عمليات بالقصف الصاروخي، منها: ما كان بالتزامن مع عملية الوعد الصادق الثانية، وكانت باتجاه يافا، التي يسميها العدو [تل أبيب]، وباتجاه أم الرشراش ومواقع في صحراء النقب، ومنها: ما بعد ذلك.
-
وعملياتٌ أيضاً في البحر الأحمر، وفي بحر العرب، وفي المحيط الهندي، وقد بلغ عدد السفن المستهدفة إلى: (مائةٍ وثمانٍ وثمانين سفينة).
-
كذلك تم إسقاط المزيد من طائرات الاستطلاع المسلح الأمريكي [MQ9]، ليصل إجمالي عددها إلى: (أحد عشر) من هذا النوع خلال هذا العام.
الأمريكي أيضاً والإسرائيلي، كلٌّ منهما سعى إلى التصعيد في العدوان ضد الشعب اليمني، وكان في هذا الأسبوع عددٌ من الغارات: (تسعٌ وثلاثون غارة) نفَّذها العدو الإسرائيلي، والأمريكي معه كذلك، في عمليات مختلفة، عملية العدو الإسرائيلي لوحده، الأمريكي كذلك، وأكثرها استهدف محافظة الحديدة، العدو الاسرائيلي استهدف الكهرباء في الحديدة.
العدوان من قِبَلِ الأمريكي، أو من قِبَلِ الإسرائيلي، لن يوقف عملياتنا، وجهادنا مستمر، ويترافق مع عملياتنا باستمرار: تطوير القدرات العسكرية، ومستمرون في إطار المرحلة الخامسة من التصعيد ضد العدو الاسرائيلي، ولإسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء.
على مستوى الأنشطة الشعبية: هي مستمرة، ومكثفة، ومنها:
-
التعبئة، التي قد زاد عدد مخرجات التدريب العسكري فيها على (النصف مليون متدرب).
-
بلغت أيضاً أنشطة التعبئة في المناورات، والعروض العسكرية، والمسير العسكري، إلى: (ألفين وثمانمائة وواحد وخمسين).
-
المسيرات، والفعاليات، والوقفات الشعبية، أيضاً وصلت إلى مستوى كبير جداً خلال هذه المرحلة بكلها، ما يقارب العام، بلغت إلى: (سبعمائة وتسعة وثلاثين ألفاً، وستمائة وأربعةٍ وثلاثين) ما بين مسيرة، فعالية، وقفة…إلخ.