نص كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات الأحد 15 محرم 1446هـ 21 يوليو 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
قال الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران: 173]، وقال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}[الأحزاب: 22]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
بالأمس شنَّ العدو الإسرائيلي عدواناً مباشراً استهدف به خزانات شركة النفط، التي تستقبل شحنات المازوت والديزل الوارد إلى ميناء الحديدة، الذي يشتريه التجار من أجل بيعه للمواطنين، وكذلك خزانات مؤسسة الكهرباء في الحديدة.
والعدو الإسرائيلي اختار هذه الأهداف بالذات وذلك في سياق الاستهداف للاقتصاد اليمني، الاستهداف للاقتصاد اليمني؛ بهدف الإضرار بشعبنا العزيز فيما يتعلق بمعيشته، وظروفه الاقتصادية، حيث يشن الأمريكي حرباً اقتصادية وعسكرية على شعبنا العزيز، ويُحرِّك أيضاً أدواته وعملائه في هذه المعركة، بالاستهداف عبر قرارات تزيد من مستوى الحصار لشعبنا العزيز، وأتى العدو الإسرائيلي في هذا السياق نفسه للاستهداف للمازوت والديزل، الذي يجلبه التجار لبيعه للمواطنين، هذا هو الهدف.
وهدفٌ آخر هو استعراضي، بهدف الإحراق لكميات الديزل والمازوت الذي كان في تلك الخزانات، التي تستقبل ابتداءً ما يصل به التجار، فَيُفرَّغ إلى تلك الخزانات ثم ينقل إلى المحافظات، استهدافه بالقصف من أجل مشاهد النيران المشتغلة فيه، والدخان المتصاعد منه؛ ليصور العدو الإسرائيلي لجمهوره الغاضب والخائف وكأنه قد عمل عملاً كبيراً، وحقق إنجازاً كبيراً، ووجه ضربةً موجعة، هكذا يريد أن يصوِّر من مشهد الحرائق للمازوت والديزل، وللدخان المتصاعد منه.
العدو الإسرائيلي كانت استراتيجيته من بعد عملية طوفان الأقصى: أن يلقي بكل ثقله وإمكاناته العسكرية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمجاهدين الأعزاء في قطاع غزة، وأن ينفرد بهم في عدوانه ومعركته، وتكفَّل له الأمريكي بالدور فيما يتعلق بمواجهة أي مخاطر، أو تحرك جبهات لإسناد الشعب الفلسطيني، من أي بلدٍ عربيٍ ومسلم، أو أي مخاطر تهدد العدو الإسرائيلي من أي اتجاه، وفعلاً اتجه الأمريكي بإمكاناته الضخمة، وجلب حاملة الطائرات والبوارج الحربية، وحرَّك إمكاناته لتحقيق هذا الهدف؛ لكي يتولى هو الحماية للعدو الإسرائيلي، بما يُمَكِّن العدو الإسرائيلي من التحرك بكل ثقله وإمكاناته للقضاء على المقاومة في غزة، والاستهداف للشعب الفلسطيني في غزة، والتفرد به، فكانت هذه الاستراتيجية التي بنى عليها معركته ضد الشعب الفلسطيني، وعدوانه عليه، وسعيه لإبادته في قطاع غزة.
كان أول ما أثَّر على ذلك التوجه وتلك الاستراتيجية هو جبهة الإسناد في لبنان، التي تحرَّك فيها حزب الله، وضغط فيها بشكلٍ مستمرٍ على العدو في شمال فلسطين المحتلة، وأصبحت جبهة حزب الله في جنوب لبنان، ضد العدو الإسرائيلي المحتل الغاصب في شمال فلسطين، جبهة ساخنة، وضاغطة، ومؤثِّرة، تستهدف المعسكرات، والمواقع، والقواعد العسكرية، والمغتصبات التي يسمها العدو بالمستوطنات، وأثَّرت تأثيراً، كبيراً، وساهمت في التخفيف عن الشعب الفلسطيني إسهاماً مهماً.
ثم أيضاً كانت جبهة الإسناد في يمن الإيمان والحكمة، في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، جبهةً فاعلةً ساخنةً، مؤثِّرةً على العدو الإسرائيلي، وعندما بدأت العمليات البحرية، عندما بدأت العمليات في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، لمنع حركة العدو الإسرائيلي، الحركة الملاحية بالسفن عبر البحر الأحمر، كانت عمليات فاعلة، ومؤثِّرة، وقوية، من أول عملية، أول عملية تم السيطرة بها على سفينةٍ إسرائيلية، من بعد ذلك كل العمليات كانت فاعلة، وكانت مؤثِّرةً على العدو بشكلٍ واضح، وكبَّدته الخسائر الاقتصادية، وصولاً إلى إعلانه الرسمي لإفلاس ميناء أم الرشراش التي يُسميها بإيلات، فالعدو الإسرائيلي تكبَّد الخسائر الكبيرة، ومثَّلت عمليات الإسناد من جبهة اليمن، ثم المسار العملياتي المشترك بين الجيش اليمني والمقاومة الإسلامية في العراق، مثَّلا إسناداً مهماً للشعب الفلسطيني، ومؤثراً تأثيراً كبيراً في المعركة، وهذا مثَّل مشكلةً كبيرةً على العدو الإسرائيلي، إذ أنه بعد أن أعلن الأمريكي والبريطاني ابتداءً من أول يومٍ من شهر رجب العدوان على بلدنا، لم يتمكنا بعدوانهما على بلدنا من إيقاف العمليات من بلدنا، ولا من الحد منها، ولا من إضعافها؛ بل استمرت العمليات بتصاعد واضح، وبتطوير للقدرات، كذلك تطوير اعترف به العدو، وبتكتيكات وتقنيات ووسائل جديدة أثَّرت بشكلٍ كبير وعجز العدو عن إيقافها، فكان لهذا أيضاً أثره الكبير.
مع استمرار العدو الإسرائيلي في العدوان على غزة، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، والتجويع بالحصار الشديد، ومنع دخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، اتجهنا في هذه المعركة كإسناد للشعب الفلسطيني إلى التصعيد، وحرصنا على أن يكون نطاق العمليات ممتداً إلى المحيط الهندي، وإلى البحر الأبيض المتوسط، بقدر الاستطاعة والإمكان، مع سعيٍ مستمرٍ لتطوير القدرات، ومسارنا العملياتي منذ بدايته كان يتجه إلى مراحل، في كل مرحلة إضافة نطاق عملياتي جديد، وإضافة أسلحة جديدة، طُوِّرت لأداء تلك المهام القتالية، بحسب متطلبات المعركة، ومتطلبات المرحلة نفسها التي يتم الإعلان عنها.
العدو الإسرائيلي، مع الوصول إلى الشهر العاشر، وهو مستمرٌ في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يحتاج إلى المزيد من الضغط والردع؛ من أجل إجباره على إيقاف عدوانه، وهذا ما أعلنَّا سابقاً عن توجهنا لفعله، أننا سنتجه كلما استمر العدو الإسرائيلي، وكلما صعَّد ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وكلما طال أمد العدوان، سنتجه إلى مراحل جديدة؛ ولذلك اتجهنا إلى المرحلة الخامسة من خلال العملية المباركة (عملية يافا)، التي تم الاستخدام فيها لسلاحٍ جديد، هو: طائرة مسيَّرة متطورة، ذات قدرة واضحة على المستوى التكتيكي، والمستوى التقني، وذات مدى بعيد، وفي نفس الوقت ذات قدرة تدميرية جيدة، ضخمة، تفوق أي طائرة مسيّرة أخرى.
وقد منَّ الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” بالتوفيق في هذه العملية، والتسديد، وأطلقت قوة الطيران المسيّر هذه الطائرة وتمت العملية بنجاح، وصلت الطائرة المسيّرة إلى مدينة (يافا المحتلة)، التي يسمّها العدو بـ(تل أبيب)، والتي اعتمدها من بعد تأسيس الكيان الغاصب المحتل على أرض فلسطين المحتلة، كمركز إداري للعدو، ما يقابل اسم عاصمة، يعتبرها منذ ذلك الزمن مركزه الإداري، وثقله الإداري، وعمقه الإداري والاستراتيجي، فتقوم مقام أي عاصمة في أي بلد آخر؛ لأنه لا مشروعية للعناوين التي يعتمد عليها العدو، ويحاول أن يعمّمها لتكون هي المعتمدة في التعبير، سواءً في وسائل الإعلام، أو في غيرها.
على كلٍّ كان الاختراق بطائرة مسيّرة ذات قدرة تقنية، بمثل ما عليه تلك الطائرة المسيّرة، التي هي باسم (يافا)، والتسمية جعلناها إلى الإخوة الفلسطينيين، هم الذين اختاروا في المقاومة الإسلامية هذا الاسم واعتمدناه، تلك الطائرة أن تصل إلى قلب مركزٍ يعتمد عليه العدو كمركز إداري أساسي، بمنزلة عاصمة في أي بلدان أخرى، كان هذا مزعجاً جداً للعدو، ويعتبر بالفعل معادلةً جديدة، ومرحلةً جديدة في عمليات قواتنا المسلحة، ولذلك نحن نعلن عنها باعتبارها المرحلة الخامسة، وباعتبارها أيضاً معادلةً جديدةً تستمر، وتُثَبَّت بإذن الله تعالى وبنصره وتأييده وتيسيره إن شاء الله.
العدو الإسرائيلي انزعج جداً، وكان هذا الاختراق مؤثِّراً عليه، ووصل الخطر، والقلق، والتهديد، إلى العمق، إلى حيث كان لا يتوقع أن يصل، وبشكلٍ غير مسبوق، ولا مألوف في الواقع الإسرائيلي، بالذات من خارج فلسطين، وإلَّا فالمقاومة الإسلامية في غزة قد وجَّهت الكثير من الرشقات الصاروخية إلى (يافا)، المسمَّاة من جهة العدو الإسرائيلي بـ(تل أبيب)، لكن من خارج فلسطين، من أي بلدٍ عربيٍ مسلم، ليس هناك سابقة لمثل هذه العمليات، في مثل هذا السياق المساند للشعب الفلسطيني، في معركة قائمة، ومن جبهة إسناد مستمرة، في عمليات مستمرة، هذا غير مألوف للعدو الإسرائيلي، وهو قَلِقَ جداً من ذلك؛ باعتباره خرق كبير، وتجاوز ما لديه من قدرات للحماية وللدفاع الجوي، وفي نفس الوقت ضربة معنوية كبيرة.
ومستوى الانزعاج والقلق عبَّر عنه قادة العدو، من مستوى من يسمونهم وزراء، من يسمونهم بصفات معينة، في مواقع معينة من القيادة والدور الذي يقومون به في وسط العدو بمسمياتهم المعروفة، كذلك في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حالة الهلع والقلق التي عمَّت أوساط كيان العدو في المدينة وفي ذلك الحي نفسه، وكذلك لدى الأمريكيين في القنصلية الأمريكية، كانت واضحة، حجم هذه الضربة، وتأثيرها، وصداها، كان واضحاً، يفوق أي محاولات للتقليل من أهميتها، والتقليل من شأنها.
الطائرة هي تصنيعٌ يمني، واطلقتها قوة يمنية، هي: قوة الطيران المسيَّر في الجيش اليمني، وليست كما يسميها البعض، بأنها صُنِعت في بلدان أخرى، أو أُطلقت من بلدان أخرى، البعض لا يطيقون الاعتراف بمثل هذا الدور، وهذه الفاعلية، وهذه القدرة، وهذا التأثير للشعب اليمني، ولجيشه وقواته المسلحة، يصعب عليهم الاعتراف؛ لأسباب مرضية؛ ولذلك لا عبرة بكلامهم، ولا بنكرانهم وجحودهم ومغالطاتهم؛ لأن الحقائق تفرض نفسها، ويؤمن بها كل الناس الطبيعيين، الذين هم سالمون من تلك الأمراض النفسية، والاختلال العقلي، الذي يُفقِد الكثير من الناس رشدهم تماماً، ويتحولون بِفُرط حقدهم إلى حمقى، وشبه مجانين، لا يفقهون، ولا يعلمون، ولا يعرفون.
العملية لها تأثيرها الكبير جداً، والمركز الأساس الذي يعتمد عليه العدو بمستوى عاصمة تحوَّل إلى منطقة خوف وقلق، ومنطقة غير آمنة للعدو، لم يعد العدو آمناً حتى فيما يطلق عليه اسم (تل أبيب)، لم يعد آمناً هناك، وصل الخطر والتهديد- والذي سيستمر بإذن الله تعالى- إلى هناك، وهذه مسألة كبيرة، ومشكلة حقيقية للعدو، ومعادلة جديدة، وفي نفس الوقت هي تدل بكل وضوح على فشلٍ تام لكل الحماة والعملاء، الذين كانوا قد تكفلوا بحماية العدو الإسرائيلي، فشل واضح للأمريكي، وللبريطاني، ولحلفاء الأمريكي من الأوروبيين، ولعملائه من بعض العرب، الكل فشلوا في حماية العدو الإسرائيلي، وفي منع وصول هذا التهديد إلى عمق الكيان، لاستهداف المركز المهم بالنسبة له، في (يافا المحتلة) المسمَّاة (تل أبيب) من قبل الإسرائيلي.
فالإسرائيلي وجد نفسه في مأزق حقيقي، ومشكلة خطيرة، وأمام معادلة جديدة، ذات تأثير كبير عليه، ووجد فشل واضح من جهة أولئك الذين كانوا قد تكفلوا بحمايته تجاه جبهات الإسناد الأخرى، وتجاه أي مخاطر تأتي من أي بلدٍ عربيٍ مسلم، والإسرائيلي وجد نفسه بكل وضوح أن استمراره في العدوان على غزة، وإبادته الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، ترتد عليه، كلما استمر في العدوان؛ ارتدت عليه بمخاطر إضافية، ومشاكل حقيقية غير مسبوقة، غير مسبوقة وليس آلفاً لها.
ولذلك اتجه العدو الإسرائيلي للعدوان المباشر باتجاه بلدنا، هذا ليس من واقع قوة، ولا من واقعٍ مريحٍ له، اضطر إلى أن يتجاوز استراتيجيته، التي كان قد اعتمدها في البداية، هو كان يريد أن يتجه بكل ثقله وإمكاناته لاستئصال المقاومة الإسلامية الفلسطينية في غزة، ولإبادة الشعب الفلسطيني في غزة، ويحظى- في نفس الوقت- بحمايةٍ من الأمريكي والبريطاني، ومن العملاء والحلفاء التابعين للأمريكي، بحيث لا يصل إليه أي خطر، ولا أي تهديد، فهو لم ينجح في ذلك، ولم يتأتى له ذلك، وصل الخطر، وتجاوز كل تلك الأسوار لحمايته، كل تلك التشكيلات التي قدَّمت الإمكانات والأموال، وتحركت بكل الأساليب والوسائل من أجل إسناده وحمايته، فتآكلت قوة الردع، وفشلت كل تلك التشكيلات التي كان الأمريكي يحيطه بها من أجل حمايته.
عدوانه الذي نفَّذه، واستهدف به خزانات النفط التي يوفِّر التجار ما يشترونه إليها؛ من أجل نقله عبر شركة النفط لبيعه للمواطنين، عدوانه ذلك لن يفيده شيئاً، لن يوفر له الردع، ولن يمنع العمليات التي ينفذها الجيش اليمني، إسناداً للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، ولن يمنعنا من الاستمرار في المرحلة الخامسة، من التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، والإسناد للشعب الفلسطيني، مهما فعل العدو الإسرائيلي لن يتوفر له الردع أبداً، لن يستطيع أن يحصل على الردع أبداً، انتهى الردع نهائياً، ولو كانت الغارات والاعتداءات، واستهداف المنشآت المدنية في بلدنا تؤثِّر على شعبنا العزيز، لكانت أثَّرت عليه الغارات والقصف على مدى ثمان سنوات مستمرة، عبر عملاء أمريكا وإسرائيل، بالقنابل الأمريكية، كما هو الحال مع العدو الإسرائيلي الآن، في عدوانه المباشر، القنابل الأمريكية التي هي لاستهداف منشآت مدنية ومدنيين في بلدنا، واستهداف أبناء شعبنا، لم تتوقف، كانت دائماً، كان السعودي بإشرافٍ أمريكي، وبمشاركة أمريكية، وإسهام إسرائيلي، على مدى ثمان سنوات متتابعة لم تتوقف أبداً من الاستهداف لشعبنا العزيز، فلم يغير خياره، ولا قراره، ولا توجهه، المتمسك تمسكاً مبدئياً إيمانياً بالقضية الفلسطينية، والمناصر للشعب الفلسطيني، والحاضر دوماً في الساحات والمواقف في كل مرحلة، فشعبنا العزيز لن يتأثر أبداً، ولن يتراجع عن موقفه، وعن قراره، وعن خياره نهائياً.
شعبنا العزيز قد رفع راية الجهاد في سبيل الله تعالى، بمنطلقٍ إيمانيٍ صادق؛ لأنه يمن الإيمان، ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة)) جسَّدها شعبنا العزيز في التزامه، ومواقفه، وجهاده، وثباته، مواقفه الشجاعة، المبدئية، الصادقة، الواضحة؛ ولذلك لن يمتلك العدو الإسرائيلي الردع، ولن يستعيد الردع، تجاه عمليات الإسناد من جانب بلدنا لمناصرة الشعب الفلسطيني.
والنتائج هي ستكون:
-
المزيد من التصعيد والاستهداف للعدو الإسرائيلي.
-
وأيضاً في تطوير الإمكانات والقدرات، والتكيُّف مع مستوى التحدي.
مثلما كان الحال عندما بدأ الأمريكي عدوانه المعلن، هو والبريطاني، من 1 رجب في العام المنصرم؛ إنما كانت النتيجة: أن تتطور قدرات قواتنا المسلحة أكثر فأكثر، وأن تزداد العمليات قوةً وفاعليةً أكثر، وتورَّط الأمريكي والبريطاني، كانت النتيجة أنهما تورطا دون تحقيق هدفهما المعلن لعدوانهما، كذلك الحال مع العدو الإسرائيلي، دخوله المباشر في العدوان على بلدنا، لن يعيد له الردع؛ وإنما سيساهم أيضاً في تصعيد العمليات ضده أكثر، وفي تطوير القدرات لاستهدافه أكثر، ولمواجهة التحدي أكثر، فالعدو الإسرائيلي سيخسر، ويفشل، ويجرُّ على نفسه المزيد من المخاطر، وعلى الإسرائيليين المغتصبين لفلسطين أن يقلقوا أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، وأن يخافوا أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، وأن يدركوا أنّ قادتهم الحمقى، والعدوانيين المجرمين، يجرُّون عليهم المخاطر أكثر وأكثر، هذه هي النتيجة التي يستفيدها العدو الإسرائيلي.
أمَّا نحن وشعبنا العزيز، فنحن سعداء جداً بالمعركة المباشرة بيننا وبين العدو الإسرائيلي؛ لأن العدو الإسرائيلي، والأمريكي كذلك، كانت سياستهما في كل المراحل الماضية: أن يقاتلونا عبر عملائهم، وأن يحاربونا عن طريق عملائهم، وأن يكونوا هم قائمين بدور الإشراف والتوجيه، وتقديم التعليمات، وجني المال والأرباح مقابل مواقفهم العدوانية والإجرامية، فوصول الحال إلى أن تكون المعركة مباشرة، هو فشل كبير جداً للعملاء، ويتَّضح في بياناتهم مدى حنقهم، وعقدتهم، وغضبهم؛ لأنهم فشلوا، فشلوا، الأمريكي كان يجعل منهم والإسرائيلي كان يجعل منهم أداة لمواجهة شعبنا العزيز، والعدوان عليه، ولمحاربة شعبنا وخيانته، فهم لفشلهم الذريع عن إنجاز المهمة التي أوكلت إليهم، اضطر العدو أن يتدخَّل بنفسه؛ ولذلك البعض منهم عبَّروا في بياناتهم عن إصرارهم على الاستمرار في القتال ضد الشعب اليمني، وبان وظهر جلياً في بياناتهم مدى المرارة، والحنق، والشعور بالفشل، إلى درجة أن يضطر الإسرائيلي إلى الدخول مباشرةً في القتال ضد شعبنا العزيز؛ لأنهم فشلوا وأخفقوا جداً، وهم مفضوحون في هذه المرحلة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، كل العملاء كيف كان موقفهم والعدو الإسرائيلي يعتدي على بلدٍ عربيٍ مسلم، سواءً الخونة العملاء من هذا البلد، أو من الإقليم، من الوطن العربي، من المجاورين وغيرهم؟! الموقف الذي يظهر فيه الانحياز للإسرائيلي، والتعبير عن العداء الشديد للشعب اليمني، هو فضيحةٌ كبرى مخزية، مخزية جداً.
ومن أهم فوائد الأحداث، ونتائجها، هي: التجليات التي تفرز وتكشف الناس على حقيقتهم، اليوم مع دخول العدو الإسرائيلي في العدوان المباشر على بلدنا، هي فرصة من أكبر الفرص لمعرفة الآخرين على حقيقتهم، من هو المنافق بكل ما تعنيه الكلمة، الذي يُظهر العداء للشعب اليمني، والحقد عليه، ويُظهِر نفسه متجنِّداً لخدمة الإسرائيلي، حتى وإن كان في بعض البيانات إدانة بطريقة مؤدبة، وفي نفس الوقت يعقبها تعبير عن عداء شديد، وحقد، ونفس المنطق الإسرائيلي، نفس المنطق الإسرائيلي في توصيف الموقف اليمني.
موقفنا كشعبٍ يمني هو موقفٌ واضح، نحن نخوض معركةً مقدَّسة، وليست عبثية، رفعنا راية الجهاد في سبيل الله، ووقفنا مع الشعب الفلسطيني المظلوم، من يشكك في موقفنا؛ فليقف بمثل موقفنا أو بأكثر، فليظهر، ليخرج للميدان، ليتحرك بمصداقية، بأفعال ومواقف وأعمال، ليستهدف العدو الإسرائيلي، لينفِّذ عمليات عسكرية، لكن البعض واضحون في عدائهم الشديد لشعبنا العزيز؛ لسبب وقوفه مع الشعب الفلسطيني، ونفس ترديد المنطق الإسرائيلي في توصيف موقف شعبنا العزيز، هو يكشف مدى العمالة والخيانة والتبعية للعدو الإسرائيلي.
مَنْ الذي يسمِّي موقف شعبنا بأنه مجرد موقف لإيران، ويتجاهل ما يجري في فلسطين، ويتجاهل الشعب الفلسطيني، ويتجاهل مظلومية الشعب الفلسطيني، ويتجاهل المأساة الكبرى التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وكأن الشعب الفلسطيني غير موجود، وكأنه ليس هناك أي قضية تتعلق بفلسطين والشعب الفلسطيني، ويتحدث عن أي موقف مساند للشعب الفلسطيني بأنه إنما هو موقف من أجل إيران؟ هو الإسرائيلي، هذا منطقه، تصريحات قادته، وسائله الإعلامية، فمن يتكلم بنفس المنطق الإسرائيلي هو عميلٌ لإسرائيل، وهو بهذا يسيء إلى الشعب الفلسطيني، يستهدف الشعب الفلسطيني؛ لأنه يحاول أن يطمس القضية الفلسطينية، بعد أن وصلت إلى مستوى لا يمكن لأحدٍ طمسها مهما فعل، ومهما قال، الإنسان الذي يتحول إلى ببغاء، يردد المنطق الإسرائيلي، والمنطق الأمريكي، هو مفضوح، ذلك إدانةٌ له، وفضيحةٌ له، وخزيٌ عليه.
أمَّا شعبنا العزيز فهو في الموقف المشرِّف، الموقف الحق، الموقف الذي يرفع الرؤوس الشامخة عليِّة، ويبيِّض الوجوه في الدنيا والآخرة، موقف الجهاد في سبيل الله، النصرة للشعب الفلسطيني المظلوم، الذي له قضية حقيقية واقعية، ملأت سمع الدنيا وبصرها، وصداها في كل أرجاء الأرض، لا يمكن لأحدٍ تحوَّل إلى ببغاء للعدو الإسرائيلي، أن يغطِّي على حقيقة كتلك الحقيقة، وقضية بذلك المستوى والأهمية، قضية شعب مظلوم، ووطن إسلامي عربي محتل، ومقدسات مهددة ومحتلة، هل يمكن لأحد أن يشطبها، ويردد نفس المنطق الإسرائيلي، ويتحول إلى ببغاء إسرائيلي، لصالح العدو الإسرائيلي؟! هذا غير ممكنٌ أبداً.
ولذلك نحن سعداء بأنَّ المعركة اليوم مباشرة بيننا وبين العدو الإسرائيلي، سعداء منذ بداية معركة الإسناد جداً بالمواجهة المباشرة بيننا وبين الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، وبأنَّ العدو الإسرائيلي تورَّط بشكلٍ أكثر، ولم يتمكن من البقاء على استراتيجيته في الانفراد بالشعب الفلسطيني في غزة، ومجاهديه الأعزاء، يعني: نحن- بفضل الله وتوفيقه ونصره- نجحنا من ضرب الاستراتيجية التي اعتمد عليها العدو الإسرائيلي من بداية عدوانه على غزة، هو اليوم مشغول، ومضطر لأن ينشغل بالمعركة هنا وهناك، وأن ينشغل- كذلك- تجاه هذه الأخطار التي تأتيه من هنا وهنا وهناك، لم يبق في وضعٍ آمنٍ يساعده على الانفراد بالشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، دون أن يكون قلقاً ومتكئاً إلى الأمريكي؛ ليكون ظهراً له، وحامياً له، ومعه عملاؤه وحلفاؤه، فشلت هذه الاستراتيجية وانتهت.
فيما يتعلَّق بموقفنا هو موقفٌ ثابت، وبالتعاون بيننا وبين بقية جبهات الإسناد، هناك تعاونٌ وثيقٌ وقويٌ وجيد، وهناك تنسيقٌ يتطوَّر أكثر فأكثر، وهذا له ثمرته، وله أهميته، وله أثره الكبير على العدو:
-
في إفشال العدو.
-
وفي الضغط على العدو.