نص خطاب رئيس الجمهورية المشير الركن مهدي المشاط بمناسبة العيد الوطني الـ32 للوَحدة اليمنية
دعا فخامةُ المشير الركن مهدي المشاط -رئيس المجلس السياسي الأعلى- العلماءَ والمثقفين والكتاب والإعلاميين على إبرازِ معاني الوَحدة كمتطلب من متطلبات عزة اليمن ودوره ومكانته ومستقبل أجياله، وما يرتبط بها من دلالات نبيلة.
وعبّر الرئيسُ المشاط في خطابه، مساء أمس، بمناسبة العيد الـ 32 للوَحدة اليمنية، عن أحر التهاني والتبريكات بهذه المناسبة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وأبناء الشعب اليمني وأبطال القوات المسلحة والأمن وكافة منتسبي أجهزة ومؤسّسات الدولة.
وقال: “إن احتفاءَنا بالذكرى الثانية والثلاثين لقِيامِ الوَحدة اليمنية وابتهاجنا الدائم والمتكرّر باليمن الواحد والموحد لا يعني أن بلادَنا تعيش أوضاعًا مثالية، ولا يلغي أبداً الحقائق القاسية والصعوبات الكبيرة والأطماع الخارجية الماثلة على الأرض والتي صنعتها وراكمتها آفة التبعية والارتهان على مدى عقود، ولكنه يعني بالتأكيد أن كُـلّ مؤامرات الخارج المعتدي التي تستهدف اليمن الواحد وترمي إلى تجزئته وتفتيته ستظل تبوء بالفشل”.
وَأَضَـافَ “مع كُـلّ ذلك فَـإنَّ الخارجَ وأدواته ينسَون دائماً بأن الوَحدة شأنُها شأنُ بقية الثوابت لم تكن يوماً من صنع أشخاص أَو أحزاب، وإنما كانت وستبقى صناعة شعب يستعصي على الانكسار واستحقاق وطن لا يقبل التجزئة ولذلك قد تجدون في حقب مختلفة من التاريخ صراعات مريرة بين أحزاب وأشخاص وجماعات، لكن الشعب اليمني كان في مختلف الأحوال يستمر واحداً وموحداً في وجدانه ومشاعره”.
وأكّـد الثقةَ المطلقةَ بفشل كُـلّ رهانات أعداء اليمن، إلا أن كُـلّ المؤشرات تقول بأن المعركةَ ما تزال طويلةً، فالخارج المعتدي ممثلاً في دول العدوان على رأسها أمريكا وبريطانيا ومعها المجتمع الدولي الداعم والمنحاز ضد اليمن، جميعُهم ما زالوا يتأبطون الشرَّ ضد اليمن.
كما أكّـد الرئيسُ المشاط، الحرصَ على السلام الحقيقي والدائم الذي يرتكز على المطالب الأَسَاسية العامة والمتمثلة في الإنهاء الكلي للعدوان والحصار والاحتلال وإعادة الأعمار ومعالجة كافة آثار وتداعيات الحرب العدوانية.
وقال: “نرحِّبُ بكل الجهود الخيّرة التي تصُبُّ في هذا الاتّجاه، وندرك أن عملية السلام تحتاج إلى تدرج ومسارات عمل متعددة، ونعيد كُـلّ أسباب إطالة أمد الحرب إلى تصورات تحالف العدوان الخاطئة وإلى الموقف الدولي المنحاز لدول العدوان والذي يندرج بشكل أَو بآخر ضمن أسباب إطالة أمد الحرب”.
وأعرب عن الأسفِ البالغ إزاء التعاطي الصادم والمخيِّب للآمال الذي انتهجه تحالف العدوان مع الالتزامات التي نصت عليها بنود الهُدنة، وإهداره معظم فترتها الزمنية التي أوشكت على الانتهاء من دون إبداء المستوى المطلوب من احترام الالتزامات.
وتطرق الرئيسُ المشاط في خطابه إلى الخروقات منذ دخول الهُدنة حيز النفاذ إلى منتصف ليل أمس، والتي بلغت بالآلاف.. وقال: “وفي كُـلّ الأحوال نستطيعُ القولَ بأن الهُدنة لم تكن مشجِّعةً بما يكفي وَإذَا كان هنالك من فضل في صمود الهُدنة فهو إنما يعودُ فقط للمستوى العالي من الصبر وضبط النفس الذي تحلت به صنعاء طوال فترة الهُدنة”.
وأضاف: “وفي هذا السياق نؤكّـدُ أننا لسنا ضد تمديدِ الهُدنة، ولكن ما ليس ممكناً هو القبولُ بأية هُدنة تستمر فيها معاناة شعبنا، وهو ما يجعلُني أدعو إلى تعاون حقيقي ومشجع يفضي إلى تحسين المزايا الإنسانية والاقتصادية في أية تهدئة قادمة، ومناقشة المزيد من الحلول الإنسانية والاقتصادية كأولوية صارمة تستدعيها ضرورة التخفيف من معاناة الشعب اليمني المحاصر، الأمر الذي سيعكس إيجابياً على مجمل عملية السلام في اليمن”.
بمناسبة الذِّكرى الثانية والثلاثين لقيام الوَحدة اليمنية المباركة، أتقدم باسمي ونيابة عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى بخالص التهاني والتبريكات إلى شعبنا اليمني العزيز وإلى قائد ثورته السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله-، كما أبارِكُ لأبطالنا في القوات المسلحة والأمن وكافة منتسبي أجهزة ومؤسّسات الدولة والمجتمع الكريم وكل الشرفاء من أبناء وبنات اليمن في الداخل والخارج.
أَيُّهَا الإخْوَةُ وَالأَخَوَات:
إنَّ احتفاءَنا بالذكرى الثانية والثلاثين لقيام الوَحدة اليمنية وابتهاجَنا الدائمَ والمتكرِّرَ باليمن الواحد والموحد لا يعني أن بلادَنا تعيشُ أوضاعًا مِثاليةً، ولا يلغي أبداً الحقائقَ القاسيةَ والصعوباتِ الكبيرةَ والأطماع الخارجية الماثلة على الأرض والتي صنعتها وراكمتها آفة التبعية والارتهان على مدى عقود، ولكنه يعني بالتأكيد أن كُـلّ مؤامرات الخارج المعتدي التي تستهدف اليمن الواحد وترمي إلى تجزئته وتفتيته ستظلُّ تبوءُ بالفشل، طالما وفي اليمن رجال تأبى الضيمَ، وشعب كريم يثق بالله ويستعين به ويتوكل عليه، ويملأ الأرض دويًّا وتوثُّبًا في سبيلِ عزته وكرامته في إطار من ثورته التي تتعاظم عزمًا وإصراراً على تحرير الأرض وتحقيق السيادة والاستقلال، وهذا لا شك هو المعنى الذي يجبُ أن يستقرَّ في ضمير وموقف كُـلّ يمني ويمنية، وهو نفسه المعنى الذي يجب أن نعطي لهذه الذكرى مهمة تجديده في نفوسِنا ومنحه الفاعليةَ المطلوبة في واقعنا.
أَيُّهَا الشعبُ اليمني العزيز:
لقد تعرضت وَحدةُ البلاد منذ شهورها الأولى للكثير من المؤامرات التي ظهرت على إثرها الكثير من الأعراض المَرضية، واستفحلت هذه الأعراضُ أكثرَ وأكثرَ في حرب صيف العام 94م الخاطئة والظالمة، وما نجم عنها آنذاك أَيْـضاً من الإعلان الظالم والخاطئ للانفصال، وهي كلها لا شك أخطاءٌ وخطايا صنعها الخارجُ بالتواطؤ مع أدواته الفاسدة والعميلة في الداخل.
واليومَ يستفحلُ خطر الخارج المعتدي على نحو أكبر، وذلك من خلال تدخلاته العدوانية السافرة وقيادته المباشرة والعلنية لتلك الأدوات الفاسدة نفسها، ضمن مخطّطات وأهداف عدائية لم تعد غامضةً أَو خافيةً على أحد، وهي في مجملها تتوخَّى في البداية العملَ على وأد مشروع السيادة والاستقلال الذي حملت لواءَه ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر، وُصُـولاً إلى استئنافِ سياسة الهيمنة والحديقة الخلفية، ومواصلة حرمان اليمن من أي مشروع حقيقي لبناء دولتِه المغيَّبة، مع استكمال ما كانوا قد بدأوه في البواكير الأولى لوَحدة شعبنا وبلدنا من سياسات التمزيق والتفتيت بمختلف الأساليب والعناوين والممارسات الممنهجة التي ضربت التنوُّعَ الإيجابي في الرأي والفكرة، وفرَّخت التعدد السلبي في الأُطُرِ والانتماءات الضيِّقة على حِسابِ الانتماء الواحد للهُــوِيَّة اليمنية الواحدة وعلى حساب الأُطُرِ الواسعة والجامِعة.
أَيُّهَا الإخْوَةُ وَالأَخَوَات:
ومع كُـلِّ ذلك، فَـإنَّ الخارجَ وأدواتِه ينسَون دائماً بأن الوَحدةَ شأنُها شأنُ بقية الثوابت لم تكُنْ يوماً من صُنعِ أشخاصٍ أَو أحزاب، وإنما كانت وستبقى صناعةَ شعب يستعصي على الانكسارِ واستحقاق وطن لا يقبل التجزئة؛ ولذلك قد تجدون في حِقَبٍ مختلفة من التاريخ صراعات مريرة بين أحزاب وأشخاص وجماعات، لكن الشعب اليمني كان في مختلف الأحوال يستمر واحداً وموحَّداً في وجدانه ومشاعره، وفي أحلامه وآماله، وهذا أمرٌ يمكن رصده فعلاً سواء قبل 22 مايو أَو بعده، وفيما كانت الصراعات والحروب تأتي وتزول، كان الشعب على الدوام جاهزاً لإعادة إنتاج وحدته وكأن شيئاً لم يكن.
أَيُّهَا الإخْوَةُ وَالأَخَوَات:
وفي الوقت الذي نؤكّـدُ فيه ثقتَنا المطلقةَ بفشل كُـلّ رهانات أعداء اليمن، إلا أن كُـلَّ المؤشرات تقول بأن المعركةَ ما تزالُ طويلة، فالخارجُ المعتدي ممثلاً في دول العدوان على رأسها أمريكا وبريطانيا، ومعها المجتمعُ الدولي الداعمُ والمنحاز ضد اليمن، جميعُهم ما زالوا يتأبَّطون الشَّرَّ ضد بلادنا ويظهرون تصميمًا واضحًا على كسر إرادَة اليمن وإذلال شعبه، ولا أَدل على ذلك من إقدامهم السخيف على تشكيل ما نسمِّيه نحن بمجلس العار، وقد تعمَّدوا أن يفعلوا ذلك خارج الإرادَة اليمنية، وفي عواصم تقتل وتحاصر الشعب اليمني، في استخفاف باليمن بلغ المدى، وكأن اليمنَ بلدٌ سائبةٌ ليس فيها رجال ولا جيش ولا لجان، وكأنها بلدٌ ليس فيها حاشدٌ وبكيلٌ ومذحج والزرانيق وكِندة وقُضاعة وفروعها من قبائلها الكرام المطاعين بالقناِ.
نعم كأنه لا يسكُنُ هذه البلاد ما يقارب الثلاثين مليونَ يمني وتاريخٌ مجيدٌ وشعبٌ عزيز آووا ونصروا الأنبياء وقادوا الفتوحاتِ وعبرت خيولُهم ما وراء البحار، ووالله لو كان في أُولئك المرتزِقة بقايا من كرامةٍ أَو انتماء لليمن ما قبلوا ذلك لما في الأمر من إهانة بالغة لبلدنا، ولكنه الانحطاطُ من كُـلّ قيمنا اليمنية الأصيلة، ولا غرابةَ فاليمن لا تحضُرُ في حساباتهم إلا كسلعة للبيع والشراء، وأما المجتمعُ الدولي فيكفيه خزياً أنه سارعَ لدعمهم وهم الأدوات التي نبذها وقذفها الشعب كبضاعة خارجية رديئة ملؤها الفساد المزكم والإرهاب المنظم، ويكفي أن أعضاءَ هذا المجلس متورطون في خيانة البلد وشرعنة العدوان عليه من يومه الأول، فموقفه لا فريق بينه وبين موقف الخائن المخدوع هادي كذلك في جرائم حرب وأعمال إرهابية يندى لها جبين الإنسانية، وجرائم واختطاف وتصفية العديد من الأسرى في أحداث ومحطات مختلفة، بدءاً بحرب صيف 94م ومُرورًا بحروب صعدة الست، وانتهاء بالحرب العدوانية القائمة، وتورطهم في تزويد دول العدوان بإحداثيات راح ضحيتها عشرات الآلاف من النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء، ناهيك عن علاقاتهم المعروفة بالقاعدة ومتطرفي الإخوان، ومشاركتهم المباشرة في نشر الجريمة والدمار في كُـلّ أرجاء البلاد.
فشعبُنا لن تنطليَ عليه الخُدعةُ وهو يعرِفُ أنْ لا جديد سوى تغيير الوجوه، إن التاريخَ لن يغفرَ للمجتمع الدولي انحيازَه لهؤلاء الفاسدين والإرهابيين على حساب شعب كريم يناضل؛ مِن أجلِ السلام ومن أجل حريته وكرامته وسيادة واستقلال بلده العزيز والكبير.
ولذلك كله فَـإنَّ مسؤوليتَنا ما تزالُ كبيرةً وجسيمةً، ويكادُ الواجبُ الجهادي والوطني أن يكون فرضَ عين على كُـلّ يمني ويمنية، حتى يكُفَّ المعتدون آذاهم عن بلدنا، ويدركوا أن اليمنَ بلدٌ عزيزٌ لم يخطئ بحق أحد، ولم يبدأِ الاعتداءَ على أحد، ولا يستحق كُـلّ هذه الإساءَات والممارسات الخاطئة من أي أحد، وفي هذا السياق أنصحُ كُـلَّ أصحاب القرار في دول العدوان بكف الأذى والمسارعة إلى إنهاء العدوان والحِصارِ والاحتلال، وفوق هذا النصح استعداد صادق لمساعدتهم على ذلك.
أَيُّهَا الإخْوَةُ وَالأَخَوَات:
إنَّ كُـلَّ السنين الماضية بكل ما حفلت به من معطياتٍ وأحداثٍ ومتغيرات قد أثبت -وبما لا يدعُ مجالاً للشك- سلامةَ الموقف الوطني المناهض للعدوان وحصافة مكوناته الشريفة وصوابية ما يتكئون عليه من رُؤًى سديدةٍ واختياراتٍ وخيارات موفَّقةٍ أنتجت كُـلّ هذه المواقف المشرِّفة والراسخة والمبدئية، وما كان ذلك ليكون لولا توفيق الله ثم الانحياز المطلق للشعب والأرض والتمسك منذ اللحظة الأولى بالقرار السياسي الحر والمستقل.
ولقد اخترنا هذا الطريقَ؛ باعتبَاره الخيارَ الوحيدَ والمتاحَ لحفظ ما يمكن حفظُه من احترام الذات، وصون ما يمكن صونه من حقوق ومصالح الشعب في أمنه وعزته وكرامته وسيادته واستقلاله، وها هو الواقعُ يشهدُ كُـلَّ يوم بهذه الحقيقة الناصعة، ويؤكّـدُ لكل ذي عينين بأن من رهن نفسَه أَو يحاول أن يرهن نفسَه للخارج إنما هو في الواقع يحكم على نفسه بالتيه والضياع، ويتحول إلى مِعوَلِ هدم وإلى حالة خطرة على نفسه وعلى كُـلّ شيء جميل في ربوع هذا الوطن الواحد الموحّد.
ولنا في نموذج قوي العمالة والارتزاق مثالٌ حي، وشاهد ناطق على صحة ومنطقية ما نقوله ونفعله منذ سبعة أعوام، ولعل ما يجري اليوم في المناطق المحتلّة هو إثبات جديد لهذه الحقيقة وتأكيد إضافي على قبح مشاريع الارتهان والتبعية مثلما هو دليل أَيْـضاً على عظمة مشروع التحرّر والاستقلال.
إن مشروع التصدي للعدوان الخارجي والتحرّر من كُـلّ صيغ الهيمنة والوصاية هو اليوم الملاذ الآمن والحاضن الوطني الوحيد، الذي يمكن الاعتماد عليه في بناء المصالح العليا للشعب، وفي حماية القضايا الوطنية الكبرى وفي مقدّمتها بناء الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار، والسيادة والاستقلال، وصون الجمهورية والحفاظ على وَحدة وسلامة الأرض والشعب وهو المعول عليه في تصحيح كُـلّ المسارات والعناوين التي انحرفت بها المشاريع الصغيرة، ومن يقول بغير ذلك فهو إنما يمارسُ حالةً مزريةً من حالات الغِشِّ والخداع لم يسر معه أَو يدور في فلكه.
وفي الختام، أوجز بعضَ الرسائل في نقاط سريعة ومختصرة:
أولاً: أُجَدِّدُ التهانيَ والتبريكاتِ بهذه الذكرى الخالدة، وأحُثُّ كُـلَّ العلماء والمثقفين والكُتَّاب والإعلاميين على إبراز معاني الوَحدة كمتطلب من متطلبات عزة اليمن ودوره ومكانته ومستقبل أجياله، وما يرتبط بها من دلالات نبيلة، وما تستدعيه من قيم الإخاء والتسامح والتعايش والتصالح ونبذ كُـلّ أسباب الفرقة والكراهية من تبعية أَو حزبية أَو مذهبية أَو طائفية أَو مناطقية أَو عنصرية، وترسيخ ثقافة التعاون والتكامل والتحَرّك الدائم في إطار المشاركات الواسعة والجامعة.
ثانياً: أحيي كُـلَّ الجهود المباركة التي يبذُلُها مسؤولونا وشبابنا وقياداتنا الميدانية في جميع مؤسّسات الدولة، وكل الرجال المخلصين في جميع ميادين العمل، وفي مختلف المجالات أمنيًّا وعسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وإعلامياً واجتماعياً وثقافيًّا وتربوياً، وفي هذا السياق أباركُ وأهنئ كَثيراً على الإقبال المشرِّف على المراكز الصيفية وعلى دور ووعي المجتمع والآباء الكرام، كما أحيي المعلمين وأقفُ أمامَهم بإجلال كبير كمناراتِ هُدًى وتُقًى، ومشاعلَ تضيءُ النفوسَ بنور العلم والمعرفة، وأشكر كُـلّ جهود الرعاية وبرامج التأهيل الراقية والمثمرة، والتي تبعث على الفخر والاعتزاز، وأحث الجميعَ على مضاعفة الجهود وإحياء خصائص الصبر والتكافُل والتراحم، واستشعار المسؤولية تجاه المرابطين وأسرهم، وتجاه أسر الشهداء وأسرانا وجرحانا الأعزاء وأسرهم، ومواصلة العمل بشكل دؤوب ومُستمرّ على تعزيز الجبهة الداخلية والارتقاء بالوعي المجتمعي العام بطبيعة المرحلة ومتطلباتها.
ثالثاً: نؤكّـدُ حرصَنا على السلام الحقيقي والدائم الذي يرتكز على المطالب الأَسَاسية العامة والمتمثلة في الإنهاء الكلي للعدوان والحصار والاحتلال وإعادة الإعمار ومعالجة كافة آثار وتداعيات الحرب العدوانية، ونرحِّبُ بكل الجهود الخيِّرة التي تَصُبُّ في هذا الاتّجاه، وندركُ أن عمليةَ السلام تحتاجُ إلى تدرج ومسارات عمل متعددة، ونعيدُ كُـلَّ أسباب إطالة أمد الحربِ إلى تصورات تحالف العدوان الخاطئة وإلى الموقف الدولي المنحاز لدول العدوان، والذي يندرجُ بشكل أَو بآخر ضمنَ أسباب إطالة أمد الحرب ونعرب عن أسفنا البالغ إزاء التعاطي الصادم والمخيّب للآمال الذي انتهجه تحالف العدوان مع الالتزامات التي نصَّت عليها بنودُ الهُدنة، وإهدارِه معظمَ فترتها الزمنية التي أوشكت على الانتهاء من دون إبداء المستوى المطلوب من احترام الالتزامات.
فقد بلغ إجمالي الخروقات، منذ دخول الهُدنة حيِّزَ النفاذ إلى منتصف ليلِ أمس، بالآلاف بينها أكثر من 35 زحفًا عسكريًّا، وحوالي سبعة آلاف عملية تمشيطٍ بالعيارات النارية، بالإضافة إلى حوالي 400 عملية استحداثات وتحصينات على الأرض، وأكثر من ألفي عملية ضرب صاروخي ومدفعي، بينها ثلاث عشرة غارة جوية، وهذه فقط نماذج على سبيل المثال لا الحصر، ناهيك عن إعاقة تسيير الرحلات إلى وجهاتها المحدّدة باستثناء رحلتين فقط من أصل حوالي عشرين رحلة متفَق عليها، وعرقلة السفن وعدم الإفراج عنها بطريقة سلسلة تضمن الحد الأدنى من استقرار الكميات النفطية، الأمر الذي لم يلمسْ معه المواطن فارقاً محرَزاً بين الهُدنة وعدم الهُدنة، وفي كُـلّ الأحوال نستطيع القول بأن الهُدنةَ لم تكن مشجعة بما يكفي، وَإذَا كان هنالك من فضلٍ في صمود الهُدنة فهو إنما يعود فقط للمستوى العالي من الصبر وضبط النفس الذي تحلت به صنعاءُ طوالَ فترة الهُدنة، وفي هذا السياق نؤكّـد أننا لسنا ضد تمديد الهُدنة، ولكن ما ليس ممكناً هو القبولُ بأية هُدنة تستمرُّ فيها معاناة شعبنا، وهو ما يجعلُني أدعو إلى تعاوُنٍ حقيقي ومشجِّعٍ يُفضِي إلى تحسين المزايا الإنسانية والاقتصادية في أية تهدئة قادمة، ومناقشة المزيد من الحُلُولِ الإنسانية والاقتصادية كأولويةٍ صارمةٍ تستدعيها ضرورةُ التخفيفِ من معاناة الشعب اليمني المحاصر، الأمرُ الذي سيعكسُ إيجابياً على مجمل عمليةِ السلام في اليمن.
تحيا الجمهوريةُ اليمنية ـ المجدُ والخلودُ للشهداء ـ الشفاءُ للجرحى ـ الحريةُ للأسرى ـ النصرُ لليمن.