نص كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات الخميس 4 صفر 1446هـ 8 أغسطس 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
بتمام الشهر العاشر، وبداية الشهر الحادي عشر، للعدوان الإسرائيلي الهمجي الوحشي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تُلقى التطورات الأخيرة بظلالها على الوضع كله، منذ أن قام العدو الإسرائيلي بارتكاب جريمته الكبيرة، بالاستهداف للقائد الإسلامي الكبير، الأخ العزيز الشهيد/ إسماعيل هنية “رَحِمَهُ الله”، في العاصمة الإيرانية طهران، وهو ضيفٌ على الجمهورية الإسلامية، بدعوة رسمية، بمناسبة تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب، وكذلك بالعدوان على الضاحية الجنوبية، والاستهداف للقائد الجهادي الكبير، السيد/ فؤاد شكر “رَحِمَهُ الله”، والاستهداف أيضا للمدنيين، تلك الجرائم والاعتداءات، التي كان فيها الاستهداف من قِبَل العدو الإسرائيلي لقادة من قادة الأمة بكل ما تعنيه الكلمة، ومن رجال المسلمين، الذين يقومون بدورٍ مميزٍ في حمل راية الجهاد، والمواجهة لعدو الإسلام والمسلمين، وهو العدو الإسرائيلي، وأيضاً الانتهاك لسيادة الدول، والقتل للمسلمين، والقتل للأطفال والنساء، والانتهاك للسيادة، كل هذه التطورات ألقت بظلالها على الوضع بكله، والمعركة في ذروتها مع العدو الإسرائيلي.
وتجلَّى مع هذه التطورات، التماسك التام لحركة المقاومة الإسلامية حماس، التي استُهدفت بالدرجة الأولى، مع أنه استهداف لكل المسلمين، للشعب الفلسطيني عموماً، لقضيته العادلة وموقفه الحق، استهداف للإخوة المجاهدين في قطاع غزة، استهداف للأمة بكلها ولقضيتها الكبرى، ولكن بالدرجة الأولى يهدف العدو الإسرائيلي إلى النيل من حركة المقاومة الإسلامية حماس، والتأثير على وضعها، على قرارها، على صمودها، على تماسكها، على ثباتها، ومع ذلك، وبعد تلك الجريمة الكبيرة، تجلى في الواقع التماسك التام لحركة المقاومة الإسلامية حماس في استمرار نشاطها بشكل كامل، وكذلك تماسك واقعها الداخلي، لم تبرز حالات اختلاف، ولا حالات ضعف، ولا حالات تراجع، ولا أي تأثيرات سلبية على موقفها، على صمودها، على توحدها، على ثباتها، على أدائها العملي وأنشطتها العملية، لم يتأثر أيٌّ من ذلك، وكذلك مواصلة كتائب القسام لأداء مهامها الجهادية بكل فاعلية، وبتماسكٍ تام، وبجدارةٍ عالية، وهي تنفذ مهامها القتالية، وتم وبالإجماع- كما أعلنت ذلك حماس- تم اختيار الأخ المجاهد الكبير/ يحيى السنوار “حفظه الله”، خلفاً للشهيد إسماعيل هنية “رَحِمَهُ الله”، هو- إن شاء الله- خير خلف لخير سلف في هذه الحركة الإسلامية المجاهدة.
الاختيار بإجماع لهذا القائد الكبير المجاهد، الذي يعرفه العدو والصديق بصلابته الجهادية، وثباته، وحنكته، وجدارته القيادية، هو بحد ذاته رسالة مهمة للعدو الإسرائيلي، وتأكيدٌ واضحٌ على مواصلة الثبات على الجهاد، والاستمرار في الموقف، والاستمرار أيضاً في الثبات على المبادئ الأساسية.
كذلك في جبهة حزب الله، استمرت عمليات الإسناد بفاعلية عالية، وضربات قوية ونوعية، مع التأكيد على حتمية الرد على استهداف العدو للشهيد القائد الجهادي الكبير السيد/ فؤاد شكر “رَحِمَهُ الله”، وكذلك على العدوان على الضاحية، واستهداف المدنيين فيها.
والعدو الإسرائيلي بعد تلك التطورات، وتلك الجرائم، وذلك التصعيد الخطير من قِبَله، هو في حالة خوفٍ كبيرٍ واضح بكل ما تعنيه الكلمة.
الجمهورية الإسلامية في إيران، صدر التأكيد منها على حتمية الرد، على العدوان الإسرائيلي، وكان هذا التأكيد من أعلى المستويات القيادية، في مؤسسة القيادة، وفي الحرس الثوري، وفي السلطة التنفيذية، فالذي حدث لا يمكن التغاضي عنه أبداً، استهداف قائد إسلامي كبير من قادة الأمة، وهو ضيفٌ في إيران بدعوةٍ إيرانية في تنصيب الرئيس الإيراني، مع انتهاك كبير للسيادة الإيرانية أيضاً.
أيضاً جبهة الإسناد في اليمن، سبق تأكيد على الرد الحتمي على العدوان الإسرائيلي، الذي استهدف به العدو الإسرائيلي خزانات الوقود في ميناء الحديدة، ولابدَّ من هذا الرد، وهو آتٍ حتماً بإذن الله.
تأخر الرد من المحور بشكلٍ عام، في مقابل التصعيد الإسرائيلي، في جريمة العدو الإسرائيلي باستهداف القائد الشهيد/ إسماعيل هنية “رَحِمَهُ الله”، أو العدوان على الضاحية الجنوبية في بيروت، والاستهداف للشهيد القائد الجهادي الكبير السيد/ فؤاد شكر “رَحِمَهُ الله”، أو العدوان على الحديدة، هو مسألة تكتيكية بحتة، وبهدف أن يكون الرد فعلاً مؤثراً على العدو، في مقابل استعدادات الحماية التي يحاول العدو الإسرائيلي، بإشراف أمريكي، وتعاون غربي، ومن بعض الأنظمة العربية، توفيرها؛ ليخفف على الأقل من أضرار هذا الرد، والعدو الإسرائيلي يعرف، يعرف بحتمية الرد، وأنه لا تراجع عن هذا القرار، جبهات الإسناد هي- أصلاً- مستمرة في عملياتها في إسناد غزة، وفي نفس الوقت الرد على تلك الجرائم، وذلك المستوى من التصعيد، هو قرارٌ معلنٌ، لا يوجد ما يمكن أن يصرف هذا القرار من ترهيب، أو من ضغوط، بالرغم من المساعي الحثيثة جداً من قبل الأمريكي والدول الأوروبية بالتحديد، ومن بعض الأنظمة العربية، لاحتواء هذا الرد، ولاسِيَّما فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية في إيران، لم تتوقف الاتصالات، والمساعي الحثيثة، والرسائل، والوسطاء الذين يحاولون إقناع الجمهورية الإسلامية في أن يكون هذا الرد متواضعاً، وغير فاعل، وغير مؤثِّر، وبسيط، ويحاولون، أن يستخدموا وسائل الترهيب والإغراء؛ للوصول إلى هذه النتيجة، ولكن هناك تأكيد واضح في الجمهورية الإسلامية؛ لأن المسألة فعلاً تمسّ بشرف الجمهورية الإسلامية، بقتل ضيفها، في عاصمتها، في ضيافتها، عدواناً وظلماً وبغياً من قبل العدو الإسرائيلي.
أمَّا مسار الإسناد فهو– كما قلت- مستمرٌ من جبهات الإسناد، والعمليات مستمرة من جنوب لبنان، من اليمن، من العراق، وهكذا أيضاً مسألة حتمية الرد لا شك فيها.
الشيء المؤسف هو في الموقف الإسلامي عموماً، الموقف الإسلامي فيما يتعلق بمنظمة التعاون الإسلامي وبيانها الأخير الذي صدر، لا يجوز أبداً أن يكون ذلك البيان هو سقف الموقف الإسلامي، من الدول الإسلامية، على مستوى الوطن العربي وغيره، كل الدول التي تنتمي للإسلام، لا يجوز أبداً أن يكون سقفها إصدار بيان للإدانة والاستنكار، بيان يمكن أن تصدر حتى أفضل منه وأقوى من جمعية خيرية، أو مؤسسة صغيرة، وأي جهة بسيطة، فما بالك بإطار تعاوني، يُعبِّر عن أكثر من خمسين دولة تنتمي للإسلام، بكل إمكاناتها وقدراتها، وثقلها، وجيوشها! لا يليق أبداً أن يكون السقف الأعلى هو إصدار بيان بذلك المستوى، أين هي الخطوات العملية؟ ولو بالحد الأدنى إيقاف التعاون مع العدو الإسرائيلي من قبل بعض الأنظمة، سواءً أنظمة عربية، أربعة أنظمة عربية تتعاون بشكل قوي مع العدو الإسرائيلي، وكذلك بعض الأنظمة الإسلامية، في بعض الدول التي تنتمي الإسلام، الحال نفسه كذلك.
أمَّا المتعاطفون مع خدش أذن ترامب، الذين لم يصدروا حتى بيانات إدانة تعبِّر عنهم هم، كموقف من الجريمة الإسرائيلية باستهداف القائد الإسلامي الكبير، الذي هو من قادة الأمة، الشهيد/ إسماعيل هنية، ولا زالوا لازالوا يصنفون الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، من مختلف الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتهم كتائب القسام، ومنتسبي حركة حماس، وسرايا القدس، ومنتسبي حركة الجهاد الإسلامي، وبقية المجاهدين يصنفونهم بالإرهاب والإرهابيين.
أمَّا ما يفعله العدو الإسرائيلي من أبشع الجرائم، من الإبادة الجماعية، من القتل لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء، فهو لا يستحق- بنظرهم- التوصيف بالإجرام، والإرهاب، ونحو ذلك من العناوين، بالرغم من فظاعة الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، سواءً بحق السجناء، وهي جرائم فظيعة للغاية، تتحدث عنها وسائل الإعلام، عن أنواعها، ممارسات فظيعة، وحشية، إجرامية، بشعة بكل ما تعنيه الكلمة، يجب أن يدينها، ويستنكرها، ويتخذ الموقف منها كل إنسان بقي فيه ذرة من الإنسانية؛ وإلَّا فتغاضى الإنسان عن مثل تلك الجرائم الفظيعة للغاية يمسُّ بإنسانيته، معناه: أنه لم يبق فيه حتى الإحساس الإنساني، ولا يحمل شيئاً من القيم الإنسانية، فما بالك بالقيم الدينية التي تُرَسِّخ القيم الإنسانية، جرائم العدو الإسرائيلي الفظيعة، التي استهدفت أطفالاً ونساءً، قتلت منهم عشرات الآلاف، استهدفت المجتمع الفلسطيني بشكلٍ عام، الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بالقتل بأسلحة الفتك والدمار الشامل، القنابل الأمريكية، التي تقتل الجميع، وتدمر أحياءً بأكملها، وبالتجويع، وبكل الوسائل للإبادة الجماعية، ولا تزال بعض الأنظمة العربية في موقفٍ بارد وجامد، وتُسخِّر وسائلها الإعلامية لإسناد العدو الإسرائيلي، فوسائل إعلام هي جبهة إسناد لصالح العدو الإسرائيلي بكل وضوح، وبشكلٍ مفضوح، هذه مسألة واضحة.
محور القدس والجهاد والمقاومة يساند الشعب الفلسطيني، وهذا شرفٌ كبير، وهذا واجبه، ولكنه واجب الأمة بكلها، ليس فقط واجباً ينحصر بجبهة هنا أو جبهة هناك، أو بهؤلاء أو أولئك، ويبقى البعض متفرغاً لتوجيه الانتقادات، واللوم، والتوبيخ، والتشكيك، ممن ليس لديه أي اهتمام لأن يكون له أي موقف فعلي بما تعنيه الكلمة، وإسهام حقيقي، في أداء مسؤوليته لمناصرة الشعب الفلسطيني فيما يتعرض له من إبادةٍ جماعية؛ أمَّا البعض فهم في صف أولئك الموالين للعدو، جبهة إسناد للعدو الإسرائيلي على المستوى الإعلامي، والسياسي، والشعبي، يتحركون بكل ما يستطيعون، ليس لديهم أي هم آخر.
تجاه الجرائم الفظيعة، ومع استمرار العدوان الإسرائيلي، وما يتم نشره، وتداوله، والمعرفة به، من أنواع الجرائم التي لا يستطيع الانسان أحياناً حتى أن يتحدث عنها، أو أن ينطق بها؛ لهولها، وفظاعتها، ووحشيتها، تكبر وتتضاعف المسؤولية على الجميع، على الجميع؛ ولـــذلك ينبغي التذكير المستمر للناس، والاستنهاض المستمر للأمة؛ لأن هذا الواجب الكبير على أمتنا الإسلامية، في أن يكون لها موقف تجاه تلك المظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني، والمأساة المستمرة، في مقابل الجرائم المستمرة، التي هي سيئةٌ للغاية، وفظيعةٌ جداً، وكبيرةٌ رهيبة، يمارسها العدو الإسرائيلي ضد شعبٍ مسلم، جزءٌ من هذه الأمة، هذه المسؤولية لا يمكن أن تسقط بالتجاهل، ولا يمكن أن يسقط وزر التفريط فيها بمحاولة اللامبالاة والتظاهر بأنه أمرٌ لا يعنينا، الجميع مسؤول أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وللتفريط والتغافل والتجاهل، الذي هو حالة ظاهرة في معظم الشعوب ومعظم الأنظمة، له عواقبه الخطيرة؛ لأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الشهيد والرقيب على كل عباده، هو سُبْحَانَهُ على كل شيءٍ شهيد، وبكل شيء عليم، وبكل شيءٍ محيط، لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهذه مسؤولية عظيمة، ومقدسة، وكبيرة، ومهمة، ومن أكبر الالتزامات الإيمانية والدينية، في نصرة أولئك المظلومين، المستضعفين، المضطهدين من أبناء أمتنا المسلمة، فالتفريط، والتخاذل، والتجاهل، والتنصل التام عن المسؤولية، ومحاولة التغافل عمَّا يحدث ويجري، لا يُعفي أحداً من مسؤوليته، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” توعَّد في القرآن الكريم: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة:39]؛ ولــــذلك ينبغي أن تستمر حملات التوعية، والتذكير، والاستنهاض في أوساط الأمة، بقدر ما استمرت وكبرت المأساة للشعب الفلسطيني، واستمر العدو الإسرائيلي في إجرامه وعدوانه، وما يرتكبه من الجرائم كل يوم؛ بقدر ما تتضاعف المسؤولية على الجميع.
أمَّا إخوتنا المجاهدون الأعزاء في قطاع غزة، فصمودهم، وثباتهم، واستمرارهم، وصبرهم، هو فعلاً مدرسة لكل الأمة، هم قدموا نموذجاً لكل المسلمين، بل لكل العالم، في مدى ما هم عليه من ثبات، من صبر، من تضحية، من إقدام، من استبسال، من تفانٍ في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والويل لمن خذلهم وتآمر عليهم، الويل لكل المتخاذلين، والمتآمرين، والماكرين، والطاعنين في الظهر، من الذين يقدِّمون بإعلامهم، بأموالهم، بمواقفهم، حتى المواقف السياسية، خدمةً للعدو، إخوتنا المجاهدون الأعزاء في كتائب القسام، وسرايا القدس، ومن معهم من الفصائل، من المجاهدين الثابتين في قطاع غزة، بالرغم من تمام عشرة أشهر، وهم في قتال مستمر بدون إمكانية لإيصال السلاح إليهم، مع الحصار الشديد الذي هم فيه، مع حجم العدوان الإسرائيلي، الذي تشترك فيه أمريكا، وتشترك فيه دولٌ غربية، بما تُقدِّمه للعدو الإسرائيلي من إمكانات عسكرية هائلة، ومن مساندة معلوماتية وغير ذلك؛ لكنهم صمدوا وثبتوا، بالرغم من الحصار والدمار الشامل لقطاع غزة والتجويع والمعاناة الكبيرة، ثبتوا واستمروا في القتال، باستبسال واضح، وتفانٍ واضحٍ وحقيقي، عمل عظيم، وصبر كبير، العاقبة لذلك الصبر، لذلك الاستبسال، لذلك التفاني في سبيل الله، لذلك الثبات الذي يتجلى فيه أن الله أفرغ عليهم الصبر، وأمدهم بالتأييد والعون، عاقبته التي وعد الله بها هي النصر، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47]، هكذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، وذلك الثبات هو ثباتٌ من منطلقٍ إيماني، يُسْتَمَدُّ من معونة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، بدافعٍ إيماني، من الرجاء لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والمحبة لله “جَلَّ شَأنُهُ”، والاستجابة العملية لأوامر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولهـــذا يستمرون بالقتال بفاعلية عالية، عمليات كثيرة، متنوعة، ونوعية أيضاً من التنكيل بالعدو، استخدام أيضاً للوسائل المتاحة بأيديهم بشكلٍ مستمر، فعملياتهم بالقصف الصاروخي مستمرة، بالقناصة مستمرة، بتفخيخ مبانٍ وأماكن، والإيقاع بالعدو الإسرائيلي فيها، منها: بيوت، منها: أنفاق، منها: أماكن متعددة، استهداف للآليات الإسرائيلية، الاستهداف بمدفعية الهاون… بكل الوسائل المتاحة، هم مستمرون بفاعلية وجدارة عالية، وهم يقابلون الإجرام الصهيوني بكل ما يمتلكه من إمكانات، ويحظى به من دعم ومساندة غربية، يقابلونه بصمودهم العظيم، وصبرهم وتضحيتهم، وتفانيهم في سبيل الله تعالى.
وكذلك هو حال الشعب الفلسطيني، حال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الحاضنة الفلسطينية التي تصبر، بالرغم من التضحيات الكبيرة جداً، ولم تفتح مجالاً للعدو الإسرائيلي، ولا لعملائه؛ لاختراقها، وابتزازها، واستغلال حالة الجوع، وحالة الفقر والمعاناة الشديدة، وانعدام المواد الغذائية وغيرها، هناك صبرٌ عظيم يمثل مدرسة لكل الأمة الإسلامية، هذا الصبر، هذا الثبات، مع المظلومية الكبيرة، مع القضية العادلة، مع الموقف الحق، هو جديرٌ بالثناء، وجديرٌ بالمساندة، والتأييد، والتعاون، وأن يحظى بالوقوف معه بكل الإمكانات، لا يليق بالأمة أن تتخاذل تجاه شعب يقف هذه الوقفة الثابتة الصامدة، يقف هذه الوقفة العظيمة في الموقف الحق، في قضيةٍ تعني الأمة، الشعب الفلسطيني هو في الخندق الأول، لولا صموده، لولا ثباته، لولا جهاده؛ لكان العدو قد تجاوزه إلى غيره، ولكانت الأحداث في مسرحٍ آخر، وميدانٍ آخر، ودولٍ عربيةٍ أخرى، لم يكن سيحميها من العدو الإسرائيلي، لا عمالة، ولا نفاق، ولا ولاء لأمريكا، ولا خضوع لأمريكا، ولا شيء، الأمريكي جاهز أن يفتح المجال للعدو الإسرائيلي، ولمصالح العدو الإسرائيلي، على حساب أي دولة عربية، أو أي نظام عربي، مهما بذل أي نظامٍ عربي وقدَّم لخدمة أمريكا وإسرائيل، يظل بنظر أمريكا، إمَّا مجرد بقرة حالوب، أو مجرد مستغل، يؤدي مهمته ووظيفته في الاستغلال، وعند الاستغناء عنه يتخلصوا منه، لا أقل ولا أكثر.
مع وصول الأحداث إلى ما وصلت اليه في هذه المرحلة، ونحن في بداية الشهر الحادي عشر، والمعركة في ذروتها، والتصعيد وصل إلى مستويات تُهيئ المجال لاتساع دائرة الأحداث، فاتساع دائرة الأحداث بأن تتوسع إلى حرب إقليمية، أو ما هو أقل من مستوى حرب إقليمية، ضربات متبادلة، وتوسع لدائرة الاستهداف والعمليات بمستوى أو بآخر، هذا بكله ليس في مصلحة العدو الإسرائيلي، سعيه لتوسيع دائرة الأحداث، وحماقاته بارتكاب جرائم أيضاً هنا وهناك، واستهداف هنا وهناك، هو في واقع الحال سيخدم الشعب الفلسطيني؛ لأن الاستراتيجية التي اعتمد عليها العدو الإسرائيلي منذ بداية عدوانه على قطاع غزة، كانت هي: الانفراد بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والسعي لإبادته، والسعي لإنهاء المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والسعي لتحقيق أهدافه (المعلنة، وغير المعلنة):
-
المعلنة: بالقضاء على المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، وإنهاء حركة حماس، وكذلك باستعادة أسراه بدون صفقة تبادل، والسيطرة التامة على قطاع غزة.
-
وغير المعلنة: التهجير للشعب الفلسطيني بشكلٍ كامل، ومحاولة أن يحوِّل قطاع غزة إلى مرحلة جديدة تختلف عمَّا كانت عليه، بعد التهجير للشعب الفلسطيني وغير ذلك.
العدو الإسرائيلي لم ينجح في تحقيق تلك الأهداف، وهذا واضح إلى حد الآن، وفي المستقبل سيكون أكثر خسارةً وفشلاً بإذن الله تعالى، ولكن كلما تأزم الوضع أكثر على نطاقٍ أوسع، سواءً على مستوى المحور كما هو حاصل الآن، أو على أي مستويات أخرى، فالعدو الإسرائيلي ينشغل هنا وهناك، ويعيش حالة من الخوف والقلق الكبير، كما هو حاصلٌ الآن، هو يستنجد بأمريكا لتوفر له الحماية، ومعها من يسميهم الأمريكي بالشركاء، والذين أعلن بعضهم مواقف معينة، بإغلاق أجوائهم تجاه أي رد ضد العدو الإسرائيلي، بل وبذلوا المساعي من جهتهم والجهود لألَّا يكون هناك رد، أو إذا كان هناك رد، أن يكون رداً محاصراً، محمياً- بالنسبة للعدو الإسرائيلي- محمياً من جهتهم، يفتحون الأجواء للعدو الإسرائيلي، يُقدِّمون الدعم الاقتصادي عبر الطرق البرية، والمنافذ البرية، والجسور البرية، ويُقدِّمون الدعم الإعلامي للعدو الإسرائيلي، والدعم السياسي للعدو الإسرائيلي، ثم يحاولون في مقابل ذلك أن يكون موقفهم سلبياً، تجاه أي شيء من جهة الدول العربية والإسلامية، التي هي مساندة للشعب الفلسطيني، وفي موقف حق، لم يعد هناك أي قيمة لا لاتفاقيات بين الدول العربية، اتفاقيات دفاع مشترك، ولا التزامات: التزامات إسلامية، التزامات وطنية وقومية… ولا أي التزامات أخرى، موقفهم واضح، والأمريكي يُقدِّم موقفهم في سياق آخر، ليس بمجرد أنهم هناك يحرصون على أن لا يعبر من أجوائهم أي شيء من هنا أو هناك؛ إنما يقدما موقفهم في سياق عنوان الشراكة، الشراكة مع الأمريكي لحماية العدو الإسرائيلي، هكذا يُقدِّم الأمريكي الموقف، والإسرائيلي بنفسه يتحدث بذلك المنطق، وبتلك اللغة، باعتبارهم شركاء، يساهمون من جهتهم في حماية العدو الإسرائيلي.
فيما يتعلق باتساع دائرة الأحداث، كل هذا سيخدم الشعب الفلسطيني، الإسرائيلي الآن في حالة هلع وقلق كبير جداً، والتفاصيل المتعلقة بالخوف الذي يعيشه العدو الإسرائيلي من بعد تصعيده وجرائمه الأخيرة معروفة، معروفة حالة الهلع، توقف الكثير من شركات الطيران في نشاطها، فيما يتعلق برحلاتها الجوية إلى فلسطين المحتلة، وغير ذلك من الإجراءات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي تُعَبِّر عن حالة خوفه وقلقه الكبير.
عمليات الإسناد مستمرة، في جبهة الإسناد في لبنان، عمليات حزب الله ما قبل الرد، العمليات في سياقها المستمر كجبهة إسناد، عمليات القصف والاستهداف، والاختراق بالمُسَيَّرات مستمرة، ولها تأثيراتها الكبيرة جداً على العدو الإسرائيلي، من ذلك: إخلاء المغتصبات التي فيها بؤر استيطانية، وقد وصلت إلى عدد كبير، باتوا يقولون في كيان العدو الإسرائيلي: أن ضربات حزب الله تُشَكِّل تحدياً استراتيجياً غير مسبوق بالنسبة لإسرائيل، إضافةً إلى القلق الكبير، الذي يُخَيِّم على العدو الإسرائيلي، من الرد المحتوم على جريمة العدوان على الضاحية الجنوبية، والاستهداف للشهيد القائد الجهادي الكبير، السيد/ فؤاد شُكر “رَحِمَهُ الله”.
فيما يتعلق بعمليات الإسناد العراقية، كذلك القرار مستمر على مواصلتها.
عمليات الإسناد من يمن الإيمان والحكمة والجهاد، نُفِّذَت في هذا الأسبوع بعدد (ستة عشر صاروخاً بالِسْتِيّاً وطائرةً مُسَيَّرة)، ومن أبرز عمليات هذا الأسبوع:
-
الاستهداف لمدمرتين أمريكيتين حربيتين بحريتين أيضاً.
-
وإسقاط طائرة (MQ9) المتطورة غير المأهولة في أجواء محافظة صعدة.