نص كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والمستجدات الإقليمية والدولية – 12جمادي الأول 1446هـ الموافق 14 نوفمبر 2024م
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله”
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 12 جمادى الأولى 1446هـ 14 نوفمبر 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
بما أننا في هذه الأيام في إطار الذكرى السنوية للشهيد، التي يحييها شعبنا المسلم العزيز، بدءاً من بداية شهر جمادى الأولى، إلى التاسع عشر من شهر جمادى الأولى، نتحدث في محورٍ من محاور هذه الكلمة الأسبوعية عن هذه المناسبة العظيمة المهمة، والتي نحرص من خلالها في كل عام على عددٍ من الأهداف المهمة، مع أن مفهوم الجهاد والاستشهاد جزءٌ أساسيٌ من ثقافتنا، ومبادئنا، وعقائدنا، والحديث عنه حديثٌ مستمرٌ، ولاسيَّما في إطار التوجه الجهادي الإيماني لشعبنا العزيز، وكذلك نقدِّم الشهداء بشكلٍ مستمر، شعبنا العزيز في مسيرته الجهادية لا يكاد يمرُّ أسبوع بدون شهداء، والحديث عن الشهداء أيضاً هو حديثٌ مستمرٌ، في إطار هذا المسار الإيماني الجهادي الذي يتحرك فيه شعبنا العزيز، وهناك أيضاً هيئة معنية وجهات معنية بالاهتمام بأسر الشهداء، إضافةً إلى الاهتمام الشعبي في إطار المسؤولية العامة الإيمانية، ولكن في إطار هذه الذكرى عادةً ما يكون هناك تكثيف أكثر في هذه المناسبة، للتركيز على هذه النقاط الثلاث:
- ترسيخ مفهوم الجهاد والاستشهاد، وقيمة الشهادة في سبيل الله تعالى، وأهميتها، وما يترتب عليها.
- وكذلك الاستذكار للشهداء الأبرار، واستلهام الدروس العظيمة من سيرتهم، والتمجيد لعطائهم العظيم في سبيل الله تعالى.
- وكذلك البرامج المتعددة الهادفة إلى العناية بأسر الشهداء.
في هذه المناسبة، تأتي وهي في إطار هذه الأحداث والمتغيرات الكبرى، وموقف شعبنا العزيز في إطار النصرة للشعب الفلسطيني، والنصرة للشعب اللبناني، في مواجهة العدوان الهمجي الإجرامي الإسرائيلي، الذي يستهدف كلاً من فلسطين ولبنان، ويستهدف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالإبادة الجماعية، وشعبنا العزيز في إطار هذا الموقف العظيم في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس) يُقدِّم الشهداء في سبيل الله تعالى، ويتحرك في كل المسارات: عسكرياً، وسياسياً، وبالإنفاق في سبيل الله، وأيضاً في الجبهة الإعلامية، يتحرك في اطار أداء واجبه للجهاد في سبيل الله تعالى، ونصرة الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، والشعب اللبناني ومجاهديه الأعزاء.
وفي مسيرتنا القرآنية، من يومها الأول قدَّمنا الشهداء في كل المراحل الماضية، في إطار هذا الموقف نفسه، الذي نحن عليه الآن، من العدو نفسه (من الإسرائيلي، ومن الأمريكي)، ومن المنطلق الإيماني والقرآني، بحكم انتماء شعبنا العزيز للإسلام، وهويته الإيمانية الأصيلة، الراسخة، التي عَبَّر عنها رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” في قوله: ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ)).
الميزة المهمة للمسيرة القرآنية هي: المشروع القرآني، والتحرك وفق هذا المشروع القرآني، شهيد القرآن السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، كان صوتاً قرآنياً خالصاً، وتحرَّك بالمشروع القرآني، في مرحلةٍ مهمةٍ وحساسة، يسعى الأعداء فيها، أعداء الأمة، أتباع المشروع الصهيوني، وأذرعة المشروع الصهيوني: الأمريكي، والإسرائيلي، ومن يدور في فلكهم، يسعون إلى فرض خيارهم على الأمة، أمتنا الإسلامية، في ظل تَقَبُّلٍ رسميٍ في الواقع العربي، وفي كثيرٍ من البلدان الإسلامية، ما عدا استثناءات محدودة.
عندما تحرك الرئيس الأمريكي آنذاك [جورج بوش الابن]، وأعلن خيارين حصريين، ووجه كلامه إلى الجميع، قائلاً: [إمَّا أن تكون معنا، أو تكون ضدنا)، بمعنى: إن لم تكن معنا؛ فنحن ضِدُّك، هكذا هو المقصود: أنهم ضِدّ من ليس معهم.
وكانت هذه المعيَّة، بالنسبة لأمتنا الإسلامية (على المستوى الرسمي والشعبي)، لها مدلولٌ مختلف عمَّا تعنيه بالنسبة للآخرين، بالنسبة للآخرين من غير المسلمين يعني: أن يكونوا مع أمريكا وإسرائيل في مناصرة المشروع الصهيوني، داعمين، وشركاء، ومساندين، ومؤيدين، بكل ما يستطيعون، وفعلاً، البعض تحرك عسكرياً، ومالياً، وسياسياً… وغير ذلك؛ أمَّا بالنسبة لأمتنا فهي المستهدفة أصلاً من ذلك المشروع، ومن تلك الهجمة، هي الأمة المستهدفة، ومعنى أن تكون معهم وأنت تنتمي لهذه الأمة، يعني: أن تكون معهم ضد أمتك، ضد شعوبك، ضد دينك، ضد استقلالك وَحُرِّيَّتِكَ؛ لأن المشروع الصهيوني، الذي يتحرك فيه الأمريكي والإسرائيلي، هو مشروعٌ عدوانيٌ على أمتنا، يصادر الحُرِّيَّة والاستقلال للشعوب، يصادر الأوطان، يصادر الحقوق، يقتل أبناء الأمة، يمتهن هذه الأمة… إلى غير ذلك، هو تهديدٌ لها وعدوانٌ عليها، في هويتها ودينها، وفي استقلالها وحُرِّيَّتها، وفِي أوْطانِها وثَرَواتِها… وفي غير ذلك، وهذه المسألة واضحة.
ولذلك فالتَّقبُّل ممن ينتمي لهذه الأمة (رسمياً، أو شعبياً) يعني الاستسلام، يعني: أن تكون مع عدوك، المستهدف لك، المستهدف لأمتك، والذي يريدك أن تكون أنت مجرد أداة، تعينه لخدمته، في ما هو خطرٌ عليك وعلى أمتك، ومعنى أن تكون معه: أن تقبل بمصادرة حُرِّيَّتك، استقلالك، أن تقبل بذلك الدور الذي تكون فيه مجرد أداة خانعة مستسلمة، تُسَخِّر نفسك، وَتُسَخِّر إمكاناتِك، وإمكانات بلدك عندما تكون في موقع مسؤولية، لخدمة عدوٍ وتمكينه، فيما هو- في الأخير- يصادر عليك كل شيء، وهذا يعني: الغباء بكل ما تعنيه الكلمة، يعني: الخسارة بكل ما تعنيه الكلمة؛ ولهذا أكَّد القرآن الكريم على هذه الحقيقة، بعد أن قال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ}[المائدة:51-53]، (نَادِمِينَ، خَاسِرِينَ) هذه هي الحقيقة القرآنية التي أكَّدَ الله عليها، وهو من يعلم الغيب والشهادة، وهو العليم بذات الصدور، هي المآل الحتمي لمن اتخذ خيار: أن يستجيب للأمريكي يوم قال [معنا]، ومعنا- كما قلت- فيما يتعلق بمن ينتمي لهذه الأمة لها مدلول يختلف عن الآخرين، يمكن أن يكون لمن انضم مع الأمريكي من الأوروبيين [معنا] مدلول آخر، شركاء، ودول أخرى؛ لكن بالنسبة للعرب، للمسلمين جميعاً من عربٍ وغيرهم، فالمسألة مختلفة تماماً.
أمَّا [ضدنا]، فأيضاً لها مدلول مهم، وبالذات عندما تكون مسلماً، عندما تكون منتمياً لهذه الأمة المستهدفة من الأمريكي والإسرائيلي، يعني أن تكون:
- ضِدّ الجرائم التي تستهدف أمتك.
- ضِدّ أن تُستباح أمتك في كل شيء، أن تهدر دماء هذه الأمة، أن تستباح أوطانها وثرواتها، أن يمتهن أبناؤها، وأن يكونوا مُسَخَّرين، خانعين، مستسلمين، خاضعين للعدو، يُمَلِّكونه كل شيء، ويقدِّمون له كل شيء، ويحرِّكهم كما يشاء ويريد.
- ضِدّ أن تستهدف مقدسات أمتك، المقدسات المهمة، بحكم انتمائها للإسلام.
- ضِدّ أن تطمس هويتها الإسلامية والإيمانية.
- ضِدّ أن يَتَّجه الأعداء إلى فصل هذه الأمة عن مبادئها الكبرى، عن كتاب ربها، عن القرآن الكريم، أن تُزَيَّف حقائق الإسلام…
إلى غير ذلك، مما يدخل في إطار البرنامج الأمريكي الإسرائيلي، والمشروع الصهيوني لاستهداف هذه الأمة.
ولذلك كان من المهم جداً، ولا يزال، هو: تحديد الخيار في الضِدّ والمعيَّة؛ لأن الأمريكي يريد إمَّا أن تكون في الوضعية التي يريدك أن تكون عليها، وإلَّا فهو سيعتبرك ضِدّ، ضِدَّ برنامجه، مشروعه، تحركه، ما يسعى إلى تحقيقه، إن لم تكن في إطار الوضعية التي يريدك أن تكون عليها، وهي وضعية استسلام بلا شك.
ولذلك تحديد الخيار، وتحديد الموقف، هي مسألة مهمة جداً؛ لأن المسألة مصيرية، وللدنيا والآخرة، وكان من أهم ما ينبغي مراعاته واحتسابه في مسألة تحديد الخيار، وتحديد الموقف بناءً على ذلك، هو: مبدئية الموقف والخيار؛ لأن هذه المسألة مسألة خطيرة للغاية، ومهمة، وكبيرة جداً.
ولذلك حرص شهيد القرآن، السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، على أن تكون الانطلاقة انطلاقةً قرآنية، وأن يكون تحديد الخيار، وكذلك اتخاذ الموقف في إطار القرآن الكريم، في إطار تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في إطار مشروعٍ قرآنيٍ قدَّمه، وتحرَّك على أساسه، في إطارٍ مبدئيٍ أخلاقيٍ إيمانيٍ، يتحرك على أساسه، ويدعو الأمة إلى التحرك على أساسه ووفقه؛ لأن من أخطر ما يمكن أن تتعرض له الأمة عندما يتَّجه البعض لتحديد خياراته، واتخاذ مواقفه، بشكلٍ منفصل عن المبادئ، عن القيم، عن الأخلاق، بعيداً عن القرآن الكريم، بعيداً عن مبادئ هذا الإسلام العظيم، الذي ننتمي إليه كأمةٍ مسلمة، وتتحول المسألة وكأنها مسألة يمكنك أن تتخذ فيها وجهة نظر مجردةً ومفصولةً عن مسألة مبادئ، أخلاق، قيم؛ وإنما تحت عنوان واحد، هو: (عنوان المصالح)، المصالح السياسية والاقتصادية، وبنظرةٍ مغلوطةٍ تماماً إلى عنوان المصالح؛ لأنه أي مصلحة لأمتنا في أن تُسخِّر نفسها، وإمكاناتها، وقدراتها، وتُبِيح كل شيءٍ فيها، لمصلحة أعداء لها، حاقدين عليها، لا يحترمونها، ولا يعترفون لها حتى بأنها من المجتمع البشري، وبأن أبناءها بشر، إلى هذا المستوى، وليس لها عندهم لا حق الحياة، ولا حق الوجود، ولا حق الاستقلال، ولا حق الحُرِّيَّة… ولا أيّ حقٍ من الحقوق، العربي عندهم لا يُصنَّف كإنسان، ضمن حقوق الإنسان والعناوين التي يتحدَّثون عنها، أي مصلحة لك أن تجنِّد نفسك لخدمة عدوٍ حاقدٍ، مجرمٍ، مفسدٍ، طاغٍ، مستكبر، تخسر بتجنيدك نفسك وإمكاناتك له دنياك وآخرتك؟! أيُّ مصلحة؟! ليس هناك أي مصلحة، لكن المسألة مسألة مهمة فعلاً، في غاية الأهمية.
للأسف الشديد تورَّط معظم الأنظمة العربية في خيار المعيَّة، يعني: أعلنوا أنهم مع أمريكا، وتحالفوا معها، وهم يدركون أنَّ بلدانهم مستهدفة، وشعوبهم مستهدفة، وحتى أنظمتهم في الأخير هي مستهدفة، واتَّجهوا معها، وفتحوا لها كل شيء، فتحوا بلدانهم للقواعد العسكرية الأمريكية، وتوجَّهوا على المستوى السياسي، وعلى مستوى المواقف، وفق إملاءات أمريكا، وتوجيهات أمريكا، وتحرَّكوا أيضاً في بقية الأمور ليؤقلموا كل شيء وفق التعليمات والتوجيهات والإملاءات الأمريكية، بما في ذلك: السياسة التعليمية، السياسة الإعلامية، الخطاب الديني… وغير ذلك، وهذه كارثة وطامَّة بكل ما تعنيه الكلمة، وهم يدركون أنَّ المهم بالنسبة لأمريكا هو إخضاع شعوب أمتنا، وحتى على المستوى الرسمي والشعبي، إخضاع الحكومات والجيوش والشعوب لمصلحة الإسرائيلي؛ لأنه هو الوكيل الحصري والشريك الحقيقي للأمريكي، والأمريكي والإسرائيلي كلاهما ارتبط بالمشروع الصهيوني، يسعيان معاً إلى تنفيذه، وهذه مأساة بكل ما تعنيه الكلمة، والمسألة هذه مسألة مهمة جداً.
الأمريكي لم يكن تحركه من أجل فقط أن يضمن مصالحه في المنطقة، مصالحه محمية بالحكام، وبالجيوش، بالأنظمة التي أخلصت له، في أن تقدِّم له كلَّ شيء، وأن تترك له حصة الأسد على حساب شعوبها المهضومة، المظلومة، المعانية، وكانت مصالحها محمية بالحكام، وتفتح له المجال ليأخذ ما يريد، وينهب بالقدر الذي يرغب فيه، لكن الأمريكي اتَّجه لخطوات أكثر من مسألة المصالح، اتَّجه إلى السيطرة المباشرة، والإخضاع لهذه المنطقة بشعوبها، وبلدانها، وحكوماتها، وأنظمتها، للسيطرة المباشرة، ولمصلحة العدو الإسرائيلي، وهو يريد أن يكون الإسرائيلي وكيله الحصري المسيطر تماماً على واقع ما يسمونه بالشرق الأوسط، على غرب آسيا، وهذه مأساة، وقضية خطيرة جداً، تمثل تهديداً- بكل ما تعنيه الكلمة- كبيراً جداً على أمتنا في دينها وفي دنياها.
فتحرَّك شهيد القرآن، السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”، بالمشروع القرآني، ليكون الخيار ضد أمريكا وإسرائيل والمشروع الصهيوني من منطلقٍ قرآنيٍ ومبدئي، ومع أنَّه كان صوتاً قرآنياً خالصاً، وتحرَّك بحكمة ورشد، وفي خطوات عملية موفَّقة، ومسددة، وحكيمة، تسعى لاستنهاض شعوب أمتنا، ونشر الوعي القرآني فيها، وتحريكها عملياً بالبراءة من أعدائها، والاحتجاج على ما يعمله أعداؤها، والتحرك وفق رؤية عملية شاملة، إلَّا أنَّه حتى ولو كان الخيار قرآنياً، والصوت صوت القرآن، فإنَّ واقع الأنظمة الرسمية- وللأسف الشديد- في ارتباطها بأمريكا ضد شعوبها، ضد أمتها، كان قد وصل إلى درجة أن تتحرك وفق الإملاءات الأمريكية لإسكات هذا الصوت، وأن تعمل لمنع أي تحرُّكٍ في أوساط الأمة ضد السيطرة الأمريكية، والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، والمشروع الصهيوني، لاسيَّما إذا كان تحركاً واعياً، راشداً، على بصيرة وبيِّنة وحكمة، وجاد، ومن منطلقٍ صحيح، على أسسٍ صحيحة، فهم يتحركون لمنعه وتشويهه؛ لأن المطلوب من الجانب الأمريكي اخضاع هذه الأمة، فتكون مستسلمة، ولا يكون فيها أي تحرك يعيقه، أو يعيق شيئاً من أجندته ومشاريعه هو وشريكه الإسرائيلي، وأن تكون الساحة مفتوحةً أمامهم، بدون أي عوائق مهما كان.
منذ الاستهداف لمسيرتنا القرآنية بالحروب العسكرية، والعدوان العسكري، بدءًا بالحروب الست، وما تخللها، ثم العدوان الأمريكي السعودي، وصولاً إلى هذه المعركة الشاملة، التي يواجه فيها شعبنا اليمني المسلم العزيز أعداء هذه الأمة (الأمريكي، والإسرائيلي، والبريطاني) بشكلٍ مباشر، تجلَّى ويتجلى في كل مرحلة أهمية المشروع القرآني، والخيار القرآني؛ لأنه يبني الأمة في وعيها وبصيرتها، ورشدها، وحكمتها، وفي روحها المعنوية؛ لتكون بمستوى النهوض بمسؤوليتها، والشعور بمسؤوليتها، وأداء مسؤوليتها الإيمانية القرآنية الدينية، وخيارها الذي لا خيار سواه يمثل حلاً للأمة في مواجهة أعدائها، والتصدي للخطر الذي يستهدفها، يستهدفها في فلسطين، يستهدفها في لبنان، يستهدفها في كلِّ قطرٍ مسلم، في البلاد العربية وغيرها، فهذا شيءٌ تجلى، فالجبروت والعدوان الذي وُوجِهت به هذه المسيرة القرآنية، لم يكسر إرادة أمتها، وهذه الأمة التي وثقت بالله تعالى، وتحركت على أساس هديه وتعليماته، وبالبصيرة القرآنية، والوعي القرآني، والروح الإيمانية الجهادية، بقيت مستمرةً في مواجهة كل التحديات والصعوبات، إلى مستوى هذا الموقف المشرِّف العظيم، الذي يتحرك فيه شعبنا العزيز.
في المقابل، عندما نقارن واقع أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، أمة الملياري مسلم، ما الذي يكبِّلها؟! بعض الشعوب الإسلامية هي أكثر من مائتي مليون مسلم، بعضها أكثر من مائة مليون مسلم، شعوب مجاورة لفلسطين، شعوب كبرى، لديها إمكانيات ضخمة جداً، في البلدان العربية مجموع هذه الشعوب عددٌ كبيرٌ جداً، أكثر من (مائتين وخمسين مليون) عربي مسلم، ما الذي يكبِّل هذه الأمة أن تنطلق للموقف الصحيح لنصرة الشعب الفلسطيني، ضد عدوٍ هو عدوٌ لها جميعاً، وفيما يعنيها جميعاً، من مسؤوليات تجاه مقدَّساتها في فلسطين، تجاه الشعب الفلسطيني الذي هو جزءٌ منها، تجاه أرض فلسطين التي هي جزءٌ من هذا الوطن الكبير: وطن العرب، وطن الإسلام والمسلمين؟! ما الذي يكبِّل هذه الأمة؟! لأنها تفتقر وتفتقد إلى البصيرة، هي بحاجة إلى البصيرة، هي مفتقرةٌ جداً إلى البصيرة القرآنية، إلى الوعي القرآني، إلى النور، إلى الهدى، وإلى الروح المعنوية، والشعور بالمسؤولية، لتتحرك وفق رؤية عملية صحيحة، وإلَّا ليس الذي يكبِّلها نقصٌ في عددها، ولا نقصٌ في إمكاناتها، على العكس: إمكاناتها هائلة جداً، الإمكانات الضخمة لهذه الأمة إذا جُمِعت، فما يمتلكه العدو الإسرائيلي وما بحوزته لا يساوي شيئاً، إضافةً إلى أنَّ هذه الأمة لو تحركت على أساس صحيح؛ تحظى برعاية الله، بمعونة الله، بتأييد رب العالمين، القوي العزيز، ملك السماوات والأرض.
هذه الأمة الكبيرة في عددها، في جغرافيتها، في إمكاناتها، عندما نشاهد ما هي عليه من العجز، من الضعف، من الوهن، أمام هذا الاختبار الكبير تجاه ما يجري في فلسطين؛ ندرك أهمية الاستنهاض في أوساط الشعوب، قيمة التحرك لنشر الوعي والبصيرة، لتعزيز الروح المعنوية الإيمانية الجهادية، التي يمكن أن تحيي هذه الأمة، وأن تنهض بهذه الأمة، حتى تكون أمة فعَّالة؛ لأن الخطر ليس فقط على الشعب الفلسطيني لوحده، الخطر يستهدف هذه الأمة بشكلٍ عام، ووضعيتها جزءٌ من المشكلة نفسها؛ لأنها تطمع أعداءها فيها، وهم أعداء حاقدون، طامعون، وطمعهم رهيبٌ جداً، وجشعهم كبيرٌ جداً، وعندما يروا مثل هذه الوضعية المتاحة في واقع أمتنا، يعتبرون أنَّه من الغباء، ومن السذاجة، ومن الحمق ألَّا يستغلوا هذه الحالة، وألَّا يتوجَّهوا للاستفادة من هذه الفرصة، تجاه أمة يطمعون في ما تملك وفيما هي عليه، وفي نفس الوقت يحقدون عليها أشد الحقد، يعتبرونها فرصة لتصفية الحسابات معها، ولإبعادها عن كل عناصر القوى التي يمكن أن تحييها من جديد.
الروح الجهادية، عندما تنطلق الأمة فيها ببصيرة، بوعي، بدءاً بمن هو العدو لهذه الأمة، أنَّه الأمريكي والإسرائيلي، وأنَّه المشروع الصهيوني، وأنَّ العدو لهذه الأمة هو العدو الذي بيَّن الله لنا في القرآن أنَّه عدونا، في قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة:82]، وعندما بيَّن لنا في آيات كثيرة جداً مستوى حقدهم علينا: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}[آل عمران:118]، والواقع يشهد، الواقع، هم يسعون لإبادة هذه الأمة، وما يفعلونه في فلسطين، يمكن أن يفعلوه في أيِّ بلدٍ آخر.
ما فعله الأمريكي سابقاً في العراق، في الإبادة لمئات الآلاف من الشعب العراقي المسلم، وفي أفغانستان، وفي الانتهاك للأعراض، الانتهاك للشرف، للكرامة، الانتهاك بالاغتصاب للنساء والرجال، النهب للثروات، السيطرة على كل شيء، التحكم في كل شيء، يمكن أن يفعله في أيِّ بلدٍ آخر، يمكن أن يفعله معه الإسرائيلي أيضاً، في إطار المشروع الصهيوني، الرامي إلى تغيير وجه هذه المنطقة بكلها، وهم يصرِّحون بذلك رسمياً، جهاراً نهاراً، [نتنياهو] بنفسه يقول: أنه يريد تغيير وجه ما يسمونه بالشرق الأوسط، يعبِّرون بهذا عن البلاد العربية بكلها، بكلها، يهتفون بـ [الموت للعرب].
فأمتنا تجاه هذا التحدي، تجاه هذا الخطر، عندما تتحرك بالروح الجهادية، بوعيٍ وبصيرةٍ قرآنية، تدرك من هو العدو، وتتحرك ضده؛ عندها تكون في مستوى المنعة، والقوة، والعزة، وتدرك أهمية كل عناصر القوة، وتسعى لها، تعمل لتغيير واقعها، لتصحيح وضعها، لبناء نفسها، وتتحرك في المواقف الصحيحة التي تساهم في بناء قدراتها، وتسعى إلى مواجهة العدو، بدلاً من أن تكون أداةً بيده، تعمل ضد نفسها لمصلحته، الخيار هو بين هذا وذاك:
- إمَّا أن تكون أداةً بيد العدو ضد نفسك وأمتك في كل شيء.
- وإمَّا أن تسعى لما فيه عزك، وفلاحك، والخير لك في الدنيا والآخرة.
الروح الجهادية التي تتحرك فيها الأمة وهي تعي المخاطر الكبيرة، من أهم ما فيها: أنها تنهض بالأمة إلى مستوى مواجهة التحدي، دون اكتراث بما يمتلكه العدو من جبروت، ودون تهيب ولا خوف، وأمتنا بحاجة إلى أن تتحرر من عقدة الخوف، الخوف من أمريكا، والخوف من إسرائيل، هي حالة خطرة جداً؛ لأنها لا تمثل حمايةً للأمة، الخوف الذي يدفع للاستسلام، وليس يدفع للحذر، والموقف، والتحرك المضاد؛ إنما الخوف الذي هو ذعرٌ ورعبٌ، يبعث الكثير من أبناء هذه الأمة (رسمياً، وشعبياً) نحو الاستسلام، والخضوع، والطاعة، والتسليم بالأجندة الأمريكية، والمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، والتَّوجه لخدمة أمريكا وإسرائيل، هذه حالة خطيرة جداً؛ لأنها لا تحمي الأمة من أي شيء، لا تحميها لا في دينها ولا في دنياها، ولا تحقق لها السلام نهائياً، نهائياً، لن تحقق لها السلام، ولن تحفظ لها كرامةً، ولا عزاً، ولا استقلالاً، ولا حُرِّيَّةً… ولا أي شيء؛ لأن أولئك طامعون بما يفوق تصوُّر كلَّ الذين يفكرون في خيارات كهذه: خيارات انهزامية استسلامية، هم يريدون أخذ كل شيء، لديهم من الحقد والعقد ما لا يقبلون لأحدٍ من أبناء الأمة أن يكون في وضعية محترمة، ويعيش في وضع عادي، في وضع عادي فقط! ولا يكون له تجاههم أي توجه عدائي ولا أي شيء، هم لا يتركونه.
ولاحظوا- مثلاً- ما يفعلونه بالسودان، مع أنه ليس في السودان في هذه المرحلة حركة قوية، ظاهرة، نشطة في الساحة، لها توجُّه معلن معادي لأمريكا وإسرائيل، لكن هم يعرفون بالنسبة للشعب السوداني، أنَّه يختزن في واقعه: مبادئه، توجهاته منذ زمن، كانت في إطار الموقف الطبيعي، الموقف الصحيح، في المقاطعة لأمريكا وإسرائيل، وعدم الخضوع لأمريكا وإسرائيل، والتوق للحُرِّيَّة والكرامة، فهم يتَّجهون بالرغم من أنَّ أدواتهم في السودان هي الأدوات المسيطرة على الوضع، ومع ذلك لم يتركوا الشعب السوداني لحاله، لنفسه، لوضعه، دون مؤامرات عليه، يستنزفونه بمشاكل وصراعات وحروب، وهكذا يمكن أن يفعلوا في أيِّ بلدٍ آخر: الاستنزاف لهذه الأمة، الضرب لهذه الأمة بأشكال متعددة، إغراق هذه الأمة في مشاكل وأزمات لا حصر لها ولا عد، التسخير لها في صراعات أخرى، وتصفية حسابات مع منافسين آخرين، بما فيهم مستقبلاً ضد الصين… وغيرها، وهكذا هم أعداء لهذه الأمة بكل ما تعنيه الكلمة.
فخيار الجهاد في سبيل الله وفق رؤية قرآنية، ومشروع قرآني، هو خيارٌ حكيمٌ؛ ولذلك نرى شعبنا العزيز في هذه المرحلة اتَّجه بكل شجاعة؛ لأنه يثق بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، يثق بوعود الله “جَلَّ شَأنُه”، وينطلق من منطلق إيماني وقرآني، فتبنى الموقف الصحيح، والخيار الصحيح، واتَّجه للجهاد في سبيل الله، في نصرة الشعب الفلسطيني، في هذه المعركة الكبرى، وفي هذه الأحداث الراهنة، بالرغم من حجم التحديات والمخاوف لدى الكثير من الشعوب والأنظمة.
فيما يتعلَّق بالشهداء: هم مدرسةٌ عظيمةٌ ومتميزة، من الأخلاق، والقيم، والمبادئ، واستذكارهم يشحذ الهمم، ويعزز الروح المعنوية الجهادية، ويحيي الضمائر؛ ولــذلك فللتذكر لهم، ولِسِيَرِهِم، وأخبارهم، وما يتم إنتاجه عن سيرهم، وعن مواقفهم، وعن ذكرياتهم، له أثره العظيم في النفوس.
والشهداء هم من كل أطياف المجتمع، من كل فئاته: من علمائه في الدين، من المزارعين، التجار، من الفلاحين، من المدرِّسين، من الطلاب، من الشباب، من الكبار… من مختلف أبناء المجتمع، انطلقوا بروح إيمانية، بتضحية في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فازوا بالشهادة، بكل ما لها من قيمة عظيمة في القرب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وما يحظى به الشهداء من التكريم الإلهي، والمنزلة الرفيعة عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، المنزلة التي تحدَّث عنها الله في القرآن الكريم في قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69]، مرتبة عالية، وكذلك بالتكريم والفوز بالحياة السعيدة، كما قال الله عنهم في القرآن الكريم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران:169]، الحياة السعيدة، الحياة العظيمة.
ثم ما يكتبه الله أيضاً لإسهامهم وتضحياتهم من نتائج، في خدمة القضية المقدَّسة والعادلة، التي يتحرَّكون فيها، ولنصرتها، في إحقاق الحق، وإزهاق الباطل، في ترسيخ المبادئ الإلهية، التي تحمي عباد الله، تحمي الناس، تحمي الأمة من شر أعدائها من الأشرار المجرمين، الذين هم في الاتجاه الشيطاني الظلامي، أولياء الشيطان يتحرَّكون بما هو شر، بما هو إفساد، بما هو طغيان، بما هو إجرام، بما هو ظلم؛ ولــذلك فالمواجهة بيننا وبينهم هي مواجهة في هذا الإطار: هم ظلاميون، مجرمون، وأشرار، وأولياء للشيطان، ونحن نتَّجه على الأساس المبادئ الإلهية، القيم الإلهية، قيم الحق والخير والعدل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومواجهة الفساد، والتصدي للإجرام والطغيان.
فيما يتعلَّق بأسر الشهداء:
- نحث الجهات المعنية ذات العلاقة على الاهتمام أكثر وأكثر، في إطار مسؤولياتها نحوهم.
- نحث المجتمع بشكلٍ عام على أن يكون مدركاً على الدوام لمسؤوليته نحوهم.
- نحثهم هم (أسر الشهداء)، على أن يكونوا متَّجهين إلى الاقتداء والتأسي بما عليه الشهداء، من الروح الإيمانية، روح العطاء، روح الإحسان، روح العمل، أن يكونوا ممن يحذون حذو أولئك، الذين هم من صفوة عباد الله، في الاقتداء بهم، في التخلق بأخلاقهم، في حمل روحيتهم، في الاتجاه الإيماني العظيم.
هذا فيما يتعلَّق بهذا الموضوع، إن شاء الله نستكمل الحديث حول موضوع الجهاد والشهادة والشهداء في ختام هذه الذكرى إن شاء الله.
فيما يتعلَّق بالمستجدات: لأربعمائة يومٍ وخمسة أيام من العدوان والإجرام الإسرائيلي والأمريكي ضد الشعب الفلسطيني، وضد الشعب اللبناني، وأربعمائة يوم وخمسة أيام من الخذلان العربي، وخذلان البلدان الإسلامية، ما عدا استثناءات محدودة، وأربعمائة يوم وخمسة أيام من الثبات الفلسطيني، وأيضاً من الثبات اللبناني العظيم، وثبات جبهات الإسناد، فيما يتعلَّق بجبهات الإسناد.
العدو الإسرائيلي مستمرٌ ويصعِّد في إجرامه، في هذه المرحلة ابتكر له خطةً جديدة في شمال قطاع غزة، أكثر إجراماً ودمويةً، في الإبادة الجماعية لسكان محافظة شمال قطاع غزة، بأكثر من إجرامه الفظيع والرهيب جداً في كل قطاع غزة، ويستمر في كل تلك الأساليب الإجرامية التي ينفِّذها كل يوم:
- القتل الجماعي لأبناء الشعب الفلسطيني، معظم الشهداء من الأطفال والنساء.
- الاستهداف بالقنابل الأمريكية حتى لخيمة! خيمة من القماش، يستهدفها بقنبلة أمريكية، من القنابل الأمريكية التي ضد التحصينات الكبيرة، وضد الجيوش التي تمتلك إمكانات من التحصينات الضخمة!
- يستهدف بالتجويع الشديد المستمر الشعب الفلسطيني لإبادته.
- ويستهدفهم أيضاً بالتهجير القسري، وتدمير كل مقومات الحياة.
وهكذا، بالرغم من أنَّ الصورة تتضح لكل أنحاء العالم، تشاهدها معظم الشعوب، يشاهدها الناس، المنظمات والمؤسسات الدولية، ولكن دون أي تحرك جاد؛ لأن الأمريكي شريكٌ له في كل ذلك الإجرام، ومن أجل الأمريكي تسكت أكثر الدول، ولا تتخذ حتى خطوات غير القتال، خطوات في المقاطعة السياسية، والمقاطعة الاقتصادية، إلَّا القليل من الدول، القليل من الدول، التي ارتقى موقفها حتى إلى هذا المستوى: إلى مستوى قطع العلاقات… ونحو ذلك، هذا مما شجَّع العدو الإسرائيلي، ولكن مما شجعه كثيراً هو موقف معظم الدول العربية والإسلامية، وهذه حقيقة واضحة؛ لأنهم فعلاً لم يتَّجهوا إلى الحد الأدنى من الموقف، الذي هو موقفٌ واجبٌ عليهم، ضمن مسؤولياتهم الدينية، والإنسانية، والأخلاقية، والقومية… وبكل الاعتبارات، لم يتَّجهوا حتى لاتخاذ موقف بسيط، أنظمة وحكَّام يُصِرُّون على أن يحتفظوا بعلاقاتهم مع العدو الإسرائيلي: السياسية، والاقتصادية، أنظمة وحكَّام زادت علاقتهم الاقتصادية في القوافل، وفي الشحنات من البضائع التي يقدِّمونها للعدو الإسرائيلي في هذه المرحلة بالذات، وهي أنظمة عربية، وبعضها تنتمي للإسلام من غير العرب أيضاً، وزادوا لأضعاف مضاعفة فيما يرسلونه من شحنات تجارية: بضائع، مواد غذائية… وغيرها، للعدو الإسرائيلي، هذا شيءٌ مؤسفٌ جداً!
الإجرام الفظيع جداً الذي ينفِّذه العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، وضد الشعب اللبناني، هو مخزٍ لكل دول العالم التي تسكت ولا تتحرك لاتخاذ موقف صحيح وقوي، وفي المقدِّمة: للعرب والمسلمين، للساكتين والمتواطئين والمتخاذلين.
التحرُّك الرسمي العربي والإسلامي لبعضٍ من الدول العربية والإسلامية، تحت عنوان القمة العربية الإسلامية، الذي حدث مؤخرًا، كانت مخرجاته مؤسفة للغاية، وللإنسان أن يحزن لواقع الأمة، عندما يرى مخرجات قمة باسم العرب والمسلمين، وحضر فيها الكثير من زعمائهم، ومع ذلك ماذا كانت مخرجاتها في مرحلة كهذه؟!
الشعب الفلسطيني يعاني أشد المعاناة، في أقسى مرحلة هو فيها، الطغيان الإسرائيلي، والإجرام الإسرائيلي، والعدوان الإسرائيلي في ذروته: يرتكب جرائم الإبادة الجماعية، يمنع عن الشعب الفلسطيني الطعام، والغذاء، والدواء، والماء، يحاصره في كل شيء، يدمِّر المدن والقرى والبلدات في قطاع غزة بشكلٍ كامل، الأمريكي يشارك مع العدو الإسرائيلي في كل ذلك، ومخرجات هذه القمة ماذا كانت؟!
في واقع الحال لم تكن مفاجئة، لا للشعب الفلسطيني، ولا لشعوب أمتنا، ولا للعدو، ولا للصديق، وكان هذا هو المتوقع، أن يجتمع معظم زعماء العالم الإسلامي ليصدروا بياناً، في قمة كبيرة، يمثلون بها بلدانهم وشعوبهم، يمثلون بها أكثر من خمسين دولة، والمحصلة هي ماذا؟ هي إصدار بيان- وحتى ذلك البيان ليس شديد اللهجة- بيان مطالبات، كأننا أمة (أمة الملياري مسلم) لا نمتلك القدرة على فعل أي شيء البتة! هل تتصور حالةً من العجز هي أسوأ من هذه الحالة: أن يعبَّر عن أمة الملياري مسلم وكأنه ليس بإمكانهم أن يفعلوا أي شيءٍ إطلاقاً، ولا أن يتخذوا أي إجراء نهائياً، ولا أن يمتلكوا أي خطوة عملية على الإطلاق، وأنَّ ما بإمكانهم هو فقط إصدار بيان مطالبات للآخرين؟! مطالبات لمن؟! مطالبات للأمريكي الذي هو شريك في كل تلك الجرائم، وعدوٌ مبينٌ لهذه الأمة، ويتحرَّك مؤمناً بالمشروع الصهيوني، ويسعى لتنفيذه، ويقدِّم هو كل تلك القنابل التي قُتِلَ بها عشرات الآلاف من أطفال ونساء الشعب الفلسطيني، ويقتل بها أبناء الشعب اللبناني، هل تنتظرون منه هو أن يتخذ خطوات بدلاً عنكم، أو من البريطاني، الذي هو بدءاً من أتى بالكيان الصهيوني العصابات الصهيونية إلى فلسطين، أو من الفرنسي، أو من الألماني… أو من أيٍّ من تلك الدول؟! تنتظرون ممن لا يشارككم لا في مبادئكم، ولا في قيمكم، ولا في مصالحكم، ولا يهمه أوطانكم، هل تتوقعون حتى من الصين، أو من روسيا… أو من أي بلدٍ في هذا العالم، من خارج العالم الإسلامي، أن يكون أكثر اهتماماً منكم بقضايا تهمكم أنتم، بدرء خطرٍ يتهددكم أنتم، وعدوٍ يستهدفكم أنتم؟! الآخرون لن يروا أنفسهم أنهم معنيون بحالكم، بواقعكم، بمخاطركم، بأموركم أكثر منكم، لن يكونوا أكثر منكم اهتماماً بما يعنيكم أنتم، هذه مأساة بكل ما تعنيه الكلمة!
ومع أنهم حتى أولئك الذين اجتمعوا يدركون أنَّ موقفهم هو الموقف المتكرر منذ زمنٍ طويل، منذ عقودٍ من الزمن، وأمام تصعيد كهذا، أو يشابهه، وإن كانت هذه المرة التصعيد فيها أكثر من أيِّ مرحلةٍ مضت، لكن هم يكررون نفس المواقف، إطلاق مبادرات، وحتى مبادراتهم تتضمن الاعتراف بأربعة أخماس فلسطين للعدو الإسرائيلي، عنوان: [حل الدولتين] هو هكذا، يقدِّمون اعترافات مجانية، بدون مقابل، بأربعة أخماس فلسطين لصالح العدو الإسرائيلي، ولكن دون نتيجة، هم على يقين أنَّ مخرجاتهم، التي تتمثل فقط بإصدار بيان مطالبات، لن تنفع الفلسطينيين بشيء، ولن تفعل لهم شيئاً، هم يدركون نفس من اجتمعوا، وبعضهم تكلم بذلك في كلماتهم، ولكنهم مع ذلك هكذا يفعلون، وكذلك يفعلون، أمام كل خطر يهدد هذه الأمة، يستهدف شعباً من شعوبها، يصل إلى مستوى ما قد وصل إليه الحال في فلسطين، لن يكون لهم موقف أكثر من ذلك إن فعلوا، يعني: هذا أقصى وأكبر ما يمكن أن يصلوا إليه: اجتماع لإصدار بيان يطالبون فيه الآخرين ليفعلوا شيئاً؛ أمَّا هذه الأمة فليس بوسعها أن تفعل أي شيء، سوى المطالبات فقط! مطالبات في كلمات، ولكن ما يفعلونه، أو يفعله بعضهم، للعدو لإسرائيل أكثر من ذلك، أكثر من مسألة بيان: علاقات اقتصادية، علاقات سياحية، تعاون إعلامي، تعاون فعلي هنا أو هناك، بشكل أو بآخر، وهذا هو شيءٌ مؤسفٌ جداً!
وهذا مما يدل على أهمية أن تعي الشعوب حقيقة الواقع الذي هي فيه؛ لأن الخطر يتهددها جميعاً، وما يحصل على الشعب الفلسطيني، لو حصل على أيِّ شعبٍ آخر، سيكون الحال هو نفس الحال، هذا يدل على أهمية أن تستنهض الشعوب نفسها، وتتحرك للقيام بمسؤولياتها.
على كُلٍّ، القمة ليس فيها أي إجراء أو خطوات عملية لنصرة الشعب الفلسطيني، ولا حتى في مستوى بسيط جداً، في الحد الأدنى: لا مقاطعة اقتصادية، سياسية، إعلامية، للعدو الإسرائيلي، ولا دعم للشعب الفلسطيني على المستوى الإنساني، ولا تصنيف للعدو الإسرائيلي بأنه [إرهابي]، وأنه عدو، وأنه مجرم، ولا رفع التصنيف السيء الذي لدى كثيرٍ من الأنظمة العربية ضد الإخوة المجاهدين في فلسطين، وضد حزب الله، بأنها مجرد كيانات إرهابية، ولا أي خطوات يمكن أن تغيظ الأعداء، أو تؤثِّر عليهم، أو تعبِّر عن توجُّه جاد وتحرُّك فعلي، خلت من كل ذلك تماماً! ولا فتحت المجال للشعوب، لتعلن- مثلاً- الجهات الرسمية أنها عاجزة عن فعل أي شيء، وأنها فاتحةً المجال للشعوب لتتحرك، إن كانت تريد أن تتحرك، فهذا شيءٌ مؤسفٌ جداً!
بل البعض من الكلمات تضمَّنت عبارات سلبية، أو سيئة، أحد عملاء أمريكا، الذي ليس له صفة شرعية أبداً، قدَّم نفسه على أنه يمثل اليمن، ليعبِّر عن تضامنه مع العدو الإسرائيلي، ورفضه للعمليات التي يقوم بها اليمن (رسمياً، وشعبياً) لنصرة الشعب الفلسطيني: العمليات البحرية، التي هي لمنع العدو الإسرائيلي من الحركة في البحر الأحمر، ومن الملاحة عبر باب المندب.
وهكذا هو الحال بالنسبة لتلك القمم، أن يجتمع فيها من لا يمثلون للأمة أي دورٍ فاعلٍ لحمايتها، هي حالة سلبية، هي- بحد ذاتها- حالة مطمعة للأعداء، فما هكذا تحمى الأوطان، ولا هكذا يدفع العدوان! وكل أمم الأرض لا تقابل ما يحدث من عدوٍ لها بمستوى ما يفعله الإسرائيلي بمجرد بيان، هذه مسألة لا تحدث عند أحد في كل العالم، ويريد الأمريكي لها أن تكون عند المسلمين هكذا: إذا وصل الحال أن يُباد شعب، ويُحتل بلد، وتُنتهك مقدَّسات، وتُصادر حقوق، يكون أقصى ما يحصل رسمياً هو: إصدار بيان يطالب الآخرين بأن يلتفتوا إلى ذلك، أو أن يفعلوا شيئاً، من لا يرون أنفسهم معنيين أصلاً بما يحدث لهذه الأمة؛ لأنها ليست أمتهم، ولا هي تهمهم، ولن يكلِّفوا أنفسهم شيئاً من أجلها.
في الوقت نفسه يستمر صمود وثبات المجاهدين، أحرار الأمة، المجاهدين في فلسطين في قطاع غزة، الذين يعانون من الخذلان، من التشويه، من الحرب الإعلامية المعادية لهم من بعض الأنظمة العربية، هم يواصلون جهادهم في سبيل الله تعالى، ويتصدَّون للعدو الإسرائيلي، رغم إمكانياتهم المحدودة جداً، وهم في حالة حصار، ولكن بعد كل هذا الوقت الطويل، والعدو الإسرائيلي يتوقع أن يكونوا قد وصلوا إلى حالة الانهيار التام، هم مستمرون بفاعلية عالية، بثباتٍ إيمانيٍ عظيم، باستبسالٍ عظيم:
- كتائب القسام نفَّذت الكثير والكثير، عشرات العمليات في شمال قطاع غزة وفي غيرها، وما تنفِّذه كتائب القسام في شمال القطاع نفسه، في ظل ذلك الحصار، والتطويق، والجوع الشديد، هو يعبِّر عن الصمود العظيم للشعب الفلسطيني، وهذا ما كان يجب أن يحظى بالدعم، بالمساندة، بكل أشكال الدعم والمساندة، بدلاً من الخذلان، واقتصار المواقف الرسمية على إصدار بيانات، مع الاحتفاظ بالتصنيف للمجاهدين بأنهم [إرهابيون]، هذا شيء مؤسف جداً!
يستمرون في عملياتهم البطولية، يدمِّرون آليات العدو، يشتبكون معه من مسافة الصفر، ينكِّلون بمجرميه السيئين، المعتدين، الظالمين، عشرات العمليات لكتائب القسام، وعمليات لسرايا القدس، عمليات لبقية الفصائل المساندة والمجاهدة في سبيل الله، والواقفة مع كتائب القسام.
- ثباتٌ أيضاً في الموقف السياسي، الموقف السياسي المبدئي، المحافظ على الحقوق من جانب حركة حماس، بالرغم مما تعانيه من الضغوط، وما تشاهده من الخذلان الكبير، وبالرغم من حجم المعاناة الكبيرة.
- صمودٌ عظيم من الحاضنة في قطاع غزة، من الشعب الفلسطيني نفسه، وهو يقدِّم يومياً الكثير من الشهداء، كل يوم شهداء من الأطفال والنساء، والكبار والصغار، لكنه لا يبيع موقفه، لا يرفع راية الاستسلام.
في لبنان كذلك، صمودٌ عظيمٌ من مجاهدي حزب الله، والمقاومة اللبنانية، فاعليةٌ عالية في التصدي للعدو، إلحاق الهزائم تلو الهزائم بالعدو الإسرائيلي، في تحركه فيما يسميه بـ [العملية البرية]، وهو يفشل كلَّ يوم، ويخفق كلَّ يوم، ويتكبَّد الخسائر والهزائم كلَّ يوم.
الهجمات الصاروخية، وكذلك بالمسيَّرات الانقضاضية التي ينفِّذها حزب الله، هي في تصاعد مستمر، وتصل إلى- ما يسميه العدو بـ تل أبيب- إلى يافا المحتلة:
- يستهدف حزب الله القواعد العسكرية، سواءً قواعد جوية، أو معسكرات… أو غيرها، ووصل الاستهداف إلى مستوى مواقع حسَّاسة جداً بالنسبة للعدو، استهدف حزب الله بالأمس ما يسميه العدو بوزارة الدفاع، [معسكر رابين]، حيث هناك أهم القواعد، وأهم المكاتب العسكرية للعدو الإسرائيلي، ما يسميه بوزارة الدفاع، ورئاسة هيئة الأركان… وغير ذلك من المكاتب العسكرية المهمة جداً للعدو، استهدفها حزب الله ويستهدفها، وتكرر الاستهداف لها بالأمس وفي البارحة أيضاً.
- وكذلك عمليات مستمرة إلى بقية المغتصبات، وإلى حيفا المحتلة، وحالة الرعب والذعر لدى العدو الإسرائيلي كبيرةٌ جداً، وهم يدخلون إلى الملاجئ باستمرار في الليل والنهار، لا تكاد تتوقف صافرات الإنذار، وهم يهربون إلى الملاجئ بشكلٍ مستمر.
- عمليات قوية أيضاً تزامنت مع الذكرى السنوية لشهيد حزب الله في 11/11، وظهر حزب الله متماسكاً، ثابتاً، صامداً، فاعلاً، قوياً، وأيضاً عمليات قوية تزامنت مع أربعينية الشهيد القائد الكبير السيد/ هاشم صفي الدين “رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ”.
البعض من الناس من الرسميين، رسميين في لبنان، البعض منهم، وفي بعض البلدان العربية، يتحدَّثون عن النأي بالنفس، وأنه الحل لبلداننا، النأي بالنفس من ماذا؟! من قضيةٍ تعنيك أنت؟! العدو الإسرائيلي الذي يتحرَّك وفق المشروع الصهيوني، والمشروع الصهيوني يصادر أرضك، يصادر حُرِّيَّتك، يصادر كرامتك، يطمس هويتك، يستهدفك شئت أم أبيت، ليس باختيارك، هو يستهدفك، كيف تنأى بنفسك عن نفسك، تنأى بنفسك عن دينك، تنأى بنفسك عن شعبك، تنأى بنفسك عن وطنك؟! ليست القضية قضية آخرين حتى تنأى بنفسك عنها، هي قضيتك أنت شئت أم أبيت، وهذا واقع كل الأمة، هو أمرٌ يعنينا نحن جميعاً؛ لأن العدو يستهدفنا جميعاً، المسؤولية الدينية هي مسؤوليتنا جميعاً، المسؤولية الأخلاقية، الإنسانية، الوطنية… بكل الاعتبارات، هي تعنينا جميعاً.
المشكلة ليست في حزب الله في لبنان، ولا في كتائب القسام، وحركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والفصائل المجاهدة في فلسطين، هؤلاء متى تحركوا؟ متى نشأوا؟ بعد الاحتلال الإسرائيلي، بعد العدوان الإسرائيلي، بعد الإجرام الإسرائيلي، وأتى هؤلاء ليواجهوه، بعد أن قتل، أن دمَّر، أن سيطر، أن احتل، الإسرائيلي اكتسح لبنان سابقاً في سبعة أيام، ووصل إلى بيروت، وأتى حزب الله، أتى مجاهدو حزب الله وأخرجوه، وحرروا لبنان، نشأوا في ظل تلك الوضعية كأمة مجاهدة، تتظافر جهودها لمشروعٍ عظيم، وحرروا وطنهم وبلدهم، فمتى كانوا إشكالية؟! عندما حرروا لبنان؟!
أتى المجاهدون في فلسطين: في كتائب القسام، حركة حماس بشكلٍ عام، حركة الجهاد الإسلامي، جناحها الذي وصل هو سرايا القدس… وهكذا بقية الفصائل المجاهدة، تشكَّلت في ظل وضعية العدو الإسرائيلي محتلٌ فيها لفلسطين، مغتصبٌ لفلسطين، قد ارتكب على مدى عقود من الزمن كل أنواع الجرائم: جرائم القتل، الاغتصاب، الانتهاك، الاحتلال للأرض، والسيطرة على الممتلكات… وغير ذلك، ممارسة كل أشكال الامتهان، مصادرة حُرِّيَّة شعب بأكمله، فمتى كانوا مشكلة؟ وقبل الثورة الإسلامية فعل العدو الإسرائيلي كل ذلك، قبل الثورة الإسلامية في إيران، ليست المسألة مسألة إيرانية.
الجمهورية الإسلامية في إيران، منذ الثورة الإسلامية، وبعد انتصارها، تؤدِّي واجباً إسلامياً مقدَّساً عظيماً، وتبيض وجهها أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام كل الشعوب، أمام كل العالم، بأدائها لهذا الواجب المقدَّس، وقدَّمت الشهداء، وقدَّمت على رأس هؤلاء الشهداء العظماء من شهدائها: الحاج قاسم سليماني، شهيداً عظيماً، وقائداً كبيراً، له إسهامه العظيم والمميز والكبير في أداء هذا الواجب المقدَّس والعظيم.
وهكذا من يتحرَّك من أبناء الأمة، يقدَّم الشهداء وهو في إطار أداء واجب إسلامي، يعني الجميع، يعني كل مسلم في البلاد العربية، وفي غير البلاد العربية، وأنا أكرر دائماً: أنَّ المسؤولية على العرب قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، لكنها مسؤولية كل مسلم.
فيما يتعلَّق بالمقاومة العراقية: المقاومة الإسلامية في العراق هي مستمرة في التصعيد وبكثافة، وباتت جبهةً قويةً مؤرِّقةً للعدو الإسرائيلي، وكذلك منكِّلةً بالعدو الإسرائيلي، وأنا أوجِّه التحية بإعزاز، وتقدير، وإكبار، وإجلال لإخوتنا المجاهدين في العراق، بيَّض الله وجوهكم، وكتب أجركم، وواصلوا ما أنتم فيه هذه العمليات المهمة بهذا المستوى من الزخم والتصعيد.
فيما يتعلَّق بجبهة يمن الإيمان والجهاد والحكمة: بلدنا يواصل عملياته وأنشطته في إطار (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس)، ونُفَّذت العمليات العسكرية في هذا الأسبوع بـ (تسعةٍ وعشرين صاروخًا بالِسْتِيّاً، وَمُجَنَّحاً، وطائرة مسيَّرة(:
- منها: ما كان باتجاه عمق وجنوب فلسطين المحتلة، في: يافا، وعسقلان، وأم الرشراش، وقاعدة جوية للعدو الإسرائيلي في صحراء النقب، وكل هذه العمليات استهدفت أهدافاً تابعةً للعدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.
- ومنها: ما كان إلى البحار، في: البحر الأحمر، والبحر العربي، والمحيط الهندي.
وأبرز العمليات البحرية، هي: استهداف حاملة الطائرات الأمريكية [إبراهام لينكولن] في البحر العربي، وهربت بعد الاستهداف لها بمئات الأميال.
طبعاً من بعد هروب حاملة الطائرات الأمريكية، التي كانت- فيما سبق- في البحر الأحمر، وهربت من البحر الأحمر، أصبح العدو يتهرَّب من البحر الأحمر، يعني: لم تأتِ منذ تلك المدة حاملة طائرات لتدخل إلى البحر الأحمر، كانت تتحرك أحياناً إمَّا من الخليج إلى بحر عمان، أو أطراف المحيط الهندي، أو في البحر العربي، بتخفٍ وتمويه، وتصل في بعض الحالات إلى مقربةٍ من بعض السواحل الأفريقية، ولكنها في حالة خوف، وتوقع للاستهداف، في أي لحظة يتم رصدها في البحر العربي؛ يتم استهدافها، ونوجِّه باستهدافها.
أول ما في هذا الأمر هو: بتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وثمرةً من ثمار التوجه الإيماني، والقرآني، والجهادي لشعبنا العزيز، يصدر قرارٌ كهذا، وفعلٌ كهذا، في كل بلدان العالم من يجرؤ على أن يتَّخذ قراراً باستهداف حاملة طائرات أمريكية، وينفِّذ بالعمل الفعلي وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة لاستهدافها، من يمتلك الجرأة على هذا؟! في بلدنا، هذا هو ثمرة للتوجه القرآني الإيماني، الثقة بالله تعالى، التوكل عليه، مستوى الاستشعار للمسؤولية في نصرة الشعب الفلسطيني، تجاه ما يحصل عليه في قطاع غزة، ونصرةً للشعب اللبناني ومجاهديه الأعزاء، وهذه مسألة مهمة جداً.
الأمريكي أحياناً يقلل من المسألة، سابقاً كان ينكر، ثم أصدر اعترافات لاحقاً فيما بعد ذلك، حتى من مسؤولين في حاملة الطائرات السابقة، التي هربت سابقاً من البحر الأحمر.
على العموم، حاملة الطائرات في البحر العربي، حيث المسافة أبعد، وفي أقصى البحر العربي، هربت لمئات الأميال بعد الاستهداف لها، وأتت هذه العملية أيضاً بالاستهداف- في نفس الوقت- لفرقاطتين أمريكيتين، سفينتين، أو بارجتين حربيتين أمريكيتين في البحر الأحمر، استُهدِف أيضاً في نفس الوقت، في وقتٍ كان يحضِّر فيه الأمريكي لتنفيذ أكبر عملية جوية عدوانية على بلدنا في تلك الليلة، منذ إعلانه للعدوان الذي يساند فيه العدو الإسرائيلي، إثر إعلان بلدنا موقفه الواضح في مساندة ونصرة الشعب الفلسطيني، ومنع الملاحة البحرية على العدو الإسرائيلي، فشلت تلك العملية التي كان يحضِّر لها الأمريكي، وفي نفس الوقت أصبح في موقف الدفاع، وهربت حاملة الطائرات لمئات الأميال إِثر تلك العملية.
وعلى العموم، طالما والوضع على ما هو عليه، والإسرائيلي مستمرٌ في عدوانه الذي يشترك معه في الأمريكي، ويسانده فيه الأمريكي على قطاع غزة، وعلى الشعب اللبناني ومجاهديه، فنحن مستمرون في عملياتنا.
الأمريكي يعتبر نفسه معنياً بالإسناد للعدو الإسرائيلي، في جرائمه، وعدوانه، وإبادته للشعب الفلسطيني، وقتله للأطفال والنساء، وتجويعه للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، ويعتبر هذا مسؤوليةً عليه. نحن نعتبر مناصرتنا للشعب الفلسطيني، ووقوفنا مع مجاهديه الأعزاء، عسكرياً، وسياسياً، وإعلامياً، وبالإنفاق في سبيل الله، وبكل ما نستطيع، مسؤوليةً إيمانيةً، دينيةً، أخلاقيةً، وكذلك واجباً… وبكل الاعتبارات، ولدينا الدافع، والحافز الكبير جداً، دماؤنا تغلي في عروقنا، نفوسنا جيَّاشة، يعبِّر أبناء شعبنا حتى في ساحات التظاهرات، عن مستوى ما نعيشه من تفاعلٍ وجدانيٍّ صادقٍ مع الشعب الفلسطيني، ونتمنى أن لو أمكن أن نفعل الكثير والكثير، ونسعى لفعل ما هو أكبر على المستوى العملي.
ولــذلك تستمر عملياتنا، حتى لو أراد الأمريكي أن يقدِّم حاملة الطائرات إلى البحر الأحمر؛ فهو سيقرِّبها أكثر لاستهدافها أكثر، إذا أراد أن يتجرأ على ذلك؛ فليجرِّب، وهذا سيتيح لنا فرصةً أن نضربها أكثر وأكثر وهي قريبةٌ مِنَّا، لكنها استهدفت إلى حيث هي؛ نظراً للدور الأمريكي في العدوان على بلدنا، والإسناد للعدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وضد بلدنا، هذا فيما يتعلَّق بهذه العملية المهمة جداً.
الأمريكي في هذا الأسبوع نفَّذ غارات على محافظات متعددة: غارات جوية عدوانية في صنعاء، وعمران، والحديدة، وصعدة، والبيضاء، وتعز، لكنها بكلها ليس لها أي تأثير على القدرات العسكرية لبلدنا، في الصاروخية، في المسيَّر، في البحرية… وفي غير ذلك.
فيما يتعلَّق ببعض الأحداث وباختصار: ما حدث في هولندا فيه درسٌ مهم، أولاً: ما حدث ابتداءً من جانب الإسرائيليين الذين كانوا هناك، هم من ابتدأوا بالاعتداءات، هم من أطلقوا الهتافات المعادية للعرب، وهي هتافات يرددونها منذ بداية توافد العصابات الصهيونية إلى فلسطين للاحتلال وإلى اليوم، ولدى الإسرائيلي هتاف وشعار معين هو: [الموت للعرب]، يطلقونه، ولا يستثنون أحداً، وهو شعار معادٍ، وهم يحملون نفس الرؤية، أن يعملوا على إماتة العرب، وعلى أن ينفِّذوا هذا الشعار، وليس هناك حساسيات حتى في داخلهم، ولا انتقادات لهذا الشعار، ولا منع لهذا الشعار، ولا سجن على ذلك الشعار، ولا قَتل على ذلك الشعار، بل يرددونه بكل راحة، ويرددونه حتى في غير فلسطين المحتلة، ها هم يرددونه في هولندا، ويتجمَّعون مع بعض من يتَّجهون توجههم الصهيوني للهتاف، أو لترديد هذا الهتاف: [الموت للعرب]، ثم يقومون بالاعتداء من أجل نزع الأعلام الفلسطينية وتمزيقها من فوق بعض المباني، يعتدون على تلك المباني، وينتهكون حرمتها، وبعد ذلك عندما حصلت ردة فعل، وهي ردة فعل مسؤولة، ردة فعل حكيمة، أخلاقية، إنسانية، من بعض الجاليات هناك، ومن بعض الهولنديين، للتصدي لما يقوم به أولئك الصهاينة وضربوهم، قامت الدنيا ولم تقعد! الإسرائيلي يصرخ من هناك: [هذا معاداة للسامية]! المسؤولون الهولنديون يتحدَّثون وكأن القيامة قامت، بكل غضب، بكل شدة، بكل قسوة، يطلقون التهديد والوعيد، يقررون الإجراءات الشديدة جداً، يعتبرون ذلك [معاداة للسامية]، ما يعمله الإسرائيلي من إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، والذي هو معاداة للإنسانية بكلها، لا يطلق عليه معاداة لشيء، هتاف [الموت للعرب] لا يعتبرونه [معاداة للسامية]! ما يفعله الإسرائيلي شيء طبيعي بنظرهم، لكن أي خطوة، أي ردة فعل من أي طرف ضد ما يفعله العدو الإسرائيلي، تُصَنَّف بأنها [معاداة للسامية]، وتُقمع، وتتخذ ضدها أقسى الإجراءات، أقسى الإجراءات! وهذا ما حصل في هولندا.
فيما يتعلَّق بالأمريكي، هو يحاول باستمرار تحريض الآخرين ضد بلدنا، ويسعى أيضاً لإعادة إنتاج العملاء من أبناء البلد في قوالب متنوعة، وحاول الأمريكي عبر بعضٍ من صغار مسؤوليه، أن يجمع بعض العملاء والخونة في عدن، ويعيد إنتاجهم، وهم بذاتهم نفس الخونة والعملاء من زمان، ويشتغلون معه من زمان، أن يعيد إنتاجهم من جديد في قالب، لكنها كلها قوالب بشعة، وسيئة، وغير مقبولة، ولا جذَّابة، وفاشلة، وساقطة، وهيِّنة، هي نفس إنتاج العمالة، قالب من قوالب قبيحة، وبشعة جداً، وخاسرة.
وفعلاً، فعلاً من ينتمي إلى الشعب اليمني، ثم يتنكَّر لهذا الشعب، في موقفه العظيم، وتوجهه القرآني المشرِّف، وموقفه الجهادي العظيم، فهو من أعظم الناس خسارة؛ لأنه أتيحت له الفرصة أن يكون في إطار هذا الشعب، في إطار هذا الموقف الذي يرفع الرؤوس الشامخة، ويبيِّض الوجوه في الدنيا والآخرة، وأن يكون حراً، فيأبى ذلك، ويتنكَّر لكل ذلك، ويختار أن يكون عبداً للأمريكيين والإسرائيليين، ولعملاء الأمريكيين والإسرائيليين، وهو الخاسر.
بالنسبة للأمريكي، مهما فعل موقفنا ثابتٌ ولن يتزحزح، ونحن نعتمد على الله تعالى، يتحرك شعبنا ببصيرة، بوعي، بشعور بمسؤولية، بقناعة تامة بموقفه.
في الأسبوع الماضي خرج شعبنا اليمني في يوم الجمعة، خروجاً عظيماً، مليونياً، كبيراً، لا مثيل له في كل الدنيا، يتحدى [ترامب] المجرم، القاتل، المتصهين، يتحدى [بايدن]، يتحدى الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية، يتحدى كل طواغيت الدنيا، خرج بصوته الذي أسمع به كل العالم، بحشوده وجماهيره المليونية، التي خرجت خروجاً من منطلقٍ إيماني، شعبٌ حرٌ، وعزيزٌ، وأَبيٌّ، يعتزُّ بعزة الإيمان؛ ولــذلك يتخذ موقفه بكل شجاعة، يحدد خياره بكل شجاعةٍ وقناعة، يتَّجه التوجه الصحيح بثبات ووفاء. وفعلاً الأحداث في فلسطين في ذروتها، المأساة كبيرةٌ جداً، والصمود عظيم، وكذلك ما يحصل في لبنان من مأساة الشعب اللبناني ومظلوميته، ومن صمود مجاهديه.
الموقف الأمريكي هو نفس الموقف، عدواني، وصهيوني بكل ما تعنيه الكلمة، وفي إطار المشروع الصهيوني، ويحاول كل رئيس أن يقدِّم أكثر، ويتباهى بأنه قدَّم أكثر لدعم الإسرائيلي، ولدعم المشروع الصهيوني نفسه؛ ولــذلك [ترامب] يقول بأنه: [اختار وزيراً للخارجية الأمريكية صديقاً عظيماً لإسرائيل]، يعني: صهيوني، يحاول كل رئيس أمريكي أن يقدِّم أكثر.
نحن في موقفنا الإيماني والجهادي سنسعى على الدوام لنقدِّم أكثر وأكثر لنصرة الشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية، والمظلومية الفلسطينية، ومواجهة المشروع الصهيوني العدائي لأمتنا كل أمتنا؛ ولــذلك نحن سنعمل في الموقف الصحيح، الإيماني، الجهادي، لفعل ما هو أكثر، وتقديم ما هو أعظم، وفعل ما هو أقوى، هذا توجهنا، من منطلق إيماننا بالله، وثقتنا بالله، وثقتنا بالموقف الذي نحن عليه، وأهمية الخيار الذي نسير عليه.
في هذا الأسبوع، وجَّه إخوتنا المجاهدون في حركة حماس نداءً لشعوب أمتنا، ولشعوب العالم، للخروج في مظاهرات مساندةً للشعب الفلسطيني، لاسيَّما ما يعانيه أبناء قطاع غزة، وبالذات في شمال قطاع غزة، من تجويع، من إبادةٍ جماعية، من إجرامٍ رهيب يرتكبه العدو الإسرائيلي الصهيوني ضدهم.
شعبنا اليمني، الذي من بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومن بداية مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بهذا المستوى، في ظل التصعيد الإسرائيلي الإجرامي، وجرائم الإبادة الجماعية، كان على الدوام حاضراً، يصغي لنداءات الشعب الفلسطيني، يصغي لنداءات قادته المجاهدين، ويصغي أيضاً لآهات وصراخ أطفال فلسطين، ونساء فلسطين، ولصرخات مجاهدي فلسطين وصيحاتهم، ولكل ما هو فلسطيني يذكِّر هذه الأمة بمسؤوليتها، يصغي بقلبه، ويسمع، ويتفاعل، ويُحِسُّ بوجدانه ومشاعره، ويستشعر مسؤوليته الإيمانية؛ ولــذلك يخرج في يوم الجمعة في مختلف المحافظات، وفي صنعاء في ميدان السبعين، يخرج خروجاً بتفاعلٍ كبيرٍ جداً، يظهر هذا التفاعل في وجوه الناس، في صرخاتهم، في هتافاتهم القوية جداً، المنطلقة من قلوبهم، وتصدح بها حناجرهم، تظهر هذه الجرأة، ويظهر هذا التفاعل الصادق والقوي في تصريحاتهم، في عباراتهم، في لقاءاتهم مع وسائل الإعلام، وما يعبِّرون به في لقاءاتهم معها؛ ولــذلك قد تتجاهل كثيرٌ من الشعوب نداء إخوتنا في حركة حماس لها، للخروج في مظاهرات، لكنَّ شعبنا لن يتجاهل، إنه يسمع النداء، وإنه يلبِّي نداء المظلومين، هو شعبٌ مظلوم، ذاق مرارة الظلم، وعانى من ظلم الظالمين، وجور الجائرين، ولكنه شعبٌ حرٌ، عزيزٌ، شهمٌ، وفيٌّ، له قيمه، وضميره حيّ.
ولذلك أدعو شعبنا العزيز أن يخرج يوم الغد- إن شاء الله- يوم الجمعة، في المظاهرات والمسيرات، خروجاً مليونياً عظيماً، يستجيب لهذا النداء من أولئك المجاهدين، ويستجيب أيضاً لصيحات وصرخات المجاهدين في فلسطين وفي لبنان، وأيضاً لبكاء الأطفال والنساء، وآهاتهم، وأوجاعهم، وجوعهم، وعطشهم، ومعاناتهم، أن يخرج- كما في كل أسبوع- خروجاً عظيماً مشرِّفاً، مرضاةً لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وجهاداً في سبيله، ونصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم.
وَنَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعبِين الفِلَسْطِينِيّ وَاللُبْنَانِيّ، وَلِمُجَاهِدِيهِمَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛