نص المحاضرة الرمضانية السادسة والعشرون للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 28 رمضان 1444 هجرية
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛؛؛
يعتبر الهم المعيشي، وَهَمُّ توفير متطلبات الحياة، وفي مقدمتها الغذاء، والقوت الضروري، والاحتياجات الأساسية للحياة، هو الهمُّ الأول، الضاغط والمؤثر على أغلب الناس، على المستوى النفسي، في اهتمامهم، وكذلك في تفكيرهم، وأيضًا في أعمالهم، واهتماماتهم، وتوجهاتهم، وهذا شيءٌ فطريٌ، وطبيعي، والمهم أن يبقى متوازنًا، فلا يطغى على الإنسان، حتى يدفعه إلى أن يخرج عن خط الاستقامة، وأن يتصرف بطريقة خاطئة.
مع صعوبة الظروف، والمعاناة في حياة الناس، وفي معيشتهم، يزداد هذا الهم، ويزداد ضغطه وتأثيره على الناس؛ ولذلك يحتاج الإنسان إلى أن يتعامل مع هذا الهم: بوعيٍ، ورشدٍ، وبصيرةٍ، وإيمان، وثقةٍ بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن يلتزم بالتقوى في اهتماماته ونشاطه العملي، وإلَّا فتأثير هذا الهم خطيرٌ على الإنسان.
ففي حالة الجزع واليأس، يترك أثرًا خطيرًا على الإنسان في تصرفاته، وحتى في علاقته بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي أعمال الإنسان، والكثير من الناس يتصرف بطريقة متهورة، أو يؤثر عليه الغم، والحزن الشديد، واليأس الكبير، على المستوى النفسي، وقد يصل الحال ببعض الناس إلى مستوى المرض النفسي، أو التهور بجرائم وتصرفات خطيرة على الإنسان.
وكذلك أيضًا في حالة الطمع، الأمر خطيرٌ جدًا على الانسان، إذا اتجه توجهًا ماديًا بطمعٍ كبير، وأثَّر عليه الهم المعيشي، وتحوَّل إلى أطماع كبيرة، وطموحات كبيرة، فيتجه البعض من الناس إلى الاتِّجار في المحرمات:
-
يتجه البعض- مثلًا- إلى الاهتمام بالتجارة في المخدرات والعياذ بالله، وتورط الكثير من الناس في ذلك؛ نتيجةً للإغراء المادي، مع طمعهم وجشعهم، وما يرونه من عائد مادي، اتجهوا وتورطوا في ذلك بكل ما يترتب عليه، من إثم، وذنب، ووزر كبير، ونتائج خطيرة في واقع الحياة، وتبعات عظيمة، يتحملون آثامها عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، إضافةً إلى ما يمكن أن يحصل لهم في عاجل الدنيا قبل آجل الآخرة.
-
البعض من الناس يتجه إلى بيع الدين، مقابل الحصول على الدنيا، ويتورط في جرائم رهيبة في هذا الاتجاه، كما هو حال الكثير من الناس، الذين وقفوا في صف العدوان، وقاتلوا ضد شعبهم المظلوم، قاتلوا لتمكين المعتدي من السيطرة على بلدهم وشعبهم، قتلوا، وارتكبوا الجرائم، والموبقات، والآثام؛ من أجل الحصول على المال.
-
البعض أيضًا يتَّجر في المضار، التي تفتك بالناس في صحتهم، وقد تقتل الناس:
-
مثلما هو حال من يتاجر في المبيدات الضارة جدًا بصحة الناس، التي تسبب للناس مرض السرطان، أو الفيروس (فيروس الكبد)، أو أيًّا من الأمراض القاتلة، التي تقتل الناس، فنتيجةً للكسب المادي، والإغراء المادي، لا يبالي لا يبالي بما ينتج عن بيعه وشرائه، من الحاق ضررٍ كبيرٍ بالكثير من الناس، على مستوى المتاجرة في ذلك، وعلى مستوى الاستخدام لذلك.
-
أيضًا الكثير من المزارعين– مثلًا- قد يتجه إلى استخدام تلك المبيدات؛ بهدف الحصول على المال؛ لأنه يريد أن يُنتِج من محاصيله الزراعية، أو يريد أن يسارع القات في البزغة، وأن يجني من وراء ذلك المال، فلا يبالي بما ترتب على ذلك، من إلحاق ضررٍ كبيرٍ بحياة الناس، بصحتهم، وما يترافق مع ذلك، من ضائقة مالية، من كُلَف مالية في العلاج، في الرعاية الطبية، وغير ذلك.
هذا نتيجةً لماذا؟ نتيجةً للطمع، الذي يعاني منه البعض.
-
البعض– مثلًا- يجعل كل تجارته، ويعتمد في نشاطه التجاري على الدخان، البيع والشراء في الدخان، وهو يعرف مدى الضرر البالغ، الذي تُلحقه تلك السلعة بصحة الناس وحياتهم، وهكذا، لكنه الطمع.
الطمع إذا تحرك في الإنسان، أثَّر على الإنسان، وكم هي التصرفات الناتجة عن الطمع! تحدثنا في محاضرتين عن هذا الموضوع كعناوين، ولبعض العناوين فقط.
فحالة الجزع، واليأس خطيرة على الإنسان، في الهم المعيشي، وحالة الطمع خطيرةٌ كذلك.
حالة الجزع واليأس، وصلت بهم في الجاهلية الأولى إلى أن يقتلوا أبناءهم، من الفقر؛ ولهذا منع الله ذلك، حذَّر منه، وحرَّمه، وعندما جاء الإسلام منعه بشكلٍ تام، منع حالة القتل للأبناء، كانوا يقتلون أبناءهم، فأتى قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: من الآية151]، فكانوا يقتلون أولادهم، والبعض يقتلونهم خشيةً عليهم من الفقر عندما يكبرون، فيأتي قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}[الإسراء: من الآية31]، يتبين لنا خطورة الجزع من الهم المعيشي، والضغط النفسي، من مشكلة الفقر والبؤس.
-
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قدَّم معالجة كبيرة لهذه المسألة:
-
أولًا: قدَّم الضمانات لعباده:
مِن أسمائه الحسنى أنه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الرزاق، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: من الآية 58]، ومثلما ذكرنا في تحريمه لقتل الأولاد خشية الفقر، أو بضغط الفقر، نهى، وقال في الآية الأولى: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، وفي الآية الأخرى: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}[الإسرى: من الآية 31]، لا تقلقوا على مستقبلهم، الله هو الرزاق، وهو الذي تكفَّل برزق عباده، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: من الآية 6]، يقدِّم الضمانات المطمئنة لعباده.
-
وأيضًا رسم الطريق لعباده، في الأخذ بأسباب الرزق، والكسب الحلال:
الذي ليس فيه إثم، ولا عليه تبعات خطيرة على الإنسان، ويعطي الله مع ذلك الخير والبركة، ويهيئ للناس الوسائل السليمة والصحيحة لاكتساب معايشهم، والله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أنعم على عباده بأصول النِعَم وفروعها.
-
نِعَم (أصول)، يتفرع عنها الكثير من الأرزاق والمنافع.
-
وفروع تلك النعم.
الله هو المنعم بكلها، بأصول النعم، وبفروعها؛ ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ}[طه: من الآية 132]، الله هو الرزاق، الله هو الذي يرزق، هو الذي يعطي.
والقرآن الكريم في مقدمة ما عالجه بهذه الطمأنة، بهذه الضمانات: عالج الحالة النفسية لدى الانسان، هاجس وضغط القلق النفسي لدى الإنسان: [كيف سيدبر معيشته؟ من أين يحصل على رزقه؟ كيف سيوفر لنفسه المعيش؟]، هذا الضغط الذي يؤثِّر على الكثير من الناس، يُفسدهم، يدفع بهم إلى الحرام، يدفع بهم إلى ارتكاب الجرائم، قدَّم القرآن الكريم له معالجةً مهمةً، على المستوى النفسي؛ ولذلك يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: 2-3]، ويقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}[الطلاق: من الآية 7].
فالثقة بالله، والأمل في الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتزام التقوى في الأخذ بأسباب الرزق، وفي الكسب الحلال، هو وسيلةٌ للخير، وطمأنةٌ للنفس، وسكينةٌ للنفس.
-
إضافةً إلى الجانب التربوي (مع الطمأنة النفسية، الجانب التربوي):
-
الإسلام يربينا على القناعة، ويعالج عندنا مشكلة الطمع، وحتى لا يطغى علينا التوجُّه المادي، فيصبح هو كل همِّنا في هذه الحياة، وكل تركيزنا، وكل تفكيرنا، منصبٌّ نحوه، يعالج فينا هذه المشكلة، ويربينا على القناعة: القناعة بقسمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، القناعة بالرزق الحلال، القناعة بما تيسر، التركيز بالدرجة الأولى- في الواقع المعيشي، والشخصي- على الضروري، وعلى ما تيسَّر.
-
وأيضًا مع التربية على القناعة، يعلمنا الرشد في التصرف، والاقتصاد، وهذا مهم جدًا، ويحرِّم علينا التبذير، ويحرِّم علينا الإسراف، ويعلمنا أن نتصرف في نفقاتنا بالطريقة الصحيحة: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَـمْ يُسْرِفُوا وَلَـمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: الآية67]، وهذا يوفر الكثير؛ لأنه من أخطر الأشياء على الناس: التبذير، والإسراف، والعبث، والإهمال، والهدر، الذي يضيّع عليهم الكثير الكثير. والتفاصيل عن هذا الموضوع كثيرة، لا يتسع الوقت للحديث عنها.
-
وأيضًا في التربية الإيمانية والقرآنية، يربينا القرآن على أن تبقى طموحاتنا المادية الكبيرة، متجهةً نحو رضوان الله والجنة، نحو معيشتنا في الحياة الأبدية، التي خيرها خالص، وعلى أرقى مستوى، نبقى- دائمًا- في تطلعنا، في آمالنا، في رغباتنا الكبيرة، في طموحاتنا الضخمة- على المستوى المادي- نركز على الجنة، وما أعده الله في الجنة، حيث الحياة الدائمة؛ لأن هذه حياة مؤقتة، محدودة، ستنتهي، لا ينبغي أن نخسر الحياة السعيدة، الأبدية، الراقية جدًا، مقابل حياة محدودة للغاية، مؤقتة جدًا، هي سنوات تنتهي، ثم نرحل إلى عالم الآخرة.
كل هذا يساعد الإنسان، على أن ينطلق من واقعٍ نفسيٍ متوازن، وليس بحالة ضغط نفسي شديد، لا ضغط الجزع، ولا ضغط الطمع، هذا يساعد الإنسان على أن يتحرك للأخذ بأسباب الرزق، والكسب الحلال، والاهتمام بالأمور المعيشية بتوازن، وفي إطار التقوى، في إطار التزام تقوى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتجنب الحرام، الحذر من الحرام، مع الوعي بمسألة البسط والتقدير، أن الله: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ}، فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يختار للإنسان ما هو الخير له، وقد تتغير أيضًا أحوال الإنسان:
-
قد يكتب الله لك- مثلًا- في مراحل من حياتك، الاختبار بتقدير الرزق، ثم يوسِّع عليك في مراحل أخرى، قد يكون نجاحك في الاختبار بتقدير الرزق، قد يكون مساعدًا لك على أن يوسع الله لك فيما بقي؛ لأنك نجحت في تلك المرحلة، نجحت في مرحلة التقدير، فأتى الاختبار لك بالبسط.
-
وقد- أيضًا- يُختبَر الإنسانُ بالبسط، فلا ينجح- بالبسط في رزقه- فلا ينجح في هذا الاختبار، وقد يتغير حاله نحو التقدير في مراحل أخرى من حياته.
لكن علينا الوعي أيضًا، بأن هناك أيضًا في مستوى البسط والتقدير مستوى معين، قد يكون واقع الإنسان أحيانًا، في مستوى بؤسه، وظروفه، دون ذلك المستوى؛ لعاملٍ من عاملين، أو لكلا العاملين:
-
الأول: هو ظلم الظالمين، ونهبهم لثروات الناس، ومحاربتهم للناس في معيشتهم:
فقد يكونون سببًا لمستوى البؤس، ومستوى الفقر، الذي يعاني منه الكثير من الناس، بمعنى: أن الناس لو سلموا من ظلمهم، لكان وضعهم أفضل بكثير، لما كانت حالة البؤس إلى ذلك المستوى، لكن ليس معنى ذلك أنْ يتحول كل الناس إلى أغنياء وتجار، تبقى مسألة البسط والتقدير ضمن حكمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في تكامل الناس في هذه الحياة، في تكامل حياتهم؛ لتبقى حركة حياتهم نشطة في الأخذ بأسباب الرزق، لو تحولوا كلهم إلى أغنياء، لما بقي هناك اهتمام بأكثر الأعمال، لما بقي من يعمل فيها، لكن حكمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
-
والعامل الثاني هو مسألة الأخذ بأسباب الرزق، والعمل برشد، ووعي، وأخذ بالأسباب (أسباب النجاح):
وهذا أيضًا له دور كبير جدًا، فالإنسان إذا كان مهملًا، عاطلًا، لا يعمل، لا يريد أن يعمل، لا يريد أن يتحرك، سيتضرر أكثر بالتأكيد، سيكون هناك فارق بين أن تعمل، أو لا تعمل، في مسألة كسب الرزق الحلال.
وأيضًا طريقة العمل، ومجالات العمل، لها علاقة في مستوى بؤس الإنسان، ومستوى معاناته؛ ولذلك يأخذ الإنسان بالأسباب، مع الوعي، والرشد، والعمل الجاد، ومعرفة مجالات العمل، وغير ذلك.
-
ثم عندما نتحرك في مسيرة الحياة، وواقع الحياة، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أنعم علينا بأصول النعم وفروعها:
-
في مقدمة أصول النعم، التي هي نعمة عظيمة يتفرع عنها الكثير جدًا من النعم: هي الأرض، الأرض الصالحة للزراعة:
عندما نتعامل معها، ونستثمرها، ونستفيد منها، مع الشكر لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” على هذه النعمة، نستفيد الكثير، ويتغير واقعنا، فهذه النعمة من أصول النعم العظيمة، ومنتوجها من المحاصيل الزراعية المتنوعة جدًا، هي- بالنسبة لنا- في هذه الحياة وفي معيشتنا:
-
غذاء نحتاج إليه.
-
وثروة مادية ضخمة.
-
وتجارة- أيضًا- يتحرك الناس فيها.
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في كتابه الكريم: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}[الرحمن: 10-12]، أنواع الحبوب، والعصف: تستفيد منه الحيوانات، الأنعام التي يستفيد منها الإنسان أيضًا، والحب يستفيد منه الإنسان، {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}، الأشجار ذات الروائح العطرة الزكية، {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن: الآية16]، ويقول “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[إبراهيم: من الآية 32] ، وكم في القرآن الكريم من آيات بشأن ذلك.
فمن نعم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الكبيرة على البشر، ومن أهم مصادر الرزق، والغذاء، والقوت الضروري: هي الأرض الصالحة للزراعة، ومنتوجها الوفير، والمتنوع تنوعًا واسعًا من المحاصيل الزراعية، التي يحتاجها الناس في حياتهم.
البلدان العربية، هي من البلدان الصالحة للزراعة، في كثيرٍ منها، في أغلب مساحاتها، واليمن كذلك، ومع ذلك فالبلدان العربية، وبلدنا اليمن، من أقل البلدان في العالم إنتاجًا للزراعة، مع أن بعضها، كما هو السودان، متوفر فيه الأنهار، أنهار المياه، والأرض الخصبة جدًا، والتي كان يُفتَرض أن تكون من الدول المتميزة على مستوى كل العالم، في إنتاجها الزراعي، ومع ذلك يعاني الشعب السوداني من البؤس الشديد جدًا، ويبقى يعيش في حالة الصراعات، والحروب، والمشاكل الداخلية، وفي وضعية بؤس رهيب جدًا.
في بقية البلدان العربية كذلك، ليس هناك إقبال كبير للاستفادة من هذه النعمة، منحهم الله أرضًا، أرضًا صالحة للزراعة، ثم هم لا يستفيدون منها بالشكل المطلوب:
يذهب الكثير من الناس من الريف، حيث يمكن العناية بالزراعة، ويتكدسون في المدن بالملايين، فتكون نسبة كبيرة من السكان مزدحمة في المدن، في الشقق، والاستئجار فيها، حيث لا يمكن أن تزرع، ولا أن تربي الثروة الحيوانية، ولا أي شيء، ثم يكون هذا عاملًا من عوامل تعطيل الزراعة، هذا بحد ذاته (الهجرة من الأرياف، والتكدس في المدن) واحدٌ من عوامل تعطيل الزراعة، والإهمال للزراعة، والإنتاج الزراعي.
ثم يعتمد الناس على الاستيراد لمختلف المحاصيل الزراعية، عندنا في اليمن يستوردون حتى الثوم من الصين، الزنجبيل من الصين، مختلف المتطلبات والمحاصيل الزراعية، يستوردها البلد من بلدان بعيدة، من الصين وغيرها، البقوليات، الفول، البازيليا، الفاصوليا، العدس، تُستورَد بعضها حتى من أستراليا، وبعضها من بلدان بعيدة، وهكذا يتحول الاعتماد في الحصول على المحاصيل الزراعية، التي هي ضمن الغذاء للناس، وضمن المتطلبات المعيشية لهم، يعتمدون في ذلك على الاستيراد من بعيد، بكل ما لذلك من سلبيات كبيرة، وكُلَف كبيرة، وتأثير على حياتهم، ومعيشتهم، وانتشار للبطالة في أوساطهم، يعطلون الأعمال المنتجة، الأعمال التي من ورائها كسب لأرزاقهم، وتوفير لمتطلبات حياتهم، قوتهم، لغذائهم، لما يحتاجون إليه في حياتهم.
ثم مما ساعد على ذلك، مع الهجرة إلى المدن: هو السياسات الخاطئة للأنظمة والحكومات العميلة، على مدى عقود من الزمن، تمر بالناس فترات طويلة، وليس هناك أي اهتمام- على الإطلاق- بتشجيع الزراعة من الجهات الرسمية، وليس هناك اهتمام بالإنتاج الزراعي، بل هناك تَمَاهٍ مع سياسة، أو اعتماد لسياسة الاستيراد لكل شيء من الخارج، ضمن ارتباط وعلاقة الأنظمة والحكومات بأعداء الأمة، الذين لا يريدون الخير لنا ولشعوبنا، ويريدون لنا أن نبقى مجرد سوق استهلاكية لبضائعهم، وألّا نكون أمةً منتجة، قوية، تبني واقع حياتها على أساس الاكتفاء الذاتي، في توفير متطلباتها الضرورية.
ولذلك حصل ما حصل، وصل الوضع إلى مستوى الكارثة:
-
ظروف معيشية صعبة للناس، انتشار للبؤس إلى مستوى شديد، غير الفقر الطبيعي، أو غير التقدير الطبيعي، الذي هو مكتوب في حياة الناس، ومرتبط ما بينهم وبين الله، بؤس أكثر من ذلك بكثير، ومعاناة شديدة جدًا، وإلى مستوى الكارثة، إلى مستوى الخطر على الأمن الغذائي، عندما يكون غذاء الناس، وقوتهم الضروري، مستورد بشكلٍ أساسي من الخارج، هذا تهديد لأمنهم الغذائي.
-
وتراجع إنتاج الحبوب، عندنا في البلد، دع عنك بقية البلدان العربية الأخرى، في بلدنا كذلك، في مراحل معينة، زمان، كان إنتاج الحبوب وفيرًا في البلد، وبالذات الذرة الرفيعة، ومحاصيل أخرى كالدخن وغيره، إنتاج لا بأس به، تراجع إلى حد كبير جدًا.
-
تراجع إنتاج البن في البلد، وأصبح البلد يستورد البن من الخارج (الصافي)، القهوة، حتى القهوة، مشكلة هذه عجيبة!!
-
وتحول الاعتماد على الاستيراد في كل المحاصيل الزراعية.
وتضرر الشعب كثيرًا، مع أن بلدنا من أحسن البلدان على المستوى الزراعي، في تنوع المحاصيل الزراعية؛ نتيجةً لتنوع المناخ، في الجبال، في تهامة، في المناطق الشرقية، الذي يساعد على التكامل في إنتاج المحاصيل الزراعية، ما يناسبه المناطق الشرقية، ما يناسبه المناطق الجبلية، ما يناسبه مناطق تهامة، من المحاصيل بحسب أنواعها، وأيضا محاصيل بجودة جيدة، بجودة متميزة، إذا سَلِمَت من عبث الناس، وإلَّا- أحيانًا- تكون مشكلة عند الناس، في تَسرُّعهم إلى القطف لها، وإلى التسويق لها قبل نضجها وقبل صلاحها، أو أسباب أخرى، إذا سلمت من تصرف الناس، السلبي.
والموضوع هذا موضوع مهم جدًا؛ ولذلك يحتاج إلى اهتمام مستمر، حث مستمر، دفع مستمر، دفع بالناس، معالجة للعوائق، بشكل مستمر، الموضوع هذا ضروري للناس، وحل– في نفس الوقت- حل لمشاكل كثيرة، لتوفير غذاء الناس، لتوفير مصادر وأسباب للرزق والكسب الحلال، ومهم أيضًا دينيًا؛ لأن هذا مهمٌ جدًا لنا، لكي نكون شعبًا حرًا، يتحرر من سيطرة أعدائه، من أعدائه، ويستطيع أن ينهض بمسؤولياته المهمة والمقدسة: في الجهاد في سبيل الله، في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، في تحقيق الاستقلال الحقيقي، على المستوى الثقافي، والفكري، والسياسي، دون تبعيةٍ لأعدائه، وهو متمكن من توفير متطلباته الأساسية، لا تتحول هي، أو تبقى هي، وسيلة ضغط على هذا الشعب بيد أعدائه؛ لذلك من الضروري العودة إلى العناية بالزراعة، وكذلك الثروة الحيوانية، وسنتحدث عنها، مع العناية– عندما نعود إلى الاهتمام بالجانب الزراعي- بالمقومات المساعدة، والضرورية، وفي مقدمتها التنمية الريفية.
الجهات الرسمية، مع المبادرات الاجتماعية، والاهتمام الشعبي والرسمي، الذي يجب أن يلتقي، وأن يتعاضد، للاهتمام بالتنمية الريفية، للحد من الهجرة إلى المدن؛ لأن أول مشكلة هي في هذه: الهجرة إلى المدن، والتكدس في المدن، ينتج عنها:
-
تعطيل تام للزراعة.
-
وتعطيل تام لتنمية الثروة الحيوانية.
ونحن قلنا، أن من الحلول في بعض الأرياف: الهجرة من الريف إلى الريف، وليس الهجرة من الريف إلى المدينة، في بعض الحالات التي لها ظروفها، لها أوضاعها، لها أسبابها الخاصة.
التنمية الريفية، في العناية بالطرق في الأرياف، بخدمات المياه، الخدمات الصحية، الخدمات التعليمية، بالخدمات الضرورية للناس، مسألة مهمة جدًا، إذا حصل التعاون فيها، هناك- مثلًا- تجارب ناجحة في بعض المناطق، وكانت- على الأقل- بالشكل الذي يبعث الأمل، لو لم تكن بالمستوى المطلوب، لكنها تبعث الأمل، وتلفت النظر، وتُنبه إلى إمكانية فعل الكثير، إذا كان هناك تعاون رسمي وشعبي، مبادرات اجتماعية نشطة، تحظى أيضًا توجُّه رسمي، ودعم رسمي، وعناية رسمية بالشكل المطلوب.
-
ثانيًا: العناية بمسألة المياه:
من نعمة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- وله الحمد وله الشكر- أن الأمطار والغيث في هذا الموسم كان بشكلٍ غزير، أمطار غزيرة، في معظم أنحاء البلد، هذه نعمة كبيرة، نحمد الله ونشكره عليها، وفي كثير من المواسم يمنُّ الله بالأمطار الغزيرة، لكن كيف نستفيد من هذه النعمة بالشكل المطلوب؟ وكيف نستثمرها بالشكل المطلوب؟
كما قلنا في محاضرات كثيرة، وفي مناسبات متعددة، كثيرٌ من مياه الأمطار يذهب في الوديان، إلى أن يصل البحر، والبعض إلى أن يصل الصحراء، ومستوى الاستفادة من هذه النعمة، التي يجب أن نشكر الله عليها، وأن نأخذ بالأسباب، التي تُبقيها مستمرة لنا، لكن أيضًا مستوى الاستفادة محدود، ليس هناك اهتمام بالشكل المطلوب بمسألة: الحواجز، البرك، الخزانات، السدود، كل ما يمكن أن يساعدنا على أن نحتفظ من هذه النعمة، بما أمكن الاحتفاظ به؛ للاستفادة منه، وهو من أهم ضروريات الحياة.
في بعض المناطق، لا بأس، هناك استفادة إلى حدٍ ما، البعض- على الأقل- يؤمِّنون لأنفسهم مياه للشرب، وما يحتاجونه لمنازلهم، وبيوتهم، ومواشيهم، لكن مُتاحٌ أمام الناس أن يعملوا أكثر وأكثر، بكل هذه المستويات:
-
على مستوى البرك والخزانات، هي ضرورية جدًا، خاصة في الأرياف، ويستفيد منها الناس حتى في المدن، لو كان هناك تخطيط صحيح.
-
ثم على مستوى الحواجز، التي يمكن الإكثار منها، حواجز كثيرة.
-
ثم على مستوى السدود، التي هي بمستويات معينة، متفاوتة.
هذه مسألة مهمة؛ لأن في متطلبات الزراعة الأساسية، بعد توفر الأرض: هو المياه، الناس بحاجة إلى المياه.
-
كذلك القنوات، قنوات المياه، في مثل تهامة، في مثل الجوف، في مثل مناطق مأرب، بعض مناطق مأرب، ذات الطبيعة الصحراوية، في مناطق أخرى من البلد، مهمٌ لها القنوات؛ لكي تستفيد من المياه بشكلٍ أفضل، والري، وتوزيع الماء الذي ينزل بشكلٍ أفضل، ينزل في الوديان، هذا جانبٌ مهمٌ جدًا.
-
مما يساعد على إنعاش الجانب الزراعي، إنعاش الجانب الزراعي، والإنتاج الزراعي، وإحياء الزراعة:
-
هو الاستثمار من القطاع الخاص في الزراعة:
الكثير من التجار يذهبون إلى الخارج، ويشترون من الخارج المحاصيل الزراعية المتنوعة:
-
سواءً ما يأتون به بشكل مباشر (قبل التعليب)، البعض يأتون من الخارج بالقمح، بكميات هائلة وكبيرة جدًا، البعض يأتون بالبقوليات، البعض يأتون بالثوم، البعض يأتون بالبهارات، أنواع كثيرة يأتون بها.
-
أو ما كان معلبًا، ومصنّعًا، الكثير كذلك منها يأتون به.
الاستثمار في البلد بأموالهم، سيكون له فوائد كبيرة جدًا، لهم، وللشعب، وللوضع الاقتصادي والمعيشي للناس، وله أهمية على مستوى الأمن الغذائي، كما قلنا في بداية الحديث.
القطاع الخاص، بحاجة إلى تشجيع، وتسهيلات رسمية؛ حتى لا تبقى الجهات الرسمية معيقة، كما هو الحال لبعض الجهات ولبعض المسؤولين، الذين سياساتهم، روتينهم، أسلوبهم، طريقتهم في العمل، تمثل عوائق، إضافة إلى بعض القوانين، التي تحتاج إلى تغيير، وهي تمثل عائقًا حقيقيًا أمام تشجيع القطاع الخاص للاستثمار، في الإنتاج الزراعي، والزراعة، والتصنيع الغذائي، هو من الضروريات التي تدعم الإنتاج الزراعي، تدعم الزراعة: التصنيع الغذائي، وتصنيع المنتجات الزراعية وإنتاجها.
-
أيضًا من المهم السعي لتفعيل الجمعيات الزراعية القديمة والحديثة، هناك الكثير من الجمعيات الزراعية، ورعاية وتصويب نشاطها:
بعض الجمعيات عندها إخفاقات، أو إعاقات، أو مشاكل معينة، إما عوائق، وإما أخطاء، وإما خلل يتوجب أن يتم إصلاحه؛ من أجل تفعيلها وتحريكها بالشكل المطلوب، هذا شيء مهم؛ لأن من الحلول التي تنعش النشاط الزراعي: هو الجانب التعاوني، والتساهمي، والجمعيات يمكن أن تؤدي دورًا في ذلك، دورًا أساسيًا، ودورًا مهمًا، لكن بعض الجمعيات نشأت، ثم توقفت أمام عوائق معينة، أو إشكالات معينة، والبعض من الإشكالات تعود إلى القائمين عليها، إما أنه ينقصهم الاهتمام، أو تنقصهم الفكرة، يحتاجون إلى لفت نظر إلى واقعهم، والاهتمام بهم.
-
من الأشياء المهمة جدًا في العمل الزراعي، التي ستساهم على إنعاش الزراعة، وتحدثنا عنها كثيرًا: هي العناية بالتخفيف من الكلفة، مع تحسين الجودة:
عادةً ما يكون العمل في الزراعة عندنا في البلد مكلِّفًا، يعني: يكون طريقة العمل، وسائل العمل، أسلوب العمل، مكلِّفًا، يحتاج إلى أموال كثيرة، وعندما يأتي المحصول، يقوم المزارع بحساب غراماته، وكلفته، فيجدها كلفة هائلة جدًا، فيرى أنه لا خراج له، ولا يمكن أن يربح، أو حتى أن يفي بالتكاليف، إلَّا برفع السعر، فيسوِّق منتوجه بسعرٍ مرتفع؛ فيكون الإقبال عليه ضعيفًا، ويأتي المواطنون- مع ظروفهم المعيشية الصعبة- يريدون أن يشتروا الأرخص، الذي هو بمستوى ظروفهم وإمكاناتهم، وهذا يؤثر.
بالإمكان تخفيف الكلفة، تخفيف الكلفة في الإنتاج، من جوانب كثيرة؛ لأن البعض من الناس مشكلته في أسلوبه وطريقته، والبعض في الوسائل التي يعتمد عليها، تتنوع الأسباب، ويمكن تفكيك المشكلة هذه، ومعالجة الأسباب؛ حتى تخف الكُلَف، ويتوفر الإنتاج، يكون وفيرًا بشكل أفضل.
ثم مع ذلك يُلحَظ جانب الجودة، جودة المحصول، في سلامته، في العناية به، وفي طريقة جَنيِه، وفي طريقة تعليبه، وفي طريقة تسويقه، هذا ممكن، كما يفعل الناس في العالم، أو أن عندنا تصورًا أنه لا يمكن أن يقوم بهذه الأمور إلَّا الكافر؛ أمَّا المسلم فلا يمكنه!! لا يمكنه أن ينتج محصول زراعي بشكل سليم وصحيح، وأن يُحسن تسويقه، أو أن يربي بقرة، أو دجاجة، أو ينتج أيًّا من المحاصيل هذه، أو المشتقات، هذا ممكن، هم في كل العالم يركزون على هذه الأمور، ويقدِّمون حلولًا لها، ويركزون عليها، فيحدث الفارق الكبير، يحدث الفارق الكبير الحقيقي، في كل أمورهم: المعيشية، وفي مستوى إنتاجهم.
-
مع أيضًا العناية بتوفير الوسائل:
وهذا مما يستثمر فيه القطاع الخاص، يعني: مما ينبغي التشجيع له على الاستثمار فيه، توفير الحراثات، بل إنتاج وتصنيع بعض المتطلبات في البلد، يمكن، وأيضًا مثلًا شراء حصَّادات، شراء وسائل، وإمكانات، وتقنيات، تتوفر للناس، تنهض بالجانب الزراعي، وبمستوى الإنتاج، سواءً بحسب الوفرة والكمية، تُنتج إنتاجًا أضخم، أو تقليل الكُلفة والغرامة في الإنتاج، أو مستوى الجودة، كل هذا ممكن ومتاح.
-
العناية بحل مشكلة التسويق والتوزيع:
هذه مسألة مهمة، على مستوى الوضع في البلد، أحيانًا يتوفر محصول زراعي في محافظة، إلى حد أن ترخص أسعاره جدًا، ويسبب خسارة للمزارعين؛ بينما هو في محافظة أخرى لا يكاد يتوفر، أو يتوفر بكميات قليلة، وأسعاره مرتفعة جدًا، نقص في عملية التوزيع، وإدارة عملية التسويق، على مستوى المحافظات بشكل عام.
-
كذلك مستوى الموازنة بين الاستيراد (فيما يستورد من الخارج) والمنتج المحلي:
بحيث تُخفَّض نسبة الاستيراد، لصالح المنتج المحلي، والمحاصيل المنتجة محليًّا، بحسب كميتها وما تغطيه في السوق، إذا كانت تغطي نسبة ثلاثين بالمئة، يتوقف من الاستيراد هذه النسبة لصالح هذه المحاصيل المحلية، وهكذا ما يُنتج، ما يُعلَّب، ما يُصَّنع، حتى يبقى المنتج المحلي حاضرًا في الساحة، ويبقى له سوقه، يبقى له مجال في التسويق، والشراء.
الموازنة هذه مسألة مهمة جدًا؛ حتى لا يتكرر ما حصل في مشكلة الثوم، عندما حصل إنتاج جيد للثوم في البلد، ولكن مع استمرار في الاستيراد من الخارج بكميات كبيرة، تؤثر على المنتج المحلي، وفي قصة الزبيب كذلك، وفي قصة بعض من المحاصيل الزراعية تكررت هذه المشكلة، ينبغي أن يكون هناك إدارة قوية لهذا الموضوع، ومتابعة قوية؛ حتى لا يؤثر على الإنتاج المحلي.
في مسألة المحاصيل الزراعية، ينبغي أن يكون في مقدمة الاهتمامات:
-
العناية بإنتاج الحبوب بأنواعها، القمح (البُر)، الإنتاج له في البلد، بدلًا من اشترائه من الخارج بكميات هائلة جدًا.
-
وكذلك بقية الحبوب: الدخن، الذرة، بأنواعها، بقية الحبوب.
-
والبقوليات كذلك، بلدنا يمكن أن نزرع فيه: الفول، الفاصوليا، العدس، البازيليا، البقوليات هذه يمكن إنتاجها في البلد بجودة راقية جدًا.
فيتجه الاهتمام بالاستثمار في الإنتاج الزراعي، وفي المحاصيل الزراعية، وفي مقدمة ذلك الحبوب والبقوليات.
-
مع العناية أيضًا من الجهات الرسمية، وأي جهات يمكن أن تؤدي هذا الدور، على مستوى الاستثمار في إنتاج البذور؛ لأنه من المتطلبات الأساسية، إنتاج البذور الصالحة، ذات الجودة المطلوبة، وتوفير الشتلات؛ لأن هذا من المتطلبات الأساسية للعمل الزراعي.
-
فيما يتعلق بالفواكه، هناك أنواع ممكن، أنواع أخرى من الثمار كذلك، ممكن زراعتها في البلد، وأن تكون ذات محصول وفير، وأن يترتب عليها تغيير لواقع الناس المعيشي، وتُوفِّر ما يحتاجه الناس ويستوردونه من الخارج.
-
من المتطلبات الأساسية: العناية بالإرشاد الزراعي للمزارعين:
هذه مسألة مهمة جدًا، هناك جهد في هذا الجانب، لكنه لا يزال محدودًا، يحتاج إلى تقوية بشكل كبير، وأن تكون العلاقة بين الجهات المعنية والمزارعين علاقة قوية، ومواكِبة لهم، بالتعليمات، بالإرشادات، هذه مسألة مهمة جدًا، يحتاج المزارعون إلى إرشاد في كل شيء: تجاه الأراضي نفسها، وخصوبتها، وما تحتاج إليه، والنِّسَب المتعلقة بذلك، تجاه النباتات، والآفات، تجاه مسألة الري، تجاه مسائل كثيرة جدًا، يحتاجون إلى إرشادات، ما يتعلق:
-
بالأراضي.
-
بالنباتات.
-
بالمحاصيل.
-
بالري.
-
بالخصوبة.
-
بالمناخ.
-
بالجانب الوقائي، الذي يقيهم من كثير من الآفات، لأن حصول كثير من الآفات- هي آفات مرضية– تحصل نتيجة نقص، نقص عناصر معينهّ، أو نقص متطلبات معينة، فينتج عن ذلك مرض وآفة في المحاصيل الزراعية.
فهذه مسألة مهمة جدًا.
-
وكذلك التعليم في المجال الزراعي، يجب أن يتقوّى:
يجب أن يحظى بالاهتمام أكثر، وأن يتم ربطه بالمجال التطبيقي والعملي، حتى في المرحلة الدراسية نفسها، الطلاب وهم يتعلمون في الجامعة (في الزراعة)، أن يكون لهم ارتباط بجوانب ومجالات تطبيقية وعملية، هو يساعد على أن يكون تعليمهم تعليمًا صحيحًا ومفيدًا، كذلك أن تدخل مواد لما قبل الجامعة، مواد تتعلق بالزراعة في التعليم، هذه مسألة مهمة جدًا.
-
العناية أيضًا بإنتاج الأسمدة، والمكافحات، والمبيدات الحشرية، السليمة، الإيجابية، ونحو ذلك:
المتطلبات هذه التي هي ضرورية للعمل الزراعي، من الممكن إنتاجها في البلد، لا يتصور الناس أنه لا يمكن إنتاجها إلَّا في الخارج، وإنتاجها بشكل مأمون، يراعي الحفاظ على صحة الناس وحياتهم، وهذه مسألة مهمة.
-
العناية بالطاقة الشمسية، والطاقة البديلة، لحل إشكالية الديزل:
لأن مشكلة الديزل مشكلة كبيرة على المزارعين، لكن كلما توفرت الطاقة الشمسية، في المناطق التي يمكن فيها الاعتماد على الطاقة الشمسية، بعض المناطق يمكن الاعتماد على طاقة الرياح، ويمكن في بعض المناطق أشياء أخرى، وهكذا، هناك الطاقة البديلة، التي تخفف من مشكلة الديزل، والاعتماد على الديزل.
هذه متطلبات أساسية ومهمة جدًا، ولكن كل هذا يحتاج إلى تحرك الجهات الحكومية ذات العلاقة، بشكلٍ جاد، باهتمامٍ كبير، بمسؤولية، هذا أمر مهم جدًا، وأن يكونوا سندًا للَّجْنَة الزراعية، اللجنة الزراعية تحتاج إلى مساندة من بقية الجهات الحكومية، التي يجب أن تعينها بجد، واهتمام، ومسؤولية، ومن الجهات الشعبية، التي تتفاعل، وتتجاوب، تستجيب، وتتحرك، وتنطلق؛ لأن هذا عمل كبير، ويمكن له- بلا شك- أن يغيَّر واقع البلد، واقع الناس، ظروف المجتمع بشكلٍ تام، وأن ينتقل بنا من الواقع الصعب، إلى واقعٍ مختلفٍ تمامًا، هذه مسألة مهمة جدًا، على الكل أن يتحركو.
والذي يُفيد، ويمكن أن ينتقل بالناس في أن يتحركوا بجدية أكبر، إذا تحرك الجميع بروحٍ جهادية، بروحٍ مسؤولة، باهتمامٍ كبير، بإدراك لأهمية هذه المسألة، وكان تحركنا فيها بدافعٍ إيماني؛ لأن هذه مسألة تتعلق بصراعنا مع أعدائنا، الذين يريدون:
-
أن تكون معيشتنا وقوتنا الضروري، وسيلةً بأيديهم للضغط علينا، والتأثير على استقلالنا.
-
وأن تكون حالة البؤس الشديد، والهم المعيشي الضاغط على الناس، وسيلةً لشراء الناس، والدفع بهم نحو الهلاك.
عندما تلحظ ما حصل في المناطق والمحافظات المحتلة، ما الذي فعله الأعداء؟ هل اهتموا بالزراعة، والإنتاج، وبناء الاقتصاد؟ أم كان كل همهم شراء مقاتلين؟ تريد أن تتجنّد معهم، تفضل، ويعطوك المال؛ أمَّا لغير ذلك، فلا، لم يكن هناك أي اهتمام بالجوانب التنموية، من أي جهة أبدًا بالنسبة لهم.
الجهات الرسمية بدلًا من أن تكون معيقة، كما يحصل من بعضها، البعض من الجهات الرسمية لا زالت معيقة، لم ترقَ أبدًا إلى المستوى العادي، في التعامل مع موضوع الزراعة، لا زالت معيقة، كم هو الفارق بين أن تكون داعمة، مهتمة، جادة، وبين واقعها الذي هي فيه، وهي تعيق العمل الزراعي، ولا زالت بعضها تحتجز المعدات الزراعية، وتعرقل وصولها إلى المزارعين، وتعمل أشياء كثيرة فيها إعاقة وعرقلة للمزارعين.
-
هناك من الإشكاليات المؤثرة على الناس في المجال الزراعي: إشكالية المبيدات الفتاكة:
كما قلنا، يمكن أن ينتج الناس مكافحات، مبيدات، وما يحتاجه المزارع من الأسمدة وغيرها، لكن بطريقة صحيحة، الذي يُستورد، كثيرٌ منه فتاك، ضارٌ جدًا بصحة الناس، ولذلك نُذَكِّر:
-
سواءً الذين يستوردونها من التجار، وإثمهم كبير، عندما يكون ما يستوردونه قاتلًا للناس، ينشر السرطان، ينشر فيروس الكبد، ينشر الأمراض القاتلة، فهم قَتَلة، هم عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مجرمون، حسابهم عسير، وينبغي للجهات الرسمية أيضًا أن تواجه نشاطهم الإجرامي؛ لأنه نشاط إجرامي بكل ما تعنيه الكلمة.
-
والمزارعون من جانبهم عليهم أن يتقوا الله؛ لأنهم عندما يستخدمون تلك المكافحات، والمبيدات، التي أصبحت مبيدات بشرية، وليس للحشرات، للبشر، من أجل الحصول على المال، وطمعًا في المال، فهم يتحملون الإثم الكبير، والوزر الكبير، بما يوصلونه من أضرار الى الناس، إلى المجتمع، وهي قضية خطيرة جدًا.
-
من الإشكاليات التي تعيق الإنتاج الزراعي: ضعف الإقبال الشعبي- أحيانًا- على المنتج المحلي:
وهناك أسباب متنوعة:
-
أحيانًا لا يلقى المنتج المحلي الترويج، ولا يعرف أكثر الناس به.
-
وأحيانًا ضعف في مشكلة التسويق.
-
وأحيانًا في الجودة.
-
وأحيانًا في عملية التعليب، والعملية الإنتاجية نفسها.
فممكن العمل على معالجة هذه المشاكل من كل جوانبها.
هذه بعض النقاط المتعلقة بالجانب الزراعي، المهم جدًا، والذي هو العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ويمكن أن يغيَّر واقع الناس، لكن يحتاج إلى تحرك جاد، واهتمام من الجميع.
اللجنة الزراعية تذهب إلى المحافظات، لا يتفاعل المحافظ، لا يتفاعل المسؤولون في السلطة المحلية، في الجهة الشعبية، لا يتفاعل الوجهاء، لا يتفاعل التربويون، تبقى تعمل لوحدها، بنشاط محدود جدًا، وتأثير محدود، كيف يمكن أن ينهض البلد بهذه الطريقة؟! هذا يحتاج إلى تحرك جاد، من الجميع، واهتمام كبير، وبروح مسؤولة، وبروح جهادية.
-
من أصول النعم العظيمة المتاحة للناس، والتي يمكن أن يتحركوا فيها، وأن يستفيدوا منها، وهي مصدر مهم جدًا للرزق، والله هو المنعم (بأصول النعم، وبفروعها): هي نعمة الثروة الحيوانية:
-
الأنعام: الإبل، البقر، الغنم، الماعز والضأن.
-
وكذلك النحل، وإنتاج العسل.
-
وكذلك الأسماك.
-
وكذلك الدجاج والبيض.
هذه من أصول النعم، يتفرع منها نعم كثيرة، وأرزاق، وخير واسع.
-
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}:
هو سبحانه الخالق، المنعم، الكريم، {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}[النحل: الآية5]، فهي مصدر غذاء للإنسان، وأيضًا منافع أخرى متنوعة وكثيرة، يستفيدها الإنسان منها، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ}[النحل: الآية66]، يقول “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}[المؤمنون: الآية21]، نعمة، خلقها، وقدَّمها، وهيأها، وأتاحها، وسخرها، وهي متاحة للناس، ولكن قِلَّةٌ من الناس من يهتمون بها، ليستفيدوا منها، فهي غذاء، وهي ثروة، وهي ذات منافع متعددة، في مختلف أغراض الحياة، لكن التعامل مع هذه النعمة لا يزال عشوائيًا، وبدائيًا، ومحدودًا، وقليلًا، ليس هناك عمل منظَّم، ونشاط منظَّم، تجاه هذه النعمة، وتراجع الاهتمام بذلك، تراجع بشكل كبير، أكثر الناس مع الهجرة إلى المدن- وحتى في الأرياف- أصبح لا يمتلك، لا بقرة، ولا حتى دجاجة.
أيضًا لم يكن هناك اهتمام بمسألة الثروة الحيوانية، بشكل يعتمد على سياسات منظمة، والاستفادة من الطرق الحديثة، التي تساعد على الاستفادة من هذه النعمة بشكلٍ أفضل، كما قلنا- سابقًا- أُهمِل هذا الجانب بشكل كبير جدًا، واتجه الناس أيضًا– مع الحالة العشوائية، وعدم الاهتمام بهذه النعمة- في تصرفاتهم، بالطريقة التي تؤثر على الحاصل، على ما هو حاصل:
-
من أغرب الأشياء، هو تركيزهم على ذبح الإناث منها، والصغار، وهذه مسألة غريبة، وبعيدة عن الرشد، بعيدة عن الحكمة، بعيدة عن الوعي، بعيدة عن المصلحة، عن مراعاة المصلحة للناس في التعامل مع هذه النعمة! الكثير منهم، في المدن، تعتمد الكثير من المطاعم على أن توفر لزبائنها، سواءً ما يطلبونه من لحم الضأن، أو لحم الماعز، الصغار، أن تأتي لهم بالصغار، معروف حتى في التغذية، أنه ليس مغذيًا بالشكل المطلوب، لا تزال العناصر الغذائية والقيمة الغذائية له محدودة وضعيفة.
نلحظ في التشريع الإسلامي، وهو ما يعلمنا الرشد والفهم، مثلًا: في المشروع في الأضاحي، أن تكون- مثلًا- في الغنم، في الضأن، أقل شيء ذات حول، يعني: عام كامل، هذا إرشاد، يعلمنا كيف تكون بالشكل المطلوب، متى تكون صالحة، متى…
طيب، لو لم يكن بهذا المستوى، فيما يتعلق بالمطاعم، أو الاستهلاك للحوم، في المسالخ، وفي المطاعم، لكن المفترض أن يكون لدى الناس رشد، فلا يركزوا على الصغار، ولا يركزوا بشكلٍ أساسي على الإناث؛ لأن الإناث منتجة، منتجة، فالتركيز عليها هو من قلة الرشد، من قلة الوعي، ومن كثرة الغباء، الذي يعاني منه العرب، يتصرفون في معظم الأمور عكس مصالحهم، بالطريقة التي ليست راشدة، ليست حكيمة، ليست صحيحة، (دبُور عجيب) يعني تركيز على الأشياء الخاطئة إلى حدٍ عجيب، من حيث جودة اللحوم، مذاقها، قيمتها الغذائية، فائدتها، ليس المفترض التركيز على الصغار، ولا التركيز على ذبح الإناث.
-
في قصة الجلود، مع أنها وفيرة جدًا، كم يُذبح في اليوم من الأبقار والأغنام؟ أين تذهب جلودها؟ تُهمل، تضيع، ليس هناك استفادة منها، والتجار يستوردون من الخارج، ويشترون من الخارج، فيما يتعلق بإنتاج الدفء، {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}[النحل: من الآية5]، لا يُستفاد منها لذلك، ولا يُستفاد منها لأي أغراض أخرى، فهناك عشوائية في هذا الجانب، وعدم اهتمام، ولا استفادة بالشكل المطلوب.
-
أمَّا إذا جئنا إلى الحليب ومشتقاته، فالاستيراد من الخارج كبير جدًا، في الحليب ومشتقاته، بدأ الاهتمام بشكل محدود جدًا، يحتاج هذا الجانب إلى اهتمام كبير.
هناك مشكلة يعاني منها من تتوفر لديهم المواشي، ولو بنسبة محدودة، وهي: النقص الحاد في الجانب البيطري، يحتاج الجانب البيطري إلى تقوية، إلى اهتمام، ويحتاج إلى نشاط وقائي كذلك، وقائي، للوقاية من كثير من الأمراض، مسبقًا.
هذه بعض العناوين تجاه هذه النعمة المهمة جدًا، المتاحة، التي يمكن للناس أن يستثمروا فيها، وأن تكون أيضًا من مصادر كسبهم لمعيشتهم، والرزق الحلال.
-
وحتى لا نُطيل ننتقل إلى موضوع النحل:
النحل نعمة كبيرة، وإنتاج العسل من أحسن مصادر الرزق، التي هي ذات مصدر جيد من جهة، وإيجابية كبيرة من جهة أخرى، وثروة مهمة وممتازة.
من أكبر ما أثر على إنتاج العسل في بلدنا: هو الغِش، وبالذات عندما يعتمد الكثير من النحالين على السكر في إنتاج العسل، يقدِّم لنحله السكر، ثم يعتمد عليه بشكل أساسي، وينتج للناس عسل السكر، بدلًا عن قوله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ}[المنحل: 68-69].
إنتاج العسل ثروة ضخمة للنحَّالين، وفي نفس الوقت سلعة مفيدة للمجتمع، ذات أهمية كبيرة جدًا، لصحة المجتمع، لو يتوفر العسل، ويعود إلى موائد المجتمع، لكان له أهمية كبيرة في تحسين صحة المجتمع، والوقاية من الأمراض، هذا أمر قطعي، لا شك فيه، ولكن يحتاج هذا الأمر إلى:
-
عناية واهتمام.
-
وإلى إرشاد زراعي؛ لأن الكثير ممن يشتري له نحلًا، لا يعرف كيف يعمل معها، هي تحتاج رعاية، مبنية على معرفة وفهم صحيح.
-
نحتاج أيضًا إلى محميات؛ لأن مما يهلك ويبيد النحل: هو ما يستخدمه المزارعون من المبيدات، والمكافحات في مزارعهم، فالبعض من النحّالين، إذا كان قريبًا من المزارع، تتلف عليه كل نحله.
نحتاج إلى محميات تحافظ عليها الدولة، وتمنع استخدام المبيدات، والرش فيها، وتتوفر فيها الأشجار والنباتات، ويُستفاد منها في مسألة إنتاج العسل، ويحتاج هذا إلى رعاية رسمية، إرشاد، تحفيز، محميات.
-
وأيضًا محاربة للغِش؛ لأن الغش شوِّه، شوِّه هذا المنتج، الذي كان من أحسن ما ينتجه البلد، العسل البلدي اليمني، ولكن الغِش شوهه بشكل كبير جدًا.
-
ويحتاج أيضًا إلى عناية في مسألة الإنتاج، من حيث التعليب، والترويج، والتسويق، بدلًا من الاعتماد بشكل أساسي على العسل الخارجي.
-
هناك أيضًا نعمة أخرى، متاحة إلى حدٍ ما، وإلَّا فهذه الفترة تتعرض للمضايقة والحرب: وهي البحر:
البحر ثروة هائلة، يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: الآية14].
هناك أهمية كبيرة لتطوير إنتاج الأسماك، والعناية بالصيادين، وحل مشاكلهم، ومساندتهم، هم يعانون من اضطهاد، وحرب، وضرر كبير جدًا، من جهة الأعداء من جهة، وعدم اهتمام وإهمال كبير من الجهات الرسمية من جهة أخرى، ومن الممكن توفير الأسماك، وتعليبها، وتطوير الإنتاج لها، وتسويقها، بشكل أفضل وأحسن، وهذا يفيد الناس في غذائهم، في صحتهم، وأيضًا وسيلة من أهم وسائل الكسب الحلال، والرزق الحلال.
-
كذلك الاستثمار في الدجاج: